هل كان الرسول امي

هل كان الرسول امي، وهو ما سيتم بيانه من خلال سطور وفقرات هذا المقال، حيثُ شاع بين النّاس بأنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يجيد القراءة والكتابة، وتلك الشائعات هي من أهم الأمور التي ينبغي للمسلم التأكد منها بالاستناد إلى الكتاب والسنة، وفي هذا المقال سيتم الإجابة عن سؤال هل كان الرسول أمي، وبيان الحكم المستفادة من أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هل كان الرسول امي

إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أميًا لا يقرأ ولا يكتب، ^[1]حيث تعتبر أمية رسول الله من معجزاته الدالة على صدقه، وأنّ وكل ما جاء به من عند الله -تعالى- لا من نفسه، فلو كان قارئاً كاتبًا لادَّعى المشركون أن ما جاء به من اختراعه ومن بنيات أفكاره، ودليل أن رسول الله أميّ قوله -عزّ وجلّ- في سورة الأعراف: “الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ”^[2]،  فقد قال القرطبي -رحمه الله- في تفسير هذه الآية :” قوله تعالى “الأمي” قال ابن عباس رضي الله عنه: كان نبيكم صلى الله عليه وسلم أميا لا يكتب ولا يقرأ ولا يحسب”.^[3]

لماذا سمي الرسول بالأميِّ

سُميّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالأميّ لأنه لم يكن يجيد القراءة والكتابة ولا الحساب، فقد قال الله تعالى في محكم تنزيله: “وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ”^[4]، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لا نَكْتُبُ ولَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وهَكَذَا. يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وعِشْرِينَ، ومَرَّةً ثَلَاثِينَ”،^[5] فقد أُرسل رسول الله أمّيّاً إلى أمّة أمّية، ولم يكن قرأ ولا يكتب، كما قال الماورديّ أنّ وجه الامتنان في أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- بُعث أميّاً، فذلك على ثلاثة وجوه، موافقته على ما تقدّمت به بشارة الأنبياء، ولمشاكلة حاله أحوالهم فيكون أقرب إلى موافقتهم، وكذلك لينفي عن نفسه سوء الظّنّ في تعليمه ما دعا إليه من الكتب التي من الممكن أن يكون قد قرأها، والحكم التي قام بتلاوتها فهذا دليل معجزته وصدق نبوته.^[3]

شاهد أيضاً: فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها

هل الرسول أمي لايقرأ ولا يكتب ابن باز

نعم، فقد أوضح الشيخ ابن باز -رحمه الله- بأن رسول الله أميًا لا يجيد القراءة والكتابة، ودليل ذلك ما ورد في قوله تعالى: ” وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ “^[4]، فهذا هو السبب الذي من أجله أطلق لقب الأمي على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حيثُ إنّ أمية رسول الله كانت من دلائل صدق رسالته ونبوته عليه الصلاة والسلام، فقد أتى إلى الناس بكتاب عظيم أعجز به العرب والعجم، حيثُ إنّ الله -سبحانه وتعالى- أوحاه إليه ونزل عليه بواسطة الروح الأمين جبرائيل عليه الصلاة والسلام.^[6]

شاهد أيضًا: قصة سيدنا محمد حقيقية كاملة كتابة

هل الرسول أمي ابن عثيمين

نعم ، فقد ذكر الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- بأن رسول الله كان أميًا لا يقرأ ولا يكتب، ودليل ذلك قوله تعالى: “فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ”^[7]، وقوله تعالى: “وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذن لارتاب المبطلون”^[4]، ولكن عندما نزل عليه القرآن الكريم بدأ يقرأ، أما كتابته فهي موضع خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال بإنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صار يقرأ ويكتب بعد نزول الوحي عليه، والرأي الآخر من العلماء بإن رسول الله لم يجيد الكتابة حتى توفاه الله تعالى.^[8]

الدليل على أميّة الرسول صلى الله عليه وسلم

هناك العديد من الأدلة التي توضح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أميًّا، فقد وردت عدة أدلة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة التي تدلّ على أميّة النبي صلى الله عليه وسلّم، ومن هذه الأدلة الصحيحة ما يأتي:

