حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم

حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم
حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم

حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم هو أحد الأحكام الشرعية المهمة التي ينبغي على كل مسلم أن يعرفها وذلك من أجل معرفة ما يترتب على تفويت صلاة الجمعة سهوًا لمن غلبه النوم وما يترتب على تفويتها عمدًا في الشريعة الإسلامية، ومن خلال هذا المقال سوف نتحدث بالتفصيل عن صلاة الجمعة وعن حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم بالإضافة إلى بعض الأحكام الشرعية المهمة التي تتعلق بصلاة الجمعة وفضلها في الإسلام.

صلاة الجمعة

إنّ صلاة الجمعة في الإسلام هي الصلاة التي يصليها المسلمون جماعة في يوم الجمعة في منتصف اليوم، وتكون هذه الصلاة بعد أن ينتهي الخطيب من خطبتي الجمعة، حيث يلقي الخطبة الأولى ثمّ يختمها ويجلس قليلًا، ثمّ يقوم ويلقي الخطبة الثانية ثمّ ينهيها ويدعو بما تيسر له من الدعاء، ثمَّ يقوم الناس لأداء صلاة الجماعة، وتكون صلاة الجمعة ركعتين فقط وهي الصلاة الجهرية الوحيدة في الأسبوع التي تكون في النهار، والله أعلم. [1]

حكم صلاة الجمعة في الإسلام

أجمع علماء المسلمين على أنّ صلاة الجمعة واجبة على كل مسلم عاقل بالغ راشد من الرجال، واستدلوا في هذا الحكم بقول الله تعالى في سورة الجمعة: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ، فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيْعَ، ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [2]وجدير بالقول إنّ هذه الصلاة تكون واجبة على كل مسلم ذكر عاقل بالغ راشد حر صحيح، فعن طارق بن شهاب أنّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال في الحديث الشريف: “الجمعةُ حقٌّ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ في جماعةٍ إلاَّ أربعةً عبدٌ مملوكٌ أوِ امرأةٌ أو صبيٌّ أو مريضٌ” [3]والله تعالى أعلم. [1]

حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم

ذكر أهل العلم أنّه لا إثم على من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم وذلك لأنّ تفويت صلاة الجمعة بسبب النوم هو تفويت بغير قصد، وقد رُفع القلم عن النائم حتَّى يستيقظ في الشرع الإسلامي، ورد عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “رُفِع القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعن الصَّبيِّ حتَّى يشِبَّ وعن المعتوهِ حتَّى يعقِلَ” [4]كما أنّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أخبر أنّه ليس في النوم تفريط، فمن نام عن صلاة ثمّ تذكرها فليصلها عندما يتذكرها، روى أبو قتادة -رضي الله عنه- ما سيأتي: “ذَكَروا للنَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ نومَهُم عنِ الصَّلاةِ؟ فقالَ: إنَّهُ ليسَ في النَّومِ تَفريطٌ، إنَّما التَّفريطُ في اليقَظةِ، فإذا نسيَ أحدُكُم صلاةً، أو نامَ عنها، فليصلِّها إذا ذَكَرَها” [5] والله تعالى أعلم. [6]

حكم من نام عن صلاة الجمعة إسلام ويب

بعد الحديث عن حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم ورد في موقع إسلام ويب أنّه لا ذنب ولا إثم على المسلم إذا نام عن صلاة الجمعة، ولكنَّ الأفضل أن ينام المسلم قبل موعد الصلاة وأن يحاول جاهدًا أن ينام قبل موعد الصلاة وأن يستيقظ في موعدها فلا تفوته، وإذا فاتته بغير قصد فلا إثم عليه أبدًا، وذلك لأنّ القلم في الإسلام قد رُفع عن النائم حتَّى يستيقظ، ولأنّه ليس في النوم تفريط، فمن نام عن صلاته فليس كمن فرّط بها كما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، والله تعالى أعلم. [7]

حكم ترك صلاة الجمعة بسبب العمل

إنّ ترك صلاة الجمعة بسبب العمل غير جائز في الإسلام إلّا في حال كان ترك العمل يؤدي إلى فساد كبير، مثل أعمال الرجال الذين يحفظون أمن البلاد والذين يعملون على تأمين استقرار حياة المسلمين، ومثل شرطة المرور وغير ذلك من أصحاب الأعمال المهمة التي يترتب على تركها مفاسد كثيرة، وقد أفتى علماء اللجنة الدائمة في المملكة العربية السعودية في هذه المسألة فقالوا: [8]

الأصل وجوب الجمعة على الأعيان ولكن إذا وجد عذر شرعي لدى من تجب عليه الجمعة كأن يكون مسؤولًا مسؤولية مباشرة عن عمل يتصل بأمن الأمة وحفظ مصالحها، يتطلب قيامه عليه وقت صلاة جمعة كحال رجال الأمن والمرور ونحوهم، الذين عليهم النوبة وقت النداء الأخير لصلاة الجمعة أو إقامة الصلاة جماعة فإنه وأمثاله يعذر بذلك في ترك الجمعة والجماعة لعموم قول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. [9]

من فاتته صلاة الجمعة ثلاث مرات

بعد أن فصلنا في الحديث عن حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم جدير بالقول إنّ من فاتته صلاة الجمعة ثلاث مرات طبع الله على قلبه كما ورد في صحيح الأحاديث النبوية الشريفة عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ومنه ما رواه أبو الجعد الضمري رضي الله عنه، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “مَن ترَكَ ثلاثَ جُمعٍ، تَهاونًا بِها طبعَ اللَّهُ علَى قلبِه” [10]وفي هذا الحديث وغيره من الأحاديث قال المناوي رحمه الله تعالى: “طبع الله على قلبه أي: ختم عليه وغشاه ومنعه ألطافه، وجعل فيه الجهل والجفاء والقسوة، أو صير قلبه قلب منافق”، فالواجب على المسلم أن يحافظ على أداء صلاة الجمعة حتَّى لا يكون من الذين طبع الله على قلوبهم، والله أعلم. [11]

ما حكم نسيان صلاة الجمعة

لا إثم ولا ذنب على من نسي صلاة الجمعة في الإسلام فالنسيان بحكم النوم، ولكنّ الاختلاف بين أهل العلم كان في موضوع قضاء الصلاة، فمنهم من قال بقضائها فورًا، فقد يأثم من أخر قضاء الصلاة بغير عذر، وقد جاء في كتاب الروض المربع لابن القاسم وهو شافعي المذهب ما سيأتي: [12]

يجب في أول الإمكان -بحيث يلحقه الإثم بالتأخير عنه- قضاء الفرائض الفوائت ما لم يلحقه ضرر، لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: من نام عن صلاة، أو نسيها فليصلها إذا ذكرها متفق عليه، ولغيره من الأحاديث المستفيضة في الأمر بالصلاة عند الذكر، والأمر يقتضي الوجوب، فتجب المبادرة إلى فعلها على الفور، وهو قول جمهور الفقهاء واختاره الشيخ وغيره، وحجة من رأى التأخير: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يصلّها في المكان الذي ناموا فيه، وهو لا يدل إلا على التأخير اليسير الذي لا يصير صاحبه مهملًا معرضًا عن القضاء، بل يفعله لتكميل الصلاة، من اختيار بقعة.

حكم ترك صلاة الجمعة

لا يجوز للمسلم أن يترك الجمعة بغير عذر من الأعذار التي تبيح له ترك هذه الصلاة، أما من تركها عمدًا أو بغير عذر فهو كافر عند بعض أهل العلم إذا كان قد تعمَّد تركها، لذا فعلى المسلم أن يحذر من تركها وأن يسعى إلى حضور الجمعة مهما كانت الظروف، وقد ورد في السنة النبوية الشريفة حديث يبيّن خطورة ترك صلاة الجمعة، وهو عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم: “أنَّهُما سَمِعا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ علَى أعْوادِ مِنْبَرِهِ: لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ، أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ علَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ” [13]والله تعالى أعلم. [14]

فضل صلاة الجمعة في الإسلام

في ختام الحديث عن حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم لا بدّ من القول إنّ فضل صلاة الجمعة يتجلّى في الأحاديث النبوية الشريفة الكثيرة التي تحدثت عن هذه الصلاة والتي حثّ فيها الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- المسلمين على الالتزام بها، ومن هذه الأحاديث نذكر ما سيأتي: [15]

  • جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ”. [16]
  • وروى عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: “مَنِ اغْتَسَلَ ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ، فَصَلَّى ما قُدِّرَ له، ثُمَّ أنْصَتَ حتَّى يَفْرُغَ مِن خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي معهُ، غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى، وفَضْلُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ”. [17]
  • ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أيضًا أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: “مَنِ اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَدَنَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ كَبْشًا أقْرَنَ، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ دَجَاجَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ حَضَرَتِ المَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ”. [18]

من فاتته صلاة الجمعة ثلاث مرات بسبب النوم

عرفنا أن صلاة الجمعة واجبة على المسلم الذكر البالغ العاقل المقيم، ولا تجوز للمسلم التخلف عنها، ولكن رفع عن المسلمين الحرج في حالات عديدة مثل النوم، فإذا نام المسلم غير عامد عن صلاة الجمعة فلا إثم عليه كما سبق، وإذا فاتته صلاة ثلاث جمع من غير تهاون ولا تقصير لا يأثم ولكن يجب أن يكون مجتهدًا للتوجه إلى الصلاة في كل جمعة، ويصلي الجمعة إذا فاتته ظهرًا، وقد ورد عن دار الإفتاء حول ذلك ما مفاده: من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم من غير تهاونٍ ولا تقصيرٍ لا يكون آثمًا شرعًا، ويلزمه قضاؤها ظهرًا اتفاقًا. وعلى المسلم أن يحتاطَ لأمر صلاة الجمعة ويحرص على حضورها، وأن يأخذَ بما يعينه على أدائها من الأساليب والأسباب؛ كالنوم باكرًا وعدم السهر بلا فائدة، أو كأن يعهد إلى أحدٍ أن يوقظَه، أو أن يضبط ساعته أو منبه هاتفه لإيقاظه ونحو ذلك من الوسائل التي تعين المرء على أداء صلاة الجمعة في وقتها؛ قيامًا بالفرض، وتحصيلًا للأجر وعظيم الفضل”.[19]

مقالات قد تهمك

بهذه الأحاديث نصل إلى نهاية وختام مقال حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم وذلك بعد أن تحدثنا فيه عن صلاة الجمعة وحكمها، ومررنا فيه على حكم ترك صلاة الجمعة بسبب العمل وتحدثنا عن ترك صلاة الجمعة ثلاث مرات ومررنا في الختام على فضل صلاة الجمعة في الإسلام.

المراجع

  1. ^ wikiwand.com، صلاة الجمعة، 08/11/2024
  2. ^ سورة الجمعة، الآية 9.
  3. ^ صحيح أبي داود، طارق بن شهاب، الألباني، 1067، صحيح.
  4. ^ العلل الكبير، علي بن أبي طالب، البخاري، 226، حسن.
  5. ^ صحيح النسائي، أبو قتادة، الألباني، 614، صحيح.
  6. ^ islamweb.net، لا إثم على فاتته الجمعة بسبب غلبة النوم، 08/11/2024
  7. ^ islamweb.net، حكم من غلبه النوم عن صلاة الجمعة، 08/11/2024
  8. ^ islamweb.net، حكم عدم حضور صلاة الجمعة بسبب العمل، 08/11/2024
  9. ^ سورة التغابن، الآية 16.
  10. ^ صحيح النسائي، أبو الجعد الضمري، الألباني، 1368، صحيح.
  11. ^ islamqa.info، حكم من ترك ثلاث جمع عمدا، 08/11/2024
  12. ^ islamweb.net، أحكام من فاتته صلاة لنوم، أو نسيان، أو تعمد، 08/11/2024
  13. ^ صحيح مسلم، عبدالله بن عمر وأبو هريرة، مسلم، 865، صحيح.
  14. ^ binbaz.org.sa، حكم التخلف عن صلاة الجمعة، 08/11/2024
  15. ^ islamqa.info، فضائل صلاة الجمعة، 08/11/2024
  16. ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 233، صحيح.
  17. ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 857، صحيح.
  18. ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 881، صحيح.
  19. ^ dar-alifta.org، حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم، 08/11/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *