جمع صلاة الظهر والعصر للمسافر

جمع صلاة الظهر والعصر للمسافر من الأحكام التي يجب على المسلم التعرف عليها حتى يتمكَّن من أداء الصلاة خلال السفر وفق الشريعة الإسلامية وكما شرع الله تعالى له، فقد شرع الله تعالى العديد من الرخص للمسافر فيما يخص الصلاة والصيام وغيرها من الأحكام، وفي هذا المقال سوف نقدم للزوار الكرام معلومات عن صلاة المسافر وحول كيفية جمع الصلاة في السفر وقصرها وغيرها من الأحكام المتعلقة.

صلاة المسافر في الإسلام

يشير مصطلح صلاة المسافر في الإسلام إلى الصلاة التي يؤديها المسلم خلال السفر، وتعدُّ من الرخص التي أكرم الله تعالى بها عباده تخفيفًا عنهم وتيسيرًا عليهم، ويعدُّ المسافر في الإسلام من أهل الأعذار، فقد شرعَ الله تعالى له الإفطار في نهار رمضان، إذ يقول تعالى في كتابه العزيز: “فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ”،^[1] وشرعَ له أيضًا الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين صلاتي المغرب والعشاء، كما شرع له قصر الصلاة الرباعية وصلاتها ركعتين فقط، حيث يقول جلَّ من قائل: “وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا”،^[2] كما أنَ صلاة الجمعة تسقط عن المسافر أيضًا.^[3]

شاهد أيضًا: هل يجوز قصر صلاة الجمعة للمسافر

جمع صلاة الظهر والعصر للمسافر

يعدُّ جمع صلاة الظهر والعصر في السفر واحدة من الرخص التي شرعها الله تعالى لعباده المسلمين خلال السفر، حيثُ يمكن للمسلم المسافر أن يجمع صلاة الظهر والعصر ويصليهما في وقت إحدى الصلاتين معًا، ويباح للمسافر أن يصلي صلاة العصر مع صلاة الظهر في وقت الظهر وقبل دخول وقت العصر وتسمَّى صلاة جمع تقديم لأنَّه قدم صلاة العصر عن وقتها، أو يصليهما معًا في وقت صلاة العصر وتسمى صلاة جمع تأخير، لأنَّ المسلم أخَّر صلاة الظهر عن وقتها، وفي الحديث الشريف عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ اللهَ يُحبُّ أن تُؤتَى رُخَصُه ، كما يُحبُّ أن تُؤتَى عزائمُه”،^[4] وهذا يدلُّ على أنَّ الله تعالى يحبُّ من المسلمين أن يأخذوا بالرخص التي شرعها لهم.^[5]

شاهد أيضًا: كيفية صلاة سنة الظهر القبلية والبعدية

كيفية قصر الصلاة وجمعها للمسافر

غالبًا ما يرافق رخصةَ جمع الصلاة للمسافر قصرُ الصلاة أيضًا، حيث أنَّ قصر الصلاة يشير إلى اختصار الصلوات الرباعية من أربع ركعات إلى ركعتين فقط، ويجوز للمسلم المسافر أن يأخذ بالرخصتين معًا فيجمع بين صلاتي الظهر والعصر ويقصرهما ويصلي كل منهما ركعتين فقط، كما يجوز له أن يجمع بين المغرب والعشاء ويقصر صلاة العشاء أيضًا، وفيما يأتي سيتم إدراج كيفية جمع الصلاة وقصرها للمسافر بشكل مفصل:^[6]

• أول خطوة عقد النية على جمع الصلاة وقصرها وذلك قبل خروج وقت الصلاة الأولى ، فإذا أراد المسلم أن يجمع صلاتي الظهر والعصر جمع تأخير ويقصرها، يجب أن يعقد النية على الجمع والقصر قبل خروج وقت صلاة الظهر حتى لا يكون الجمع باطلًا.
• يتوضأ المسلم كما يتوضأ للصلاة العادية ثمَّ يتوجَّه إلى القبلة وينوي الدخول في الصلاة.
• يصلي المسلم ركعتين فقط الصلاة الأولى وهي صلاة الظهر، ثمَّ يسلم، وإذا أراد أن يجمع بين المغرب والعشاء فإنَّه يصلي المغرب ثلاثة ركعات ولا يقصرها.
• يشرَع المسلم في الصلاة الثانية وهي ركعتين فقط، ويفضَّل ألا يفصل بين الصلاتين فاصل طويل، ولكن يباح للمصلي أن يستغفر ويقرأ بعض الأذكار.

شاهد أيضًا: كم مدة الجمع والقصر للمسافر

شروط جمع وقصر الصلاة في السفر

اشترطَ الفقهاء العديد من الشروط التي يجب أن تتحقق من أجل جواز جمع وقصر الصلاة للمسافر في السفر، منها ما يتعلق بالمسافة المقطوعة ومنها ما يتعلق بالصلاة نفسها، وفيما يأتي سيتم إدراج شروط جمع وقصر الصلاة في السفر بالتفصيل:^[7]

• أن تكون مسافة السفر المقطوعة 83 كيلو متر على الأقل تقريبًا، فإذا كانت أقل من ذلك لم يشرَع جمع وقصر الصلاة للمسافر، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة.
• النية عند السفر، وهو وجود نية للسفر قبل الخروج من المنزل أصلًا، فإذا خرج المسلم من المنزل وهو لا يعرف إلى أين يتَّجه ولم يكن ينوي السفر، لا يجوز له أن يقصر حتى لو قطع مسافة القصر المحددة.
• أن يكون السفر الذي يقصده المسلم مباحًا، وقد ذهب الحنابلة والشافعية إلى أنَّ السفر المحرَّم ليس له قصر ولا يجوز للمسلم أن يقصر فيه، وإذا قصر صلاته لا تنعقد.
• ألَّا يقتدي المسافر بشخص مقيم في الصلاة، وفي القصر يجب على المسافر الذي يريد أن يقصر ألا يقتدي بمسافر آخر يريد أن يتمَّ الصلاة، فإذا اقتدى بواحد منهما وجب عليه أن يتمَّ صلاته.
• ألا ينوي المسافر الإقامة في البلد التي سافر إليها وإلا فقد أصبح مثل المقيم ولا يجوز له الجمع أو القصر.

كم عدد ركعات جمع صلاة الظهر والعصر

إنَّ عدد ركعات جمع صلاة الظهر والعصر وقصرها للمسافر هو أربع ركعات فقط، حيث يصلي المسافر كل صلاة رباعية ركعتين فقط، أمَّا إذا لم يرغب المسلم في القصر وأراد أن يتمَّ صلاته، فيكون عدد جمع صلاة الظهر والعصر هو ثماني ركعات كاملة، لا ينقص منها شيء، ففي الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: “صَلَّيْتُ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَمَانِيًا جَمِيعًا، وسَبْعًا جَمِيعًا، قُلتُ: يا أبَا الشَّعْثَاءِ، أظُنُّهُ أخَّرَ الظُّهْرَ، وعَجَّلَ العَصْرَ، وعَجَّلَ العِشَاءَ، وأَخَّرَ المَغْرِبَ، قالَ: وأَنَا أظُنُّهُ”.^[8]

شاهد أيضًا: هل يجوز جمع المغرب والعشاء قبل دخول وقت العشاء

جمع وقصر الظهر والعصر قبل السفر

إذا أراد المسلم أن يسافر يجوز له أن يؤخِّرَ صلاة الظهر ويصليها جمعًا وقصرًا مع صلاة العصر بعد الشروع في السفر، وذلك بعد مجاوزة جميع البيوت من مكان إقامته، ولكن لا يجوز الجمع والقصر حتى يشرع المسلم في السفر، ولا تكفي النية للشروع في الجمع والقصر، وقد ربطَ الله تعالى جواز القصر في الآية الكريمة ببدء السفر والضرب في الأرض، وقد ورد عن ابن قدامة في كتابه المغني: “أنه ليس لمن نوى السفر القصر حتى يخرج من بيوت قريته، ويجعلها وراء ظهره؛ وبهذا قال مالك، والشافعي، والأوزاعي، وإسحاق، وأبو ثور، وحكي ذلك عن جماعة من التابعين”.^[9]

جمع وقصر الصلاة للمسافر كم يوم

إذا سافر المسلم وهو لا يعلم متى سوف تنقضي حاجته بشكل دقيق ولكنه توقع أن تنتهي في أربعة أيام، يجوز له أن يجمع ويقصر الصلاة حتى 18 يومًا، ودليل ذلك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام عام الفتح في مكة المكرمة مدة 18 يومًا وه ويقصر الصلاة، ففي الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: ” أَقَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ، فَنَحْنُ إذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وإنْ زِدْنَا أتْمَمْنَا”،^[10] ولذلك إذا لم يعلم المسلم متى ينتهي وقت حاجته ولم يعزم على الإقامة أبيحَ له الجمع والقصر حتى 18 يومًا، وأما دليل جواز القصر والجمع ثلاثة أيام فقط، هو الحديث الذي رواه العلاء بن الحضرمي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا”،^[11] والله أعلم.^[12]

شاهد أيضًا: كم مدة الجمع والقصر للمسافر

هل يجوز الجمع والقصر في السفر لمدة أسبوعين

إذا توجَّه المسلم إلى السفر وفي نيته أن يقيم لمدة أسبوعين كاملين لا يجوز له أن يجمع ويقصر حسب ما ذهب إليه معظم الفقهاء من أهل العلم، إذ يقصر فقط ثلاثة أيام، حسب الحديث الصحيح الذي رواه علاء بن الحضرمي، أمَّا إذا لم يعلم المسلم متى تنتهي حاجته ولم ينوِ الإقامة في البلد الذي سافر إليه يجوز له أن يجمع ويقصر حتى 18 يومًا كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذهب ابن تيمية إلى أنّ المسلم يجوز له أن يجمع ويقصر الصلاة طالما أنَّه لا ينوي الإقامة الدائمة والمطلقة، حتى لو كان يعلم أنَّه سطول به المقام، وقد استدلَّ على ذلك بأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلم أنَّه سيقيم في مكة أكثر من أربعة أيام، وكان يقصر الصلاة، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “أنَّ أصحابَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أقاموا برامهرمزَ تسعةَ أشهرٍ يقصرونَ الصلاةَ”،^[14] وهذا دليل على جواز القصر طالما المرء لم ينو الإقامة.^[12]

حكم جمع الصلاة للمسافر بعد الوصول

إنَّ المسلم يجوز له الجمع والقصر ما دام في السفر، أمَّا إذا وصل إلى بلده لم يُشرع له الجمع والقصر بعد ذلك، وأمَّا إذا كان قد نوى أن يصلي الظهر جمعًا مع صلاة العصر، ووصل إلى منزله فإنَّه يجوز له أن يصليها جمعًا مع صلاة العصر جمع تأخير ولا حرج في ذلك، ولكن لا يقصر الصلاة لأنَّه وصل إلى بلده وأصبح بحكم المقيم، وأمَّا إذا صلى العصر قصرًا مع الظهر في السفر جمع تقديم، ثمَّ وصل إلى منزله في وقت العصر، فليس عليه أن يصلِّيها لأنَّه كان قد صلَّاها في السفر والله تعالى أعلم.^[13]

في نهاية مقال جمع صلاة الظهر والعصر للمسافر تعرفنا على صلاة المسافر وبعض المعلومات عنها، كما تمَّ إدراج كيفية صلاة الجمع بين الظهر والعصر في السفر، وتعرفنا على شروط جمع الصلاة وقصرها للمسافر، وعلى مدة الجمع والقصر في السفر وغيرها من المعلومات والتفاصيل.