حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الاربعة

حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الاربعة ، يكثر البحث عن الأحكام المتعلقة بالمولد النبويّ قبيل ذكرى المولد النبويّ الشريف، فقد شاعت عادة الاحتفال بالمولد بين المسلمين، من خلال الولائم وإنشاد الأناشيد في مدح النبيّ المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، وكلّ ذلك تعبيرًا عن حبّ رسول الله والفرح باليوم الذي ولد فيه وأضاء بنوره أصقاع الأرض، وسنذكر في هذا المقال آراء العديد من العلماء حول حكم الاحتفال بالمولد النبويّ الشريف.

ذكرى عيد المولد النبوي الشريف

ولد نبيّ الهدى محمّد صلّى الله عليه وسلّم في يوم الأثنين في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام 571م، وكانت ولادته الشريفة في عام الفيل، وهو العام الذي أراد فيه أبرهة الحبشي هدم بيت الله الحرام، ولكنّ الله تعالى حمى بيته بقدرته، لتكون ولادة رسول الله بعد هذه الحادثة بخمسين يومًا بحسب أقوال بعض المؤرخين، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصوم يوم الأثنين وعندما سئل عن ذلك قال: “فيه وُلِدْتُ وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ”^[1]، وقد كانت ولادة الرسول الكريم نورًا أضاء الله به مكّة المكرمة، والجزيرة العربية والعالم بأسره.^[2]

شاهد أيضًا: هل الإحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة

حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الاربعة

لم يرد الاحتفال بالمولد النبويّ في عهد النبيّ الكريم محمّد صلّى الله عليه وسلّم، كما لم يذكر أنّ أحدًا من الخلفاء الراشدين قد احتفل به أيضًأ، وكذلك الائمة الأربعة أصحاب المذاهب لم يذكر عنهم كلام حول الاحتفال بالمولد النبوي، ولو كان في هذا الاحتفال خيرٌ لسبقونا إليه، وقد تمّ الاحتفال به لأول مرّة في القرن الرابع الهجريّ في عهد الفاطميين العبيدين، فالقول بأن الاحتفال بالمولد بدعة منكرة قول صائب، والله أعلم.^[3]

حكم الاحتفال بالمولد النبوي عند الشافعية

بحسب ما جاء في قول الشافعية فإنّ الاحتفال بالمولد النبويّ بدعة مستحدثة وليس لها أصل في الدين الإسلاميّ، ولذلك لا بدّ من الابتعاد عن البدع فهي من أبواب الضلال، والله أعلم.^[4]

حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذهب المالكي

أما عن حكم الاحتفال بالمولد النبويّ عند أصحاب المذهب المالكيّ فإنّ هذا الاحتفال بدعة منكرة عند المحققين من العلماء المالكية، ويقولون بأنّ مثل هذه الاحتفالات فيها اتباع للهوى وإرضاء لعوام الناس على حساب الدّين الصحيح، والله أعلم.^[5]

حكم الاحتفال بالمولد النبوي الأزهر

الأزهر الشريف هو أحد أهم المؤسسات الإسلاميّة في العالم، وقد جاء في فتوى الأزهر أنّ الاحتفال بالمولد النبويّ جائز، بشرط خلوه من المنكرات من الموسيقى والمعازف، ومن الأدلة التي قال بها علماء الأزهر على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من القرآن الكريم وذلك في قوله تعالى: “وذَكِّرهم بأَيامِ اللهِ”^[6]، ومن أعظم الأيام يوم مولد نبيّ الهدى محمّد عليه أفضل الصلاة والسلام، كما ورد في قوله تعالى في آية أخرى: “قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا”^[7]، وجاء في تفسير هذه الآية بحسب قول عبد الله بن عباس رضي الله عنه: فضلُ الله: العلمُ، ورحمتُه: مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم؛ قال الله تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين”، والله أعلم.

حكم الاحتفال بالمولد النبوي دار الإفتاء

جاء في فتوى دار الإفتاء في حكم الاحتفال بالمولد النبويّ الشريف أنّه أسلوب حضاري للتعبير عن محبّة رسول الله عليه الصلاة والسلام، والافتخار والاعتزاز بقيادته، والالتزام بسنته، بشرط أن يكون الاحتفال خاليًا من المنكرات والمخالفات الشرعيّة، وأن تكون مظاهرة الاحتفال مقتصرة على ذكر السيرة العطرة والشمائل والأخلاق المحمّدية، والتشجيع على التمسّك بالدّين، والله تعالى أعلم.^[8]

حكم الاحتفال بالمولد النبوي ابن عثيمين

أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى بأنّ الاحتفال بالمولد النبويّ لا يجوز، وقال الشيخ عندما سئل عن حكم الاحتفال بأنّه بدعة وغير جائز، مؤكدًا على أنّ حبّ النبي صلّى الله عليه وسلّم واجب، وهو أحد علامات اكتمال الإيمان، وأن بعثة الرسول الكريم وولادته هي خير ورحمة للناس كافّة، ومن واجب كل المسلمين أن يعظموا هذا اليوم وأن يوقروه دون مبالغة أو تجاوز للحدود الشرعيّة، والله أعلم.^[9]

شاهد أيضًا: هل يجوز الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف

أفتى الشيخ الألباني بنفس فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى مؤكدًا بأنّ الاحتفال بالمولد النبويّ هو بدعة مستحدثة، وهو غير جائز، فقد اكتمل الديّن الإسلاميّ ولم يرد فيه قول الاحتفال بالمولد النبويّ بحسب ما قاله الشيخ الجليل، وأنّه لو كان في هذا الاحتفال خير لسبقنا إليه صاحب الخير رسول الله والصحابة الكرام، والله أعلم.^[10]

بعد أن أدرجنا حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الاربعة، سنتحدث عن حكم التهنئة بالمولد النبويّ، وقد قال بعض العلماء أنّ التهنئة بالمناسبات المشروعة يكون بالتذكير بعبادات خاصة كقراءة القرآن الكريم أو صيام رمضان، أو صيام الأيام المستحبّ صيامها خلال العام، وهذه التهنئة لا مخالفةً للشرع فيها، وهي مباحة، أمّأ التهنئة بالمناسبات غير الشرعية والبدعية فمنهيّ عنها، ويعدّ المهنئ بها مشتركًا في الإثم مع من ابتدعها، ومنها التهنئة بيوم المولد النبويّ، ولكنّ بعض العلماء قالوا بمشروعية التهنئة بيوم المولد النبويّ إذا كان القصد منها التعبّد مع عدم استحبابها، والله تعالى أعلم.^[13]

مقالات قد تهمك

وهكذا نكون قد أدرجنا حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الاربعة، كما تعرفنا على حكم الاحتفال بيوم المولد بحسب آراء عدد من العلماء كالشيخ ابن باز وابن عثيمين والألباني، وأدرجنا أيضًا حكم الاحتفال بالمولد بحسب رأي علماء الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصريّة.