هل الاحتلام يفطر في نهار رمضان ، وهل يجب الاغتسال على من احتلم في رمضان

هل الاحتلام يفطر في نهار رمضان، يسعى المسلمون إلى الالتزام بما أحله الله سبحانه وتعالى وتطبيقه ما استطاعوا، ومع اقتراب شهر رمضان المبارك يسأل الكثيرون عن المُفطرات أو مفسدات الصيام؛ كي يتجنبوها، فلا يذهب أجر هذا الشهر الفضيل عليهم، ويحتار بعضهم في بعض المسائل التي تحتاج لإيضاحها، وفي هذا المقال سنعرف هل الاحتلام يفطر في نهار رمضان أم لا.

هل الاحتلام يفطر في نهار رمضان

لا يُبطل الاحتلام الصوم ولا يُفطر في نهار رمضان؛ لأن الإنسان لا يستطيع منع حدوث ذلك، فهو فوق طاقته وقدرته، وقد قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: “لا يكلّف الله نفسًا إلا وسعها”^[1]، ولو احتلم الشخص بعد الفجر؛ أي أثناء فترة الصيام، فلا حرج عليه، وصيامه صحيح، عليه فقط أن يغتسل من الجنابة، والمراد بالاحتلام هو ما يراه النائم من تصوّر الجماع، وقد ورد في الحديث الشريف عن أبي سلمة أَنَّ أبا قتادة الأنصاري قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “الرؤيا الصالحةُ من اللهِ، والحلمُ من الشيطانِ، فإذا رأى أحدُكم ما يكرهُ فلينفثْ عن يسارِه ثلاثًا، وليتعوَّذْ باللهِ من شرِّ ما رأى ومن الشيطانِ، ثم ينقلبْ على جنبِه الآخرِ، فإنها لا تضرُّه”^[2]، وهذا ما أجمع عليه علماء المسلمين، ولا يوجد مكان للاختلاف في هذه المسألة، فمن احتلم وهو صائم أو محرم بالحج والعمرة فليس عليه إثم ولا كفارة، ولا يؤثر على صيامه، وعليه غسل الجنابة إذا كان قد أنزل منيًّا، والله سبحانه وتعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام أعلم. ^[3]

هل يجب الاغتسال على من احتلم في رمضان

إذا احتلم الشخص ورأى ماءً بعد الاحتلام، فيجب عليه الاغتسال، والماء هو المنيّ، وإن لم يرَ الشخص ماءً، فلا يوجب ذلك عليه الاغتسال، فقد ورد في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنَّه جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “إذَا رَأَتِ المَاءَ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وجْهَهَا، وقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا ولَدُهَا”^[4]، فإذا رأى الرجل أو المرأة المني بعد الاحتلام، أو رأى المني، وإن لم يكن احتلامًا؛ فإنه يغتسل، أما احتلام ليس معه مني؛ فإنه لا يوجب الغسل، سواء كان في الليل أو في النهار، ولا يؤثر على الصائم، ولا على الحاج الاحتلام؛ لأنه ليس باختياره، والله تعالى لا يُكلف نفسًا إلا وسعها. ^[5]

شاهد أيضًا: ما حكم من دخل عليه رمضان وعليه قضاء

هل الاستمناء يفطر في نهار رمضان

الاستمناء فعلٌ محرّمٌ يفسد صيام صاحبه في رمضان إذا أنزل منيًّا، ولا يوجد خلاف في ذلك بين العلماء، ومما قاله ابن قدامة في كتاب المغني: “ولو استمنى بيده فقد فعل محرمًا، ولا يفسد صومه به إلا أن ينزل، فإن أنزل فسد صومه…، وإذا قبّل زوجته فأمنى، فيفطر بغير خلاف نعلمه…”، فإنَّ طلب خروج المني بأي وسيلة سواء بيده أو بالتدلك على الأرض أو ما أشبه ذلك حتى أنزل، فإنّ صومه يفسد بذلك، وهذا ما عليه الأئمة الأربعة رحمهم الله الشافعي ومالك وأحمد وأبو حنيفة، ولكن الظاهرية أبوا ذلك، وقالوا: لا فطر بالاستمناء ولو أمنى؛ لعدم الدليل من القرآن والسنة على أنه يفطر بذلك، ولا يمكن أن نفسد عبادة عباد الله إلا بدليل من الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، ولكن هذا القول لا يأخذ فيه الكثير، والله سبحانه وتعالى ورسوله أعلم. ^[6]

حكم من استمنى في نهار رمضان

الاستمناء في شهر رمضان أو غيره من أيام السنة منكر ومحرم، ولا يجوز للمسلم أن يفعل ذلك، وقد رأى جمهور العلماء أن قي ذلك مخالفة لما قاله الله عز وجل في القرآن الكريم: “وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ”^[7]، [المؤمنون:5-7] فالاستمناء غير إتيان الزوجة وغير إتيان ملك اليمين، فهو عبث ومنكر، وهو عدوان، وفيه أضرار كثيرة تقع على صاحبها، وهذا ما أثبته الأطباء بعد إجراء الاختبارات والتحاليل. وعلى من استمنى في رمضان أن يقضي اليوم، عليه أن يتوب إلى الله، وعليه أن يقضي ذلك اليوم؛ لأنه أفطر فيه بهذا الاستمناء، يعني صار في حكم المفطرين وإن لم يأكل ويشرب؛ لكنه صار في حكم المفطرين، فعليه القضاء، قضاء اليوم، والله تعالى أعلم. ^[8]

شاهد أيضًا: حكم بيع الطعام في نهار رمضان

حكم الاستمناء جاهلا في نهار رمضان

الاستمناء هو ممارسة العادة السرية وطلب إنزال المني يطريقة ما، وهي بلا شك فعل مُحرم ومنك وقبيخ ومذموم، ولا يجوز للمرء أن يقوم بذلك؛ بسبب تحريمها وبسبب الأضرار التي تُلحقها بالجسم، ومن استمنى جاهلًا في نهار رمضان عليه أن يتوب إلى الله في فعله هذا فقد قال الله سبحانه وتعالى: “ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ”^[9]، {النحل: 119}. وقال أيضًا في سورة النور: “وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”^[10]، {النور: 31}وعلى من استمنى قضاء اليوم الذي مارس فيه العادة السرية مع دفع كفارة التأخير، إذا كان قد أدرك رمضانٌ آخرٌ قبل القضاء، والله سبحانه وتعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام أعلم. ^[11]

شاهد أيضًا: حكم الترجيع في الصيام ، مذاهب العلماء في رجوع القيء من الصائم

حكم الاستمناء عمدا في نهار رمضان

من مفسدات الصيام ممارسة العادة السرية أو الاستمناء، فمن تعمّد فعل ذلك أثناء صيامه، فقد أفسده لأن الاستمناء فعل محرم، لا يجوز للمسلم أن يقوم به في شهر رمضان أو في أي يوم من أيام السنة، وقد ثبت ضرر ممارسة العادة السرية على صحة الإنسان، فسبحان الله، لا يمنع عنّا شيئًا إلا وفيه حكمة ومنفعة لنا، والواجب على من استمنى عمدًا أثناء صيامه أن يقضي اليوم الذي أفسد صيامه بهذا الفعل القبيح، وقد قال ابن قدامة في من استمنى فأنزل: “ولو استمنى بيده فقد فعل محرما ولا يفسد صومه به إلا أن ينزل فإن أنزل فسد صومه لأنه في معنى القبلة في إثارة الشهوة”، والله عز وجل أعلم. ^[12]

ومن خلال هذا المقال نكون قد بيّنا لكم هل الاحتلام يفطر في نهار رمضان، إذ لا يُبطل الاحتلام الصوم ولا يُفطر في نهار رمضان؛ لأن الإنسان لا يستطيع منع حدوث ذلك، فهو فوق طاقته وقدرته، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.