هل يجوز الصيام بدون طهارة من الدورة الشهرية

هل يجوز الصيام بدون طهارة من الدورة الشهرية من الاسئلة التي سيتم الإجابة عليها في هذا المقال، فمن الجدير بالذكر أن صيام رمضان من الفرائض التي أوجبها الله تعالى على كافة المسلمين، حيث يبدأ وقت الصيام من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، ويُستثنى من وجوب الصيام النساء اللواتي أتاهنّ الحدث الأكبر؛ كالحيض أو النفاس.

معلومات متعلقة بالدورة الشهرية

إن المقصود بالحيض في اللغة هو السيلان، أما بالنسبة للاصطلاح الشرعي، فهو الدم الذي يخرج من رحم المرأة، حيث يصيبها في حالة بلوغها وفي أيام محددة، وتجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد عدد محدد بالنسبة لكمية الدم أو استمرارية نزوله.

وهنالك فرق كبير بين دم الاستحاضة ودم الدورة الشهرية، فدم الاستحاضة هو الذي يبقى مستمرًا وهو ما يسمى بالعاذل وهو من أنواع الدم المرضية، فدم الدورة الشهرية لونه أحمر وأما بالنسبة لدم الاستحاضة فهو أسود ولا يكن متجمدًا وله رائحة كدم الدورة.^[1]

هل يجوز الصيام بدون طهارة من الدورة الشهرية

إنّ الإجابة على سؤال: هل يجوز الصيام بدون طهارة من الدورة الشهرية هي: الجواز، فالصيام جائز بدون طهارة من الدورة الشهرية، فانقطاع دم الدورة الشهرية عند النساء قبل طلوع الفجر ولو بدقيقة واحدة يجب عليها أن تمسك عن الطعام والشراب وأن تبدأ بصيام يومها.

فإن طلع عليها الفجر وهي لم تغتسل من الدورة الشهرية فصيامها صحيح ومجزئ، شريطة أن تكون قد عقدت النية في آخر الليل، مما يعني عدم اشتراط الغسل من الجنابة أو الحيض لصحة الصيام حيث يمكن للمرأة أن تغتسل بعد ذلك.

وقد أورد الامام مالك رحمه الله في مدونته: “إذا رأت المرأة الطهر قبل الفجر واغتسلت بعد الفجر فصيامها مجزئ عنها”، وتجدر الإشارة إلى أن الغسل لا يجوز أن يتأخر كثيرًا.

وإن تم تأخير الغسل على سبيل المثال يومين متتابعين؛ أي إنها لم تصم ولم تصلي في هذين اليومين ففي ذلك إثمًا كبيرًا، فعليها اللجوء إلى الله تعالى بالتوبة والاستغفار، بسبب تركها للصلاة والصيام بدون عذر شرعي، أو لأدائهما بدون طهارة.^[2]

حكم الصيام عند توقف الدورة الشهرية

يجب على المرأة أن تمسك عن الطعام والشراب وأن تبادر بالطّهر في حال توقف دم الدورة الشهرية، كما يجب عليها أن تقضي الأيام التي أفطرتها في رمضان، ودليل ذلك ما روته معاذة رضي الله عنها، إذ قالت: (سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلتُ: ما بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، ولَا تَقْضِي الصَّلَاةَ فَقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلتُ: لَسْتُ بحَرُورِيَّةٍ، ولَكِنِّي أسْأَلُ قالَتْ: كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ).^[3]

أما بالنسبة لوقت الصيام بعد توقف الدورة الشهرية، فإذا انقطع حيضها بعد الفجر، ثم طهرت، وجاء وقت الظهر مع بقية النهار؛ فإن نوت الصيام فلن يكن صحيحًا؛ لَما فيه من مانع لصحة الصيام، وهو الحيض في جزء من وقت الصيام ألا وهو بعد طلوع الفجر، وإذا طهرت قبل الفجر، ونوت الصيام، فإن صومها يكون صحيحاً، وإن لم تغتسل إلا بعد ذلك كما بينا سابقًا. 

وإذا أخّرت الغسل إلى بعد الظهر مع وجود القدرة، فقد ارتكبت ذنبًا عظيمًا بسبب ترك الصلاة، وعليها أن تتوب بصدق إلى الله تعالى وتقضي هذه الصلاة، قال ابن قدامة رحمه الله: “وإذا حدث الحيض في جزء من النهار بطل صوم ذلك اليوم سواء كان حاضرًا في أوله أو آخره”.

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: “إذا طهرت الحائض قبل طلوع الفجر ولو بدقيقة، وهي متأكدة من طهارتها، فإن كان في رمضان وجب عليها الصيام، فيكون صومها صحيح لهذا اليوم، ولا يلزمها القضاء؛ لأنها صامته وهي طاهرة، وإذا لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر فلا حرج في ذلك، كما لو أن الرجل جامع زوجته أو احتلم ولم يتطهر إلا بعد طلوع الفجر فيصح صومه كذلك”.^[4]

أحكام متعلقة بالنساء في شهر رمضان

هنالك العديد من الأحكام المتعلقة بالنساء على وجه الخصوص في شهر رمضان المبارك، وسيتم فيما يأتي بيان بعضٍ منها:

حكم صيام المرضع والحامل

اتفق العلماء على أنه يجوز للحامل أو المرضع أن تفطر في رمضان إذا خافت على نفسها، أو على طفلها، أو على نفسها وطفلها في آنٍ واحدٍ.^[5]

حكم صيام المرأة عند إجرائها لفحص طبي

يفسد صوم المرأة بإجراء أي عملية دخول فيها لغرض في بطنها في نهار شهر رمضان، والأفضل تجنب إجراء هذه العمليات والفحوصات في فترة الصيام، إلا إذا دعت الحاجة الملحة لذلك، أما بالنسبة للفحص الطبي فإن دعت الحاجة إلى إدخال أدوية أو تحميلة، ففي ذلك قولين رئيسين سيتم فيما يأتي بيانهما:^[6]

• القول الأول: قال الحنفية والشافعية، إن المرأة تفطر بإدخال أدوية أو تحاميل، قياسًا على إدخال الطعام من الفم.
• القول الثاني: قال المالكية والحنابلة، إن المرأة لا تفطر بدخول دواء أو تحميلة، والدليل على ذلك، أن ما يدخل المهبل يقتصر على الجماع فقط، وأن ما يصل إلى الجوف فقط الطعام الذي يفطر.

ما هي علامات الطهر من الدورة الشهرية

فيما يأتي بيان علامات الطهر من الدورة الشهرية:^[7]

انقطاع دم الدورة الشهرية

وهو الجفاف أي انقطاع تدفق الدم والكدرة والصفرة؛ وهو المراد بكلمة الجفاف، وعلى المرأة أن تضع جزءًا من القطن لتضمن الطهارة إذا خرج القطن نقيًا وجافًا تمامًا من الدم والكدرة والصفرة، فقد تحققت الطهارة من الحيض، ويجب أن تغتسل وإذا لم يتحقق هذا الشرط ونزل الدم بعد الجفاف فإنها حائض.

لكن تطهر المرأة بغير انتظار ظهور القصة البيضاء، فتكون مستحاضة، ممّا يعني وجوب الصلاة والصيام، فعليها أن تطهر نفسها من الحيض، وهذا مذهب جمهور العلماء من الشافعية والمالكية والحنابلة.

وفي قول الإمام مالك: أن المرأة إذا كانت ترى القصة البيضاء، فلا تغتسل بقطع الدم وحده بل عليها أن تنتظر خروج القصة البيضاء لتتأكد من الطهارة، وإن كانت من اللواتي لا يرون القصة البيضاء، فإنها تطهر بانقطاع الحيض.

رؤية القصة البيضاء

إنّ المقصود بالقصة البيضاء: هو ماء أبيض نقي يخرج من فرج المرأة في نهاية الحيض، فإذا رأت المرأة القصة البيضاء، فقد حصلت الطهارة من الحيض، وعليها أن تغتسل ثمّ تبادر بتأدية الفرائض.

حكم الاغتسال من الدورة الشهرية

يجب على المرأة أن تبادر بالاغتسال بعد الحيض، بمجرد أن تطهر نفسها، وتكون طهارتها إما بالجفاف الكامل دون وجود أي أثر للدم، سواء كان مصفرًا أو بنيًا، أو بقعة بيضاء، أو ما يُعرف بالسائل الأبيض الذي يدل على الطهارة من الحيض، وإذا شكّت المرأة في انقطاع الحيض، فالأصل أنها تبقى حائضًا حتى تطهر منه بإحدى العلامتين السابقتين.^[8]

أسباب الطهارة في شهر رمضان

إنّ الاغتسال واجب على المسلم والمسلمة في حال الانتهاء من الحدث الأكبر، حيث يجب أن يكون في وقت حضور الصلاة أي أنه يشترط الغسل لأداء الصلاة في وقتها، وصيام رمضان واجب على المرأة إذا طهرت من الحيض أو الولادة قبل أذان الفجر فيصح صومها، كما في الجنابة يصح صيام الرجل ولو تأخر عن الاغتسال بعد صلاة الفجر.

ورغم أن غسل الحيض والنفاس والجنابة لا يؤثر في صحة الصوم، فالأصل أن يبادر المسلم إلى الغسل في حال تمّ الانتهاء من الحدث الأكبر؛ حتى لا يتمّ تفويت صلاة الفجر، أو صلاة الجماعة، ومن ناحية أخرى إذا طهرت الحائض أو النفاس في نهار رمضان، فلا يلزمها أن تمتنع عن الأكل فعليها الغسل؛ لأداء الصلاة والصوم فيما بعد.^[9]

ما هي كيفية الاغتسال

يكون الغسل من الحيض بإحدى الطريقتين:^[10]

• الأولى: الاغتسال الجزئي وهو بالطريقة الغير واردة في السنة النبوية الشريفة، حيث يقتصر على الواجبات، وهو بالتحقق من نية الاغتسال، ثم تعميم الجسم كله بالماء بأي طريقة كانت، مع الحرص على المضمضة والاستنشاق.
• ثانيهما: الاغتسال التام على الوجه الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، وهو بأداء السنن كلها، وهو غسل اليدين، ثم تنظيف مكان الحيض من النجاسة التي تلتصق به، ثم يتمّ الوضوء المعتاد، ثم ثم غسل الرأس ثلاث مرات، ثم صبّ الماء على البدن كلّه.

ما هو الحيض

الحيض أو الدورة الشهرية (بالإنجليزية: Menstruation)، هو الأمر الذي يحدث للإناث، حيث يكون خلالها نزيف مهبلي طبيعي يحتوي على الدم وجزء من الأنسجة المبطنة للرحم، ولا بد من بيان أن جسد الأنثى يتهيأ للحمل شهرياً، وقلة الحمل يؤدي إلى سقوط الرحم أو إفراغ البطانة عن طريق المهبل وحدوث الحيض في سن أصغر من ذلك أو أكبر.

ومن الجدير بالذّكر أن تأخر الحيض حتى سن 15 عامًا أمرًا طبيعيًا ولا يسبب القلق، ويستمر الحيض شهريًا حتى تصل الأنثى إلى سن اليأس، والتي قد تكون في فترة العمر بين أواخر الأربعينيات ومنتصف الخمسينيات، ويشار إلى أن حدوث الحيض قد يتوقف عند هذه المرحلة بشكل مفاجئ في حالات قليلة، بينما في معظم الحالات يلاحظ انخفاض في وتيرة حدوثه على مدى شهور أو سنوات قبل التوقف بشكل دائم.^[11]

المقصود بالطهارة في فقه العبادات

إنّ الطهارة في اللغة هي: النزاهة والنظافة، والطهارة نقيض النجاسة، وهي اسم يحل محل التطهّر بالماء، مثل: الوضوء والاستنجاء والاغتسال، والطهارة في معناها الاصطلاحي هي: إزالة النجاسة.

وكما جاء في معناها بأنها: طهارة المكان من النجاسة سواء كانت بصفة شرعية أم حقيقة، وسواء كانت متعلقة بالصلاة أم غير ذلك، مثل: طهارة الأطعمة والأواني، وقد عرّف بعض الفقهاء الطهارة بأنها الصفة الموجودة والتي لا تصحّ الصلاة إلا بها.^[12]

هل تجوز الصلاة بدون طهارة من الدورة الشهرية

يحرم على المرأة أداء الصلاة الواجبة وكذلك النوافل، ولا يحرم عليها الذكر، والتمجيد، واللفظ بالحمد، والاستغفار، والاستماع للقرآن، والدعاء وغيرها من الأمور المتعلقة بالتّقرّب إلى الله تعالى؛ أما الصيام فيحرم عليها، سواء كان صومًا غير واجب، أو صومًا واجبًا، وإن صلّت فصلاتها باطلة.

غير أنه يحرم على الحائض الطواف بالبيت، سواء كان طوافًا واجبًا أو غير واجب، وإن فعلت ذلك لم يصح ولكن يجوز لها السعي بين الصفا والمروة، والوقوف على جبل عرفات، وقضاء الليل في المزدلفة ومنى، ورمي الجمرات، وأداء المناسك الأخرى من الحج والعمرة. كما يسقط طواف الوداع عنها؛ لأنه يحرم عليها البقاء في المسجد، كما جاء النهي لزوجها بمعاشرتها، ، ويحرم عليه أيضًا أن يطلقها وهي حائض، وهناك استثناءات لذلك.^[13]

هل يجوز الصيام قبل الاغتسال من الحيض في غير رمضان

يجوز للمرأة أن تصوم قبل الاغتسال من الحيض إذا طهرت قبل الفجر ولو بلحظة واحدة، وعليها أن تمسك عن الطعام والشراب وتصوم سواء في صيام الفريضة أو في صيام النافلة أو القضاء في غير رمضان، ولكن يجب عليها أن تغتسل من أجل الصلاة، لأنه لا يجوز أن تهمل الصلوات بحجة عدم الاغتسال وخصوصًا أنها ستضيع صلاة الفجر، ولكن إذا لم تطهر إلا بعد الفجر ولو بلحظة واحدة لا يجوز لها أن تصوم، وقد ورد في موقع إسلام ويب حول هذا الشأن ما مفاده: “فإذا كنت طهرت من الحيض قبل الفجر، ونويت الصيام فصومك صحيح ولو لم تغتسلي إلا بعد ذلك، فإن أخرت الاغتسال للظهر مع إمكانه فقد أثمت إثماً عظيماً بسبب تضييع صلاة الصبح وإخراجها عن وقتها، ووجب عليك التوبة النصوح إلى الله عز وجل وقضاء تلك الصلاة”.^[13]

مقالت قد تهمك

هل يجوز الصيام بدون طهارة من الدورة الشهرية سؤال أجبنا عليه فيما سبق، وتبيّن أنه يجوز للمرأة أن تصوم قبل الطهارة من الدورة الشهرية، شريطة أن تنوي الصيام وأن لا يتأخر الغسل إلى ما بعد فوات وقت صلاة الظهر لعدم ضياعها، والله تعالى أعلم وأحكم.