هل يجوز اجهاض طفل متلازمة داون في الشريعة الإسلامية

هل يجوز اجهاض طفل متلازمة داون في الشريعة الإسلامية
هل يجوز اجهاض طفل متلازمة داون

هل يجوز اجهاض طفل متلازمة داون في الشريعة الإسلامية، وما حكم إسقاط الأجنة المشوهة شرعًا، فقد جاء الإسلام يحفظ حقوق الأنفس من فترة الأجنة إلى الموت وحتى بعد الموت، فحتى الجنين في رحم أمه كان له حقوقٌ وضعها له الإسلام وحفظها له، فلمصلحة الجنين أبيح الفطر للمرأة الحامل والمرضع، وتم تأخير العقوبات البدنية المستحقة على الحامل حتى لا يتضرر الجنين، وتم حفظ حقوق الجنين المادية من الإرث والوصية والهبة والشفعة، وعبر هذا المقال تم تسليط الضوء على حكم إسقاط الجنين المصاب بمتلازمة داون أو ما يعرف بالمنغلة.

التعريف بمتلازمة داون

إن متلازمة داون عبارة عن خلل يصيب جينات الجنين، وقد وصفها العالم جون داون في العام 1866م، وهي موجودة بكثرة وغزارة في المجتمع، فمن بين سبعمائة مولود تقريبًا يكون واحد لديه هذه المتلازمة، وقد شرحها العالم داون أن الإنسان كون لديه اثنان وعشرون زوجًا من الكروموسوم التي يضاف إليها كروموسومات تحمل الشيفرة الجنسية وتحدد نوع الجنين، وبعد أن يتم تخصيب البويضة يكون عددها 46 عند البشر الطبيعيين، لكن أصحاب هذه المتلازمة يوجد علة في الكروموسوم الحادي والعشرين تحديدًا، بحيث ينقسم لأجزاءٍ ثلاثة، فتصبح الكروموسومات عند المصاب بحالة داون سبعة وأربعين كروموسومًا، وقد أشار الأطباء أن خمسة وتسعين بالمائة يكون العامل الرئيسي للإصابة بهذه الحالة أن عمر الأم يكون كبيرًا أو متقدمًا بالسن، فمع تقدم السيدات بالعمر يصبح احتمال إنجاب طفل بمتلازمة داون أكبر، وتتسم حالات متلازمة داون بعدة صفات تتمثل بتغييرات كبيرة أو صغيرة في بنية الجسم، ويصاحبها ضعف في النمو الجسدي والعقلي، ويمتاز المصاب بمظاهر وجهية خاصة، ويمكن أن تزداد احتمالية إصابة أصحاب هذه المتلازمة بالكثير من الأمراض، وهذه الحالات تحتاج لرعاية خاصة واهتمام كبير لتتحسن حياته.[1]

شاهد أيضًا: هل يجوز للام أن تأخذ من مال ابنها اليتيم

هل يجوز اجهاض طفل متلازمة داون

ذكر أهل العلم أنه لو ثبت وتأكد بتقريرٍ من الأطباء الثقات أن الجنين كان مصابًا بمتلازمة داون قبل أن يبلغ من عمره 120 يومًا فإنه يباح إسقاطه وإجهاضه، ولا يباح للمرأة أن تجهض الجنين ولو كان مصابًا بمتلازمة داون إن زاد عمره عن مائة وعشرين يومًا، وقد أكّد المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في قرارٍ له خلال دورته الثانية عشرة أن الحمل لو بلغ الأربع أشهر لا يجوز أن يجهض ولو كان تشخيصه الطبي يشير إلى تشوهه وتشوه خلقته وإصابته بمتلازمة داون، ولا يباح إسقاط الجنين بعد هذه المدة إلا إن أوصى الأطباء بذلك إن كان يضر على حياة الأم ببقائه فلو هدد حياة الأم فأبيح إسقاطه دفعًا لأعظم الضررين، وفي حال أكد الأطباء أن الجنين مشوه تشوهًا لا يعالج مطلقًا قبل مرور مائة وعشرين يومًا على الحمل، وباستمراره فإن حياته ستكون سيئة وسكون عبئًا على أهله جاز إسقاطه، وقد أكّد أهل العلم أن على الأهل والأطباء تقوى الله قبل اتخاذ هذا القرار والتثبت من الأمر والتأني فيه والله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز للرجل ان يغسل زوجته وهل يجوز للزوج دفن زوجته

حكم إجهاض الأجنة المشوهة

بيّن العلماء أن الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى تشوه الأجنة موجودة ويقوم بها الناس، ويمكن تلافي الكثير منها والوقاية منه والبعد عنه والتخفيف من آثاره، فقد جاءت الشريعة الإسلامية تمنع أسباب الأمراض وتأمر بالوقاية منها ما أمكن الإنسان ذلك، كذلك جاء الإسلام يأمر بحماية الأجنة من كل أمرٍ يضرها كالتدخين والمخدرات والأدوية الكيميائية والأشعة الخطرة وغيرها من الأمور التي تؤدي إلى تشوه الجنين، ولو أن الأجنة قد ثبت تشوهها بالدليل القاطع الذي لا يقبل الشك من أطباء موثوقين ولا يمكن علاج هذه التشوهات ولم يبلغ المائة والعشرين من عمره يباح إسقاطه في الراجح، وذلك لما يلحق ولادته وبقاؤه مشقة وصعوبة في حياته وحياة أهله، وما يمكن أن يسببه من عبء على الأهل ومسؤولية كبيرة وتكاليف لرعايته لأنه يكون بحاجة لاهتمامٍ خاص، أما لو نفخت فيه الروح فلا يصح أن يسقط الجنين مهما كان تشوهه كبيرًا ومهما كان وضعه، إلا أن يكون بقاؤه يهدد حياة الأم وسلامتها، فنفخ الروح فيه يجعله نفسًا لا يصح قتلها بل يجب صيانة حياته والمحافظة عليه فهذا التشوه وهذا الخلق أمرٌ أراده الله لبعض خلقه فمن صبر منهم فاز وظفر، وعلى الأهل أن يصبروا ويحتسبوا الأجر عند الله والله ورسوله أعلم.[3]

هل يجوز إسقاط الجنين إذا تبيّن أن فيه عاهة ابن باز

تم توجيه سؤالٍ إلى الشيخ ابن باز -رحمه الله- مفاده أن الكثير من حالات التشخيص للأجنة تأتي بمرض الأجنة في أشهر متفرقة من الحمل وهي أمراض تكون بتأثيرٍ كبير وقوي على الجنين كتخلفه العقلي والجسدي، فهل يمكن أن يتم إجهاضه في تلك الشهور مع الأخذ بعين الاعتبار كل المعاناة التي سيعيشها في حياته لو أنه ولد بهذه الأمراض والتشخيصات، فأجاب الشيخ أن هذه المسألة درسها مجلس كبار العلماء وأعطوا قرارًا فيها، وكان ملخص هذا القرار، أنه لو كان ينزل الضرر على الطفل ولو كان شديدًا ولكنه تشكل ونفخت الروح فيه فلا يجوز إسقاطه، أما لو كانت حالة الجنين المرضيّة ستضر الأم وفيها خطر على حياة الأم وسلامتها، فهذا الجنين يُسقط ولو كان في الأشهر المتقدمة وتحديدًا لو أن بقاء الجنين سيتسبب بهلاكها، أما لو تخلق ونفخت فيه الروح ولو كان مريضًا ولن يسبب أي ضررٍ على الأم فإنه لا يجهض ولا يجوز إسقاطه لأن ذلك قتل نفسٍ بغير وجه حق والله ورسوله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: هل يجوز قراءة القران من الجوال في صلاة التراويح

حكم إسقاط الجنين المشوه إسلام ويب

وردت العديد من الفتاوى في موقع إسلام ويب الخاص بالفتاوى الشرعيّة تفيد أنّ تشوّه الجنين لا يبيح للمسلمة إجهاضه، فالإجهاض محرّمٌ في الشريعة الإسلامية، لأنّه اعتداءٌ على النفس والروح التي نفخها الله تعالى في الجنين بغير وجه حق، ولا يعدّ تشوه الجنين أو إصابته بمرضٍ أو غيره مبررًا للإجهاض، إلّا أن يكون في مرضه خطرٌ على حياة الأم، أو أن يتسبب هذا المرض بموت الجنين في بطن أمه، ففي هذه الحالات يجوز للأم إجهاض جنينها، أمّا إن لم يكن في ذلك خطرٌ على حياة الأم أو الجنين نفسه فلا يجوز القيام بعملية الإجهاض تحت أيّ ظرفٍ من الظروف، والله أعلم.[5]

حكم إسقاط الحمل إذا كان مصابا بمتلازمة باتو

يجوز إسقاط الحمل إذا اكتشف الأطباء والأهل أن الجنين مصابًا بمتلازمة باتو، وهي متلازمة تصيب جينات الجنين وتسبب له في الكثير من التشوهات الخلقيّة والعيوب كذلك تسبب له تشوهات القلب وضمور الدماغ وغيرها من الأمراض التي تتسبب بموته بعد فترةٍ قصيرة من ولادته قد تصل إلى شهرين فقط، لذا من الأفضل أن تقوم الأم بإجهاض الجنين عند معرفة ذلك ولا حرج ولا إثم عليها بإذن الله تعالى، ويمكن إجراء الفحوص باكرًا من أجل الكشف عن وجود المرض من عدمه في جينات الجنين.[6]

شاهد أيضًا: هل يجوز قراءة القران من الجوال بدون وضوء

حكم الإجهاض في الإسلام

إنّ الإجهاض أمرٌ عظيمٌ ويحمل الكثير من الأحكام لحالاتٍ مختلفة، لكنّ الإجهاض دون سببٍ أو عذرٍ يبيحه فهو كبيرةٌ من الكبائر، لأنّ التي تقوم بإجهاض طفلها تكون قد قتلت نفسًا وأزهقت روحًا واعتدت على طفلٍ حيٍّ بغير وجه حقٍّ ولا عذرٍ شرعيّ، لكن هنالك مراحلٌ للإجهاض، فمن أجهضت الطفل قبل تمام الأربعين يومًا فلا حرج عليها عند بعض أهل العلم، لأنّ الجنين ما زال علقةً لم تُنفخ فيه الروح، وأمّا بعد الأربعين فلا يجوز إطلاقًا ولا لأيّ سببٍ من الأسباب، إلّا إن قرر أطبّاءٌ ومختصون بأن بقاء الجنين حيًا سيودي بحياة الأم، لذا في هذه الحالة يجوز إجهاض الجنين لأنّ الإبقاء على حياة الأم أولى من حياة الجنين، لكن في  حالة التشوه أو الإصابة بالمرض ووجود المشقة وغيرها فلا يجوز إطلاقًا، وقال بعض أهل العلم أنّ كفارة إجهاض الجنين هو القتل، والله أعلم.[7]

بهذا نصل لنهاية مقال هل يجوز اجهاض طفل متلازمة داون في الشريعة الإسلامية، والذي تم من خلاله التعريف بمتلازمة داون، وبيان حكم إسقاط الأجنة المصابين بها، وبيان أهم أحكام إجهاض الجنين المشوه في مختلف مراحل الحمل وعمره.

المراجع

  1. ^ islamweb.net، متلازمة داون وسبب إصابة الأطفال بها، 24/04/2023
  2. ^ islamqa.info، حكم إجهاض الجنين المنغولي، 24/04/2023
  3. ^ islamqa.info، إسقاط الجنين المشوه خلقياً، 24/04/2023
  4. ^ binbaz.org.sa، هل يجوز إسقاط الجنين إذا تبيّن أن فيه عاهة؟، 24/04/2023
  5. ^ islamweb.net، تشوه الجنين ومرضه لا يبرر إجهاضه، 24/04/2023
  6. ^ aliftaa.jo، حكم إسقاط الحمل إذا كان مصابًا بـ(متلازمة باتو) أو حاملاً للمرض، 24/04/2023
  7. ^ binbaz.org.sa، حكم الإجهاض، 24/04/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *