عناصر المقال
كيفية قراءة الفاتحة في الصلاة السرية، لقد شرع الله -عزَّ وجلَّ- لعباده الصلاة، وجعلها ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة، وجعل لهذه الصلاة أركانًا وشروطًا وواجبات، ومنها قراءةُ سورة الفاتحة، ومن هذا المنطلق فسيتمُّ تخصيص المقال للحديث عن سورة الفاتحة، حيث سيجد القارئ بيانًا لكيفيةِ قراءتها، وحكم الإتيان بها، وما يترتب على تركها، كما سيتمُّ بيان ما يفعل العاجز عن الإتيان بها، وأخيرًا سيتمُّ الحديث عن مسألة البسملة وبيان أقوال أهل العلم فيها.
كيفية قراءة الفاتحة في الصلاة السرية
يقرأ المصلي سورة الفاتحة في الصلوات السرية أي في صلاتي الظهر والعصر، وصلوات النوافل والسنن الرواتب بصوتٍ خافتٍ بحيث يُسمع نفسه فقط، والدليل على ذلك الحديث الذي رواه عمران الحصين -رضي الله عنه- حيث قال: “أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ، فَجَعَلَ رَجُلٌ يَقْرَأُ خَلْفَهُ بسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى، فَلَمَّا انْصَرَفَ قالَ: أيُّكُمْ قَرَأَ، أوْ أيُّكُمُ القَارِئُ، فَقالَ رَجُلٌ أنَا، فَقالَ: قدْ ظَنَنْتُ أنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا”.[1]
شاهد أيضًا: موضوع عن الصلاة قصير ومؤثر
حكم قراءة سورة الفاتحة في الصلاة للمنفرد
تباينت آراء أهل العلم في حكم قراءة سورة الفاتحة في الصلاة بالنسبة للمنفرد -أي للذي يصلي وحده، حيث ذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّها ركنٌ من أركان الصلاة، فلا تصحُّ من غيرها، مستدلين على ذلك بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والذي قال فيه: “لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ”، [2][3]
حكم قراءة سورة الفاتحة في الصلاة للمأموم
إنَّ المعتمد لدى دائرة الإفتاء الأردنية أنَّ قراءة سورة الفاتحة ركنٌ من أركان الصلاة، سواء أكانت الصلاة جهرية أم سرية، وبناءً على ذلك فهي لا تسقط عن المصلِّي المأموم في أيِّ حالٍ، إلَّا إذا كان المأموم مسبوقًا، ففي هذه الحالة تسقط عنه ويتحملها الإمام والله تعالى أعلى وأعلم، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “”لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ”[2]
شاهد أيضًا: شروط الصلاة واركانها وواجباتها
ما يترتب على ترك سورة الفاتحة في الصلاة
إنَّ لترك الفاتحة في الصلاة عددٌ من الأحكام، وفي هذه الفقرة سيتمُّ التفصيل في ذلك، وفيما يأتي ذلك:[6][7]
- عند القائلين بركنية الفاتحة: إذا ترك المصلي قراءة سورة الفاتحة عمدًا عند من قال بركنيتها فقد بطلت صلاته، أما إن تركها سهوًا ثمَّ تذكرها أثناء الصلاة وجب عليه الإتيان بها وبما بعدها من مناسك الصلاةِ، وإن ذكرها بعد الانتهاء من الصلاةِ بمدة قصير وجب علي الإتيان بركعةٍ كاملة، وفي هذه الحالة والتي سبقتها، يجب عليه الإتيان بسجود السهو، أمَّا إن ذكرها بعد مدةٍ طويلة فقد بطلت صلاته.
- عند القائلين بوجوب الفاتحة: إذا ترك المصلي قراءة سورة الفاتحة عند القائلين بوجوبها عمدًا، فقد بطلت صلاته، أمَّا إن تركها سهوًا، فإنَّه يُنظر إن كان قد فارق محلُّها فيكمل صلاته، أمَّا إن لم يفارق محلُّها وجب عليه الرجوع والإتيان بها، وفي هاتين الحالتين يلزمه سجود السهو.
شاهد أيضًا: حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم
حكم العاجز عن قراءة سورة الفاتحة في الصلاة
إذا عجز المسلم عن قراءة سورة الفاتحة غيبًا في الصلاة، فله أن يقرأها من المصحف، ويلزمه تعلُّمها، فإن لم يستطع تعلُّمها ولا قراؤتها من المصحف، فقد جعل له أهل العلم من ذلك مخرجًا، وفيما يأتي بيان ما يلزمه على الترتيب المذكور:[8]
- أن يصلِّي خلف غيره، وفي هذه الحالة لا يضرُّه عدم قراءتها عند القائلين بعدم ركنيتها للمأموم.
- أن يقول: سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد استدلَّ أهل العلم على ذلك بما رُوي عن عبدالله بن أبي أوفى حيث قال: “جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: إنِّي لا أستَطيعُ أن آخذَ منَ القرآنِ شيئًا فعلِّمني ما يُجزئُني منهُ، قالَ: قُل: سُبحانَ اللَّهِ، والحمدُ للَّهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبرُ، ولا حَولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ العليِّ العظيمِ”،[9]
- أن يقف صامتًا بقدر سورة الفاتحة ثمَّ يتمَّ صلاته.
شاهد أيضًا: حكم الكلام من المصلين والإمام يخطب يوم الجمعة
هل البسملة آية من سورة الفاتحة
تمَّ بيان في الفقرات السابقة أنَّ قراءة سورة الفاتحة في الصلاة ركنٌ من أركانها عند جمهور أهل العلم، ولا تصحُّ الصلاة إلَّا بها، وبناءً على ذلك فيلزم المصلِّي أن يعرف جميع آياتها، ومن هذا المنطلق فإنَّه لا بدَّ من الإشارة إلى مسألة البسملة، وبيان أقوال أهل العلم فيها، وفيما يأتي ذلك:[10]
- القول الأول: ذهب الشافعي وأحمد بن حنبل، إلى أنَّ البسملة تعدُّ أيةٌ من آيات سورة الفاتحة، مستدلين بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” إذا قرأتُم فاتحةَ الكتابِ فاقرءُوا بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ فإنها أمُّ القرآنِ والسبعُ المثانيَ وبسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ إحدَى آياتِها”،[11] وبناءً على ذلك فلا بدَّ من الإتيان فيها في الصلاة.
- القول الثاني: ذهب أبو حنيفة ومالك إلى أنَّ البسملة ليست آية من آيات سورة الفاتحة، مستدلين على ذلك بالحديث القدسي، والذي متنه: “قسمتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نصفين نصفُها لي ، ونصفُها لعبدي ، ولعبدي ما سأل فإذا قال : { الحمدُ للهِ ربِّ العالمين } قال : حمدني عبدي ؛ فإذا قال : { الرحمنِ الرحيمِ } قال : أثنى عليَّ عبدي ، فإذا قال { مالكِ يومِ الدينِ } قال : مجدني عبدي ، فإذا قال : { إياكَ نعبدُ وإياكَ نستعينُ } قال : هذه الآيةُ بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : { اهدِنا الصراطَ المستقيمَ صراطَ الذين أنعمتَ عليهم غيرِ المغضوبِ عليهم ولا الضالين } قال : فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل”،[12]
وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي تمَّ فيه بيان كيفية قراءة الفاتحة في الصلاة السرية بالإضافة إلى بيان حكم الإتيان بها في صلاة المنفرد والمأموم، ثمَّ تمَّ بيان ما يترتب على تركها، وما يفعل العاجز عن الإتيان بها، وفي ختام هذا المقال تمَّ بيان ما إن كانت البسملة آية من آياتها.
المراجع
- ^ صحيح مسلم، مسلم، عمران بن الحصين، 398، صحيح
- ^ صحيح البخاري، البخاري، عبادة بن الصامت، 756، صحيح
- ^ صحيح البخاري، البخاري، أبو هريرة، 757، صحيح
- ^ islamweb.net، قراءة الفاتحة للمنفرد ، 30/11/2022
- ^ aliftaa.jo، حكم قراءة الفاتحة للمأموم، 30/11/2022
- ^ islamweb.net، ما يلزم من ترك ركناً من أركان الصلاة ناسياً أو متعمداً، 30/11/2022
- ^ al-eman.com، حكم من ترك واجبًا من واجبات الصلاة، 30/11/2022
- ^ al-eman.com، المخرج الشرعي لمن لا يحسن قراءة الفاتحة في الصلاة، 30/11/2022
- ^ صحيح أبي داوود، الألباني، عبدالله بن أبي أوفى، 832، حديث صحيح
- ^ islamweb.net، أقوال العلماء في مسألة البسملة في الفاتحة، 30/11/2022
- ^ خلاصة البدر المنير، ابن الملقن، أبي هريرة، 119/1، حديث صحيح
- ^ مجموع الفتاوى، ابن تيمية، أبي هريرة، 758، حديث صحيح
التعليقات