ما حكم قول ارقد بسلام للمسلم وللكافر

حكم قول ارقد بسلام، حيث يُعدُّ فاجعةً كبيرة تصيب أهل الفقيد وأقرباءه وأصدقاء، ويترك في نفوسهم حزنًا كبيرًا على فراق ميتهم، ولكن الموت حق، وسيأتي إلى كل الناس، مهما اختلفت أنسابهم وديناتهم ومعتقداتهم، وفي مناسبة الموت يُقال العديد من العبارات التي تُخفف وطأة الموت على الحاضرين، وفي هذا المقال سنعرف ما هو حكم قول ارقد بسلام، وهل يجوز ذلك.

حكم قول ارقد بسلام

يجوز قول هذه الجملة إذا كان الميت مسلمًا فهي من باب الدعاء، ومن واجب المسلم أن يدعي بالرحمة والمغفرة والعتق من النار لفقيده، وأن يقرأ له الفاتحة ويستغفر له، وأمّا إذا كان الميت كافرًا أو غير مسلمٍ فلا يجوز أن يقول له: ارقد بسلام، كما أنه لا يجوز أن يستغفر له أو أن يدعي له بالرحمة، ولكن يستطيع أن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فلا بأس في ذلك، ولا حرج عليه؛ لأن كل الناس إلى الله راجعون، وكل الناس ملك لله سبحانه وتعالى، فلا بأس بهذا، ولكن كما ذكرنا لا يدعى له ما دام كافرًا، ولا يقال له: ارقد بسلام؛ لأن السلام يكون للمؤمنين المطمئنة نفوسهم، ونفس الكافر ليست مطمئنة، بل فاجرة، فلا يقال له هذا، ولا بأس أن يقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا بأس بأن يُعزي الناس به، فيقولون: أعظم الله أجركم فيه، وأحسن عزاءكم فيه؛ لأنه قد يكون له مصلحة في حياته، وقد يكون في حياته يحسن إلى الناس وينفعهم، فلا بأس في ذلك ولا حرج، والله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم أعلم. ^[1]

شاهد أيضًا: ما هو حكم قول صدق الله العظيم بعد الانتهاء من قراءة القرآن

حكم قول ارقد بسلام للكافر

لا يجوز أن يقال لمن مات كافرًا أو على غير الإسلام أن يرقد بسلام، ولا يجوز أن يدعى له بالرحمة والمغفرة، أو أن تقرأ الفاتحة على روحه، فهو اختار الكفر والضلال، وابتعد عن الدين الحق الإسلام، ولكن لا حرج في أن يقال لمن مات كافرًا إنا لله وإنا إليه راجعون راجعون؛ لأن كل البشر مرجعهم إلى الله عز وجل، وكلهم ملك له سبحانه وتعالى، وأما أن يدعى له أو أن يقال له ما قاله الله سبحانه وتعالى في سورة الفجر: “يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً”^[2]، فهذا لا يجوز؛ لأن نفس الكافر ليست مطمئنة، وإنما نفس المؤمن هي المطمئنة، وعلى ما سبق، فلا يجوز أن يدعى للكافر بالقول ارقد بسلام، ولا يجوز أن يُستغفر له، وإنما يقال إنا لله وإنا إليه راجعون، فذلك لا حرج فيه، ويجوز أن يُعزى به، فيقال أعظم الله أجركم وأحسن عزاءكم فيه، فقد يكون هذا الميت يساعد الناس ويحسن إليهم، وفيه خصال حميدة، ولكنه لم يمت على الإسلام، والحمد لله رب العالمين على نعم الإسلام.

حكم قول إنا لله وإنا إليه راجعون للكافر

إذا مات الكافر فيجوز أن يُقال إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا بأس في ذلك ولا حرج على القائل، كما يجوز أيضًا أن يقول لمن يعزي به أعظم الله أجركم، أو أحسن الله عزاءكم، فذلك يقال لكل الناس دون حرج، وقد يكون الميت محبًا للناس ومحسنًا لهم، ولكنه مات على الضلال والكفر، فلا يجوز أن يقال في موته أكثر مما ذكرنا، وأمّا أن يدعى له بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، فهذا لا يجوز إطلاقًا؛ لأن هذا الدعاء للمسلمين فقط، فمن مات على الإسلام يحق له أن يدعى له ويستغفر له وأن يتصدق عنه، وأن يقال: “يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً”، فنفس المؤمن تكون مطمئنة عند الموت، وأمّا نفس الكافر ليست كذلك، ولا يدعى لها بذلك، والله سبحانه وتعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام أعلم. ^[3]

شاهد أيضًا: ما هو حكم قول لولا الله وفلان أو بفضل الله ثم فلان

هل يجوز قول كلمة أخ للكافر

لا يجوز قول هذه الكلمة إذا كانت من باب الأخوة الدينية فلا يمكن أن يكون الكافر أخًا للمسلم، وإن كانت هذه الكلمة من باب يُراد بها أخوة النسب أو الأخوة الإنسانية، فلا بأس في ذلك ولا حرج، ولكن على المسلم الحذر من كثرة إطلاق كلمة أخ بشكل كثير ومستمر على الكفار أو غير المسلمين؛ فإن كثرة إطلاق كلمة أخ عليهم قد تؤدي إلى ميل قلب المؤمن لهم ومودتهم وعدم بغضهم وإن مودة الكفار محرمة بل إنها تقدح في إيمان العبد، قال الله سبحانه وتعالى: “لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”^[4]، وعلى ما سبق، فلا يجوز أن يُراد أخوة الدين بقول أخ للكافر، ولا حرج أو بأس إذا راد بها القائل أخوة النسب أو الإنسانية، والله عز وجل أعلم. ^[5]

هل يجوز قول الكافر احسن من المسلم

لا يجوز قول مثل هذه الجملة إطلاقًا، فهذا منكر كبير؛ لأنها تحمل الردة عن الإسلام -والعياذ بالله- وتحمل شرًا عظيمًا، فمن قال ذلك، فقد شابه اليهود حين قالوا للكفرة: “أنتم أهدى سبيلاً من محمدٍ وأصحابه”، أعوذ بالله من هذا القول وأصحابه، فالكافر عنده من الكفر والضلال والفساد العظيم ما يدل على خبثه، وضرره، وفساده، وأنه من أنجس العباد، ومن أشر العباد. ؤامّا المسلم وإن كان عنده شيء من المعاصي، فهو أفضل بكثير من الكافر؛ لأن عنده الإيمان بالله، ورسوله، عنده توحيد الله، فهو خير من الكافر من وجوه كثيرة، وإن كان عنده بعض المعاصي، التي خالف فيها دينه، فالإسلام ينهاه عن المعاصي، وينهاه عن الخيانة، وينهاه عن الكذب، لكن ليس الكفار أحسن منه، بل هو أحسن، وأهدى سبيلاً من الكفار، وإن كان عنده ما عنده من المعاصي، لكن الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يحذر المعاصي، والكذب، والخيانة، نسأل الله أن يثبت قلبنا على الإيمان والإسلام. ^[6]

شاهد أيضًا: ما هو حكم قول ربنا ولك الحمد في الصلاة بعد الرفع من الركوع

هل يجوز قول يا كافر للكافر

لا حرج على المسلم إذا قال للكافر أنت كافر، فالدين عند الله هو الإسلام، ومن يبتغي غير الإسلام دينًا فلن يُقبل منه، والكافر لم يبتغِ الإسلام وابتعد عنه فيجوز أن يقول له المسلم أنت كافر أو ينادي عليه بالكافر، ولكن دون أن يسبب ذلك مفسدة كأن يسب الكافر المسلم، أو يسب والديه، أو يتطاول على الدين الإسلامي، أو يتجرأ على الله سبحانه وتعالى، فإذا حصل شيء من هذا القبيل، فيجب عدم قول ذلك للكافر؛ دفعًا للمفسدة، وتجنبًا لما لا يُحمد عقباه، فمن المعروف أن معظم الكافرين عندهم من الضلالة والكفر والفساد العظيم ما يدل على خبثهم، وضررهم، وفسادهم في الأرض، وأنهم من أشرّ العباد وأنجسهم، ولذلك لا بأس بأن يصف المسلم الكافر بهذه الصفات، أو يقول له: أنت كافر، أو يا كافر. والله سبحانه وتعالى أعلم. ^[7]

ومن خلال هذا المقال نكون قد بيّنا لكم أنَّ حكم قول ارقد بسلام جائز إذا كان الميت مسلمًا، فهي من باب الدعاء، ومن واجب المسلم أن يدعي بالرحمة والمغفرة والعتق من النار لفقيده، وأمّا إذا كان الميت كافرًا أو غير مسلمٍ فلا يجوز قول ذلك.