هل يجوز استخدام صابون حليب الحمار

هل يجوز استخدام صابون حليب الحمار ؟ سؤال سيتم الإجابة عليه في هذا المقال، فالحكم الشرعي هو خطاب الله -سبحانه وتعالى- إلى عباده لفعل أمر ما على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب أو على سبيل الترك بسبب التحريم أو الكراهة أو التخيير بين الترك والفعل، وجاء هذا الخطاب ليبين تصرف البعد إن كان شرطًا لشيء أو سببًا أو مانعًا من أمر ما، وقد وجه هذا الخطاب بنصوص من القرآن الكريم وما يتبعه من المصادر كالسنة النبوية الشريفة وإجماع الفقهاء وغيرها من الأدلة الشرعية الأصيلة والمعتبرة شرعًا، ومن الجدير بالذكر أن خطاب الله تعالى متعلق فقط بأفعال المكلفين؛ أي الأشخاص العاقلين البالغين القادرين على الإدراك، وفيما يأتي سيتم بيان بعض الأحكام الشرعية المتعلقة ببعض الأطعمة حليب الحمار ولحمه.

هل يجوز استخدام صابون حليب الحمار

اختلف الفقهاء في استخدام صابون حليب الحمار فمن قال إن استخدام صابون حليب الحمار محرم في الشريعة الإسلامية استندوا إلى حرمة أكل لحم الحمار، مما يعني حرمة وضع الصابون المكون من حليب الحمار قياسًا على أكل لحم الحمار وهذا ما ورد عن جمهور الفقهاء، ويستدلون على ذلك بما صح عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية، فإنها رجس”،^[1] يدل هذا الحديث على حرمة أكل لحم الحمار، ولبن الحمار جزء من لحمه مما يعني تحريم وضع أي منتج يتكون من لحم أو لبن الحمار.^[2]

إن جمهور الفقهاء لم يميزوا بين لحمه ولبنه وجلده؛ مما يعني أنه نجس على الإطلاق وهو محرم شرعًا، والمقصود بالحمير المحرمة هنا هي الحمر الأهلية التي يركب عليها الناس ويتنقلون من مكان إلى مكان، وأما بالنسبة للحمر الوحشية فقد أباحت الشريعة الإسلامية أكل لحمها واستخدام لبنها سواء أكان ذلك للتداوي أم لغيره، مما يعني جواز استخدام لبن الحمر الوحشية بخلاف الحمر الأهلية، ويستثنى من حرمة استخدام لبن الحمر الأهلية التداوي إذا كان في ذلك استحالة، أي استخدام اللبن وإعادة تدويره مع المواد الكيماوية مما يعني أن المواد الأخرى تطغى على المادة النجسة الموجودة في الحمار، وذلك يدل على جواز استخدام لبن الحمر الأهلية من أجل العلاج.^[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز تربيه الغراب وما هو حكم أكل لحم الغراب في الإسلام

هل يجوز شرب حليب الحمار للتداوي

اختلف الفقهاء في حكم شرب لبن الحمار من أجل العلاج، حيث منعه بعض وأباحه آخرون، فقد ورد عن الحنابلة أن شرب حليب الحمار للتداوي لا يجوز على الإطلاق، فقد حرم الرسول -صلى الله عليه وسلم- لحومها وألبانها، وقد ورد عن المالكية أنه لا بأس من استخدام لبن الحمار من أجل التداوي مراعاة للخلاف في جواز تناولها، وقد أجاز ذلك أيضًا الشافعية بناء على قاعدته المشهورة في إباحة العلاج بالنجس من الأبوال، فعندهم يجوز للإنسان أن يعالج نفسه بالبول إن دعت الضرورة إلى ذلك.^[3]

وذهب إلى هذا الرأي الأحناف أيضًا فعندهم يجوز العلاج بالنجس كلبن الحمار والأبوال وغيرها من النجاسات وفي هذا المذهب خلافات، فالبعض من تلاميذ الحنفية منعت ذلك منعًا ذاتيًا، والخلاصة في الحكم أن التداوي بلبن الحمير جائز إذا تم تحديد أنه لا يوجد علاجًا غيره، وذلك دفعًا للحرج والمشقة على العبد المسلم، واستند بعض الفقهاء على إجازة ذلك فبعض الأطباء قد بينوا أن لبن الحمار تُعدّ دسامته قليلة جدًا؛ فهو يعالج الأسنان واللثة إذا تمضمض به خلاف غيره من الألبان وهو أيضًا يعالج حالة السل والسعال والنزيف المعوي، وذكر أيضًا أنه علاج فعال لأصحاب الصداع و الدود المعوي والطنين الأذني.^[3]

هل يجوز أكل لحم الحمار

تبيّن سابقًا أن أكل لحم الحمار يختلف تناوله بحسب نوعه؛ مما يعني أنه يجوز أكل لحوم الحمر الوحشية، والأدلة على ذلك كثير في السنة النبوية الشريفة، وذلك بخلاف حكم أكل لحم الحمار الأهلي فهو محرم بالإجماع، ودليل ذلك ما رواه البخاري عن الصحابي جابر بن عبد الله، حيث قال: “نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم خيبر عن لحوم الحمر، ورخص في لحوم الخيل”،^[4] وتجدر الإشارة إلى أن تناول لحوم الأتان؛ والأتان هي أنثى الحمار، أيضًا محرم في الشريعة الإسلامية، وكذلك استخدام لبنها وشحومها في تصنيع المواد العلاجية واستخدامها لغير الضرورة، وقد ورد عن بعض الفقهاء أن الحمر الأهلية إذا أصبحت وحشية جائز أكلها واستخدام لبنها، والعكس صحيح، فقد ورد عن الشافعي أنه قال: الأدلة التي تبين حرمة أكل لحوم الحمر الأهلية موضحة في مصادر التشريع؛ كالسنة النبوية الشريفة والإجماع والقياس، بخلاف الحمار الوحشي الذي لم يوجد في حكم تناوله نص يدل على حرمته، مما يعني جواز استخدام لبنه وأكل لحمه، والله تعالى أعلم وأحكم.^[5]

شاهد أيضًا: هل يجوز اكل الثعبان وما هو حكم أكل الثعبان البحري

هل يجوز شرب لبن الحمار

تبين سابقًا أن أكل لحم الحمار وشرب لبنه من الأمور التي اختلف فيها الفقهاء ولكن المعتمد عند المذاهب الأربعة أن شربه محرم في الشريعة الإسلامية إذا كان لغير ضرورة كالتداوي، فالصحيح عندهم أنه من النجاسات وهذا هو الرأي العام عندهم، حيث اعتبروا أن لبن الحمار ولحمه من النجاسات المغلظة تغليظًا كبيرًا، لذلك هو محرم بإجماع الفقهاء، ولا يوجد في ذلك رأي مستثنى، وكما قال النووي في كتاب المجموع: أنه ورد في حكم لبن الحمار عدة روايات، والأصح فيهن أنه من النجاسات المغلظة، وذهب المالكي في المعتمد عندهم أن حكم شرب لبن الحيوانات تابع لحكم تناول لحومها، مما يعني أن مصدر القياس هو الوارد عندهم والمرجح، فإن كان اللحم محرم أكله، فإنّ شرب لبنه واستخدامه على البشره من الأمور المحرمة أيضًا والعكس صحيح.^[6]

وذهب الحنابلة بأن استخدام لبن الحمار وشربه ووضعه على البشرة نجس على الإطلاق سواء كان ذلك للضرورة أم لغير الضرورة، وما حرمه الله تعالى على عباده؛ فإن في ذلك حكمة كبيرة لأجل الضرر والخبث والحماية والصيانة، مما يعني أنه محال أن يكون النجس شفاء ودواء من الله تعالى للأمة الإسلامية، فعندهم لا يجوز اتخاذ الداء دواء، وهذه قاعده فقهية عند المذهب الحنبلي، كما أنّ الإنسان يكتسب صفة الخباثة، فطبيعة النفس البشرية تتأثر تاثرًا كبيرًا بكيفية العلاج من الأمراض التي تصيبها، فان كان الدواء مصنوعًا من الخبث والنجاسة فإنه يكتسب هذه الصفة، ولأجل ذلك حرم الله -سبحانه وتعالى- كل الأمور الخبيثة؛ سواءً أكانت من الطعام أو الشراب أو اللباس، والله تعالى أعلم.^[6]

هل يجوز استخدام صابون حليب الحمار سؤال أجبنا عليه فيما سبق، وتبين أنه لا يجوز عند جمهور الفقهاء استخدام صابون حليب الحمار إلا للضرورة القصوى؛ كعلاج مرض لا يبرأ منه الإنسان إلا في استخدام هذه الوسيلة، وتبين أن هذا الحكم متعلق فقط في الحمر الأهلية التي استند في حكمها نص شرعي من السنة النبوية الشريفة والإجماع الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم، وبينا أيضًا بعض الأحكام المتعلقة الأطعمة والأشربة التي تخص الحمار، وكان الرأي العام عند الفقهاء بأنه نجس، باستثناء إذا كان للضرورة وفي ذلك أيضًا خلاف؛ فالقاعدة الفقهية الكبرى أكدت على أن الضرورات تبيح المحظورات عند الجمهور.