عناصر المقال
كم عدد أركان الإحسان، وهو واحد من مراتب الشريعة الإسلامية والدين الإسلامي، ولا بدّ أن يكون المسلم على علم ومعرفة بأركان الإحسان وتعريفه في الشريعة الإسلامية، لذلك فإنّه لا بدّ من مقال يتم فيه الوقوف مع مجموعة من التعاريف اللغوية والاصلاحية للإحسان والتعريف بعدد أركانه ونحو ذلك.
تعريف الإحسان وأركانه
يبين أهل العلم أن الدين الإسلامي ينقسم لعددٍ من المراتب، إذ يبلغ عدد مراتبه ثلاثة مراتبٍ، ليعدُّ الإحسان إحداها، ويُعرّف الإحسان لغةً بأنه إتقان العمل وإجادته، فنقول يحسن إحساناً، ومصدره أحسن، وضده الإساءة، وأما شرعاً فينقسم الإحسان بحسب أهل العلم إلى نوعين، لكلٍّ منهما تعريفه الخاص به.
فأما النوع الأول فهو الإحسان إلى عباد الله سواءً في وجوه الإحسان الواجبة المتمثلة بتأدية حقوق الآخرين كصلة الرحم وبر الوالدين، ومنه ما جاء في قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}.[1]
أو في وجوه الإحسان المستحبة المتمثلة بمساعدة الآخرين عن طريق بذل المال أو العلم أو الجهد البدني بغرض مساعدتهم في قضاء حاجاتهم.
وأما النوع الثاني فهو إحسان العبد إلى خالقه أي الإحسان بالعبادة عن طريق الإخلاص بها والخشوع فيها واستشعار مراقبة الخالق لنا، وقد ذُكر الإحسان في عدة مواضع من القرآن الكريم؛ ليقترن تارةً بالتقوى وأخرى بالخير والصلاح، ومنه قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.[2]
وقد وعد الله المحسنين بالخير الكثير والمكانة العالية، وأما أركانه فإن للإحسان ركنٌ واحدٌ، وقد ورد ذكره في الحديث النبوي الشريف، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر أنّ الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وبناءً عليه فإن لركن الإحسان درجتان، أولهما أن يعبد الله وكأنه يراه فيستشعر قربه مظهراً الخضوع والخشية وساعياً إلى بلوغ الكمال في العبادة، وثانيهما أن يعبد الله وكأنه يراه، فتكون العبادة على وجه الخوف والرهبة.[3]
شاهد أيضًا: لماذا نقرأ سورة الكهف يوم الجمعة
كم عدد أركان الإحسان
بالنسبة إلى الإجابة عن سؤال كم عدد أركان الإحسان، فإن للإحسان ركنٌ واحدٌ، يتمثل فيما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بأنّ الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، أي إنه ينقسم إلى درجتين، الدرجة الأعلى وهي تتناول العبادة عن رغبةٍ وطمعٍ بنيل رضا الله عبر استشعار وجوده وقربه، وهي الأسمى والأعلى، كأن يعبد العبد ربه كأنّه يراه، ودرجةٌ تتناول العبادة عن خوفٍ ورهبةٍ من الله مما يجعل العبد مخلصاً في عبادته، وهي الثانية، كأن يعبد العبد ربه لأنّ الله يراه، وفي ذلك تمام الإجابة عن كم عدد أركان الإحسان.[3]
شاهد أيضًا: فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها
صور من الإحسان
تتعدد صور الإحسان إلى الآخرين وتتنوع، ومنها:[4]
- الإحسان بالعلم: يعد في مقدمة صور الإحسان، لِما فيه من تقديم الفائدة والنفع إلى الآخرين، والتي تضمن السعادة في الدنيا والآخرة.
- الإحسان في المعاملات التجارية: أمر الله تعالى بالعدل والإحسان في كافة الأمور، وعليه يجب الإحسان في المصالح التجارية عن طريق عدم الغبن، والتهاون والمسامحة في الديون.
- الإحسان في الكلام: إذ أن الله أمرنا بالكلمة الطيبة، وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ المسلم الخيّر هو مَن يقول الخير أو يصمت.
- الإحسان في المجادلة: وذلك عن طريق استخدام أحسن الأساليب وأطيب الكلام، مما يجعل الداعي محقاً ومظهراً لغرضه بوضوحٍ تام، وقد أمر الله تعالى رسول الكريم عليه الصلاة والسلام بأن يُجادل الكفار بالتي هي أحسن.
- الإحسان بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فقد أشار الله تعالى في كتابه القويم إلى مكانة وأهمية عباده الذين يؤمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولا بد أن يكون ذلك بلطف ولين بعيدًا عن الفظاظة أو الغلاظة.
- الإحسان بالمال: أمر الله عباده بالإحسان عن طريق المال إذ إن الرزق من عنده عز وجل، وهو المعطي وهو المانع سبحانه وتعالى عما يصفون.
مراتب الإحسان
بعد أن تم ذكر كم عدد أركان الإحسان لا بدّ من الوقوف مع مراتب الإحسان، حيث أنه قد يبين أهل العلم أن للإحسان مرتبتين، هما:
- مرتبة المشاهدة القلبية وهي غاية الإحسان، لِما فيها من استشعار العبد لوجود خالقه وقربه منه، مما يدفعه إلى بلوغ الكمال والتمام في تأدية العبادات.
- مرتبة المراقبة وهي المرتبة الأدنى، وفيها يستشعر العبد اطلاع الله عز وجل عليه في كل أحواله.
شاهد أيضًا: من هو اول من وضع التاريخ الهجري
الفرق بين الايمان والاحسان والاسلام
يبين أهل العلم تعدد المراتب في الدين الإسلامي، إذ بلغ عددها ثلاثة مراتب، ألا وهي الإسلام، والإيمان، والإحسان، وذلك ما ورد في الحديث النبوي الشريف، إذ أن جبرائيل عليه السلام أتى للنبي صلى الله عليه وسلم في صورة رجل وهو جالس في أصحابه ، فقال له: “يا مُحَمَّدُ أخْبِرْنِي عَنِ الإسْلامِ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: الإسْلامُ أنْ تَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وتُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤْتِيَ الزَّكاةَ، وتَصُومَ رَمَضانَ، وتَحُجَّ البَيْتَ إنِ اسْتَطَعْتَ إلَيْهِ سَبِيلًا، قالَ: صَدَقْتَ، قالَ: فَعَجِبْنا له يَسْأَلُهُ، ويُصَدِّقُهُ، قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ الإيمانِ، قالَ: أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والْيَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ، قالَ: صَدَقْتَ، قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ الإحْسانِ، قالَ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فإنَّه يَراكَ”.[5]
وبناءً عليه فإن الإسلام يمثل المرتبة الدنيا، إذ أن معناه الإذعان والانقياد عن طريق تأدية الأركان الخمس دون النظر إلى ما في القلوب، فهو مختصٌ بالظواهر، ومحله البدن، وعليه فإن الإسلام أخص من جهة وصفه؛ أي عدد أعماله، إذ يقترن بالأعمال الظاهرة فحسب، وأهل الإسلام أكثر من أهل الإيمان.
وأما الإيمان فإنه يمثل المرتبة الوسطى، إذ أن معناه الاعتقاد بأحقية وصحة أركان الإيمان والإسلام، مما يجعل الظواهر مقترنةً بالجوارح، ومحله القلب، وعليه فإن الإيمان أعم من الإسلام من جهة وصفه؛ أي عدد أعماله، وأهل الإيمان أقل من أهل الإسلام.
وأما الإحسان فإنه يمثل المرتبة العليا، إذ أن معناه عبادة العبد لخالقه والإخلاص له مستشعراً قربه ووجوده، فإن لم يستشعر قربه فيستشعر مراقبة خالقه له، وعليه فإن الإحسان أعم من الإيمان من جهة وصفه؛ أي عدد أعماله، وأهل الإحسان أقل من أهل الإيمان.[6]
شاهد أيضًا: من هو النبي الذي كان يبرئ الاعمى
الإحسان إلى المرأة
بعد الإجابة عن سؤال كم عدد أركان الإحسان لا بدّ من الوقوف مع الإحسان إلى المرأة، حيث تتعدد صور الإحسان إلى المرأة في الإسلام وتتنوع، ومنها:
- الإحسان إلى المرأة إذ ما كانت أماً: فقد أمر الله تعالى في كتابه القويم ببر الوالدين ولا سيما الوالدة والإحسان إليهما في عدة مواضع، ومنه ما جاء في قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.[7]
- الإحسان إلى المرأة إذ ما كانت زوجةً: جعل الإسلام المرأة شريكةً للرجل في جميع الشؤون العائلية من تربية الأطفال واستقرار البيت وغيره.
- الإحسان إلى المرأة إذ ما كانت طفلةً: فقد حرم الإسلام فور مجيئه ما كان منتشراً في الجاهلية من أمر وأد البنات، وجعل للطفلة حقوقاً وواجبات.
- الإحسان إلى المرأة إذ ما كانت أرملة: فقد أشار الحديث النبوي الشريف إلى مكانة الشخص الذي يرعى شؤون الأرملة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر بأنّ الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل الصائم النهار.
- جعل مهر للمرأة: لقد أوجب الإسلام على الرجل تقديم مهرٍ للمرأة في حالة الزواج لمجرد الخلوة بها.
- جعل ميراث للمرأة: لقد جعل الإسلام للمرأة ميراثاً من أبيها وأخيها وزوجها وابنها بالرغم من عدم نفقتها على أحدٍ منهم.
- إسقاط النفقة عنها: أسقط الإسلام النفقة عن المرأة، فلا تنفق على أحدٍ سواها، وأوجب على زوجها النفقة عليها.
شاهد أيضًا: من هو الصحابي الجليل الذي حج سرا
وبذلك نكون قد وصلنا إلى خاتمة مقال كم عدد أركان الإحسان، وذكرنا ما هي مراتبه في الشريعة الإسلامية وما هو الفرق بين الإسلام والإيمان والإحسان وما هي صور الإحسان بالنسبة للمرأة وغير ذلك من الأمور التي تخص موضوع الإحسان في الإسلام.
المراجع
- ^ النساء، 36
- ^ المائدة، 93
- ^ al-maktaba.org، كتاب الموسوعة العقدية ، 03/03/2022
- ^ al-maktaba.org، كتاب وأحسن كما أحسن الله إليك، 03/03/2022
- ^ صحيح مسلم، مسلم، عمر بن الخطاب ، 8 ، صحيح
- ^ al-maktaba.org، كتاب شرح الطحاوية لابن جبرين، 03/03/2022
- ^ الأحقاف، 15
التعليقات