عناصر المقال
حكم صلاة التسابيح عند المالكية وبقية المذاهب الإسلامية هو ما سوف يتحدث هذا المقال، حيث تُعدّ صلاة التسابيح من أكثر الصلوات المختلف عليها بين أهل العلم، ولذا لا بدّ من معرفة رأي كل مذهب من المذاهب الإسلامية الأربعة في هذه الصلاة، ومن خلال هذا المقال سوف نقوم بتعريف صلاة التسابيح في اللغة والاصطلاح، ثم سوف نمر على حكمها عند المالكية ثم الحنابلة فالشافعية فالحنفية، وسوف نلقي الضوء على رأي الشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن باز رحمهما الله في هذه الصلاة، وسوف نمر على كم تسبيحة في صلاة التسابيح.
صلاة التسابيح لغة واصطلاحا
صلاة التسابيح في اللغة مشتقة من التسبيح والتسبيح هو ذكر الله تعالى، أمَّا في الاصطلاح فهي صلاة نافلة تتألف من أربع ركعات تُصلّى مثنى مثنى أو بتسليمة واحدة، وقد تم تسميتها بهذا الاسم لكثرة التسبيح فيها، فينبغي على المسلم في هذه الصلاة أن يكثر من قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلّا بالله في الوقوف والركوع والسجود، ليصل عدد التسبيحات في الركعة الواحدة من هذه الصلاة إلى خمس وسبعين تسبيحة، وجدير بالقول إنّ هذه الصلاة تُصلّى مرة واحدة في العمرة ويمكن أن تصلى مرتين أو ثلاث أو أكثر، وقد اختلف علماء المسلمين في مشروعيتها بسبب سند الحديث الذي وردت به هذه الصلاة، والله أعلم وأحكم. [1]
شاهد أيضًا: هل صلاة التراويح جهرية ام سرية وهل يجوز الجهر في صلاة التراويح للمنفرد
حكم صلاة التسابيح عند المالكية
صلاة التراويح عند فقهاء المذهب المالكي غير مؤكدة، حيث يرى المالكيون أنّ الأدلة على هذه الصلاة غير صحيحة وأنّ الحديث الوارد في هذه الصلاة حديث ضعيف عند الشافعي وغيره، قال أحمد بن محمد الصّاوي المالكي الخلوتي عن صلاة التسابيح: “وصفة صلاة التسابيح التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس وجعلها الصالحون من أوراد طريقهم، وورد في فضلها أن من فعلها ولو مرة في عمره يدخل الجنة بغير حساب”، والله تعالى أعلم. [2]
حكم صلاة التسابيح في المذاهب الأربعة
بعد الحديث عن رأي علماء المذهب المالكي في صلاة التسابيح، سوف نلقي في النقاط الآتية على حكم صلاة التسابيح في كل مذهب من المذاهب الإسلامية الأربعة: [2]
صلاة التسابيح في المذهب الشافعي
ذهب الشافعية إلى أنّ صلاة التسابيح سنة معتمدة على الرغم من أنّها وردت في حديث ضعيف، ولكنّ الأحاديث الضعيفة يؤخذ بها في فضائل الأعمال، قال الخطيب الشربيني وهو شافعي المذهب: “وما تقرر من أنها سنة هو المعتمد كما صرح به ابن الصلاح وغيره”، وقال الحافظ ابن حجر وهو شافعي المذهب أيضًا: “قلت: وقد جاء عن أحمد أنه رجع عن ذلك أي عن تضعيف الحديث، فقال علي بن سعيد النسائي: سألت أحمد عن صلاة التسبيح؟ فقال: لا يصح فيها عندي شيء، قلت: المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو، فقال: من حدثك؟ قلت: مسلم بن إبراهيم، قال: المستمر ثقة ، وكأنه أعجبه”.
صلاة التسابيح في المذهب الحنبلي
ذهب علماء المذهب الحنبلي إلى أنّ صلاة التسابيح غير مسنونة ولكن يجوز أداؤها عملًا بالحديث الضعيف الذي وردت به لأنّه يمكن الأخذ بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، وذهب بعض علماء الحنابلة إلى استحباب هذه الصلاة، قال البهوتي في كتابه كشف القناع: “يفعلها -أي صلاة التسبيح- على القول باستحبابها كل يوم مرة” وقال الإمام أحمد: ما يعجبني، قيل لم قال ليس فيها شيء يصح ونفض يده كالمنكر ولم يرها مستحبة؟ قال الموفق: وإن فعلها إنسان فلا بأس لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال”.
صلاة التسابيح في المذهب الحنفي
يرى الحنفية أنّها صلاة مستحبة، قال بان عابدين حنفي المذهب: “وحديثها حسن لكثرة طرقه ووهم من زعم وضعه، وفيها ثواب لا يتناهى، ومن ثم قال بعض المحققين: لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون بالدين، والطعن في ندبها بأن فيها تغييرا لنظم الصلاة إنما يأتي على ضعف حديثها فإذا ارتقى إلى درجة الحسن أثبتها وإن كان فيها ذلك”.
صلاة التسابيح في المذهب المالكي
ذهب المالكية إلى أنّ هذه الصلاة صلاة غير مؤكدة، وهي غير صحيحة لأنّها تخالف شكل الصلاة المعروفة التي وردت في صحيح السنة النبوية الشريفة، قال أحمد بن محمد الصّاوي المالكي الخلوتي: “وصفة صلاة التسابيح التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس وجعلها الصالحون من أوراد طريقهم، وورد في فضلها أن من فعلها ولو مرة في عمره يدخل الجنة بغير حساب”.
شاهد أيضًا: هل الاستغفار يمحو كبائر الذنوب ، ما هو التسبيح الذي يغفر الذنوب
حكم صلاة التسابيح ابن عثيمين
أفتى الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- أنّ صلاة التسابيح غير مشروعة وذلك لأنّ الحديث الوارد فيها حديث ضعيف، ولأنّها تتعارض بشكل صريح مع طريقة أداء الصلاة المعروفة، ولهذا رأى ابن عثيمين أنّها لا تصح، أنّها بدعة محدثة في الدين، يقول ابن عثيمين في توضيح رأيه بصلاة التسابيح: [3]
صلاة التسابيح غير مشروعة وذلك لضعف حديثها قال الإمام أحمد: لا تصح، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية هي كذب، وقال إنه لم يستحبها أحد من الأئمة وصدق رحمه الله فإن من تأمل تلك الصلاة وجد فيها من الشذوذ في كيفيتها وصفتها ووجد فيها الشذوذ في فعلها، ثم إنها لو كانت مشروعة لكانت مما توافر الروايات على نقلها لكثرة فضلها وأجرها، فلما لم يكن ذلك ولم يستحبها أحد من الأئمة علم أنها ليست بصحيحة، ووجه شذوذ عملها كما جاء في الحديث الذي روي فيها يصليها في كل يوم مرة أو في كل أسبوع أو في كل شهر أو في كل سنة أو في العمر مرة، وهذا دليل على أنها ليست بصحيحة، ولو كانت مشروعة لكانت على وجه مستمر، لا يُخيَّر فيها الإنسان هذا التخيير المتباعد المترامي الأطراف، وبناء على ذلك فإن الإنسان لا ينبغي له أن يفعلها.
شاهد أيضًا: ما هي سنن الصلاة المؤكدة وكم عددها
حكم صلاة التسابيح ابن باز
يرى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى أنّ صلاة التسابيح صلاة غير صحيحة؛ وتفنيد صحتها يأتي بسبب ضعف الحديث الذي وردت فيه، ولأنّها صلاة تخالف الصلاة الشرعية، ولذا فإنّ الأولى أن يبتعد عنها خوفًا من الوقوع في البدع، قال عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: [4]
صلاة التسابيح غير صحيحة عند أهل التحقيق، قد تأملنا أحاديث طرقها فهي ضعيفة غير صحيحة، ومخالفة للصلاة الشرعية، فالسنة للمؤمن أن يتطوع بالصلاة الشرعية التي يفعلها في نوافله في صلاة الضحى، وفي الرواتب، وفي الفريضة، يصلي كما صلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم يصلي: يقرأ في القيام الفاتحة، وما تيسر معها، ويركع ويسبح: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، سبوح قدوس، مثلما يصلي في بقية الصلوات، أما الصلاة الواردة في صلاة التسبيح التي يروى أنه علمها عمه العباس هذه لا صحة لها.
كم تسبيحة في صلاة التسابيح
إنّ في صلاة التسابيح ثلاثمئة تسبيحة، في كل ركعة خمس وسبعون تسبيحة، تتوزع هذه التسبيحات على النحو الموضح في النقاط الآتية:
- قراءة خمس عشرة تسبيحة بعد قراءة سورة الفاتحة وقراءة ما تيسر من كتاب الله.
- قراءة عشر تسبيحات أثناء الركوع.
- قراءة عشر تسبيحات بعد القيام من الركوع.
- قراءة عشر تسبيحات أثناء السجود في السجدة الأولى.
- قراءة عشر تسبيحات بعد القيام من السجود في السجدة الأولى.
- قراءة عشر تسبيحات أثناء السجود في السجدة الثانية.
- قراءة عشر تسبيحات بعد القيام من السجود في السجدة الثانية.
شاهد أيضًا: ملخص أحكام صلاة التراويح في شهر رمضان
أفضل دعاء بعد صلاة التسابيح
يمكن للمسلم أن يدعو بما تيسر له من الأدعية بعد الانتهاء من أداء صلاة التسابيح، وأفضل الأدعية التي يمكن الدعاء بها هي الأدعية الواردة في الجدول الآتي:
الدعاء الأول | اللهم يا مثبت القلوب اللهم اجعلنا من الصالحين وثبتنا على هذا الدين العظيم، ربي وفقني للخير وأعني على دوام فعل الخير، إنك ولي ذلك والقادر عليه يا رب العالمين. |
الدعاء الثاني | اللهم استرنا وفق الأرض واسترنا تحت الأرض ويوم العرض عليك يا أرحم الراحمين، ربي تقبل منا واعف عنا وعافنا واسترنا واجعل أيامنا مليئة بالخيرات والمسرات، إنك أنت الرحمن الرحيم القادر على كل شيء. |
الدعاء الثالث | اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا، ربنا آتنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النيران، ربنا اجعل أيامنا مليئة بالسكينة والطمأنينة والهدوء يا أرحم الراحمين. |
الدعاء الرابع | نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يوفقنا للخير وأن يعيننا على فعل الخير وأن يجعل الخير في أيام حياتنا عامرًا مليئًا، ونسألك السلامة من كل شر، والحمد لله رب العالمين. |
الدعاء الخامس | اللهم تقبل منا هذه الصلاة وأعنا على فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، ربي اجعلنا من الذين رضيت عنهم فغفرت لهم ما تقدم وما تأخر من ذنوبهم، آمين يا رب العالمين. |
إلى هنا نختم هذا المقال الذي مررنا فيه بالتفصيل على تعريف صلاة التسابيح في اللغة والاصطلاح، ثم مررنا على حكم صلاة التسابيح عند المالكية وبقية المذاهب الإسلامية ثم ألقينا الضوء على حكم صلاة التسابيح عند الشيخين عبد العزيز بن باز ومحمد بن صالح العثيمين رحمهما الله، ثم مررنا على كم عدد تسبيحات صلاة التسابيح وأفضل دعاء بعد الانتهاء من صلاة التسابيح.
المراجع
- ^ wikiwand.com، صلاة التسابيح، 03/04/2023
- ^ islamweb.net، صلاة التسابيح في المذاهب الأربعة، 03/04/2023
- ^ islamqa.info، هل تصح صلاة التسابيح، 03/04/2023
- ^ binbaz.org.sa، ما صحة أحاديث صلاة التسابيح؟، 03/04/2023
- ^ islamweb.net، صلاة التسابيح... ماهيتها... وحكم أدائها، 03/04/2023
التعليقات