هل يجوز صلاة التراويح بسور قصيرة أو بآية واحدة

هل يجوز صلاة التراويح بسور قصيرة أو بآية واحدة
هل يجوز صلاة التراويح بسور قصيرة

هل يجوز صلاة التراويح بسور قصيرة، فالصلاة عماد الدين، وهي ركن من أركان الإسلام الخمسة، فقد جعلها الله سبحانه وتعالى على المؤمنين كتابًا موقوتا، ولضمان صحة الصلاة وقبولها بإذن الله لا بُدَّ من الالتزام بالشروط والقواعد التي تقوم عليها، ولا يمكن تجاوز أي منها، وتتميز صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك، إذ تبدأ بعد صلاة العشاء حاملة الأجر والثواب العظيم للمسلمين، وفي هذا المقال سنعرف هل يجوز صلاة التراويح بسور قصيرة.

هل يجوز صلاة التراويح بسور قصيرة

لا بأس في أن يقرأ الإمام سورًا قصيرة في صلاة التراويح، ولا حرج عليه في ذلك، والأولى والأكمل أن يقرأ حفظًا إذا تيسر له، وإن لم يتيسر له ذلك لعدم حفظه للقرآن الكريم، فيجوز له أن يقرأ من المصحف ولا مانع من ذلك، مع مراعاة أحوال المصلين فلا يطيل عليهم، فقد يكون لهم أعمال، وقد يكون لهم شئون تمنعهم من الإطالة وتمنعهم من الرضا بالتطويل بل يشق عليهم ذلك فإنه يلاحظهم، فالناس أقسام؛ منهم من يتحمل ومنهم من لا يتحمل، والنبي عليه السلام قال في حق الأئمة: “إذا أمَّ أحدُكُم النَّاسَ فليخفِّف ، فإنَّ فيهمُ الصَّغيرَ والكبيرَ والضَّعيفَ والمريضَ ، فإذا صلَّى وحدَهُ ، فليصلِّ كيفَ شاءَ”[1]، هذا في الفرائض فكيف بالنوافل؟ التراويح نافلة فهو يلاحظ الشيء الذي لا يشق عليهم ويحصل لهم به المتابعة له والصلاة معه والراحة في هذه العبادة والخشوع فيها، فلا ينبغي له أن يفعل شيء ينفرهم ويجعلهم يخرجون من المسجد ولا يصلون معه إلا الشيء القليل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: “إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف هو، كتب الله له قيام ليلة”[2]، والله تعالى ورسوله أعلم. [3]

هل يجوز صلاة التراويح بآية واحدة

يمكن للإمام أن يصلي التراويح ويقرأ آية واحدة بعد الفاتحة ولا حرج عليه في ذلك؛ لأن الصلاة تصح حتى لو اقتصر في القراءة على سورة الفاتحة فقط، ولكن الأفضل والأمل أن يزيد آية أو بعضها بعد الفاتحة، فتكون صحة الصلاة إذا استؤنفت جميع الأركان والواجبات، ولم يحصل فيها ما يبطلها، فالخشوع مثلًا ليس شرطًا في صحة الصلاة على ما رجحه أكثر أهل العلم، ولكن ينبغي الانتباه إلى أن مجرد صحة الصلاة لا يعني قبولها وترتب الآثار المرجوة منها عليها، فقد قال الله تعالى: “إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ”[4]، وقال صلى الله عليه وسلم: “الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر”[5]، فنهي الصلاة الشرعية صاحبها عن ارتكاب الفحشاء والمنكر، وتكفيرها للذنوب التي يقع فيها العبد بعدها إلى الصلاة الأخرى، لا يكون لمن أدى مطلق الصلاة بدون خشوع ولا حضور قلب، والله تعالى أعلم. [6]

شاهد أيضًا: هل يجوز صلاة التراويح قبل العشاء وهل تجوز في البيت

هل يجوز القراءة من المصحف في صلاة التراويح

لا حرج في أن يقرأ الإمام أو المنفرد من المصحف في صلاة التراويح، إذ يجوز ذلك ولا بأس به، لعموم الأدلة التي تدل على مشروعية القراءة في الصلاة، سواء القراءة من المصحف أو القراءة عن ظهر قلب، وقد روى البخاري أن ذكوان مولى عائشة رضي الله عنها كان يصلي بها في الليل من المصحف. لكن إذا تيسر الإمام الحافظ استغني به، وهو الأفضل لأنه أجمع للقلب، وأجلب للخشوع. والمنفرد الذي لا يحفظ يجوز له، وللعلم أنه لا يجب على الإنسان أن يقرأ في الصلاة بعد الفاتحة سورًا معينة من الطول أو القصر، سواء في صلاة الفريضة أو في صلاة التطوع، ويجوز للإنسان في قيام الليل القراءة من قصار السور ومن طوالـها، لكن المعروف من هديه صلى الله عليه وسلم ومن هدي صحابته الكرام القراءة بالطوال في قيام الليل، ولذلك يسن للإنسان أن يقرأ من السور الطوال إن تيسر ذلك وإلا فما تيسر له. وللمصلي أن يقرأ عدة سور من القصار إن لم يحفظ من السور الطوال، والله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام أعلم. [7]

