حكم بلع الحموضة في رمضان

حكم بلع الحموضة في رمضان ،  وآراء أهل العلم في هذه المسألة، فرمضان هو الشهر الذي فرض الله -سبحانه وتعالى- الصيام فيه على عباد، لذا يحرص المسلم على معرفة هذا الحكم والبحث عنه قبل حلول شهر رمضان المبارك، وذلك حرصًا منه على إتمام الصوم وتمامه وكماله، بالإضافة إلى عدم الإتيان بما يفسد الصوم أو ينقص أجره، وقد بيّن الشرع الحكيم كلّ التفاصيل والأحكام الشرعية المهمة للمسلم في رمضان، وفي هذا المقال سوف نتعرف على أهمية الشريعة الإسلامية للمسلم، وعلى حكم بلع الحموضة في رمضان وغيرها من الأحكام.

الشريعة الإسلامية

جاءت الشريعة الإسلامية شاملة لكل ما يتعلق بحياة المسلم، فقد بينت كافة التفصيلات والجزئيات لكل ما يبحث عنه المسلم، حيث يجد تفسيرًا ونصًا أو رأيًا فقهيًا لجميع الأحكام الإسلامية، بالإضافة إلى أنَّ الفقهاء عملوا على العديد من الأمور والأحكام الشرعية وفصلوها، فقد قال -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}^[1]، كما تعمقت الشريعة الإسلامية بأحكام الصيام وبينت كل ما يفطر وما لا يُفطر، ومن أهم هذه الأحكام بلع الحموضة في رمضان حيث يعتقد بعض الصائمين أن بلع الحموضة لا يؤثر في صحة الصيام وهذا ما سيتم بيانه في هذا المقال.^[2]

حكم بلع الحموضة في رمضان

إنّ بلع الحموضة في شهر رمضان لا يفطر مطلقًا عند الأحناف والمالكية، ويفطر عند الشافعية والحنابلة إذا وصل إلى الظاهر، والظاهر عند الحنابلة هو الفم، أما الظاهر عند الشافعية فهو ما بعد مخرج الحاء من جهة الفم، فإذا رده الصائم إلى جوفه مع إمكان إخراجه أفطر ، فقد قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: “فإن سال فمه دما، أو خرج إليه قلس، أو قيء، فازدرده أفطر، وإن كان يسيرا؛ لأن الفم في حكم الظاهر، والأصل حصول الفطر بكل واصل منه”، وفي هذه الحالة وجب عليه القضاء عند الشافعية والحنابلة، وهو الأحوط للمسلم خروجًا من الشبهات، ولا قضاء على مذهب الأحناف والمالكية، أما إن ابتلعه لكونه لم يتمكن من إخراجه أو كان الابتلاع نسيانًا أو جهلا، فلا يؤثر على صيامه، والله ورسوله أعلم.^[3]

حكم ارتجاع المرئ في الصلاة

إنّ ارتجاع المريء في الصلاة لا يؤثر عليها، وتكون الصلاة صحيحة بإذن الله، حيثُ إن ارتجاع يحدث من غير اختيار من المسلم، ولا يمكن التحكم به، ولكن إن وصل إلى الفم ينبغي طرحه وعدم بلعه، فإن تعمد بلعه بطلت صلاته، أما إن بلعه نسيانًا لَا تبطل صلاته وَيسجد للنّسيان بعد السَّلام، فقد قال ابن رشد المالكي في ذلك: “الْمَشْهُورُ أَنَّ مَنْ ذَرَعَهُ [أي غلبه وخرج بدون اختياره] قَيْءٌ أَوْ قَلْسٌ فَلَمْ يَرُدَّهُ [أي : لم يبتلع منه شيئا] فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ وَلَا صِيَامِهِ ، وَإِنْ رَدَّهُ مُتَعَمِّدًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى طَرْحِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي فَسَادِ صَوْمِهِ وَصَلَاتِهِ ، وَإِنْ رَدَّهُ نَاسِيًا أَوْ مَغْلُوبًا فَقَوْلَانِ”^[4]، ويجدر بالذّكر أن المسلم إذا غلبه التَّقيؤ في الصلاة يجوز له أن يكمل الصلاة ولا تبطل إذا كان يسيراً، بحيث يمكن مسحه بمنديل، أما إن كان كثيراً أو متغيراً عن صفة الطعام، فيخرج من الصلاة، فقد قال النفراوي -رحمه الله- في ذلك: “قال خليل: ومن ذرعه قيء لم تبطل صلاته. بشروط ثلاثة: طهارته، ويسارته، وخروجه غلبة”، فعند خروج المسلم من الصلاة يتوجب عليه غسل الفم، وغسل ما وصل إليه القيء، كي تصح الصلاة؛ فالصلاة لا تصح مع وجود نجاسة.^[5]

