عناصر المقال
أول من أحدث بدعة المولد النبوي ، سؤال لا بدّ للمسلمين من التعرّف على إجابته، فقد ظهر أمر الاحتفال بمولد النبيّ المصطفى عليه الصلاة والسّلام في عصور متأخرة، أيّ أنّ هذا الأمر لم يُعرف في زمان الصحابة الكرام، مع الاتفاق على أنّ مولد الرسول الكريم هو يوم خير وضياء على البشرية جمعاء، وسنتحدث في هذا المقال عن جميع ما يتعلق بالاحتفال بالمولد النبوي الشريف وهل هو بدعة مستحدثة، وإذا كان كذلك فمن أول من أحدث هذه البدعة من المسلمين.
تاريخ المولد النبوي 1446
تاريخ المولد النبوي الشريف لعام 2024م/1446هـ هو يوم الأثنين الواقع في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من العام الهجريّ 1446هـ وهو بحسب التقويم الإسلامي في دول العالم العربيّ والإسلاميّ، وتحتفل أغلب الدول في هذا اليوم من خلال مظاهر عدّة كإلقاء شعر المديح لرسول الله عليه الصلاة والسّلام، وإنشاد الأناشيد التي تتحدث عن صفاته الشريفة، كما تحتفل بعض المجتمعات الإسلامية بتوزيع حلاوة المولد في هذه المناسبة، إضافة إلى أنّ يوم المولد النبويّ هو يوم إجازة رسميّة في أكثر الدول الإسلاميّة.[1]
هل الاحتفال بالمولد النبوي بدعة
جاء في حكم الاحتفال بالمولد النبوي في العديد من الفتاوى أنّه بدعة مستحدثة حيث لم يثبت أنّ النبي عليه الصلاة والسلام أو أحد الخلفاء الراشدين قد عملوا عيدًا يسمّى مولد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولو كان في هذا الأمر خير لسبقنا إليه الصحابة الكرام، لذلك لا ينبغي للمسلمين أن يحدثوا أمرًا ليس له أصل في الكتاب والسّنة النبويّة وإلّا كان بدعة، والتي حرمها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قوله: ” مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ”[2]، فليس من الجائز لأيّ مسلم أن يروّج للبدع أو أن يعمل بها، والله تعالى أعلم.[3]
أول من أحدث بدعة المولد النبوي
أول من أحدث بدعة المولد النبوي هم العبيديون الرافضة و الذين يسمون أنفسهم بالفاطميين، وذلك في القرن الرابع الهجريّ، وقيل أنّ الفاطميين قد ابتدعوا هذه البدعة وغيرها من البدع من أجل أن يغيّروا الناس إلى دينهم فجعلوا في الدِّين ما ليس منه، ليبعدوا الناس عن دين السنّة والجماعة، فإشغالهم بالبدع أسهل الطرق لإمالة الناس عن نهج السنّة النبويّة، والابتعاد عن الشريعة الإسلامية السمحة، وجاء في قول تقي الدين المقريزي رحمه الله: “كان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم، وهي: موسم رأس السنة، وموسم رأس العام، ويوم عاشوراء، ومولد النبي، ومولد علي بن أبي طالب، ومولد الحسن ومولد الحسين عليهما السلام، ومولد فاطمة الزهراء عليها السلام، ومولد الخليفة الحاضر، وليلة أول رجب، وليلة نصفه، وليلة أول شعبان، وليلة نصفه”.[4]
حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة
أدرجنا الفتوى التي قالت ببدعية الاحتفال بالمولد النبوي، الذي لم يكن في زمان النبيّ عليه الصلاة والسلام والصحابة الكرام، ولم يقل به أيٌّ من أئمة المذاهب الأربعة، فتَرْكُ الأئمة للأمر مع قيام السبب المقتضي كافٍ للقول بتركه، فلو كان في أمر الاحتفال بالمولد النبويّ خير لسبقنا إليه الأئمة، حيث لم يتم الاحتفال به إلّا في عهد الفاطميين العبيديين، وهو من الأمور التي أحدثوها من أنفسهم، مقتدين بالنصارى الذين يحتفلون بمولد عيسى عليه السلام، فلذلك لا بدّ من ترك هذه العادة المبتدعة، ولا بدّ من الإشارة إلى قول من استحسن أن يكون يوم المولد عيدًا فاشترط ألّا يكون فيه أيّ مظاهر للغناء والموسيقى بل أن يكون موسمًا للعبادة وقراءة السيرة النبوية وتدارسها، وإنشاد المدائح النبويّة، والله تعالى أعلم.[5]
أول من أحيا بدعة المولد النبوي بعد انقراضها
بدأت بدعة المولد النبويّ على يد الدولة العبيدية الذين يسمون أنفسهم بالفاطميين، وانقرضت هذه العادة بسقوط الدولة العبيدية في عام 567هجرية، وذلك على يد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، وعاد الصوفية وأحيوا هذه البدعة بعد اختفائها، ليبقى الاحتفال بها حتّى يومنا هذا، وبخاصّة بعد أن قام بعض العلماء باستحسان هذه العادة بشروط معينة.[6]
العلماء الذي أجازوا الاحتفال بالمولد النبوي
هناك فريق من العلماء المتقدمين والمتأخرين أجازوا الاحتفال بالمولد النبويّ، وسنبيّن آراء بعض منهم فيما يأتي:
- الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله: أجاز الاحتفال بالمولد النبويّ الشريف، وقال بأنّه بدعة حسنة، مع اشتراط عدم القيام بأيّ مخالفات في الاحتفال بالمولد، وأكّد على أنّ هذا الاحتفال لم يكن في عهد النبيّ عليه الصلاة والسلام أو في عهد الصحابة الكرام، ولم يُنقل حتّى عن أحد من السلف الصالح في القرون الهجرية الثلاثة الأولى.[7]
- الإمام السيوطيّ رحمه الله: أجاز الاحتفال بالمولد النبويّ الشريف على أنّه بدعة حسنة بالأفعال التي يقوم بها المسلمون في أثناء هذا الاحتفال من قراءة القرآن الكريم وسماع السيرة النبوية المطهرة، وتناول الطعام، فهذه الأفعال يُثاب فاعلها ففيها تعظيم للنبيّ عليه الصلاة والسلام، وإظهار للفرح بمولده الشريف.[7]
- الشيخ يوسف القرضاويّ: هو أحد العلماء المتأخرين الذي أجازوا الاحتفال بالمولد النبويّ الشريف، وذلك من خلال أن يكون الاحتفال بتسليط الضوء على سيرة النبيّ عليه الصلاة والسلام، وذكر أهم الأحداث التاريخية في حياته، كالهجرة والغزوات وحادثة الإسراء والمعراج، وأكّد الشيخ القرضاوي على ضرورة خلو الاحتفال بالمولد النبويّ من أيّ منكرات ومخالفات شرعية.[8]
العلماء الذين منعوا الاحتفال المولد النبوي
قال العديد من العلماء المتقدّمين بعدم جواز الاحتفال بمولد النبيّ عليه الصلاة والسلام ومن هؤلاء العلماء شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، كما لم يحتفل أيّ من السلف الصالح رحمهم الله تعالى بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام، فلو كان في هذا الاحتفال خير لسبقونا إليه، ومن العلماء الذين قالوا بأنّ الاحتفال بالمولد النبويّ بدعة مستحدثة الإمام الفاكهيّ، ومن العلماء المتأخرين الذي لم يجيزوا الاحتفال بالمولد النبويّ الشيخ ابن باز رحمه اله تعالى، وقال بأنّها بدعة محدثة في الديّن لم تثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.[9]
ومه نهاية المقال نكون قد تعرّفنا على أول من أحدث بدعة المولد النبوي، كما ذكرنا حكم الاحتفال بالمولد النبويّ كما قال به عدد من العلماء المتقدّمين والمعاصرين، كما تعرّفنا على من أحيا بدعة الاحتفال بالمولد النبويّ بعد انقراضها بنهاية عهد العبيديين.
المراجع
- ^ marefa.org، المولد النبوي، 01/09/2024
- ^ صحيح مسلم، عائشة أم المؤمنين،مسلم،1718،صحيح
- ^ islamweb.net، الاحتفال بالمولد النبوي بدعة وليس من السنة الشريفة، 01/09/2024
- ^ islamstory.com، ظهور بدعة المولد، 01/09/2024
- ^ islamweb.net، سبب الإفتاء ببدعية الاحتفال بالمولد النبوي، 01/09/2024
- ^ dorar.net، الاحتِفالُ بالمَولِد النَّبويِّ - شُبهاتٌ ورُدودٌ، 01/09/2024
- ^ islamqa.info، هل أجاز ابن حجر العسقلاني الاحتفال بالمولد النبوي، 01/09/2024
- ^ al-qaradawi.net، سويف القرضاوي، 01/09/2024
- ^ binbaz.org.sa، حكم الاحتفال بالمولد النبوي، 01/09/2024
التعليقات