هل يجوز السحور بعد الأذان الأول أو الثاني وما حكم ترك السحور

هل يجوز السحور بعد الأذان الأول، فالصوم هو صحة للإنسان وعافية له، وقد أثبتت الدراسات العلمية تحسن صحة من التزم بالصيام يومين كل أسبوع، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: صوموا تصحوا، وعلى من أراد الصيام أن يتناول طعام السحور قبل الفجر، فهذه سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وهناك من يصوم بلا سحور، وفي هذا المقال سنعرف هل يجوز السحور بعد الأذان الأول للفجر.

هل يجوز السحور بعد الأذان الأول

إذا كان الأذان الأول قد وقع قبل طلوع الفجر فيجوز السحور بعده حتى يطلع الفجر أو حتى يؤذن الأذان الثاني، بشرط أن يكون الأذان صحيحًا؛ أي ليس بعد بزوغ الفجر، فالمعتبر في وقت الإمساك الشرعي هو طلوع الفجر الصادق، وهو المذكور في قول الله سبحانه وتعالى: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ”^[1]، والأذان الثاني عادة يكون عند طلوع الفجر, وليس الأول؛ بدليل ما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “إن بلالًا يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم، ثم قال: وكان رجلًا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت”، وعليه، فإذا كان الأذان الأول وقع قبل طلوع الفجر، فللشخص تناول المفطرات حتى يتحقق من طلوع الفجر، ولا فرق بين رمضان وغيره في ذلك، وأمّا إذا وقع عند طلوع الفجر، واستيقظ هذا الشخص ناويًا السحور فليكف عنه، وصيامه صحيح، والله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم أعلم. ^[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز شرب الماء بعد الأذان الأول ومتى يكون الإمساك

هل يجوز السحور بعد الأذان الثاني

أوجب الله سبحانه وتعالى الإمساك عند دخول فإذا كان المؤذن يؤذن الأذان الثاني عند دخول وقت الفجر، لا يجوز للصائم أن يأكل أو يشرب بعد الشروع في الأذان؛ فقد قال عز وجل في سورة البقرة: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ”، فيجب الإمساك عند سماع الأذان، وأما إذا كان المؤذن يؤذن قبل دخول الفجر، فلا حرج في الأكل والشرب ما لم يطلع الفجر ولو بعد الأذان، ومن العلماء من سامح في الأكل أو الشرب بعد دقيقة ونحوها إذا كان المؤذن يؤذن اعتمادًا على التقويم، حيث قال الشيخ الفوزان حفظه الله: “التقويم -كما ذكرنا- هو علامة يستدل بها، فلا ينبغي أن يتأخر عن حد التقويم تأخرًا كثيرًا، أما لو تأخر دقيقة أو دقيقتين وما أشبه ذلك فهذا لا بأس به”، والله عز وجل ورسوله الصادق الأمين أعلم. ^[3]

هل يجوز السحور مع أذان الفجر

ينبغي على المسلم أن يتأخر في السحور لآخر الليل، فذلك من السنة النبوية، ولكن يجب أن يقدم حتى يفرغ من سحوره قبل الأذان، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تسحر في آخر الليل ثم قاموا إلى الصلاة بعد السحور، فسُئل أنس بن مالك عن ذلك، كم كان بين الأذان والسحور؟ فقال: “قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية”^[4]، والمقصود من ذلك أنّ التأخير أفضل، لكن يجب أن ينتهي قبل الأذان، فإن أكل وهو يؤذن فلا حرج إذا لم يعلم أن الصبح قد طلع، أما إذا علم أن الصبح قد طلع، فلا يجوز له أن يأكل، حتى لو لم يؤذن، فإن الاعتماد على الصبح؛ لأن الله تعالى قال: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر”؛ أي: من الصبح، فإذا كان لا يعلم هل الأذان عن الصبح، أم لا؛ فله أن يشرب، أو يأكل مع الأذان، لكن ترك هذا أحوط وأولى، وإذا تقدم فيفرغ من سحوره قبل الأذان، هذا هو الأفضل والأولى؛ احتياطًا للصوم، وبعدًا عن الشك، والرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك”، والله سبحانه وتعالى أعلم. ^[5]

شاهد أيضًا: هل شرب الماء وقت اذان الفجر يفطر الصائم

حكم تناول السحور بعد الأذان

شهر رمضان المبارك هو شهر الصيام و القيام والتهجد والعبادة، وختم القرآن الكريم، فكل طقوس شهر الخير مميزة، حيث يبدأ الصوم منذ الفجر وحتى المغرب؛ أي لا يجوز أن يأكل الصائم أو يشرب في هذه الفترة، فإذا حصل الأكل بعد طلوع الفجر الصادق وكان الشخص متعمدًا، فإن صيامه لا يصح، ويجب على من فعل ذلك أن يُمسك بقية يومه إن كان في رمضان مراعاة لحرمة الشهر، وعليه أن يقضي بعد انقضاء رمضان يومًا مكانه، وإن لم يكن متعمدًا، فعليه القضاء أيضًا على الصحيح عند أكثر أهل العلم، وأمّا إذا كان الأكل بعد الأذان الأول وقبل طلوع الفجر فلا شيء فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم: “إن بلالًا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم”^[6]، والشاهد من هذا الحديث أنه لا حرج في الأكل والشرب بعد الأذان الأول الذي يكون قبل طلوع الفجر، والله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام أعلم. ^[7]

حكم تناول السحور بعد الفجر سهوا

إذا كان شهر رمضان المبارك فيجب على الشخص أن يكمل صومه في حال أكل أو شرب بعد الفجر ولو كان سهوًا، كما يجب عليه القضاء وهذا ما جاء على الصحيح عند أكثر أهل العلم؛ لأنه تساهل في ذلك، ولم يعتنِ بمعرفة أسباب ظهور الصبح، ثم تبين له أنه أكل بعد الفجر، لذلك عليه القضاء عند أكثر أهل العلم مع الإمساك في رمضان، وأمّا إذا كان الصوم في غير رمضان، مثل صوم كفارة أو صوم نذر، فهذا إمساك فيه، ولكن يتم قضاء يومًا مكان اليوم الذي أُفسد فيه الصيام، وأمّا إن كان نافلة فالأمر واسع، النافلة أمرها واسع، فله أن يفطر؛ لأنه نافلة، وله أن يصوم من جديد، وعلى ما سبق، فإذا كان صوم رمضان على الشخص أن يُمسك، ويقضي ذلك اليوم، أما إذا كان صوم كفارة، أو صوم نذر، أو صوم نافلة، فإنه يفطره ويقضي يومًا مكانه، بدل الكفارة والنذر، والله سبحانه وتعالى أعلم. ^[8]

شاهد أيضًا: هل وضع الروج يفطر الصائم ، هل تذوق مرطب الشفاه يفطر الصائم

حكم ترك السحور

السحور سنة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وليس فرضًا على من أراد الصيام، ولذلك لا حرج على من ترك السحور وصام يومه، وصيامه صحيح وأجره عن الله سبحانه وتعالى، ولكن الأولى أن نتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا تسحر علينا أن نتسحر، فقد قال عليه الصلاة والسلام: “تسحروا فإن في السحور بركة”^[9]، فالسنة أن يتسحر المرء بما تيسر من تمر، أو أي طعام، أو فاكهة، يتسحر بما تيسر، هذه هي السنة، فيستعين بذلك على صيامه، ولكن إن صام ولم يتسحر؛ فلا حرج عليه وصيامه صحيح، وقد واصل النبي صلى الله عليه وسلم بجماعة من الصحابة، يومين من غير سحور، ولا فطور، والله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام أعلم. ^[10]

ومن خلال هذا المقال نكون قد بيّنا لكم هل يجوز السحور بعد الأذان الأول، إذا كان الأذان الأول قد وقع قبل طلوع الفجر فيجوز السحور بعده حتى يطلع الفجر أو حتى يؤذن الأذان الثاني، بشرط أن يكون الأذان صحيحًا؛ أي ليس بعد بزوغ الفجر.