هل يجوز الزواج من أختين بعد طلاق الأولى

هل يجوز الزواج من أختين بعد طلاق الأولى
هل يجوز الزواج من أختين بعد طلاق الأولى

هل يجوز الزواج من أختين بعد طلاق الأولى وهو من الأحكام الفقهيّة الهامّة التي ينبغي على كل مسلم ومسلمة معرفتها، حيثُ إنّ الدين الإسلامي جاء منظمًا ومشرعًا للعلاقات البشرية من زواج وغيره، فالزواج أمرٌ مشروع في الحياة، وذلك لحكمة بالغة من الله سبحانه وتعالى، ومن هذا المنطلق سوف نقدم في هذا المقال معلومات عن المحرمات من النساء، ثمّ التطرق للإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح، ونبين كذلك حكم الجمع بين الأختين والحكمة من تحريم الجمع بينهما، والعديد من الأحكام ذات العلاقة بالموضوع.

المحرمات من النساء

إنّ الله -عزّ وجل- ذكر في كتابه الكريم النّساء المحرمات على الرّجل، فقد قال تبارك تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}[1]، وفيما يأتي سيتم بيان المحرمات من النساء بالتفصيل على النحو الآتي:[2]

  • القسم الأول: وهم المحرمات تحريماً مؤبداً وهنَّ الأمّهات والجدّات وإن علون، والخالات والعمّات وإن علون، والبنات من الأصلاب وبنات الزوجة إن كان قد دخل بها، وبنات الابن وبنات الابنة وإن سفلن، وزوجات الأبناء من الأصلاب، والأمّهات والأخوات من الرّضاعة، وأمّهات الزّوجات،
  • القسم الثاني: وهم المحرّمات على الرجل تحريمًا مؤقّتًا، بحيث يزول التحريم عند زوال السبب العارض وهنّ أخت الزوجة وعمّتها وخالتها، والمرأة المحرمة في حجٍّ أو عمرة، والمحصّنة أي المتزوّجة حتّى يموت عنها زوجها أو يطلّقها، وتنقضي عدّتها الواجبة عليها بموت زوجها أو طلاقها.

هل يجوز الزواج من أختين بعد طلاق الأولى

يجوز للرجل الزواج من أخت الزوجة بعد طلاقها بشرط انتهاء العدّة باتفاق أهل العلم، حيثُ يحرم على الرجل أن يتزوج بأي امرأة ما دامت أختها في عصمته، أو تطلقت منه ولا زالت لم تكمل العدّة إن كان طلاقها طلاقًا رجعيًا، فلا يجوز له الزواج بأختها مطلقًا حتّى تنتهي من العدة، أما لو طلقها طلاق بائن لا رجعة فيه، بيّن بعض أهل العلم أنه لا يمكن له الزَّواج بأختها إلى أن تنتهي عدتها، بينما قالوا آخرين إنّه يجوز للرجل أن يتزوج بها فورًا إن كان طلاق زوجته بائنًا، لكن الرّاجح هو القول الأول فلا يتزوج من أخت طليقته حتى تنتهي العدة في كلّ أحوالها، والله -تعالى- أعلم.[3]

شاهد أيضًا: هل يجوز زواج الرجل من أخت زوجته

هل يجوز زواج الرجل من أختين

حرّم الله -عز وجل- الجمع بين الأختين في عصمة رجل واحد، ولو كانت إحداهما في مشرق الأرض والأخرى في مغربها[4]، فقد قال -تعالى- في كتابه العزيز: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}[2]، وقد أجمع العلماء على هذا التحريم، كما لا يجوز الجمع بين الأختين حتى إن كانت الزَّوجة راضية بدليل ما جاء في الحديث الذي روته أم حبيبة بنت أبي سفيان زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: “قُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ، انْكِحْ أُخْتي بنْتَ أبِي سُفْيَانَ، قالَ: وتُحِبِّينَ؟ قُلتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لكَ بمُخْلِيَةٍ، وأَحَبُّ مَن شَارَكَنِي في خَيْرٍ أُخْتِي، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ ذَلِكِ لا يَحِلُّ لِي، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، فَوَاللَّهِ إنَّا لَنَتَحَدَّثُ أنَّكَ تُرِيدُ أنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بنْتَ أبِي سَلَمَةَ، قالَ: بنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلتُ: نَعَمْ، قالَ: فَوَاللَّهِ لو لَمْ تَكُنْ في حَجْرِي ما حَلَّتْ لِي، إنَّهَا لَابْنَةُ أخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أرْضَعَتْنِي وأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فلا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ ولَا أخَوَاتِكُنَّ”[5]، والله تعالى أعلم.

الحكمة من تحريم الجمع بين الأختين

إنّ الله -عزّ وجل- حرم الجمع بين الأختين من أجل تفادي حدوث الشقاق والخلاف بين الأخوات، بينما المطلوب هو دوام الألفة والوفاق والمحبة بينهما، فقد قال ابن عاشور -رحمه الله- في التحرير والتنوير: “وأن تجمعوا بين الأختين. هذا تحريم للجمع بين الأختين، فحكمته دفع الغيرة عمن يريد الشرع بقاء تمام المودة بينهما، وقد علم أن المراد الجمع بينهما فيما فيه غيرة، وهو النكاح أصالة”، كما جاء هذا التحريم ردًّا لأسباب الخصام بين الأهل ومن يجمعهم دم واحد وبيت واحد، فالجمع بين الأختين يؤدي إلى التباغض والتفريق بين الأقارب، وبالتالي حصول قطيعة رحمٍ، حيثُ تعتبر من الأمور التي حرمها الدّين الإسلامي؛ لأنها تعدّ إحدى صور الفساد في الأرض، فقد حذّر الله -عزّ وجل- من قطيعة الرحم وجعلها من كبائر الذنوب، فهي تمنع الفرد من دخول الجنة، كما توجب اللعن والطرد من رحمة الله تعالى.[6]

شاهد أيضًا: هل يجوز للرجل أن يتزوج أختين

هل يجوز زواج الرجل من أخت زوجته بعد وفاتها

يجوز للرجل أن يتزوج من أخت زوجته بعد وفاتها، حيثُ إنّ الممنوع في الشّرع هو الجمع بين أختين على ذمة رجلٍ واحد، فلو ماتت المرأة يجوز للرجل الزواج بأختها لفقد المحذور؛ وهو الجمع بين الأقارب الذي يسبب قطع الأرحام، فلو طلق الرجل أو ماتت زوجته حلت له أختها أو قريباتها،  قد ورد في شرح الزاد عن الشيخ حمد بن عبد الله الحمد أنه قال: “إذا طلق المرأة وفرغت من عدتها فله أن ينكح أختها وله أن ينكح عمتها وله أن ينكح خالتها وذلك؛ لأن التحريم إلى أمدٍ وليس بتحريم على الأبد، فقد زال المانع وهو الجمع وهنا لا جمع…”، ويُجدر بالذّكر أنّ الصّحابيّ الجليل عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- قد تزوّج من أخت زوجته بعد وفاتها، حيثُ إنّه تزوج رقيّة بنت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وعندما توفيت تزوّج بأختها أمّ كلثوم رضي الله عنهما.[7]

شاهد أيضًا: هل يجوز للرجل ان يتزوج اخت ارملته

حكم الزواج بأخت الزوجة المطلقة ابن باز

بيّن الشيخ ابن باز -رحمه الله- بأنّه يجوز للرجل الزواج من أخت زوجته المطلقة بعد خروجها من العدة[8]، بدليل قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْن}[2]، فلا يجوز للرجل أن ينكح امرأة في عدة أختها، كما سئل الشيخ ابن باز عن هل يتزوج الرجل أخت زوجته إذا طلقها وهي في العدة؟، فأجاب:[9]

 إذا طلق الرجل امرأته فليس له نكاح أختها، ولا عمتها، ولا خالتها، إلا بعد انتهاء العدة إن كانت رجعية، وهذا بإجماع المسلمين؛ لأن الرجعية زوجة. أما إذا كان طلاقًا بائنًا؛ مثل: إن كانت الطلقة الأخيرة هي الثالثة، أو كان طلقها على مال وهي المخلوعة، فهذا فيه خلاف، ولكن الأرجح أنه لا يتزوجها إلا بعد انتهاء عدة أختها، أو بنت أختها، أو بنت أخيها، أما إذا ماتت فلا بأس أن يتزوج أختها أو عمتها أو خالتها في الحال ولو بعد يوم أو يومين من موتها؛ لأنه انتهى الزواج بالموت، ففي هذه الحال لا حرج أن يتزوج أختها، أو عمتها، أو خالتها، في الحال من حين ماتت الزوجة.

حكم الجمع بين المرأة وأختها أو ابنة أختها

لا يجوز للرجل أن يجمع بين الأختين، أو بين المرأة وابنة أختها، أو بين المرأة وعمتها أو خالتها وذلك لما ورد في كتاب الله الحكيم في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}[2]، فقد ذكر الله -سبحانه وتعالى- التحريم بين الأختين؛ وحرم النبي -صلى الله عليه وسلم- الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، وذلك حتى لا يقع عداوة بين الأختين أو الأقارب والتي تفضي لقطيعة الرحم والله أعلم.[10]

شاهد أيضًا: هل يجوز رجوع الزوجين بعد الخلع

هل يجوز للرجل أن يتزوج أخت الأخت بالرضاعة

يجوز للرجل أن يتزوج أخت الأخت بالرّضاعة إن كانت أخته الشّقيقة قد رضعت من أمّ الفتاة فصارت أختها من الرّضاعة، وهكذا جاز له أن يتزوّجها لأنّها ليست أختاً له بل أختًا لأخته الشّقيقة من الرّضاعة فقط، أمّا إن كانت الفتاة قد رضعت من أمّ الرّجل مع أخته الشّقيقة، فليس له أن يتزوّجها، بل إنّها محرّمةٌ عليه لأنّها أصبحت أخته هو أيضًا من الرّضاع[11]، فقد قال الله -تعالى- في الذّكر الحكيم عند ذكر المحرمات من النساء: {وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ}[2]، كما قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في هذه المسألة: “يحرمُ من الرضاعِ ما يحرمُ من النسبِ”[12]، وبذلك فإنّ أخته من الرّضاعة هي من المحرمات ولا يحلّ له أن يتزوّجها مطلقًا، والله أعلم.

وبذلك نكون قد وصلنا إلى نهاية المقال الذي كان بعنوان هل يجوز الزواج من أختين بعد طلاق الأولى، حيثُ تناولنا فيه أنواع المحرمات من النساء وهل يجوز الجمع بين الأختين، وما الحكمة من تحريم الجمع بينهما، كما أجبنا على سؤال هل يجوز زواج الرجل من أخت زوجته بعد وفاتها، وأيضًا بيّنا حكم الزواج بأخت الزوجة المطلقة ابن باز، نرجو أن نكون قد وفقنا بما تناولناه لكم من معلومات قيمة أنارت جانبًا مظلمًا وأجابت على سؤال محير.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
ما حكم من جامع اخت زوجته؟
إنّ حكم من جامع أخت زوجته حرام شرعًا، حيثُ إن ما فعله هذا الشخص مع أخت زوجته اعتداء عظيم، وهي جريمة من أكبر الجرائم وأقبحها، قال البهوتي في كشاف القناع: "وإن زنى بأخت زوجته لم يطأ زوجته حتى تنقضي عدة أختها.... لقوله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجمع ماءه في رحم أختين".

المراجع

  1. ^ سورة النساء، الآية 23
  2. ^ islamweb.net، المحرمات من النساء في الكتاب والسنة، 09/02/2023
  3. ^ islamweb.org، متى يباح الزواج بأخت الزوجة، 09/02/2023
  4. ^ islamweb.net، المقصود بعدم الجمع بين الأختين، 09/02/2023
  5. ^ صحيح أبي داوود، أم سلمة أم المؤمنين، الألباني، 2056 ، صحيح.
  6. ^ islamweb.net، الحكمة من تحريم الجمع بين الأختين، 09/02/2023
  7. ^ islamweb.net، الزواج من أخت الزوجة بعد وفاتها، 09/02/2023
  8. ^ binbaz.org.sa، حكم الزواج بأخت الزوجة المطلقة، 09/02/2023
  9. ^ binbaz.org.sa، هل يتزوج الرجل أخت زوجته إذا طلقها وهي في العدة؟، 09/02/2023
  10. ^ islamqa.info، لا يجوز الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، 09/02/2023
  11. ^ binbaz.org.sa، حكم زواج الرجل بأخت أخته من الرضاعة، 09/02/2023
  12. ^ النوافح العطرة ، عبد الله بن عباس، محمد جار الله الصعدي، 475، صحيح.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *