عناصر المقال
شرح قصيدة المساء للشاعر خليل مطران كاملة هذه القصيدة التي تُعد من بين أشهر القصائد الموجودة في المناهج التعليمية في مختلف الدول العربية، حيث تأتي القصيدة في المنهاج مع طلب شرحها والحديث عنها بصورة عامة من حيث مناسبتها والصور الفنية الموجودة فيها، وفي هذا المقال سوف نقوم بتسليط الضوء على كاتب قصيدة المساء وعلى نص هذه القصيدة وعلى شرحها والصور الفنية الموجودة فيها وسوف نمر على معاني المفردات في قصيدة المساء والفكرة العامة من هذه القصيدة.
من هو كاتب قصيدة المساء
إنّ كاتب قصيدة المساء هو الشاعر اللبناني خليل مطران المعروف بلقب شاعر القطرين والمولود في مدينة بعلبك اللبنانية في يوم الأول من شهر يوليو تموز من عام 1872 ميلادية، وهو من أشهر شعراء لبنان في القرن الماضي، عاش غالبية سنوات حياته في مصر، وقد قال عنه المنفلوطي: إنه يشبه ابن الرومي الشاعر العباسي الشهير، وكان مطران غزير الشعر، استلهم الكثير من أشعاره من الأدب الفرنسي الذي درسه جيدًا وقرأه بتمعن شديد، وقد سُمّي بعد وفاة حافظ إبراهيم وأحمد شوقي بشاعر الأقطار العربية، وجدير بالقول إنّ خليل مطران دعا إلى التجديد في الشعر والأدب، فكان من رواد حركة التجديد في الشعر العربي، حيث خرج من أغراض البداوة في الشعر إلى الأغراض الحديثة وكان من أوائل من كتبوا الشعر القصصي أو التصويري. [1]
قصيدة المساء لخليل مطران مكتوبة
يقول الشاعر خليل مطران في قصيدة المساء، هذه القصيدة التي تُعد من أجمل القصائد الشعرية التي كتبها خليل مطران في حياته:
دَاءٌ أَلَمَّ فخِلْتُ فيهِ شِفَائي * * * من صَبْوَتي، فتَضَاعَفَتْ بُرَحَائي
يَا لَلضَّعيفَينِ! اسْتَبَدَّا بي، ومَا * * * في الظُّلْمِ مثلُ تَحَكُّمِ الضُّعَفَاءِ
قَلْبٌ أَذَابَتْهُ الصَّبَابَةُ وَالجَوَى * * * وَغِلاَلَةٌ رَثَّتْ مِنَ الأَدْوَاءِ
وَالرُّوحُ بَيْنَهُمَا نَسِيمُ تَنَهُّدٍ * * * في حَالَيِ التَّصْوِيبِ وَالصُّعَدَاءِ
وَالعَقْلُ كَالمِصْبَاحِ يَغْشَى نُورَهُ * * * كَدَرِي، وَيُضْعِفُهُ نُضُوبُ دِمَائي
إِنِّي أَقَمْتُ عَلَى التَّعِلَّةِ بالمُنَى * * * في غُرْبَةٍ قَالُوا: تَكُونُ دَوَائي
إِنْ يَشْفِ هَذَا الجسْمَ طِيبُ هَوَائِهَا * * * أَيُلَطِّفُ النِّيرَانَ طِيبُ هَوَاءِ؟
أَوْ يُمْسِكِ الحَوْبَاءَ حُسْنُ مُقَامِهَا * * * هَلْ مَسْكَةٌ في البُعْدِ لِلْحَوْبَاءِ؟
عَبَثٌ طَوَافِي في البلاَدِ، وَعِلَّةٌ * * * في عِلَّةٍ مَنْفَايَ لاسْتِشْفَاءِ
مُتَفَرِّدٌ بصَبَابَتي، مُتَفَرِّدٌ * * * بكَآبَتي ، مُتَفَرِّدٌ بعَنَائِي
شَاكٍ إِلَى البَحْرِ اضْطِرَابَ خَوَاطِرِي * * * فَيُجيبُني برِيَاحِهِ الهَوْجَاءِ
ثَاوٍ عَلَى صَخْرٍ أَصَمََّ، وَلَيْتَ لي * * * قَلْبَاً كَهَذِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ !
يَنْتَابُهَا مَوْجٌ كَمَوْجِ مَكَارِهِي * * * وَيَفتُّهَا كَالسُّقْمِ في أَعْضَائي
وَالبَحْرُ خَفَّاقُ الجَوَانِبِ ضَائِقٌ * * * كَمَدَاً كَصَدْرِي سَاعَةَ الإمْسَاءِ
تَغْشَى البَرِيَّةَ كُدْرَةٌ ، وَكَأَنَّهَا * * * صَعِدَتْ إلَى عَيْنَيَّ مِنْ أَحْشَائي
وَالأُفْقُ مُعْتَكِرٌ قَرِيحٌ جَفْنُهُ * * * يُغْضِي عَلَى الغَمَرَاتِ وَالأَقْذَاءِ
يَا لَلْغُرُوبِ وَمَا بهِ مِنْ عِبْرَةٍ * * * لِلْمُسْتَهَامِ ! وَعِبْرَةٍ لِلرَّائي !
أَوَلَيْسَ نَزْعَاً لِلنَّهَارِ، وَصَرْعَةً * * * لِلشَّمْسِ بَيْنَ مَآتِمِ الأَضْوَاءِ ؟
أَوَلَيْسَ طَمْسَاً لِلْيَقِينِ ، وَمَبْعَثَاً * * * لِلشَّكِّ بَيْنَ غَلائِلِ الظّلْمَاءِ ؟
أَوَلَيْسَ مَحْوَاً لِلوُجُودِ إلَى مَدَىً * * * وَإِبَادَةً لِمَعَالِمِ الأَشْيَاءِ ؟
حَتَّى يَكُونَ النُّورُ تَجْدِيدَاً لَهَا * * * وَيَكُونَ شِبْهَ البَعْثِ عَوْدُ ذُكَاءِ
وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالنَّهَارُ مُوَدِّعٌ * * * وَالقَلْبُ بَيْنَ مَهَابَةٍ وَرَجَاءِ
وَخَوَاطِرِي تَبْدُو تُجَاهَ نَوَاظِرِي * * * كَلْمَى كَدَامِيَةِ السَّحَابِ إزَائي
وَالدَّمْعُ مِنْ جَفْني يَسِيلُ مُشَعْشَعَاً * * * بسَنَى الشُّعَاعِ الغَارِبِ المُتَرَائي
وَالشَّمْسُ في شَفَقٍ يَسِيلُ نُضَارُهُ * * * فَوْقَ العَقِيقِ عَلَى ذُرَىً سَوْدَاءِ
مَرَّتْ خِلاَلَ غَمَامَتَيْنِ تَحَدُّرَاً * * * وَتَقَطَّرَتْ كَالدَّمْعَةِ الحَمْرَاءِ
فَكَأَنَّ آخِرُ دَمْعَةٍ لِلْكَوْن ِ قَدْ * * * مُزِجَتْ بآخِرِ أَدْمُعِي لرِثَائي
وَكَأَنَّني آنَسْتُ يَوْمِي زَائِلاً * * * فَرَأَيْتُ في المِرْآةِ كَيْفَ مَسَائي
شرح قصيدة المساء
سوف نقدم فيما يأتي شرحًا مفصلًا لقصيدة المساء؛ وذلك من خلال ذكر بيتين من القصيدة ثم شرحهما:
- دَاءٌ أَلَمَّ فخِلْتُ فيهِ شِفَائي * * * من صَبْوَتي، فتَضَاعَفَتْ بُرَحَائي
يَا لَلضَّعيفَينِ! اسْتَبَدَّا بي، ومَا * * * في الظُّلْمِ مثلُ تَحَكُّمِ الضُّعَفَاءِ
يتحدث الشاعر عن الداء الذي أصابه فازداد مرضه فيه بدل أن يكون فيه الشفاء، فيقول إنّ داء الهوى والحب كان أقسى من الداء الذي أصاب جسده، فكان ظنّ أن حياته سوف تصير أفضل بعد الحب والهوى، ولكن تفاجأ بأنّه صار يعاني أكثر من قبل.
- قَلْبٌ أَذَابَتْهُ الصَّبَابَةُ وَالجَوَى * * * وَغِلاَلَةٌ رَثَّتْ مِنَ الأَدْوَاءِ
وَالرُّوحُ بَيْنَهُمَا نَسِيمُ تَنَهُّدٍ * * * في حَالَيِ التَّصْوِيبِ وَالصُّعَدَاءِ
يتابع الشاعر حديثه عن معاناته مع مرض الهوى والعشق، وكيف أنّ الصبابة والشوق أذابوا قلبه وأتعباه وأنهكاه، حتّى أنّه صار رثًا وهشًا من كثرة الأدواء التي ألمت به.
- ثَاوٍ عَلَى صَخْرٍ أَصَمََّ، وَلَيْتَ لي * * * قَلْبَاً كَهَذِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ!
يَنْتَابُهَا مَوْجٌ كَمَوْجِ مَكَارِهِي * * * وَيَفتُّهَا كَالسُّقْمِ في أَعْضَائي
يتمنى الشاعر أن يكون قلبه كالصخرة الصماء التي لا تتأثر بكل ما يتأثر به الإنسان من عذاب ومرض بسبب الهوى، ثم يقول إنّه يا ليت أن تكسر الموج هذه الصخرة ويفتها وينشرها في أعضائه كالمرض.
- وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالنَّهَارُ مُوَدِّعٌ * * * وَالقَلْبُ بَيْنَ مَهَابَةٍ وَرَجَاءِ
وَخَوَاطِرِي تَبْدُو تُجَاهَ نَوَاظِرِي * * * كَلْمَى كَدَامِيَةِ السَّحَابِ إزَائي
وَالدَّمْعُ مِنْ جَفْني يَسِيلُ مُشَعْشَعَاً * * * بسَنَى الشُّعَاعِ الغَارِبِ المُتَرَائي
يتحدث هنا الشاعر عن لحظة المساء الرائعة التي عاشها أمام البحر وهو يتذكر حبيبته، وكيف كان النهار يودع وكيف كان قلبه بين مهابة اللقاء ورجائه، وكيف كانت خواطره تعبى وكليمة أي مجروحة، وكيف أنّ ضوء الشمس وهي تغرب ينعكس على دمعاته التي تسيل على خديه.
- وَالشَّمْسُ في شَفَقٍ يَسِيلُ نُضَارُهُ * * * فَوْقَ العَقِيقِ عَلَى ذُرَىً سَوْدَاءِ
فَكَأَنَّ آخِرُ دَمْعَةٍ لِلْكَوْن قَدْ * * * مُزِجَتْ بآخِرِ أَدْمُعِي لرِثَائي
وَكَأَنَّني آنَسْتُ يَوْمِي زَائِلاً * * * فَرَأَيْتُ في المِرْآةِ كَيْفَ مَسَائي
ثم يختم قصيدته بحديثه عن الشمس غابت في الشفق الذي يسيل النضار منه، وكيف مرت من خلال الغيوم ونزلت في الأفق كالدمعة الحمراء، فشبه الشمس بالدمعة التي تشبه دموعه، ويقول إنه من خلال وضعه الحالي يمكنه أن يعرف كيف سوف يكون مساؤه مليئًا بالحزن والمعاناة أيضًا.
الصور الفنية في قصيدة المساء
هناك الكثير من الصور التعبيرية الفنية والتشبيهات التي أوردها الشاعر في قصيدة المساء، ولعل أبرز هذه الصور والتشابيه هي:
- يشبه الشاعر البحر بالصديق الذي يمكن أن يبث الإنسان إليه الشكوى على سبيل الاستعارة المكنية في قوله: شاكٍ إِلى البَحْرِ اضْطَرابَ خَوَاطِرِي.
- وردت أيضًا استعارة مكنية أخرى في النص في قوله أَيُلَطِّف النِّيرَانَ طِيبُ هَوَاءِ، حيث شبه الهواء بالدواء الذي يشفى بها الجسم من الأسقام.
- ورد الطباق في النص بشكل عام في أكثر من موضع، مثل كلمتي (أقمتُ، غربة) وورد أيضًا في كلمتي (علة، استشفاء).
- يقول الشاعر أيضًا (يجيبني برياحه الهوجاء) وهو يقصد البحر، وهنا شبه البحر بالشخص الذي يستطيع الإجابة وهذا على سبيل الاستعارة المكنية.
معاني المفردات في قصيدة المساء
سوف نعرض من خلال الجدول الآتي المفردات الصعبة التي وردت في قصيدة المساء وسوف نعرض تعريف ومعنى كل مفردة من هذه المفردات:
المفردة | معنى المفردة |
البرحاء | الأذى الشديد والمعاناة الكبيرة. |
الصبوة | الحب والعشق الذي يقع فيه الفتى. |
الصبابة | الحب الشديد والهوى العظيم أو الحب الذي يصل إلى حد الولع. |
الجوى | الحرقة التي يُصاب بها الشخص الذي يعاني من الحب الشديد. |
التصويب والصعداء | يقصد بها الشهيق والزفير. |
الحوباء | الروح. |
كلمى | مجروحة أو متعبة. |
الأفكار العامة في قصيدة المساء لخليل مطران
نوضح من خلال النقاط الآتية مجموعة من الأفكار الرئيسية في قصيدة قصيدة المساء للشاعر خليل مطران:
- يتحدث الشاعر في هذه القصيدة عن أسباب هجرته واغترابه عن بلده، فالشاعر هاجر من لبنان إلى مصر وسكن في مدينة الإسكندرية.
- يذكر الشاعر أنّ الغربة لم ترجع عليه بأي نفع أو فائدة، ولم تعد عليه إلّا بالمعاناة والعذاب.
- يشارك الشاعر ويتحد مع الكثير من عناصر الطبيعة التي يراها وهو واقف على شاطئ الإسكندرية، حيث يتحدث عن الصخرة الصماء التي تفتتها الأمواج، ويذكر الشمس وكيف تغيب كالدمعة الحمراء وراء الأفق، ويذكر أيضًا الرياح والمساء والنهار.
- يستشرف الشاعر ما سوف يحدث له في المساء بعد نهاية النهار ويرى أنّ المعاناة قادمة لا محالة بعد أن تخيم العتمة ويسيطر الليل على المكان الذي هو فيه.
مقالات قد تهمك
إلى هنا نصل إلى نهاية وختام هذا المقال الذي عرضنا فيه بالتفصيل من هو كاتب قصيدة المساء ثم مررنا على شرح قصيدة المساء للشاعر خليل مطران كاملة وتحدثنا فيه عن معاني مفردات هذه القصيدة والصور الفنية المميزة الموجودة فيها، ومررنا أيضًا على الفكرة العامة لهذه القصيدة.
المراجع
- ^ wikiwand.com، خليل مطران، 24/08/2023
التعليقات