عناصر المقال
في اي سنة شرع شهر رمضان المبارك من المعلومات الإسلامية التي يجهلها عدد كبير من المسلمين، ومع اقتراب موعد شهر رمضان المبارك كثيرون يبحثون عن مثل هذه المعلومات والأسئلة المتعلقة بشهر رمضان المبارك، إذ يجب على المسلم الإحاطة بمختلف المعلومات الدينية حتى يكون مطلعًا على ما يتعلق بالعبادات والطاعات، وسوف نقدم في هذا المقال معلومات عن الصيام وسوف نقدم تعريف الصيام لغة وشرعًا، بالإضافة إلى معرفة وقت فرض الصيام وشهر رمضان، وعلى فضائل شهر رمضان والحكمة من الصيام وغير ذلك.
تعريف الصوم لغة وشرعا
إنَّ مصطلح الصوم في اللغة هو مصدر يشير إلى الإمساك عن أمر أو فعل معين، مثل الصوم عن المشي أو عن الكلام أي بمعنى الإمساك عنه، وقد وردت كلمة الصوم بهذا المعنى في كتاب الله تعالى، فقد قال جل من قائل: “فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا”،[1] ومن هنا أُطلق على الامتناع عن الطعام والشراب صوم أو صيام وهذان اللفظان يحملان المعنى نفسه في الإصطلاح الشرعي وفي اللغة، حيث يشير تعريف الصوم في الشرع إلى الإمساك عن جميع المفطرات مصحوبًا بنية، ويتم من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، وقد ورد تعريف الصوم في فتح الباري في شرح صحيح البخاري وهو: “إمساك المكلف بالنية عن تناول المطعم والمشرب والاستمناء والاستقاء من الفجر إلى المغرب”، وعرفه ابن قدامة بقوله: “الإمساك عن شهوتي الفم والفرج وما يقوم مقامهما مخالفة للهوى في طاعة المولى في جميع أجزاء النهار وبنية قبل الفجر أو معه إن أمكن فيما عدا زمن الحيض والنفاس وأيام الأعياد”.[2]
شاهد أيضًا: هل يجوز الصيام قبل رمضان بيوم واحد
في اي سنة شرع شهر رمضان المبارك
شرع صيام شهر رمضان المبارك في شهر شعبان في السنة الثانية الهجرية، وقد أشارت العديد من الروايات إلى أنَّ ذلك كان بعد أن تمَّ تحويل القبلة من بيت المقدس في بلاد الشام إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة، حيث أنَّ كلا الحدثين وقعا في السنة الثانية، ومنذ تلك اللحظة أصبح الصيام مفروضًا على كل مسلم بالغ عاقل يستطيع الصيام ويخلو من أية موانع تمنعه من الصيام، وقد ثبتَ وجوب الصيام في كتاب الله تعالى وفي السنة النبوية وبإجماع الفقهاء من أهل العلم في الإسلام، وقد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان تسع سنوات فقط، وكما أشار الإمام النووي في كتاب المجموع: “صام رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان تسع سنين، لأنه فرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة”.[3]
مراحل فرض الصيام
جرى فرض الصيام في الإسلام وتشريعه على مراحل عديدة حسب بعض الروايات والمصادر، ولذلك لم يتم فرض الصيام في بداية الدعوة الإسلامية، وفيما يأتي سيتم إدراج مراحل فرض الصيام بشكل مفصل:[2]
المرحلة الأولى
في بداية الدعوة الإسلامية صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء قبل الهجرة من مكة المكرمة، فقد كانت قريش في الجاهلية تصوم هذا اليوم، وظلَّ يصومه بعد الهجرة إلى المدينة المنورة وأمر المسلمين بصيامه، وبقي المسلمون يصومون هذا اليوم كفريضة إلى أنَّ فرض الله تعالى الصيام، عند ذلك رخَّص لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك صيام عاشوراء، وفي الحديث عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: “كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كانَ رَمَضَانُ الفَرِيضَةَ، وتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَكانَ مَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ”.[4]
المرحلة الثانية
بدأت المرحلة الثانية بنسخ صيام عاشوراء وفرض الصيام على كل مسلم مع إمكانية الخيار بين الصيام أو دفع الفدية، أي إذا لم يرغب المسلم بالصيام يمكن أن يدفع فدية ويفطر، فقد قال تعالى في كتابه العزيز: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ”.[5]
المرحلة الثالثة
نسخت هذه المرحلة إمكانية الخيار بين الصيام أو الفدية، وفُرض فيها الصيام على كل مسلم دون تخيير ودون دفع فدية، فقد قال تعالى: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”.[6]
شاهد أيضًا: حكم عدم صيام القضاء قبل رمضان
الحكمة من تشريع صيام شهر رمضان
إنَّ كل عبادة يفرضها الله تعالى على عباده أو سنة يحثُّ على أدائها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها حكم عظيمة ومقاصد جليلة تصب في نهاية الأمر في مصلحة المسلمين أنفسهم، وفيما يأتي سيتم إدراج بعض النقاط التي توضح الحكمة من فرض الصيام في شهر رمضان:[7]
- ترسيخ الإيمان في نفوس المسلمين وتحقيق التقوى، لأنَّ الصيام عبادة خفية بين المسلم وربه، ولا يعلم بها أحد من المسلمين ولا يرى أثرها على المسلم كما في الصلاة أو الحج مثلًا، ولذلك تعزز هذه العبادة الشعور بالخوف من الله تعالى ومراقبته، وتمنعه من الوقوع في المعاصي.
- إنَّ تكرار صيام شهر رمضان عامًا بعد عام يثبت الإيمان في نفوس المسلمين، ويحيي مشاعر التقوى ومراقبة الله تعالى، ويصبح شهر رمضان بمثابة موسم لتجديد الإيمان كل عام.
- تعويد النفوس على العطاء والبذل ومشاركة الفقراء معاناتهم في الجوع، واستشعار حاجات المساكين والفقراء وبالتالي مد يد العون لهم ومساعدتهم وتقديم ما يمكن تقديمه من أجل إنقاذهم وإخراجهم من معاناتهم، وبالتالي يعتاد المسلم على الإنفاق على الفقراء طيلة العام.
- تعويد النفس على مكارم الأخلاق والابتعاد عن الرذائل، لأنَّ المسلم يحرص في الصيام على ذلك، ويعتاد عليه طيلة شهر كامل من كل عام، ويكون أقرب إلى هذا الخلق طوال العام.
- تقديم أوامر الله تعالى ورضوانه على شهوات النفس ورغباتها، وفي ذلك أيضًا تزكية للنفوس والأبدان على حد سواء، إذ أنَّ الصيام يساعد الجسم على استعادة توازنه، كما يحرر الصيام الإنسان من سلطان المادة عليه.
- تعويد النفوس على الإخلاص، لأنَّ الصيام عبادة تتطلب الإخلاص الكامل لله تعالى.
سبب تسمية رمضان بهذا الاسم
أطلق على رمضان هذا الاسم قبل الإسلام في الجاهلية، وقد اختلف الآراء في سبب تسمية رمضان بهذا الاسم، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الأقوال في سبب تسمية رمضان بهذا الاسم:[8]
- عند تسمية شهر رمضان كان الجو حارًا جدًّا، وأطلق عليه رمضان من الرمض وهو الحر الشديد.
- ذهب البعض إلى أنَّ سبب التسمية هو أنَّ قلوب العباد فيه ترمض من شدة العطش وتشتد حرارتها.
- أنَّ رمضان سمي بذلك بسبب إرماض الذنوب وحرقها فيه بالصيام أي مغفرتها من قبل الله تعالى.
- أنَّ قلوب المسلمين تتأثر من حرارة الوعظ وفعل الخيرات كما تؤثر أشعة الشمس في الرمال فترتفع حرارتها.
- من الأقوال أيضًا أنَّ العرب كانوا في هذا الشهر يرمضون الأسلحة للقتال في شهر شوال أي يجهزونها للقتال.
شاهد أيضًا: ما حكم من افطر في رمضان وقال هذا ماكتبه الله لي
فضائل شهر رمضان
لقد ورد ذكر فضائل شهر رمضان في القرآن الكريم وفي السنة النبوية في الأحاديث الصحيحة، وقد عظَّم الله تعالى هذا الشهر وفرض فيه واحدة من أعظم العبادات في الإسلام، وفيما يأتي سيتم ذكر فضائل شهر رمضان بشكل مفصل:
- أنزل الله تعالى القرآن في شهر رمضان المبارك في ليلة القدر وهي أعظم ليلة على الإطلاق، ومن قام هذه الليلة غفر الله له تعالى ما تقدم وما تأخر من ذنبه، ققد قال تعالى في كتابه العزيز: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ”،[6] وقال أيضًا: “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ”.[10]
- يغفر الله تعالى ذنوب العباد في هذا الشهر، كما أنَّ الصيام والقيام فيه من أسباب دخول الجنة بإذن الله تعالى.
- في شهر رمضان تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين، فقد ورد في الحديث: “عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه ذَكَرَ رَمَضانَ، فقال: تُفتَحُ فيه أبْوابُ الجَنَّةِ، وتُغلَقُ فيه أبْوابُ النَّارِ، وتُصفَّدُ فيه الشَّياطينُ، ويُنادي فيه مُنادٍ كُلَّ لَيْلةٍ: يا باغيَ الخَيرِ هَلُمَّ، ويا باغيَ الشَّرِّ أقْصِرْ، حتى يَنقَضِيَ رَمَضانُ”.[11]
- يعتق الله تعالى في شهر رمضان، فقد ورد في الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ للَّهِ عندَ كلِّ فِطرٍ عتقاءَ وذلِك في كلِّ ليلةٍ”.[12]
- إجابة الدعاء في رمضان، حيث أنَّ للصائم كل يوم عند فطره دعوة لا ترد كما ورد في الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ للصائمِ عند فطرِهِ دعوةٌ ما تُرَدُّ وكان ابنُ عمرو إذا أفطرَ يقولُ اللهمَّ إني أسألكَ برحمتكَ التي وَسِعَتْ كلَّ شيٍء أن تغفرَ لي ذنوبي”.[13]
في نهاية مقال في اي سنة شرع شهر رمضان المبارك تعرفنا على معنى الصيام لغة وشرعًا، كما تمَّ إدراج سنة فرض الصيام والشهر الذي فرض فيه الصيام وما يتعلق به من معلومات، كما تعرفنا على سبب تسمية شهر رمضان بهذا الاسم وعلى مراحل فرض الصيام والحكمة من تشريع الصيام وفضل رمضان وصيامه وغيرها من التفاصيل والأحكام.
أسئلة شائعة
المراجع
- ^ سورة مريم، الآية 26
- ^ wikiwand.com، الصوم في الإسلام، 06/03/2023
- ^ islamqa.info، متى فرض الصيام، 06/03/2023
- ^ صحيح البخاري، السيدة عائشة، البخاري، 4504، صحيح
- ^ سورة البقرة، الآية 183-184
- ^ سورة البقرة، الآية 185
- ^ islamonline.net، حكمة مشروعية الصيام، 06/03/2023
- ^ wikiwand.com، رمضان، 06/03/2023
- ^ alukah.net، فضائل شهر رمضان، 06/03/2023
- ^ سورة القدر، الآية 1-5
- ^ تخريج المسند، رجل من الصحابة، شعيب الأرناؤوط، 23491 ، صحيح لغيره
- ^ صحيح ابن ماجه، جابر بن عبد الله، الألباني، 1340، صحيح
- ^ تحفة المحتاج، عبد الله بن عمرو، ابن الملقن، 97، صحيح أو حسن
التعليقات