• قال تعالى: “هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ”^[9].
• قال تعالى: “لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ”^[10].
• قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لا نَكْتُبُ ولَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وهَكَذَا”^[5].
• قول البراء بن عازب -رضي الله عنه- في صلح الحديبية: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعْتَمِرَ أَرْسَلَ إلى أَهْلِ مَكَّةَ يَسْتَأْذِنُهُمْ لِيَدْخُلَ مَكَّةَ، فَاشْتَرَطُوا عليه أَنْ لا يُقِيمَ بهَا إلَّا ثَلَاثَ لَيَالٍ، ولَا يَدْخُلَهَا إلَّا بجُلُبَّانِ السِّلَاحِ، ولَا يَدْعُوَ منهمْ أَحَدًا، قالَ: فأخَذَ يَكْتُبُ الشَّرْطَ بَيْنهُمْ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فَكَتَبَ هذا ما قَاضَى عليه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ، فَقالوا: لو عَلِمْنَا أنَّكَ رَسولُ اللَّهِ لَمْ نَمْنَعْكَ ولَبَايَعْنَاكَ، ولكِنِ اكْتُبْ هذا ما قَاضَى عليه مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ، فَقالَ: أَنَا واللَّهِ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ، وأَنَا واللَّهِ رَسولُ اللَّهِ قالَ: وكانَ لا يَكْتُبُ، قالَ: فَقالَ لِعَلِيٍّ: امْحَ رَسولَ اللَّهِ فَقالَ عَلِيٌّ: واللَّهِ لا أَمْحَاهُ أَبَدًا، قالَ: فأرِنِيهِ، قالَ: فأرَاهُ إيَّاهُ فَمَحَاهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدِهِ”^[11].

شاهد أيضًا: هل يجوز قول اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد

ما هي خصائص أمية الرسول

إنّ أمية رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- تُعتبر فضيلة وصفة مكمّلة لأنّها من المعجزات الدّالّة على صدقه ونبوّته، كما أنّ أميته لا تعني الجهل وعدم المعرفة فالنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- جاء بالعديد من العلوم والمعارف، حيثُ إنّ الأمية في حق النبي -عليه الصلاة والسلام- غير الأمية في حق غيره من البشر، فلو كان غيره من الناس أميًا فيتلقى العلم من مصدر بشري وقد يدخل في الخطأ، أما الرسول فقد أتاه الله العلم وهذا لا يكون على خطأ أو زلل أو باطل فقد تلقاه من رب العزّة سبحانه وتعالى، ومن الجدير بالذّكرأنّ أمّية النّبي لم تمنعه من أن يولي اهتماماً بالقراءة والكتابة، فقد حثّ على تعلّمهما، ولذلك يُعتبَر الإسلام سبباً لمحو الأميّة.^[12]

الحكمة من أمية الرسول صلى الله عليه وسلم

إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أعظم خلق الله، فهو سيّد المرسلين وخاتم الأنبياء، حيثُ هناك حكمة عظيمة من كونه أميًا لا يجيد الكتابة أو القراءة وتتمثل بالرد على كل من يعارض الدّعوة الإسلاميّة ويقول بأنّ كل العلوم والأحكام الّتي لقّنها الله -تعالى- لنبيّه، ما هي إلّا علوم جمعها من قراءته للكتب وتعلّمها أثناء تجارته وعمله، فلو لم يكن أميًا لشكَّ المبطلون في صدق نبوته وما أتى به، بالإضافة إلى لعدم القول بأنّ رسول الله هو من كتب وألّف القرآن الكريم لذلك فهو أمّيّ، فقد قال الله تعالى: “أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ”،^[13] والله أعلم.^[14]

شاهد أيضًا: ماهي صفات الرسول الخلقية

وبذلك نكون قد أنهينا حديثنا عن هل كان الرسول امي، فقد سلطنا الضوء على أمية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأهم الأدلة التي تدل على ذلك، كما قمنا ببيان خصائص أمية الرسول، بالإضافة إلى معرفة الحكمة من أمية الرسول صلى الله عليه وسلم.