ما هي كفارة العادة سرية في رمضان

كفارة العادة سرية في رمضان وهو موضوع هذا المقال، حيث إن الشريعة الإسلامية قد وضعت الأحكام المهمّة للمسلمين، والتي تصون عبادته وتصون حياته اليومية، وبالذات في شهر رمضان المبارك، إذ إنَّ صيام رمضان أحد أركان الإسلام العظيمة، فينبغي للمسلم أن يحرص على معرفة الأحكام المتعلقة بهذا الشهر الفضيل، وفي هذا المقال سنوضح لكم ما هو حكم العادة السرية، وكفارة العادة السرية في رمضان، بالإضافة إلى حكم الاستمناء في نهار رمضان.

حكم العادة السرية

إن حكم العادة السرية أو ما يعرف بالاستمناء هو حرام عند جمهور أهل العلم^[1]، لما فيه من مخالفة لقول الله -تعالى- في الكتاب: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}^[2]، فالاستمناء الذي يكون في غير إتيان الزوجة فهو عبث ومنكر، وهو عدوان، كما أن فيه مضار كثيرة صحيًا، كما أوضح الشيخ ابن باز -رحمه الله- أنه يُحرم على المسلم ممارسة العادة السرية حتى وإن كان يمارسها بداعي الخوف من الوقوع في الزنا، وعلى الشخص الذي يخاف من ذلك المبادرة بالزواج، وإن لم يستطع فعليه الصيام، فمن الواجب على للمسلم أن يبتعد عن المحرمات وكل ما يغضب الله -تعالى- وأن يتوب عن مثل هذا الفعل وأن يرجع إلى الله عز وجل.^[3]

كفارة العادة سرية في رمضان

لا يوجد كفارة للعادة السرية، ولا يلزمه إلا قضاء هذه الأيام؛ لأن الكفارة لا تجب إلا في الفطر بالجماع^[4]، ويتوجب عليه المسارعة للتوبة إلى الله -تعالى- توبة صادقة والعزم على عدم الإتيان بمثله مرة أخرى، لأنّ العادة السرية من المحرمات التي اجتمع على تحريمها علماء أهل السنة والجماعة، ومن الأفضل أن يتوجه العبد إلى دعاء الله -سبحانه وتعالى- بأن يكفه عن الحرام ويُبعده عن الذنوب، وينبغي أن يعلم أنّ هذه الدنيا ما هي إلا وهم زائل ومنام لا بدّ من الاستيقاظ منه وأنّ الآخرة هي دار القرار، بدليل قوله تعالى: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَار}^[5].

حكم الاستمناء في نهار رمضان

يُعتبر الاستمناء من المحرمات في شهر رمضان وفي غيره، وهو من مفسدات الصّوم، فلو خرج المني باتّفاق أهل العلم فسد الصوم، وقد ذكر ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: “ولو استمنى بيده فقد فعل محرماً، ولا يفسد صومه به إلا أن ينزل، فإن أنزل فسد صومه”، حيثُ إنّ طلب خروج  المني باليد أو أي وسيلة كانت حتى ينزل فقد فسد صومه باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة، فالصوم هو أن يدع المسلم شهوته وطعامه وشرابه، والاستمناء من الشّهوة ^[6]،  ودليل ذلك ما جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: “الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولَا يَجْهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِن رِيحِ المِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ وشَهْوَتَهُ مِن أجْلِي الصِّيَامُ لِي، وأَنَا أجْزِي به والحَسَنَةُ بعَشْرِ أمْثَالِهَا”^[7]، ويجدر بالذّكر أنه جاء في السنة أنّ الصائم يفطر لو قاء أو احتجم فخروج الأمر من الجسد يفسد الصوم وبه قال الشيخ ابن عثيمين وابن تيمية وعلماء اللجنة الدائمة والله أعلم.

حكم من فعل العادة السرية عمدا في رمضان

إنّ فعل العادة السرية عمدًا في رمضان حرام، فهي منافيّة لما أمر به الله -تعالى- من حفظ الفرج للمؤمنين والمؤمنات، وهي في رمضان أشدّ حرمة من غيره  من الأيام، فمن استنمنى في نهار رمضان يكون قد أبطل صومه وعليه أن يقضي هذا اليوم، لأنه أفطر فيه بسبب استمنائه، فقد أصبح في هذه الحالة في حكم المفطرين وإن لم يأكل ويشرب، وليس عليه كفارة، فالكفارة تختص بمن جامع في رمضان خاصة، أما الاستمناء في رمضان، أو الأكل عمداً، أو الشرب عمداً في رمضان، فهذا يوجب القضاء، ومن الأفضل أن يسارع إلى التوبة إلى الله تعالى، وأن لا يعود لمثل هذا الفعل أبدًا، خاصة في رمضان، لأن تعمّد الفطر في نهار رمضان من كبائر الذنوب.^[8]

حكم من فعل العادة السرية في نهار رمضان جاهلًا

اختلف أهل العلم في حكم من فعل شيئا من مفسدات الصيام جاهلاً بالحكم، وجاء الاختلاف بينهم على قولين:^[9]

• القول الأول: إنّه يُفسد الصوم وهو مذهب الإمام الشافعي وأحمد، وقد استثنى الشَّافعي من نشأ في بادية بعيدة أو دخل بالإسلام حديثًا فلا يفسد صومه، فقد قال النووي -رحمه الله- في المجموع: ” إذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ جَاهِلا بِتَحْرِيمِهِ – فَإِنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِإِسْلامٍ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ بِحَيْثُ يَخْفَى عَلَيْهِ كَوْنُ هَذَا مُفْطِرًا – لَمْ يُفْطِرْ ; لأَنَّهُ لا يَأْثَمُ فَأَشْبَهَ النَّاسِيَ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ النَّصُّ , وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ لا يَخْفَى عَلَيْهِ تَحْرِيمُهُ أَفْطَرَ ; لأَنَّهُ مُقَصِّر”، وعلى هذا فيحب على من أفطر بسبب العادة السرية أن يقضي الأيام التي أفطر فيها لأن الاستمناء مفسد للصيام.
• القول الثاني: إنّه لا يفسد الصوم وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، فمن كان جاهلًا بالحكم ولم يصله البلاغ لا يفطر، واستدلوا بقول الله -عز وجل- في محكم تنزيله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا}^[10]، كما أنه قد ثبت في الصحاح أن طائفة من الصحابة -رضوان الله عليهم- قد ظنوا أن قول الله تعالى: {الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ}^[11]؛ هو الحبل الأبيض من الحبل الأسود، فكان أحدهم يربط في رجله حبلا، ثم يأكل حتى يتبين هذا من هذا فبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن المراد بياض النهار، وسواد الليل، ولم يأمرهم -عليه السلام- بالإعادة.

كيفية التطهر بعد العادة السرية

يتساءل العديد من الأشخاص عن كيفية الاغتسال المشروع بعد ممارسة العادة السرية، ويجدر بالإشارة إلى أنّ طريقة الاغتسال من العادة تكون بنفس خطوات طريقة الاغتسال بعد الجماع، والتي تسير على النحو الآتي:^[12]

• عقد نية التطهر من الحدث الأكبر.
• البدء بغسل اليدين إلى الرسغين 3 مرات.
• غسل الفرج بالماء الجاري جيدًا 3 مرات.
• غسل اليدين مرة أخرى مع الحرص على التخليل بين الأصابع.
• أداء جميع أركان الوضوء دون غسل القدمين.
• صب الماء على الجانب الأيمن ثم الجانب الأيسر.
• تعميم الماء على سائر البدن.
• سكب جزء مناسب من الماء على الرأس والشعر كاملًا.
• غسل الجسد كله من أجل التّخلص من أي شوائب أو أوساخ عالقة.
• يتم غسل القدمين في تلك المرحلة؛ ومن ثم الوضوء الصحيح للصلاة.
• صلاة ركعتي بنية التوبة والإنابة والرجوع إلى الله -تعالى- مع الإكثار من الاستغفار، والعزم على عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى.

كيفية التخلص من العادة السرية

إن ممارسة العادة السرية تعتبر نوعًا من الإدمان، فمهما تعددت فوائده فمضاره ومخاطره أكثر، غير أنها محرمة شرعاً، لذا ينبغي على المسلم الابتعاد عن العادة السرية من خلال اتباع مجموعة من الخطوات التي ستعينه بإذن الله -تعالى- على التخلص منها، ومن هذه الخطوات:^[13]

• الاندماج مع المجتمع بشكل أكبر ومحاولة توجيه الفكر إلى الأمور الخيّرة.
• الحفاظ على الطهارة، والحرص على الصلاة في مواقيتها، والإكثار من تلاوة القرآن الكريم والاستغفار.
• ممارسة التمارين الرياضية لما لها دورٍ كبير في تفريغ طاقة الجسم، والحفاظ على الصحة العامة للجسم.
• ملء وقت الفراغ بعدّة مهامٍ سواء كعملٍ أو دراسةٍ أو الاستماع للقرآن الكريم  وحفظه، أو أيّة نشاطاتٍ أخرى.
• الصيام وذلك عملاً بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو يُشعر العبد بمراقبة الله -عزَّ وجلَّ- له، فيلتزم تقواه بذلك.
• الابتعاد عن كل المثيرات الجنسية التي من شأنها زيادة الشهوة، كالأغاني الماجنة والنظر إلى الصور الخليعة أو نحو ذلك.
• محاولة الإسراع بالزواج وعدم الانزلاق وراء المظاهر والتعقيدات، والبحث عن فتاة ذات الخلق والدين وكذلك بالنسبة للمرأة.
• التخلص من كافة الصورٍ أو المقاطع فيديو التي تحتوي على مشاهد إباحية وغير أخلاقية، مع محاولة ضبط النفس وغض البصر.
• التوجه لله -تعالى- بالدعاء، وطلب العفو والمغفرة والتوبة عن المعصية، ومن الأدعية المأثورة والتي يستطيع المسلم الدُّعاء بها للإقلاع عن الذنوب قول: “اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ”^[14].

مقالات قد تهمك

بهذا نصل إلى ختام مقالنا الذي حمل التساؤل عن كفارة العادة سرية في رمضان، والذي تعرفنا من خلاله على حكم العادة السرية، وقمنا بالإجابة الصحيحة على السؤال المطروح، وأيضًا تطرقنا إلى بيان حكم الاستمناء في نهار رمضان، وأيضًا حكم من فعل العادة السرية عمدا في رمضان، ونختم بتوضيح حكم من فعل العادة السرية في نهار رمضان جاهلًا.