حكم لعب الشطرنج على الهاتف

حكم لعب الشطرنج على الهاتف، فقد أصبح بعض الناس يمارسون هواياتهم التي يحبونها على هواتفهم المحمولة، مثل: القراءة، والمطالعة، وحتى لعب الألعاب، حيث يجدون متنفسًا وسهولة في ذلك، ويتساءلون عن بعض الألعاب المحرمة على الواقع هل يختلف حكمها إذا لُعبت على الهاتف المحمول، وفي هذا المقال سنعرف هل يجوز اللعب بالشطرنج على الهاتف أم لا.

حكم لعب الشطرنج

اختلف العلماء في حكم لعب الشطرنج، فذهب جمهورهم إلى تحريمه مستدلين بأدلة من القرآن الكريم ومن أقوال الصحابة رضوان الله عليهم، والبعض الآخر من العلماء أجاز لعب الشطرنج إذا لم يشغل عن واجب ولم يتضمن محرمًا، وأمّا شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله، فقد قال: “الشطرنج متى شغل عما يجب باطنا أو ظاهرا حرم باتفاق العلماء كما لو شغل عن واجب كالصلاة، أو ما يجب من مصلحة النفس أو الأهل، أو الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر أو صلة الرحم أو بر الوالدين، أو ما يجب فعله من نظرٍ في ولاية أو إمامة أو غير ذلك من الواجبات، فإنه حرام بإجماع المسلمين. وكذلك إذا اشتمل على محرم كالكذب أو اليمين الكاذبة أو الخيانة أو الظلم أو الإعانة عليه أو غير ذلك من المحرمات فإنه حرام بإجماع المسلمين”، وعليه نصل إلى أن أغلب العلماء ذهبوا إلى تحريم اللعب بالشطرنج، والله سبحانه وتعالى ورسوله أعلم. ^[1]

حكم لعب الشطرنج على الهاتف

إنَّ حكم لعب الشطرنج على الهاتف أو على الطاولة المخصص لها محرّم شرعًا إذا اشتمل على أفعال محرمة أو كان على عوض أو أدى إلى ترك الواجبات الإسلامية، وأمّا إذا كان اللعب خاليًا من المحرمات ولم يكن على عوض ولم يمنع أداء الفرائض والواجبات، فهو موضع خلاف بين العلماء، وقال كثير منهم بتحريمه، وهو مروي عن جماعة من الصحابة، ولم يعللوا التحريم باشتماله على التماثيل فحسب، بل ذكروا في تحريمه أنه في معنى النرد المنصوص على تحريمه، لاشتماله على الصد عن ذكر الله وعن الصلاة فهو على هذا من الميسر. وأمّا الشافعية، فقالوا بكراهته. وقال بعض العلماء، مثل أبي يوسف بإباحته.
فإذا علم المرء مأخذ تحريم الشطرنج عند من حرمها وأنه لا يقتصر على اشتمالها على التماثيل فحسب بان له بوضوح أنه لا فرق إذًا بين لعبها على صورتها المعروفة أو على الهاتف، إذ المفسدة المترتبة على اللعب بها واحدة، والشرع لا يفرق بين متماثلين كما لا يجمع بين مختلفين، وأما على القول بعدم التحريم فالأمر واضح، والقول بتحريم الشطرنج فضلًا عن كونه المأثور عن الصحابة فهو الأورع والأحوط للدين، فشيء اختلف العلماء فيه بين محرم وكاره لا ينبغي لعاقل أن يقدم على تعاطيه، لا سيما مع اشتماله على ما تقدم ذكره من المفاسد. ^[2]

شاهد أيضًا: ما حكم سماع الاغاني في رمضان

حكم لعب الشطرنج على الكمبيوتر

اللعب بالشطرنج على الكمبيوتر أو على الهاتف أو اللعب بها في وضعها الاعتيادي على طاولة خشبية أو رقعة جلدية، هو محرم في قول جمهور أهل العلم، وذلك بأدلة وردت عن الصحابة رضوان الله عليهم، وما ورد بمعناه في القرآن الكريم، ولا فرق بين لعب الشطرنج على الحقيقة أو على جهاز الكمبيوتر أو عبر الإنترنت، فكله محرم لوجود المعنى المقتضي للتحريم، وهذا الحكم عند أكثر أهل العلم هو إذا خلت كل من النرد والشطرنج من المخالفات الشرعية، ومن أعظمها أن تكون على عوض فتكون قماراً فهي محرمة بالإجماع كما نص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وكذلك لو اشتملت على ترك الصلاة وسوء ذات البين، كما أن هذا الحكم لا يختلف بكون الشطرنج والطاولة على الحقيقة أو على جهاز الحاسب أو عبر الإنترنت، والمسلم مأمور أن يحفظ وقته من الضياع، وكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “إذا لهوتم فالهوا بالرمي، وإذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض”. ^[3]

أقوال الصحابة في لعب الشطرنج

إن مسألة لعب الشطرنج متداولة منذ زمن بعيد، حتى جاء الإسلام وحرمها، وللصحابة في ذلك أقوال، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه مَرَّ على قوم يلعبون بالشطرنج، فقال: “ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون”. وقال الإمام أحمد: “أصح ما في الشطرنج قول علي رضي الله عنه”. وسئل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن الشطرنج، فقال: “هي شَرٌّ من النرد”، والنرد أو النردشير هو ما يعرف الآن بالزهر الذي تلعب به الطاولة وقد وردت الأحاديث بتحريم، فعن أبي موسى الأشعري أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ”^[4]، وروي أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَده فِي لَحْم خِنْزِير وَدَمه”^[5]، ومعنى (صَبَغَ يَده فِي لَحْم الْخِنْزِير وَدَمه) أي: في حال أكله منهما، وهو تشبيه لتحريمه بتحريم أكلها، والله تعالى ورسوله أعلم.

شاهد أيضًا: هل يجوز قراءة القران من الجوال اثناء الصلاة

هل يجوز اللعب بالنرد

لا يجوز اللعب بالنرد؛ لأنه محرم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه”، وعليه فإن كل لعبة دخل فيها النرد فهي محرمة، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: “من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله”. وقد ورد في عون المعبود: فَاللَّعِب بِهِ حَرَام. قال الهزيزي: لأن التعويل فيه على ما يخرجه الكعبان؛ أي الحصا ونحوه، فهو كالأزلام. وقد كان ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا وجد أحدا من أهله يلعب بالنرد ضربه وكسرها. وعن عبدالله بن عمرو أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَى عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْكُوبَةِ وَالْغُبَيْرَاءِ. وقالَ: “كلُّ مسكرٍ حرامٌ”^[6]، وبناء على ما سبق فإن اللعب بالمرء حرام كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة، كان ما يعرف بالزهر هو النرد أو نوع منه وكانت هذه اللعبة الدومينو لا تنفك عن ذلك -كما هو الظاهر- فهي محرمة أيضًا. ^[7]

شاهد أيضًا: هل يجوز قراءة دعاء الاستخارة من الهاتف

هل يجوز لعب كرة القدم

يجوز لعب كرة القدم، ولكن إذا أصبحت هذه اللعبة تشغل اللاعبين عن الصلوات والفرائض حينها يحرم لعبها، فكل لهو يحصل فيه الصد عن ذكر الله، وعن الصلاة فهو ممنوع، ومن ذلك: الشطرنج، النرد، وسائر الأنواع التي تشغل الناس عن طاعة الله، وتصدهم عنها، وتلهيهم عما أوجب الله عليهم، فقد قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ”^[8] [المائدة: 90-91]، لذلك على من أراد ممارسة كرة القدم أن يختار وقتًا مناسبًا لا يتعارض مع أوقات الصلاة، أو أن يلعب الكرة وعندما يحين موعد الصلاة يترك اللعب ويتجه إلى الصلاة، فهذا لا حرج فيه؛ أي إذا وجد قوم يلعبونها للتمرن، وقوة الأجسام، والركض، والأخذ، والإعطاء في وقت لا يقرب من الصلاة، ولا يصد عن الصلاة، ولا عن واجب، فالأصل الإباحة، إذا وجد في وقت لا تصد فيه عن ذكر الله، ولا عن أداء واجب، فالأصل الإباحة. ^[9]

ومن خلال هذا المقال نكون قد بيّنا لكم أنَّ حكم لعب الشطرنج على الهاتف محرّم شرعًا إذا اشتمل على أفعال محرمة أو كان على عوض أو أدى إلى ترك الواجبات الإسلامية، وكذلك لعب النرد، وغيرها مما يشابهها.