عناصر المقال
حكم جرح الزوج لزوجته بالكلام في الشريعة الإسلامية، فالمرأة هي ضلع قاصر تنتظر الكلمة الطّيبة من زوجها وتسعى إليها سعيها إلى الماء في الرمضاء القاسية، لكنّ بعض الرجال يظنون أنّه يُمكنهم ملك زمام البيت في القسوة والتلفظ بسيئ الكلام، لذلك كان لا بدّ من مقال يتم فيه الوقوف مع مجموعة من الأحكام الشرعية الخاصة بكلام الرجل مع امرأته وهل يجوز له ضربها إن كرهها ونحو ذلك.
حكم جرح الزوج لزوجته بالكلام
لا يجوز جرح الزوج لزوجته بالكلام أو الشتم أو السبِّ لما يؤدي ذلك إلى الحمل على الكراهية والتنافر بينهما وقد جعل الله تعالى حياة الزوجين مبنية على المودة والرحمة والتفاهم، فإن كان أمر الإيذاء لأخيه المسلم وجرحه غير جائز واعتبره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسق فمن باب أولى أن يكون في حق الزوجة غير جائز ومن فعل هذا الأمر عليه أن يطلب السماح من زوجته فهو أحرى أن يؤدم بينهما.[1]
شاهد أيضًا: هل يجوز مجامعة الزوجة من الخلف أثناء الدورة الشهرية
سب الزوج لزوجته أمام أبنائه
لا يجوز للزوج أن يسبَّ زوجته سواء أمام أبنائها أو أمام أحد من الناس ولا حتى لوحدهما، ويكون ذلك الأمر أشد قبحاً إن حصل أمام الأبناء، وهو من سوء الأخلاق الذي يجعل بينهما التباغض والكراهية وهو من أصعب الأمور التي تشعر فيها الزوجة بالإهانة أمام أولادها أو الغير ويسبب لها الحرج وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما سئل ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: “أن تُطْعِمَها إذا طعِمتَ، وتَكْسوَها إذا اكتسيتَ، ولا تضربَ الوجهَ، ولا تقبِّحَ، ولا تَهْجرَ إلَّا في البيتِ وعنِ ابنِ عبَّاسٍ، قالَ : إنِّي لأحبُّ أن أتزيَّنَ للمرأةِ كما أحبُّ أن تتزيَّنَ ليَ المرأةُ، لأنَّ اللَّهَ يقول : وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ”.[2]
حكم قهر الزوج لزوجته
لا يجوز قهر الزوج لزوجته أو ظلمها فقد حرم الله الظلم على نفسه وجعله محرماً بين الناس، فلا يظلم الزوج ولا يقهر ولا يشتم ويعاشرها بالإحسان، فقد أمر الله تعالى معاشرتها بالمعروف، كما أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالنساء الخير وعلى الزوج أن يحذر من فعل هذا الأمر لأنه يعتبر من أعظم الوزر والإثم وعليه أن يبادر بالتوبة والاستغفار والإحسان لزوجته وقد سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما حق زوجة أحدنا ؟ قال: “قالَ أن تُطْعِمَها إذا طعِمتَ، وتَكْسوَها إذا اكتسيتَ، ولا تضربَ الوجهَ، ولا تقبِّحَ، ولا تَهْجرَ إلَّا في البيتِ وعنِ ابنِ عبَّاسٍ، قالَ : إنِّي لأحبُّ أن أتزيَّنَ للمرأةِ كما أحبُّ أن تتزيَّنَ ليَ المرأةُ، لأنَّ اللَّهَ يقول : وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ”.[2]
كيف تتعامل الزوجة مع زوجها الذي يقوم بجرحها بالكلام
أمر الله تعالى الزوج أن يحسن في معاشرة زوجته وعدم جرحها بالكلام والسب والشتائم وما غير ذلك من الأسباب التي تؤذي مشاعر الزوجة وتدخل بينهما الكراهية والتباغض، كما أمرها بذلك في معاشرة زوجها واحترامه، فإذا ابتليت المرأة بسوء خلق زوجها فلا بد أن تلجأ لعدة أمور:
- أن تصبر وتحتسب وتلتجئ إلى الله تعالى بالدعاء أن يقوّم خلق زوجها.
- ألا تبادل الإساءة بمثلها بل تبادل الإساءة بالإحسان.
- أن تساعد نفسها على تجاوز الأمر فلا تُبقي نفسها في دائرة زوجها والتفكير فيه والسعي وراء إرضائه على حساب شخصها، بل يجب أن تُساعد نفسها على التعلم والعمل والترقي في الحياة العملية.
- أن تسعى للعمل حتى تتمكن من كسب المال الذي يُعينها على حياتها القادمة، فلا تبقى تتسول المال ولقمة العيش من الآخرين.
شاهد أيضًا: هل يجوز مفاخذة الزوجة وهي حائض
معايرة الزوج لزوجته
حرم الشرع على الزوج أن يعاير زوجته بالكلام بسبب عيب ظهر منها سواء كان خَلقي أو خُلقي فإن وجد منها ما يكرهه فقد يجد ما يرضى عنه من خلق آخر، فلا بد من التغاضي بين الزوجين عن بعض الأشياء لتدوم المحبة بينهما والتفاهم وأن ينظر كل منهما إلى الجوانب الإيجابية ويتجاوز عن الأخطاء والثغرات فقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ، أَوْ قالَ: غَيْرَهُ”.[3]
شاهد أيضًا: هل يجوز للزوجين التجرد من الثياب وقت الممارسة الزوجية بدون أي غطاء
علامات تدل على إهانة الزوج لزوجته
هناك بعض الأمور والمشاكل التي قد تشوب علاقة الرجل بزوجته في بعض الأحيان فيصل الأمر بهما إلى التخاصم والكره والتنافر فتظهر من الزوج علامات نفوره من زوجته ومن بعض هذه العلامات:
- الابتعاد عن الحديث مع الزوجة وإلقاء اللوم عليها بشكل مستمر.
- الجفاء للزوجة بمعاشرتها وإظهار البرود باتجاهها.
- توجيه الكلام المؤذي وإهانتها أمام أبنائها والناس دون مراعاة لمشاعرها.
- الغياب الطويل عن المنزل وقضاء معظم وقته إما في عمله أو مع أصدقائه.
- عدم مبادلتها التهنئة والفرح بالمناسبات وعدم الاهتمام بمشاعرها.
شاهد أيضًا: هل يجوز رؤية عورة الزوجة على النت
حقوق الزوجية
فرض الله تعالى على كلا الزوجين حقوق وواجبات يحفظ من خلالها لكل منهما حقه واحترامه وأن تدوم العلاقة الزوجية بينهما على أساس من المودة والرحمة والتفاهم فإذا علم كل من الزوجين ما يجب عليه وما يحق له من الحقوق ارتقت العلاقة بينهما وساد الوئام الحياة الزوجية ومن هذه الحقوق:
حق المرأة على زوجها
من الحقوق الواجبة للزوجة على زوجها:
- إعطاء الرجل المهر للمرأة وهذا حق لها تصنع به ما تشاء.
- وجوب النفقة عليها بشرط أن تمكن نفسها لزوجها، فلا يحق لها النفقة بالنشوز.
- أن يجعل لها مسكناً على قدر استطاعته.
- المعاشرة بالمعروف والرفق بها والإحسان إليها لأمر الله تبارك وتعالى بذلك.
- العدل عند تعدد الزوجات من حيث السكنى والنفقة والكسوة والمبيت وغيرها من الحقوق.
- عدم الإضرار بالزوجة بالكلام أو المعاشرة.
حق الرجل على زوجته
للرجل حقوق على زوجته منها:
- طاعة الزوج ورعايته بما يرضي الله تبارك وتعالى دون أن يكون في ذلك معصية لله.
- أن تمكن الزوجة نفسها لزوجها إلا لعذر شرعي، فله حق الاستمتاع بها بموجب العقد الذي بينهما.
- عدم السماح بدخول أجنبي على بيته من غير إذنه وهو كاره لدخوله.
- الخروج من البيت بإذن الزوج ولو كان لزيارة أبيها.
- معاشرته بالمعروف والتأدب معه واحترامه.
شاهد أيضًا: هل يجوز التستر على الزانية المتزوجة
حكم تأديب الزوج لزوجته بضربها عند نشوزها
إنّ مسألة الضرب تختلف ما بين الفهم القرآني والفهم العامي، فقال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}.[4]
والضرب لا يكون إلا عند النشوز ويكون آخر حل بعد الوعظ بالقول الحسن والهجر في المضجع ولا يكون ضربًا مبرحًا أي ليس مؤلمًا ولا يترك أثرًا على الجسد ولا يترك عاهة في الجسد ويتوخى مواقع الجسد الحساسة مثل النحر والرأس والفرج فهو ضرب بمثابة الإهانة بطرف الإصبع أو وكز وليس ضربًا وقد ذكر الأصحاب أنّها تُضرب بمنديل ملفوف أو بيد ضربًا خفيفًا.[5]
والرجل الذي رزقه الله تبارك وتعالى الإلفة والود والمحبة لن يضطر لأن يرفع يده على أهله، وخير الرجال من وفقه الله لأن يملك مشاعر زوجته حتى صارت يده التي يلمسها وعينه التي يُبصر بها، فالبيوت الإسلامية هي ليست ميادين لعرض العنف والقوة والشدة، وليذكر الرجال ما فعله عمر من صبره على امرأته حين كانت تشتمه وتسبه، فهي تغسل ثوبه وتطعم أولاده وتقوم بشؤون بيته، وخيركم خيركم لأهله كما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم.[6]
شاهد أيضًا: هل يجوز شرب حليب الزوجة
إلى هنا نكون قد انتهينا إلى آخر مقال حكم جرح الزوج لزوجته بالكلام وذكرنا رأي علماء أهل السنة والجماعة في ذلك الفعل، والإشارة إلى مجموعة الأحكام الخاصة بتعاملات الأزواج مع زوجاتهن، وما يُمكن فعله حال شزت المرأة عن زوجها وغير ذلك.
المراجع
- ^ islamweb.net، ما يلزم الزوج إن سب زوجته بكلام بذيء، 26/07/2022
- ^ عمدة التفسير، معاوية بن حيدة القشيري، أحمد شاكر، 1/277
- ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 1469، صحيح
- ^ النساء، 34
- ^ shamela.ws، كتاب مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود، 26/07/2022
- ^ shamela.ws، كتاب شرح زاد المستقنع، 26/07/2022
التعليقات