هل يجوز صلاة التهجد بعد الوتر

هل يجوز صلاة التهجد بعد الوتر من الأحكام الشرعية الهامة التي لابد للمسلم من معرفتها، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة التهجد ورغب بها، كما وردت العديد من الآيات القرانية التي توضح فضلها وأهميتها، وصلاة التهجد أفضل صلاة بعد الصلاة المفروضة، وعلى المسلم أن يحرص على صلاة التهجد في الثلث الآخر من الليل حين ينزل الله تعالى إلى سماء الدنيا كل ليلة، وفي هذا المقال سنعرض نبذة مختصرة عن صلاة التهجد، كما سنوضح بشكل مفصل حكم صلاة التهجد بعد الوتر.

صلاة التهجد ووقتها

صلاة التهجد هي أحد أنواع صلاة النافلة وتكون بعد الاستيقاظ من النوم خاصة، ويبدأ وقتها من بعد صلاة العشاء، وآخر وقتها إلى طلوع الفجر، وكل تهجد قيام ليل وليس العكس، فقيام الليل يكون قبل النوم وبعده، ووقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع الصارخ، وهو الديك، فعن مسروق بن الأسود، قال: سألت عائشة رضي الله عنها: أي العمل كان أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: الدائم، قال: قلت: فأي حين كان يقوم؟ قالت: “كان يقوم إذا سمع الصارخ”،^[1] وأفضل وقت لها في الثلث الآخر من الليل حين ينزل الله -تعالى- إلى سماء الدنيا كل ليلة، وفي هذا الوقت يقول الله تعالى: “من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له”، ^[2]والله أعلم.^[3]

شاهد أيضاً: هل يجوز صلاة الوتر ركعة واحدة دون الشفع

هل يجوز صلاة التهجد بعد الوتر

إن صلاة التهجد من النوافل التي يستحب للمسلم أن يصليها، وحكم صلاة التهجد بعد الوتر الجواز، ولكن الأفضل أن يكون الوتر بعد التهجد، فقد روي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا”،^[4] وأفضل وقت للوتر آخر الليل، ولكن من خشي أن لا يستيقظ للوتر فيستطيع أن يصليه  قبل أن ينام، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل”،^[5] ولو أوتر المسلم أول الليل خوفاً أن لا يقوم آخره ثم يسر الله له القيام من آخر الليل فإنه يصلي التهجد فقط، ويكتفي بالوتر الأول ولا حاجة إلى إعادة الوتر؛ لما ورد عن قيس بن طلق، قال: زارنا طلق بن علي في يوم من رمضان، فأمسى عندنا وأفطر، ثم قام بنا تلك الليلة، ثم انحدر إلى المسجد فصلى بأصحابه، حتى إذا بقي الوتر قدم رجلا، فقال: أوتر بأصحابك؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “لا وتران في ليلة”، ^[6]والله أعلم.^[7]

حكم التهجد ومقداره

التهجد سنة، وقد نقل الإجماع على سنية قيام الليل في حق سائر الأمة: ابن عبد البر، والنووي، وابن حزم، وابن حجر، وقد رورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل”،^[8] وليس هناك حد في صلاة التهجد لا يزاد عليها ولا ينقص منها، فلم يضع النبي -صلى الله عليه وسلم- مقداراً لعدد الركعات التي يأتي بها المصلي قبل الوتر، وقد نقل الإجماع على ذلك: ابن عبد البر، والقاضي عياض، والعراقي.^[9]

شاهد أيضًا: هل يجوز تاخير صلاة التراويح بعد منتصف الليل

صفة صلاة التهجد

تصلى صلاة الليل مثنى مثنى، أي: ركعتان ركعتان، وهذا مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة، وقول أبي يوسف ومحمد من الحنفية، واختاره ابن باز، وابن عثيمين، ودليل ذلك مارود عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى”.^[10][9]

فضل صلاة التهجد من القرآن

وردت العديد من الآيات التي تبين فضل صلاة الليل منها:^[9]

•  قال اللهُ تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}.^[11]
• وقال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}.^[12]
• وقال تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}.^[13]
• وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}.^[14]

شاهد أيضاً: هل يجوز صلاة الاستخارة بعد الوتر

فضل صلاة التهجد من السنة

وردت العديد من الأحاديث التي تبين فضل صلاة الليل منها:^[9]

•  قيام الليل شكر لله تعالى: فعن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: “أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا”.^[15]
• سبب لرفع الدرجات ودخول الجنة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام”.^[16]
• تكفير للخطايا والآثام: فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم: “عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، وقربة إلى الله تعالى ، ومنهاة عن الإثم ، وتكفير للسيئات ، ومطردة للداء عن الجسد”.^[17]
• قيام الليل أفضل الصلاة بعد الفريضة: فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل”.^[]

أجبنا في هذا المقال عن سؤال هل يجوز صلاة التهجد بعد الوتر وبينا أنه يجوز ذلك، ولكن الأفضل تأخير الوتر إلى بعد صلاة التهجد، وبينا ماهي صلاة التهجد ووقتها، وحكم صلاة التهجد ومقدارها، وفضل صلاة التهجد من القرآن والسنة النبوية، وذكرنا صفتها التي كان يصلى بها النبي صلى الله عليه وسلم.