عناصر المقال
حكم قول ابن الحرام، حيث يقول أثر الناس في هذا الوقت ما لا يعلمون به، ولا يعلمون خطورة القول وأثره في النفس ووقعه على المتلقي والسامع، فمثل القول الطيب الذي يؤثر في النفس فيجعلها تزهر مثل الربيع، يكون القول الجارح كسهام تُدمي قلب سامعها، ولذلك علينا اتباع شريعة الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وفي هذا المقال سنعرف ما هو حكم قول ابن الحرام.
حكم قول ابن الحرام
لا يجوز أن يقول شخص لآخر ابن الحرام لأن هذا القول فيه كناية من أخطر كنايات القذف على الرغم من عدم التصريح بذلك في الأصل، لذلك يجب على الإنسان ألّا يقول مثل هكذا كلام، وأن يعود لسانه على القول الحسن اللين الطيب؛ لما يحمله من مودة وطمأنينة المخاطب والسامع، فقد قال الله سبحانه وتعالى: “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ”[1]، ولكنها في عرف الناس اليوم لا تعتبر قذفًا يوجب الحد، إذ المعروف اليوم أنها تحمل من معاني التنقيص والعيب أكثر مما يحمله ظاهرها من القذف، ولذلك ترى الناس إذا أرادوا أن يثنوا على أحد لصفاته الحميدة مثل كرمه أو وفائه يقولون: والله ابن حلال والعكس صحيح. وقد نص الفقهاء على أن ألفاظ القذف تابعة للاستعمالات العرفية والقرائن الحالية، قال القرافي في الذخيرة: وضابط هذا الباب الاشتهارات العرفية والقرائن الحالية، فمتى فقدا حلف أنه لم يرد القذف ولا يحد، ومتى وجد أحدهما حُدَّ، وإن انتقل العرف وبطل بطل الحد، والله تعالى أعلم. [2]
حكم قول ابن الحرام من باب الإعجاب
لا يجوز هذا القول إطلاقًا سواء من باب الإعجاب أو من باب الغضب والكره ونحو ذلك، فهذا القول يعتبر من كنايات القذف الخطيرة، لذلك لا يجوز قوله، فمن كان معجبًا بتصرف شخص ما أو بفعله وأخلاقه وما إلى ذلك، فعليه أن يقول له قولًا حسنًا يعبر عن إعجابه، فينبغي أن يدعو له، ويقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وأن يتحفظ من إصابته بالعين، كما أنّه لا يحق للمسلم أن يصف المسلم بأنه ابن الحرام، لما في ذلك من الطعن في النسب الذي هو من شيم الجاهلية، لذلك يجب على المسلم أن يعود لسانه على قول الخير من ذكر الله تعالى ومن الألفاظ الطيبة البعيدة عن السب والشتائم والقذف، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول كما في الحديث الصحيح: “وهل يكب الناس في النار على وجوههم أوعلى مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم”[3]، والله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم أعلم. [4]
شاهد أيضًا: ما هو حكم قول لولا الله وفلان أو بفضل الله ثم فلان
حكم قول الأب لابنه ابن الحرام
ينظر الابن إلى أبيه في الغالب على أنه القدوة والأمثال الحسن، الذي يسير على نهجه، فمن المُعيب أن يقول الأب لابنه ابن الحرام، فهذا القول لا يجوز للمسلمين، لما فيه من كناية القذف والعياذ بالله، والواجب على المسلم أن يعود نفسه ولسانه على القول الحسن وذكر الله تعالى في القيام والقعود، حتى ينسى لسانه و امرأه هكذا قول معيب بحق الأب والابن معًا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت”[5]، لا سميا إذا كان القائل أبًا، فهذا يحتم عليهم الحرص على الالتزام بالشرع والأخلاق الحميدة، والبعد عن الألفاظ البذيئة والمشينة حتى لا يتربى أبناؤهم على ما لا ينبغي قوله أو فعله، فيتسببوا في انحراف أبنائهم عن الدين والخلق الرفيع، فيكونوا بذلك قد فرطوا في المسؤولية التي أوكل الله إليهم في تربية أبنائهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ فالأميرُ الذي على الناسِ راعٍ عليهم وهو مسؤولٌ عنهم والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِهِ وهو مسؤولٌ عنهم والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلها وولدِهِ وهي مسؤولةٌ عنهم وعبدُ الرجلِ راعٍ على بيتِ سيدِهِ وهو مسؤولٌ عنهُ ألا فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ”[6]، والله عز وجل ورسوله أعلم. [7]
هل يجوز قول عليَّ الحرام
يحمل الإنسان بعض العادات السيئة التي تسبقه إلى التحكم بها، فلا يجد نفس إلا وهو يفعلها، وقد تكون هذه العادات بالقول أو بالفعل، ومن عادات القول السيئة أن يقول الإنسان عليّ الحرام أو عليّ الطلاق من باب التأكيد والإلحاح على أمر ما أو على بعض الأشخاص كي يلتزموا بما يقوله، ولا ينبغي للمسلم أن يقول مثل هذا، والأولى به إذا كان صادقًا أن يقول والله كذا، فلا بأس في ذلك ولاحرج، فالتأكيد باليمين أولى من التأكيد بالحرام والطلاق، فليس له أن يحرم ما أحل الله له، ولا ينبغي له أن يطلق، فربما جره هذا إلى فراق أهله، لذلك ينبغي له في هذه الحال أن يؤكد باليمين، والراجح في هذا القول هو التأكيد، وليس التحريم، فلذلك -والله أعلم- لا يقع منه التحريم، ويكون حكمه حكم اليمين، وعليه كفارة اليمين عند المحققين من أهل العلم، والله سماه يمينًا، فقال: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ”[8]، والله تعالى أعلم. [9]
شاهد أيضًا: هل يجوز الطهاره في نهار رمضان وحكم صيام المرأة إذا طهرت بعد الفجر
هل يجوز القول للقيط ابن الزنا
لا يجوز لأي شخص أن يقول للقيط يا بن الزنا، أو أنتابن الزنا، لأنه قد يكون هذا اللقيط مسلمًا محصنًا، واحتمالية كبيرة أن يكون قد ضاع من أهله وهو رضيع أو تركه أهله على باب أحد المساجد بسبب فقر حالهم وعدم قدرتهم على تأمين الطعام والرعاية له، أو لسبب آخر غير الزنا، ومن اتهم لقيطًا بذلك، فعليه أن يأتي بالبيّنة الشرعية وهي أربعة شهود، وإن لم يأتي بها، فيجب عليه حد القذف، لما قاله الله تعالى: “وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ”[10]، وقال ابن كثير: “هذه الآية الكريمة فيها بيان حكم جلد القاذف للمحصنة، وهي الحرة البالغة العفيفة، فإذا كان المقذوف رجلًا فكذلك يجلد قاذفه أيضًا، ليس في هذا نزاع بين العلماء”، واللَّقِيطُ هو الطفل الذي يوجد مرميًا على الطرق لا يعرف أبوه ولا أمه، وتعريفات العلماء لا تخرج عن هذا التعريف. [11]
ومن خلال هذا المقال نكون قد بيّنا لكم أنَّ حكم قول ابن الحرام لا يجوز؛ لأن هذا القول فيه كناية من أخطر كنايات القذف على الرغم من عدم التصريح بذلك في الأصل، لذلك يجب على الإنسان ألّا يقول مثل هكذا كلام، وأن يعود لسانه على القول الحسن.
المراجع
- ^ سورة البقرة، الآية 83
- ^ islamweb.net، ألفاظ القذف تابعة للاستعمالات العرفية والقرائن الحالية، 30/03/2023
- ^ هداية الرواية، معاذ بن جبل،الألباني،28،حسن
- ^ islamweb.net، حكم قول القائل "يا ولد الحرام أنت ذكي أو ماكر"، 30/03/2023
- ^ صحيح البخاري، أبو هريرة،البخاري،6475،صحيح
- ^ تخريج المسند لشاكر، عبدالله بن عمر،أحمد بن شاكر،7/138،صحيح
- ^ islamweb.net، قول الأب لأبنائه إنهم أبناء حرام.. رؤية أدبية شرعية، 30/03/2023
- ^ سورة التحريم، الآية 1-2
- ^ binbaz.org.sa، حكم قول الرجل علي الحرام عند الضيافة، 30/03/2023
- ^ سورة النور، الآية 4
- ^ islamqa.info، من قال للقيط: يا ابن الزنا فعليه حد القذف، 30/03/2023
التعليقات