عناصر المقال
أيهما أفضل الأضحية أم الصدقة للميت، حيث أنّ الأضحية هي من أعظم الشعائر المشروعة والمجمع عليها في ديننا الإسلامي، والتي يرجو بها العبد التقرب إلى الله عز وجل ونيل الثواب العظيم، وفي الأضحية نتذكر الأموات ونرغب بالقيام بأعمال البر والخير وتقديمها لهم، بهدف وصول الأجر والثواب إليهم بإذن الله سبحانه وتعالى، وسوف نعرف هل يجوز الاضحية عن الميت وماذا يقال عند ذبح الاضحيه للميت إضافة إلى هل يجوز الأكل من الأضحية عن الميت، وسوف نعرف هل يجوز أن يضحي الابن عن أبيه المتوفى وعرفنا هل تجوز الأضحية عن أكثر من شخص مع الميت وما إلى هنالك من معلومات متعلقة أخرى.
أيهما أفضل الأضحية أم الصدقة للميت
التصدّق بالمال أو بثمن الأضحية أفضل من الأضحية للميت، وذلك لأنَّ الأضحية سنة في حق الأحياء، وليست سنة واجبة على الميت، ولكن الأضحية تكون أفضل في حال كان الميت قد أوصى بالأضحية عنه، أو نفسه كانت متعلقة بالأضحية، ويتمنى لو أن أحداً ضحى عنه بعد وفاته، وعندها فإن الأضحية أولى في هذه الحال، وتعتبر صدقة عن الميت، وفي مثل هذه الحالة لا يفضل التصدق بالمال عوضًا عن ذلك، لأن فيه براً بالميت وتحقيقًا لأمنيته ووصيته ورغبته، والله سبحانه وتعالى أعلم. [1]
حكم الأضحية للميت
اتفق جمهور الفقهاء على جواز التضحية عن الميت في حال أن الميت كان قد أوصى بأن يتم التضحية عنه أو كان قد ترك وقفاً على بعض الأنعام ليتم التضحية بها، أما في حال كانت التضحية عن الميت تبرعاً من الورثة أو من غيرهم من الأقارب أو الأصدقاء فقد اختلفت آراء الفقهاء في ذلك، فذهب الجمهور إلى القول بأنه جائز وذلك لأنّ الموت لا يمنع بأن يتقرب الميت من ربه، وذهب جمهور الشافعية إلى القول بأنه لا يجوز، ويمكن للصدقة أن تكون ذبيحة للتقرب من الله -سبحانه وتعالى- وذلك بتقديمها إلى الفقراء والمساكين، ولذلك يجوز الذبح عن الميت لتكون صدقة عنه وبهذا ينال الخير والثواب كل من الميت والذابح فالمقصود من الأضحية التقرب من الله -سبحانه وتعالى- وليس التقرّب من الميت، أما إذا كان القصد من الذبيحة هو التقرب من الميت فلا يجوز أبداً. [2]
كم أضحية تذبح للميت
الأضحية عن الميت هي من الأمور المشروعة لما فيها من الصدقة، والإحسان، والتقرب إلى الله عز وجل بالنحر، والإحسان إلى الميت بالصدقة، والإحسان إلى الناس باللحوم للفقراء والمحتاجين، والهدية إلى أصدقائه وأقاربه وجيرانه، أما بالنسبة لكم أضحية تذبح عن الميت فيمكن أن تذبح عن الميت أضحية مستقلة بنية أن يكون الثواب للميت، ويمكن ذبح الأضحية والنية بإشراك الميت والأحياء في الثواب، ويمكن للمضحي إشراك الميت والأحياء في أضحيته وهو من البر والإحسان، وقد صح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضحى بكبشين أملحين أقرنين أحدهما عنه وعن أهل بيته، والثاني عمن وحد الله من أمته، وإن كان منهم من قد مات قبل أن يذبح، فدل ذلك على أن الميت يجوز أن يتقرب عنه. [3]
شروط الأضحية عن الميت
هناك عددٌ من الشّروط التي لا بدَّ من مراعاتها لتكون الأضحية صحيحة ومقبولة، وهذه الشروط هي نفسها لأضحية الميت والحي، وفيما يأتي ذكرها: [4]
- الشرط الأول: أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل والبقر والأغنام، فلو ضحى المؤمن بغيرها حتى ولو كان أغلى منها ثمناً فإنها لا تكون أضحية.
- الشرط الثاني: أن تكون الأضحية قد بلغت السن المحدد شرعاً وهي في الإبل: خمس سنوات، وفي البقر: سنتان، وفي الماعز: سنة واحدة، وفي الضأن: نصف سنة، والدليل ذلك قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: “لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ”. [5]
- الشرط الثالث: أن تكون الأضحية سليمةً من العيوب المانعة من الإجزاء، لأن هناك عيوباً تمنع من إجزاء البهيمة ولو كانت من بهيمة الأنعام، وقد بينها رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في الحديث الوارد عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-: “سألتُ البراءَ بنَ عازبٍ ما لا يجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ قامَ فينا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأصابعي أقصرُ من أصابعِه وأناملي أقصرُ من أناملِه فقالَ أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ العوراءُ بيِّنٌ عورُها والمريضةُ بيِّنٌ مرضُها والعرجاءُ بيِّنٌ ظلعُها والكسيرُ الَّتي لا تَنقى قالَ قلتُ فإنِّي أكرَه أن يَكونَ في السِّنِّ نقصٌ قالَ ما كرِهتَ فدعهُ ولا تحرِّمهُ علَى أحدٍ”. [6]
- الشرط الرابع: أن تؤدى الأضحية في الوقت المحدد لها، أي من ذبح قبل وقت الأضحية فلا أضحية له، ومن ذبح بعد انتهاء المدة فلا أضحية له، ووقت الأضحية هو من بعد صلاة عيد الأضحى المبارك إلى غروب شمس يوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة، أي أن المدة كاملة مقدارها أربعة أيام.
- الشرط الخامس: نية التضحية حيث يشترط على المضحي أن ينوي بالأضحية التضحية لله سبحانه وتعالى، فلو نوى غير ذلك فهي لا تعتبر أضحية.
هل يجوز الأكل من الأضحية عن الميت
تعدّدت آراء الأئمة الأربعة في هل يجوز الأكل من الأضحية عن الميّت، واختلفت في حال كانت الأضحية قد أوصى بها الميت، أو الأضحية لم يكن الميت قد أوصى بها، وفيما سيأتي نذكر آراء الفقهاء في جواز الأكل من الأضحية عن الميت بالتفصيل. [7]
حكم الأكل من أضحية الميّت بدون وصيةٍ منه
للفقهاء في حكم الأكل من أضحية الميّت بدون وصيةٍ منه عدة أقوال مختلفة، وفيما يأتي بيان ذلك:
- الحنفية والحنابلة: ذهب جمهور الحنفيّة والحنابلة إلى جواز التضحية عن الميّت وإن كانت بدون وصيةٍ منه، وعلى هذا يجوز للمضحّي أن يأكل من الأضحية؛ لأنّه ضحّى من ملكه لا من ملك الميّت، ولأنّه يقوم مقام الميّت في الأكل منها والصدقة والهديّة.
- الشافعية: ذهب الشافعيّة إلى عدم جواز التضحية عن الميّت إذا لم يكن قد أوصى بالتضحية عنه، فلا تقع أضحيةً أصلاً.
- المالكية: لم يمنع المالكيّة من التضحية عن الميّت، ولكنّهم كرهوا ذلك.
حكم الأكل من أضحية الميت الذي أوصى بالتضحية عنه
أجاز الفقهاء أن يُضحَّى عن الميت الذي أوصى بالأضحية عنه -كما سيأتي-، ولهم في حكم الأكل من أضحية هذا الميت أقوال وهي:
- الحنفيّة والشافعيّة: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والشافعيّة إلى أنّه لا يجوز لمن ضحّى عن الميّت الذي أوصى بأن يضحّى عنه أن يأكل من الأضحية، ويلزم المضحّي أن يتصدّق بها عن الميّت، فالأكل من أضحية الميّت الذي أوصى بها يحتاج لإذنه، وقد تعذّر أخذ إذنه هنا، واستثنى الشافعيّة من عدم جواز الأكل من الأضحية إذا كان قد وصّى بأن يأكل منها من يضحي عنه بعد موته.
- الحنابلة: ذهب الحنابلة إلى جواز الأكل من أضحية الميّت الذي أوصى أن يُضحّى عنه، بل قالوا: إنّ الأضحية عن الميّت أفضل من الأضحية عن الحي، وأجاز الحنابلة الأكل من هذه الأضحية لأنّ المضحّي عن الميّت يقوم مقامه في الأكل والصدقة والهديّة.
حكم الأضحية للمرأة إذا كان زوجها متوفى
الأضحية سنة مؤكدة عند جمهور أهل العلم، والأضحية إنما تشرع في حق القادر عليها سواءً كان رجلًا أو امرأة، ويجوز التضحية عن الميت وخاصة إن كان قد أوصى بذلك، والمرأة الأرملة التي توفي عنها زوجها يجوز لها أن تضحي عن زوجها المتوفى، وذلك سواء أكان ثمن الأضحية من مالها الخاص أو من المال الذي ورثته عن زوجها، فلا حرج في ذلك، ويصل الثواب والأجر إلى الزوج المتوفى إن شاء الله سبحانه وتعالى، وتنال الزوجة إن شاء الله عز وجل ثواب ما نوته من إحياء السنة، ولها ثواب البر والإحسان والوفاء إلى زوجها الميت، والله سبحانه وتعالى أعلم. [8]
كيفية توزيع ذبيحة الصدقة للميت
تتعدد أشكال الصدقة على الميت إما بالدعاء والاستغفار له، أو الحج والعمرة عنه، أ والصدقة عن روحه بمال أو أضحية أو ذبيحة، وذبيحة الصدقة عن الميت لا بدّ من منحها وتوزيعها على الفقراء والمساكين والمحتاجين، وذلك لقول الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ}، [9] ولأن الهدف الحقيقي من الصدقة هو تغطّية حاجة الفقراء والمساكين، وسدّ جوعهم فبذلك يتحقق التقرب من الله – سبحانه وتعالى- بمساعدة فقراء المسلمين، ولكن بعض الناس إذا مات شخص يقومون بذبح ذبيحة ويدعون الأصدقاء والأقارب إلى وليمة ويعتبرون هذه الذبيحة صدقة عن الميت، إلا أن العلماء ذهبوا إلى أن هذا التصرف لا يُعتبر صدقة؛ لأن الأقارب والأصدقاء ليس كلهم من أهل الفقر والحاجة فبذلك لا يحصل الهدف من الصدقة وهي إعانة المحتاجين. [10]
فضل الصدقة عن الميت
هناك العديد من الأعمال الذي ينتفع بها الميت من غيره، منها توزيع الصدقة على روحه حيث يصل ثواب الصدقة للميت باتّفاق العلماء، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له”، [11] وتعتبر الصدقة عن الميّت من أكثر الأعمال الذي ينتفع بها الميت، لما لها من العديد من الفضائل، ونذكر أهم هذه الفضائل فيما يأتي:
- عدم انقطاع أعمال الميت الخيّرة في الدنيا فيبقى له الأثر الطيّب.
- الصدقة شكل من أشكال البرّ والوفاء للميت.
- كسب الأجر العظيم فالصدقة تثقل ميزان حسنات الميت، وترفع من درجاته، وتقلل من سيئاته، وللمتصدّق نفس الأجر إن شاء الله سبحانه وتعالى.
- التخفيف عن الميت حيث ثبت أنّ أجر الصدقة يصل إلى الميت، وبناءً على ذلك يحصل له فضلها، ومنه أنّه يُخفَّف عنه ويقيه ذلك من العذاب بإذن الله عز وجل.
- الله يقبل الصدقة عن الميت ويثيب المتصدّق أيضاً على الصدقة التي قدّمها، فلا يضيع الثواب لا عن الميت ولا عن المتصدّق الحيّ.
- الصدقة ظلٌّ للمؤمن يوم القيامة.
ماذا يقال عند ذبح الأضحية عن الميت
كما عرفنا وحسب ما ذهب بعض الفقهاء فإنه يجوز للمسلم أن يضحي عن الميت، وأن ينوي هذه الأضحية عنه، ويسن أن يقول: بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، هذا عن فلان، اللهم تقبل من فلان وآل فلان، وهذا ما ذهب إليه الفقهاء من أهل العلم، رغم أنه من غير المسنون أن يضحى عن الميت إلا إذا وصى بذلك لأن الأضحية مشروعة في حق الحي حسب ما فصلنا في الفقرات السابقة، وقد بين ذلك الحديث عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ فَقَالَ لَهَا يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ (يعني السكين) ثُمَّ قَالَ اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ”، وفي حديث آخر عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَضْحَى بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ نَزَلَ عَنْ مِنْبَرِهِ فَأُتِيَ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي”، وهذا يدل على ما يقال عند ذبح أضحية عن الميت والله أعلم.
مقالات قد تهمك
وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي بين أيهما أفضل الأضحية أم الصدقة للميت، وما هو حكم الأضحية للميت وما عددها وما شروطها، وكما وضح المقال هل يجوز الأكل من الأضحية عن الميت، وما هو حكم الأضحية للمرأة إذا كان زوجها متوفى، وكيفية توزيع ذبيحة الصدقة للميت، وفضل الصدقة عن الميت، وعرفنا أنه يجوز أن يُضحى عن الميت ويتصدق بالأضحية عنه في الإسلام، وغير ذلك من التفاصيل.
المراجع
- ^ islamweb.net، يجوز أن يُضحى عن الميت ويتصدق بالأضحية عنه، 06/06/2024
- ^ shamela.ws، حكم الذبح عن الميت من أجل التصدق عنه، 06/06/2024
- ^ aliftaa.jo، حكم الأضحية عن الميت والأكل منها، 06/06/2024
- ^ aliftaa.jo، ما هي شروط الأضحية، 06/06/2024
- ^ صحيح مسلم، جابر بن عبدالله، مسلم، 1963، صحيح
- ^ صحيح أبي داود، عبيد بن فيروز الديلمي، الألباني، 2802، صحيح
- ^ binbaz.org.sa، الأضحية عن الميت، 06/06/2024
- ^ islamweb.net، حكم من نوى في الأضحية إقامة السنة والصدقة عن الميت، 06/06/2024
- ^ سورة التوبة، آية 60
- ^ binbaz.org.sa، ما حكم الذبح بنية التصدق عن النفس والميت؟، 06/06/2024
- ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 1631، صحيح
- ^ صحيح مسلم، السيدة عائشة، مسلم، 1967، صحيح
- ^ صحيح الترمذي، جابر بن عبد الله، الألباني، 1521، صحيح
- ^ islamqa.info، ماذا يقال عند ذبح الأضحية، 06/06/2024
التعليقات