هل يجوز الصيام مع نزول دم خفيف بعد الدورة

هل يجوز الصيام مع نزول دم خفيف بعد الدورة وهو ما سنتحدث عنه في هذا المقال، حيثُ يعتبر من الأحكام الشرعية المهمة التي تسعى النساء المسلمات إلى معرفة إجابتها، والوقوف معها ضرورة وتفصيلها وبيانها بالاستناد إلى رأي أهل العلم والفقه، لأنها من الأمور التي تجعل المرأة في حيرة من أمرها في صلاتها وصيامها لما فرضه الله عليها من حيض ونفاس واستحاضة، فلكل حالة منهم يتبعها الكثير من الأمور والأحكام، ومن خلال سوف يتم بيان مفهوم الصيام في الإسلام، ومعرفة هل يجوز الصيام مع نزول دم خفيف بعد الدورة وغيرها من الأحكام.

الصيام في الإسلام

يعتبر الصيام من من أعظم العبادات في الإسلام، وقد فرضه الله -تعالى- على المسلمين، حيث لا يجوز لأي مُسلم الإفطار في هذا الشهر إلَّا لوجود عذر وسبب شرعي واضح، وقد بيَّن الله تعالى مشروعية الصيام وفرضه على المُسلمين في قوله: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}^[1]، كما أنّ الصيام أحد أركان الإسلام الخمسة التي أشار إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح، فقد ورد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “بنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ”^[2]، ويجدر بالذّكر أنَّ الصيام أحد العبادات العظيمة التي لها الكثير من الفضل، فهو إحدى السُبل والأسباب التي تُيسِّر للمُسلم دخول الجنة، كما أنّ الصيام هو سبب للمغفرة وزوال الخطايا والذنوب، بالإضافة إلى أنه يُشكِّل حصنًا منيعًا بين المُسلم وعذاب النار والآخرة.^[3]

هل يجوز الصيام مع نزول دم خفيف بعد الدورة

يجوز للمرأة الصيام عند نزول دم خفيف بعد الدورة الشَّهرية، فهو لا يؤثر على صحة الصيام، لأنه ليس بحيض، ويكون الصوم صحيحًا بإذن الله، كما لا يجب الاغتسال بعد نزولها، ويمكن الاكتفاء بالوضوء، فقد ذكر أهل العلم أنه إذا طهرت المرأة طهرًا خالصًا ثم خرج بعد ذلك دم يسير سواء كان بعد زمن طويل أو قصير فهذا لا يعد حيضًا وهو من العروق، وقد ورد عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال إنّ هذه النقط التي تكون كرعاف الأنف ليست بحيض، وقد قد ذكرت اللجنة الدائمة في هذه المسألة: “مدة الحيض بالنسبة لك هي المدة التي جرت عادتك أن يأتيك فيها الحيض ، وهي عشرة أيام أو تسعة ، فإذا انقطع الدم بعد تسعة أو عشرة فاغتسلي وصلي وصومي وطوفي بالكعبة في حج أو عمرة أو تطوعا، ويحل لزوجك الاتصال بك ، وما عاودك من الدم بعد مدة العادة من أجل مزاولة عمل أو طارئ آخر ـ فليس بدم حيض ، بل دم علة وفساد ، فلا يمنعك من الصلاة ولا الصوم ولا الطواف ونحوها من القربات ، بل اغسليه عنك كسائر النجاسات ، ثم توضئي لكل صلاة ، وصلي وطوفي بالكعبة واقرئي القرآن”.^[4]

هل يجوز الصيام مع نزول إفرازات بنية بعد الدورة

لا يجوز للمرأة الصيام إذا كانت هذه الإفرازات متصلة بأيام الدورة، أما إذا كانت هذه الإفرازات خارج وقت العادة الشهرية يتوجب على المرأة أن تصوم، ولا حرج في ذلك على الإطلاق، وعلى قول أكثر أهل العلم بأن هذه الإفرازات إذا كانت في أيام العادة فهي حيض، وكذلك إذا كانت خارج أيام العادة لكنها اتصلتْ بالدم، فهي حيض وتعامل معاملة دماء الحيض، أما إذا كانت خارج أيام العادة، وغير متصلة بالدم؛ فهذه ليست حيضًا وهذا على الصحيح عند مذهب الحنابلة، وإن كان بعض الفقهاء يرى بأنها حيض ما دامتْ لم تتجاوز خمسة عشر يومًا، وليس بينهما من نقاء، أما إذا وجد طهرًا تامًا بينها وبين الدم في أيام العادة، بحيث لو أدخلت المرأة قطنة إلى الفرج وخرجت وعليها آثار هذه الإفرازات؛ فهذا الجفاف يقال له الجفاف التام، وهو علامة على الطهر، فقد ذكرت أمّ عطية -رضي الله عنها- في الحديث أنّ الكدرة والصفْرة لا تعدّ شيئًا، والواجب هنا الاغتسال والصلاة، فإذا خرجت هذه الإفرازات وكانت في أيام العادة فهي حيض، أي تكون رجعت إلى الحيض ثانيةً.^[5]

شاهد أيضًا: هل يجوز الصلاة عند نزول إفرازات بنية بعد الدورة

هل نزول نقطة دم بعد الاستحمام من الدورة يبطل الصلاة

أوضح الشيخ ابن باز -رحمه الله- أنّ الدم الذي نزل بعد الاغتسال من الحيض إذا كان صفرة أو كدرة، ليس بالدم الصريح يكفي فيه الوضوء، ولا تبطل الصلاة، أمَّا إن كان دمًا صريحا فإنه يعتبر من الحيض، ففي هذه الحالة لا تجوز الصلاة، بل تجلس حتى يزول، ثم تغتسل؛ لأن هذا  الدم يتبع الحيض السابق، ومن الأفضل على المرأة أن لا تغتسل حتى ترى القصة البيضاء، فقد ورد عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قال:” لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ”^[6]، لأن الحيضة قد تزيد، وتنقص، أما إذا طهرت المرأة بشكل تام ثم نزل بعد ذلك شيء من الكدرة أو الصفرة  فإن ذلك لا يضر، ولها أن تتوضأ عند كل صلاة، فقد ثبت عن أم عطية -رضي الله عنها – وهي من أصحاب النبي- أنها قالت: “كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئًا”^[7]، والله أعلم^[8].

هل يجوز الصلاة عند نزول دم خفيف قبل الدورة

ذكر أهل العلم أنه لا يجوز الصلاة عند نزول دم خفيف أو إفرازات بنيّة قبل الدورة، فإن نزلت هذه الإفرازات أو نزل دمًا وصاحبه ما يُصاحب الدورة من آلام تعرفها النساء؛ فهو يأخذ حكم الحيض في الشريعة الإسلامية، أمّا لو كانت تلك الإفرازات أو الدم الذي نزل بمثابة العلامة على اقتراب الحيض، كان يختلف عن صفات دم الحيض المعتاد، فهو ليس حيضًا، ويجب عليها الصلاة وتعامل معاملة الطاهرات^[9]، لما ثبت عند البخاري وغيرِه عن أمّ عطية – رضي الله عنها – قالت: “كنَّا لا نعدُّ الكدرة والصفْرة شيئًا”^[7]، فقد سئل الشيخ ابن جبرين -حفظه الله- عن امرأة يأتيها شيء قبل الحيض وهو نوع من الصفار والكدرة وأحياناً يكون أحمر فكيف تصلي؟، فأجاب: هذا دم فساد لا يمنع من الصلاة ، وعليها أن تغسل فرجها وتعصبه ، وتتوضأ لكل صلاة ، وتصلي حتى يخرج الوقت ثم تتوضأ للوقت الثاني كذلك ، إلا أن تتحقق أنه لم يخرج منها شيئًا بين الوقتين فلا يلزم إعادة الاستنجاء والوضوء “.^[10]

شاهد أيضًا: هل يجوز الاغتسال من الحيض بعد الظهر في صيام رمضان وكيفية الطهارة من الحيض

إلى هنا أعزّاءنا القرّاء نصل وإيّاكم إلى نهاية هذا المقال الذي قدمناه لكم بعنوان هل يجوز الصيام مع نزول دم خفيف بعد الدورة، فقد عرفنا في هذا المقال بعض من المعلومات حول الصيام في الإسلام، وقد أدرجنا لكم الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح، ثمّ تعرفنا على هل نزول نقطة دم بعد الاستحمام من الدورة يبطل الصلاة، وهل يجوز الصلاة عند نزول دم خفيف قبل الدورة، وأدرجنا أيضًا الجواب الصحيح عن هل يجوز الصيام مع نزول إفرازات بنية بعد الدورة، كما ختمنا مقالنا ببعض المعلومات عن مبطلات الصيام في رمضان الكريم.