حكم تأخير صلاة التراويح إلى ما قبل الفجر

لا حرج في أن تقام صلاة التراويح في الوقت الذي يسبق الفجر، وتكون الصلاة صحيحة ومقبولة بإذن الله تعالى، ويستطيع المسلم أن يصلي التراويح في الوقت بين العشاء والفجر؛ لأن وقت التراويح يبدأ من بعد صلاة العشاء وينتهي قُبيل طلوع الفجر، والأولى والأفضل أن تكون بعد صلاة العشاء مباشرة، وقد قال النووي رحمه الله: “يدخل وقت التراويح بالفراغ من صلاة العشاء، ويبقى إلى طلوع الفجر”، ولكن إذا كان الرجل يصلي في المسجد إمامًا بالناس، فالأولى أن يصليها بعد صلاة العشاء ، ولا يؤخرها إلى نصف الليل أو آخره حتى لا يشق ذلك على المصلين، وربما ينام بعضهم فتفوته الصلاة، وعلى هذا جرى عمل المسلمين، أنهم يصلون التراويح بعد صلاة العشاء ولا يؤخرونها، وقال ابن قدامة في (المغني): “قيل للإمام أحمد: تؤخر القيام في التراويح إلى آخر الليل؟ قال: لا، سنة المسلمين أحب إليّ”، فمن كان يصلي في بيته، فيمكن أن يصليها في أول الليل إن شاء أو في آخره، ولا حرج عليه في ذلك، والله تعالى ورسوله أعلم. [8]

شاهد أيضًا: هل يجوز صلاة التراويح اربع ركعات بتسليمتين أو بتسليمة واحدة

حكم القراءة من الجوال في صلاة التراويح

أجاز جمهور العلماء قراءة القرآن الكريم من الجوال أثناء الصلاة، سواء في صلاة الفريضة أو في النوافل والتراويح، واعتبروا في ذلك أن القراءة من الجوال مثل القراءة من المصحف، فما يُقال في قراءة القرآن من المصحف ينطبق على الجوال على الأرجح، والقراءة من الجوال قد تكون أيسر وأولى بالنسبة للمصلين، فالجوال أخف وزنًا وأيسر حملًا، وأسهل للتقليب من المصحف الكبير، كما أنه يساعد على إيضاح الكلام المقروء من خلال التكبير، وذلك لا يوجد في المصحف الصغير، وبالنسبة لإغلاق والفتح والعودة إلى الصفحة المُرادة، أو البحث عنها، فالجوال أسهل وأيسر في ذلك من المصحف، كما يسهل وضعه في جيب المصلي أو وضعه على الأرض عند السجود، أما المصاحف الكبيرة لا تدخل في الجيب، ولا يليق وضعها على الأرض عند السجود، والله سبحانه وتعالى ورسوله أعلم. [9]

حكم صلاة التراويح في المنزل

لا حرج على المسلم في أن يصلي التراويح في منزله، فذلك يجوز له ولا بأس به، ولكن الأفضل والأولى أن يصلي جماعة في المسجد، فيكسب الثواب والأجر من صلاة الجماعة، ويُعدُّ قيام رمضان في المسجد سنة عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام، إذ يقول: “من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه”[10]، ولا يوجد حد محدود للتراويح، لكن الأفضل إحدى عشرة أو ثلاثة عشرة، وإن صلى أكثر؛ عشرين والوتر، ثلاثين والوتر، أربعين والوتر، لكن أفضلها هو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، بحسب ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام، فقد كان يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، هذا هو الأفضل، سواء صلاها المرء في أول الليل، أو في وسطه، أو في آخره، أو فرقها صلى بعضها في أوله وبعضها في وسطه، أو بعضها في أوله وبعضها في آخره، كل هذا لا حرج فيه، وهكذا في المساجد إذا صلوها جميعًا في أول الليل، أو صلوها في آخر الليل، أو بعضها في أول الليل، وبعضها في آخر الليل، كل هذا لا حرج فيه، والله تعالى أعلم. [11]

ومن خلال هذا المقال نكون قد بيّنا لكم هل يجوز صلاة التراويح بسور قصيرة، إذ لا بأس في ذلك ولا حرج فيه، والأولى والأكمل أن يقرأ حفظًا إذا تيسر له، وإن لم يتيسر له ذلك لعدم حفظه للقرآن الكريم، فيجوز له أن يقرأ من المصحف الشريف.

المراجع

  1. ^ صحيح الترمذي، أبو هريرة،الألباني،236،صحيح
  2. ^ سنن الترمذي، أبو ذر الغفاري،الترمذي،806،صحيح
  3. ^ binbaz.org.sa، حكم اختيار قصار السور لقراءتها في التراويح، 12/04/2023
  4. ^ سورة العنكبوت، الآية 45
  5. ^ صحيح مسلم، أبو هريرة،مسلم،233،صحيح
  6. ^ islamweb.net، حكم صلاة التراويح بآية واحدة بعد الفاتحة، 12/04/2023
  7. ^ islamweb.net، القراءة من المصحف في قيام الليل .، 12/04/2023
  8. ^ islamqa.info، وقت صلاة التراويح، 12/04/2023
  9. ^ alukah.net، حكم إمساك المصحف أو الجوال باليد للقراءة منه أثناء الصلاة رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/154503/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A5%D9%85%D8%B3%D8%A7%D9%83-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%AD%D9%81-%D8%A3%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%AF-%D9%84%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%85%D9%86%D9%87-%D8%A3%D8%AB%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%A9/#ixzz7yfyrNrE5، 12/04/2023
  10. ^ صحيح البخاري، أبو هريرة،البخاري،37،صحيح
  11. ^ binbaz.org.sa، حكم صلاة التراويح في البيت وعدد ركعاتها، 12/04/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *