عناصر المقال
هل يجوز صلاة المرأة بالبنطلون وما حكم الصلاة فيه للرجال ، وهو من المسائل الشرعية المهمة التي سيتمّ بيانها وتوضيحها عبر هذا المقال، حيث إنّ الله -سبحانه وتعالى- قد فرض على عباده المسلمين خمس صلواتٍ في اليوم والليلة، وجعل الصّلاة عماد الدّين والرّكن الثاني من أركان الإسلام، لذلك من واجب المسلمين معرفة كلّ أحكامها الشرعية وما يتعلق بها، ومن خلال هذا المقال سوف يتم بيان عورة المرأة في الصلاة، وهل يجوز صلاة المرأة بالبنطلون، بالإضافة إلى بيان هل يجوز لِلْمَرْأَةِ الصلاة بملابس البيت وغيرها من الأحكام الشرعية.
عورة المرأة في الصلاة
إنَّ عورةَ المرأة في الصلاة جميعَ بدنها باستثناءِ الوجهِ والكفينِ، وهذا مذهب فقهاء المالكية والشافعية، وقد استدلَّ أهل العلمِ على ذلكَ بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا يقبلُ اللَّهُ صلاةَ حائضٍ إلَّا بخِمارٍ”[1]، والزيّ الشّرعي الّذي يجب أن تستر به المرأة عورتها في الصلاة يجب أن يكون واسعًا فضفاضًا لا يصف مفاتنها ولا يشفّ عنها، ودليل ذلك حديث أم سلمة رضي الله عنها لمَّا سُئِلت عما تصلي فيه المرأة من الثياب ، فقالت : “تُصَلِّي فِي الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ السَّابِغِ الَّذِي يُغَيِّبُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا”[2]، ويقصد بالحائض بالحديث الشريف هي المرأة المسلمة الّتي بلغت سنّ المحيض وأصبحت من المكلّفات، أما الخمار فهو فهو الحجاب الشّرعيّ، أما الدّرع السابغ فهو القميص الفضفضاض الذي يغطي بدنها ورجلها، أمَّا الوجه فالسُّنة إبراز المرأة لوجهها في الصَّلاة بحيث تصلي ووجهها ظاهر غير مستور.[3]
هل يجوز صلاة المرأة بالبنطلون
ذهب أهل العلم إلى أنّ صلاة المرأة بالبنطلون مكروه، لأن هذا اللباس يصف حجم العورة، فقد قال الله -تعالى- في محكم تنزيله: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[4]، فإذا صلت المرأة بالبنطلون وقد سترت جميع بدنها ولم يظهر إلا وجهها وكفاها فصلاتها صحيحة بإذن الله، لكن صلاتها بالبنطلون ينافي آداب الصلاة، بحيث إنّ البنطلون يحدد شيئاً من أعضائها، وهذا الأمر لا يجوز، فقد قال المرداوي في كتابه الإنصاف: “قال المجد في شرحه: محل الاستحباب في حق الرجل، فأما المرأة فيكره الشد فوق ثيابها؛ لئلا يحكي حجم أعضائها، وبدنها.”، وما يدل على اشتراط أن يكون لباس المرأة ساتراً لجميع بدنها في الصلاة ما جاء في عن أم سلمة -رضي الله عنها- لمَّا سُئِلت عما تصلي فيه المرأة من الثياب، فقالت :” تُصَلِّي فِي الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ السَّابِغِ الَّذِي يُغَيِّبُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا”[2]، وفي هذا الحديث تعلَّم أم سلمة أم المؤمنين -رضي الله عنها- النساء المسلمات آدابَ الصلاةِ التي يجب مُراعاتها وما ينبغي فِعلَهُ وما ينبغي الابتعادَ عنه، فبين الحديث أنه يتوجب على المرأة المسلمة أن تسترسَترُ جميع جِسمِها، ما عدَا الوجه والكفين، والنهي عن كشف الرأس في الصلاة، وظهور الوجه لأنه ليس مِن عورتِها في الصَّلاةِ، وعليه فمن الأفضل أن تلبس المرأة في الصلاة لباسًا شرعيًا، ساترًا لبدنها، بحيث يكون هذا اللباس يكن واسعاً فضفاضاً لا يحدد شيئاً من أعضاء المرأة، والله أعلم.[5]
شاهد أيضًا: هل يجوز الصلاة في السيارة
هل يجوز الصلاة ببنطلون ضيق للنساء
لا يجوز للمرأة المسلمة أن تصلي ببنطلون ضيق، فهذا اللباس مكروه كراهة شديدة في الصلاة، لأنه يحدد حجم أعضائها، صف حجم عظمها، وهو ما نهى عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العديد من الأحاديث، فقد جاء في حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: “كساني رسول الله قبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي فكسوتها امرأتي، فقال : ما لك لم تلبس القبطية ؟ قلت : كسوتها امرأتي . فقال: مرها فلتجعل تحتها غلالة فإني أخاف أن تصف حجم عظامها”[6]، فقد دل الحديث على أنّ المرأة لا يجوز لها أن تلبس اللباس الضيق في الصّلاة؛ لأنه يصفُ حجم أعضائها، وهذا الأمر لا يجوز، فعلى المرأة أن تستحي من الله -عزّ وجل- لأنه أحق أن يستحي منه من الناس، وقد شدّد كثير من السلف والأئمة في أمر لبس المرأة الثياب الضيقة في الصلاة، فقد ذكر الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء في تعقيبه على هذه المسألة فقال:[7]
“أما الصلاة في حد ذاتها، إذا صلى الإنسان وعورته مستورة بهذا اللباس، فصلاته في حد ذاتها صحيحة؛ لوجود ستر العورة، لكن يأثم من صلى بلباس ضيق؛ لأنه قد يخل بشيء من شرائع الصلاة لضيق اللباس، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية يكون مدعاة للافتتان، وصرف الأنظار إليه، ولا سيما المرأة”.
هل يجوز الصلاة ببنطلون واسع
يجوز للمرأة أن تصلي في البنطال الواسع الذي لا يظهر حجم العورة، فإذا كان البنطال ساترًا للعورة، وغير مميز لها، فإنه تصح به الصلاة، حيث ينبغي على المرأة المسلمة أن تكون بالصلاة بهيئة تليق بجلال الله سُبحانَه وتعالى[8]، ولذلك ذهب أهل العلم إلى أنه يُستحب لها أن تلبس عليه درع ونحوه، لما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء“[9]، أما إذا كان يراها رجالًا أجانب فيحرم عليها لبسه والصلاة فيه، لأنه يجب عليها التّستّر والتحجّب عنهم بالحجاب الشّرعيّ الكامل، فالبنطال لا يتلاءم مع الزي الإسلامي الذي يكون فيه الستر الكامل للمرأة، فقد ورد عن الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أنه قال: ” حتى وإن كان واسعاً فضفاضاً ، لأن تميز رِجْل عن رِجْل يكون به شيء من عدم الستر، ثم إنه يخشى أن يكون ذلك من تشبه النساء بالرجال ، لأن البنطال من ألبسة الرجال “.[10]
شاهد أيضًا: هل يجوز الصلاة عند نزول إفرازات بيضاء وما حكم الإفرازات المهبلية اليومية
هل يجوز لِلْمَرْأَةِ الصلاة بملابس البيت
يجوز للمرأة الصلاة بملابس البيت إذا كانت طاهرة وساترة لجميع بدنها، ولا تحجم جسمها، فلا حرج في الصلاة فيها، ولكن أمر الله -تعالى- لمن أراد الصلاة أن يتخذ زينته، فقال سبحانه وتعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[4]، فالمصلي مأمور بالتزين عند الصلاة، بحيث يكون على أحسن هيئة؛ لأن الله -تعالى- جميل يجب الجمال، كما يستدل بهذه الآية على وجوب ستر العورة في الصلاة، فقد ورد عن الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- عندما سئل حكم الصلاة في البيت بملابس النوم؟، فأجاب: “كل ثيابٍ طاهرة مباحة إذا كانت تستر العورة فإنه يجوز الصلاة بها ولو كانت في ثياب النوم، ولا يشترط ثيابٌ معينة إلا أنه لا بد أن تكون الثياب طاهرةً ومباحة وساترة، فإذا توفرت هذه الشروط فلا بأس أن يصلي بها”، وعليه من الأفضل أن تلبس المرأة لصلاتها ما يستر بدنها بأكمله ما عدا الوجه والكفين، فإذا صلت في ملابس النوم أو ملابس البيت وكانت طاهرة وساترة لما يجب ستره فلا حرج في ذلك، والله أعلم.[11]
شاهد أيضًا: هل يجوز الصلاة بالحذاء في العمل
هل يجوز الصلاة بالبنطلون للرجال
يجوز للرجل الصَّلاة بالبنطال بشرط أن يكون فضفاضًا لا يصف حجم العظام، وأمَّا إن كان ضيقًا يحجم العورة فإن الصلاة به صحيحة مع الكراهة، لأن المشروع أن تكون الملابس متوسطة، لا ضيقة تبين حجم العورة ولا واسعة ولكن بين ذلك، فقد قال الشيخ ابن عثيمين ـرحمه الله- على ذلك: “صلاة الرجل بالبنطال لا بأس بها إذا تمكن من إقامة الصلاة من التجافي في موضعه، والاعتدال في السجود، والجلوس بشرط أن لا يكون ضيقاً يصف حجم البدن”[12]، والأفضل أن يلبس الرجل لباسًا مناسبًا للصلاة، بحيث يكون متوسطًا بين الضيق والسعة، فإذا لبس المصلي بنطالً أو سروالًا ينبغي وضع فوقه قميصًا ونحوه فهو أبلغ في الستر، وحتى لو كان السروال ساترًا، ومن الجدير بالذّكر أنه ينبغي للإنسان المسلم أن يتهيأ للصلاة ويتجمل لها ويكون على أحسن هيئة، فكلما كان المرء أكمل في هيئته وزينته كلما كان أجره أكثر وأعظم، والله أعلم.[13]
وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال هل يجوز صلاة المرأة بالبنطلون، فقد بيّنا من خلاله ما هي عورة المرأة في الصلاة، واللباس الشرعي الذي يتوجب على المرأة ارتداؤه في الصلاة، ثمّ أدرجنا الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح، كما تمّ بيان هل يجوز الصلاة ببنطلون واسع، وهل يجوز لِلْمَرْأَةِ الصلاة بملابس البيت، ونختم المقال ببيان هل يجوز الصلاة بالبنطلون للرجال، نرجو أن نكون قد وفقنا في كتابة هذا المقال وأن نكن حملنا لكم الفائدة.
المراجع
- ^ صحيح ابن حبان، عائشة أم المؤمنين ، ابن حبان، 1711، أخرجه في صحيحه.
- ^ الأحكام الشرعية الصغرى، م محمد بن زيد، عبد الحق الإشبيلي، 196، هذا هو الصحيح من قول أم سلمة .
- ^ dorar.net، صفة اللباس الشرعي للمرأة في الصلاة، 31/03/2023
- ^ سورة الأعراف ، الآية 31
- ^ islamweb.net، هل تجوز صلاة المرأة بالبنطال في المنزل؟، 31/03/2023
- ^ فتح الغفار، أسامة بن زيد، الرباعي، 261/1 ، له شواهد
- ^ islamweb.net، حكم لبس المرأة الثياب الضيقة في الصلاة، والإمامة بها، 31/03/2023
- ^ islamweb.net، حكم صلاة المرأة في البنطال، 31/03/2023
- ^ صحيح الجامع، أبو هريرة ، الألباني ، 7726، صحيح.
- ^ islamqa.info، هل يمكن للفتاة أن تصلي بالبنطلون؟، 31/03/2023
- ^ islamweb.net، الصلاة في ملابس النوم، 31/03/2023
- ^ islamweb.net، حكم إمامة لابس البنطال والحليق والمدخن والحاسر ومن يكثر الحركة والالتفات، 31/03/2023
- ^ islamweb.net، هل لبس القميص فوق البنطلون في الصلاة يعتبر تشددا؟، 31/03/2023
التعليقات