شاهد أيضًا: هل يجوز شرب الماء وقت أذان الفجر في رمضان

حكم بلع التجشؤ

أوضح أهل العلم أنه يجوز للمسلم الصائم بلع التجشؤ إذا لم يصل شيء من الطعام إلى فمه، فإن وصل يتوجب عليه طرحه، وإن ابتلعه متعمدًا فقد فسد صومه، أما لو تجشأ وأحس فقط بطعم الأكل دون وصول شيء من الطعام إلى الفم، فلا شيء عليه إنْ بلع ريقه بعد ذلك أم لا، وصومه صحيح  لأن الطعم فقط لا يؤثر على صحة الصوم^[6]، فقد سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- عن حكم بلع التجشؤ مع خروج شيء من الطعام معه إلى الفم؟، فأجاب:” الصورة: الظاهر أنه أحياناً يتجشأ الإنسان فيخرج من معدته بعض الطعام، نقول: إذا وصل إلى الفم فإنه لا يجوز أن تبلعه، لو بلعته وأنت عالم أفطرت ولكن اتفله، إما في منديل إذا كان معك مناديل أو في طرف ثوبك، وإذا قُدر أنه بقي طعام فاتفل حتى يزول الطعام، لأنك إذا تفلت مرة مرتين سوف يذهب الطعام وحينئذٍ لا يضرك”، أما من تجشأ في صلاته فالصلاة صحيحة ولا حرج في ذك، ولكن إن خرج معه شيء من الطعام وجب على المسلم إخراجه في منديل أو غيره، فإن ابتلعه متعمدًا فسدت صلاته، أما إن ابتلعه بلا قصد منه أو لم يتمكن من إخراجه، فصلاته صحيحة، والله ورسوله أعلم.^[7]

شاهد أيضًا: هل طلاء الاظافر يبطل الصلاة ، هل طلاء الأظافر يبطل الوضوء

حكم بلع الريق الحامض

إنّ بلع الريق الحامض لا يفسد الصيام، حيث إن مجرد الطّعم لا يبطل الصوم بابتلاعه، فهو كالشيء الذي يخالط الرّيق من بقايا الطعام، ويصعب الاحتراز منه، ولا يمكن تمييزه أو التخلص منه أو إخارجه مما يعني بقائه في الفم، ففي فتح الوهاب شرح منهج الطلاب في الفقه الشافعي، أثناء بيان ما يجب على الصائم اجتنابه وقت الصيام: “وترك وصول عين، لا ريح، ولا طعم، من ظاهر، ومن منفذ مفتوح جوف”، كم جاء في المبسوط للسرخسي: “والذي بقي بين أسنانه تبع لريقه، ولو ابتلع ريقه، لم يفسد صومه”، وعلى ذلك فإذا شعر المسلم بوجود طعم حامض يخرج من بين الأسنان أو في الفم بشكل عام لا حرج في ذلك، والله أعلم.^[8]

حكم بلع الريق أثناء الصوم

إنّ ابتلاع الريق الذي يخرج من الفم لا يفطر بإجماع أهل العلم، لكن لو خرج الريق من الفم ثم أعاده المسلم الصائم وابتلعه ففي هذه الحالة يفطر والوارد عن النووي -رحمه الله- في المجموع: ” ابتلاع الريق لا يفطر بالإجماع إذا كان على العادة لأنه يعسر الاحتراز منه قال أصحابنا: وإنما لا يفطر بثلاثة شروط، أحدها: أن يتمحض الريق فلو اختلط بغيره وتغير لونه أفطر بابتلاعه، الشرط الثاني: أن يبتلعه من معدنه فلو خرج عن فيه ثم رده بلسانه وابتلعه أفطر، قال أصحابنا: حتى لو خرج إلى ظاهر الشفة فرده وابتلعه أفطر لأنه مقصر بذلك ولأنه خرج عن محل العفو.. الشرط الثالث: أن يبتلعه على العادة فلو جمعه قصداً ثم ابتلعه فهل يفطر، فيه وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما أصحهما لا يفطر”^[9]، أما نسألة حمع الريق وبلعه مرة واحد ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ جمع الريق وابتلاعه مكروه، كما قال البعض الآخر منهم إنّه حتى لو جمعه وابتلعه لا يعد من المفطرات؛ لأنه في ذلك لم يأكل ولم يشرب، والمحرم في الصوم هو الأكل والشرب، والله تعالى أعلم.^[10]