عناصر المقال [إظهار]
من هو الصحابي الجليل الذي حج سرا ؟ هو احد الأسئلة التي قد يهتم الكثير من المسلمين بمعرفة الإجابة عنها، فالحجّ هو أحد أركان الإسلام الخمسة، وله مكانة كبيرة في نفوس المسلمين، يقترب فيه العبد من ربّه في استسلام تامّ وخضوع وخشوع لله جلّ وعلا، وقد جعل الله تعالى فريضة الحجّ لمن استطاع إليها سبيلًا نخفيفًا على الأمّة، وقد كانت نفوس الصحابة الكرام تتوق للحجّ كما تتوق النفوس إليه في كل زمان، وسنعرف في هذا المقال من هو الصحابي الجليل الذي حج سرا.
فريضة الحج
قبل أن نعرف من هو الصحابي الجليل الذي حج سرا ، سنتحدّث عن فريضة الحج، والحجّ هو أحد أركان الإسلام الخمسة المتمثلة في شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدًا عبده ورسوله وإقامة الصلاة وصوم رمضان وإيتاء الزكاة وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا.
والحجّ لغةً هو القصد نحو شيء ما أو زيارته، أمّا اصطلاحًا فهو قصد بيت الله الحرام في فترةٍ زمنيةٍ محددة، وأداء بعض الشعائر والمناسك المقدسة، والحجّ عبادةٌ فرضها الله تعالى على عباده المستطيعين القادرين على أدائها، وقد منّ الله تعالى على عباده غير المستطيعين بأن أسقطها عنهم، وتشمل الاستطاعة القدرة الماديّة أو البدنية، فقد قال تعالى في كتابه الكريم: “وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ”. (آل عمران 97)
وقد أوجب الله -عز وجل- الحجّ على المسلم البالغِ العاقل المستطيع مرّة واحدة في العمر، ويبدأ وقت أداء فريضة الحجّ من مساء يوم الثامن من ذي الحجة حتّى آخر أيام التشريق؛ أي مساء اليوم الرابع من عيد الأضحى المبارك، وتتجلى الحكمة من الحج في جَمع المسلمين وقوتهم وتوحّدهم، وتدريب النفس على تحمّل المشاق.
وقد ورد في نصّ الحديث الشريف: ” سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أيُّ الأعْمَالِ أفْضَلُ؟ قالَ: إيمَانٌ باللَّهِ ورَسولِهِ قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: جِهَادٌ في سَبيلِ اللَّهِ قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ” (البخاري)، كما أنّ للحجّ آدابًا عدّة يجب على الحاجّ التحلّي بها، كالصدق وإخلاص النيّة وحفظ اللسان من المعاصي والمجادلة وفسق الكلام، وحفظ البصر عن المحرّمات والتحلّي بالأخلاق الحميدة التي حثّ عليها الإسلام.[1]
شاهد أيضًا: استشهد الخليفة عمر بن الخطاب على يد
من هو الصحابي الجليل الذي حج سرا
في مستهلّ إجابتنا عن السؤال من هو الصحابي الجليل الذي حج سرا، فإنّ خالد بن الوليد -رضي الله عنه- هو الصحابي الجليل الذي أدى فريضة الحج بسريّة تامّة، وهو أبو وليد القرشي، خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، يكنّى بأبي سليمان، أمّه لبابة الصغرى بنت الحارث الهلالية، وهي أخت زوجة النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها-، وُلد في مكة المكرمة.
أسلم بعد صلح الحديبية في العام الثامن للهجرة، عُرِف بشجاعته وقيادته العسكرية الناجحة وبحسنِ تخطيطه، وعبقريته في قيادة المسلمين في معاركهم وغزواتهم، وقد أطلق عليه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لقب سيف الله المسلول، وكان قد قاد قبل إسلامه غزوة أحد الغزوة التي انتصر فيها المشركون على المسلمين وهي ثاني غزوة في الإسلام.
أمّا بعد إسلامه فقد شارك مع الرسول الكريم في العديد من الغزوات أهمها غزوة الخندق وغزوة مؤتة وفتح مكة، توفي خالد بن الوليد في العام الحادي والعشرين من الهجرة، بعد أن رفع راية الإسلام عاليًا، وقد عاش -رضي الله عنه- ستين عامًا، ولم يخسر بعد إسلامه معركةً قط.[2]
اقرأ أيضًا: من هو النبي الذي كان يبرئ الاعمى
قصة حج خالد بن الوليد
بعد أن اجبنا على سؤال المقال من هو الصحابي الجليل الذي حج سرا، وبانّه خالد بن الوليد، سنأتي على ذكر قصة هذه الحجة، وقد وقعت الحادثة في العام الثاني عشر للهجرة النبوية، في فترة خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث كان خالد بن الوليد حينها قائد جيوش المسلمين في العراق، وكان يقاتل جيش الفرس والروم معًا، وبعد أن تأكد من نصر جيش المسلمين واستقرار الأوضاع، قرر -رضي الله عنه- أن يذهب إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج بسريّة تامّة.
فعلى الرغم من انشغال الصحابي الجليل خالد بن الوليد بالجهاد في سبيل الله، إلّا أنّ قلبه ظلّ متعلقًا بزيارة بيت الله الحرام وكان متشوقًا للحج، فذهب متخفيًا ولم يخبر أحدًا بذهابه حتى لا يصل خبر غيابه عن الجيش إلى أعداء الإسلام فيستغلوا ذلك، وأمر الجيش بالعودة إلى منطقة الحيرة والمكوث فيها وتظاهر بأنّه سيسير في مؤخرة الجيش، لينطلق حينها في رحلته إلى مكة المكرمة دون أن يخبر الخليفة بأمر ذهابه، وبعد أدائه فريضة الحج على عجل عاد إلى جيشه ولم يلحظ غيابه أحد، ولمّا علم الخليفة أبو بكر بأمر حجّه سرًا أرسل إليه معاتبًا إياه ومعبّرًا له عن استياءه منه لما فعله، ثمّ أمره بالعودة إلى العراق لمتابعة أمور المسلمين هناك.[3]
شاهد أيضًا: ما هي مكونات الكعبة المشرفة.. 13 جزءا تعرف عليها
وهكذا نكون قد تعرّفنا من هو الصحابي الجليل الذي حج سرا، وبأنّه الصحابي الجليل خالد بن الوليد، القائد الفذّ والمحارب الشجاع الذي تاقت نفسه وهو في أوج حروبه وفتوحاته أن تؤدي فريضة الحجّ، ولا ننسى أنّه لم يترك جيشه إلّا بعد تأكد من امانه، رضي الله عن سيدنا خالد بن الوليد وأرضاه.
التعليقات