لماذا سمي نوح ابو البشر الثاني

لماذا سمي نوح ابو البشر الثاني، الأنبياء هم خير الخلق وصفوة البشر، وهم الذين بعثهم الله بالهدى ودين الحق ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور ويدلوهم على الصراط المستقيم، ومن والمعلوم أن أول إنسان خلقه الله تعالى هو سيدنا آدم -عليه السلام- وقد لقب بأبي البشر لأن جميع البشر من ذريته، ولكننا قد نسمع عن أبو البشر الثاني الذي هو سيدنا نوح -عليه السلام- وفي هذا المقال سنجيب على سؤال لماذا سمي نوح ابو البشر الثاني ونذكر لكم شيئاً من قصته عليه السلام.

نسب نبي الله نوع عليه السلام

“هو نوح بن لامَك بن مَتُّوشَلَخَ -وهو إدريس- بن يرد بن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن ءادم أبي البشر، وكان بين نوح وءادم عشرة قرون كما جاء ذلك في حديث ابن حبان”،^[1] وفي عهد آدم وشيث عليهما السلام لم يكن هناك شرك ولم تكن قد ظهرت عبادة الأوثان حتى في زمان إدريس -عليه السلام- وكان في ذلك الزمان يجوز صناعة التماثيل والتصوير لأن عبادة الاوثان لم تكن قد ظهرت بعد فكان الناس في ذلك الزمان يصنعون التماثيل للأشخاص الصالحين، ولكن بعد وفاة نبي الله إدريس -عليه السلام- أتاهم إبليس ووسوس إليهم أن آبائهم كانوا يعبدون تلك التماثيل فدعاهم إلى عبادتها فعبدوها وبدأت عبادة الأوثان تنتشر في الأرض إلى أن أرسل الله نوحاً -عليه السلام- ليردهم عن عبادة الأوثان ويعيدهم إلى الطريق الصحيح ولكنهم أصروا على كفرهم وتمسّكوا بضلالتهم ولم يتخلوا عن عبادة أصنامهم، قال تعالى: ” وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا”^[2].

شاهد أيضاً: من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم

لماذا سمي نوح ابو البشر الثاني

سمّي نبي الله نوح -عليه السلام- بأبي البشر الثاني لأن الله أغرق الأرض في عهده فطافت الأرض وغرق الناس جميعاً إلا هو وبعض أهله، وكان بقية الناس كلهم من بعد ذلك من ذريته، فلمّا كان آدم هو أول إنسان خلقه الله تعالى فهو أبو البشر الأوّل، وعندما أغرق الله الأرض وأنجى نوحاً ومن معه وكان كلّ الناس من بعده من ذريته كان هو أبو البشر الثاني، قال تعالى ” وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ”^[3]، ولكن البعض يسمّي آدم أبو البشر الأول ويسمي ابنه شيث هو أبو البشر الثاني لأنه أيضاً هو ابن آدم وجميع الناس من ذريته، وعلى هذا الترتيب يكون نبي الله نوح هو الأب الثالث للبشر.

لماذا سمي نوح بهذا الاسم

وبعد أن تعرفنا على سبب تسمية نوح -عليه السلام- بهذا الاسم سنبين لكم الآن سبب تسميته بنوح وقد سمي نوح بهذا الاسم لشدة النواح والبكاء فاسمه جاء من النوح وهو شدة الحزن والبكاء، وإنما كان ذلك النوح والبكاء من خشية الله تعالى، ” إنما سمي نوح عليه السلام نوحاً لطول ما ناح على نفسه”.

دعوة نوح لقومه لعبادة الله

أرسل الله نبيه نوحاً -عليه السلام- إلى قومه لينهاهم عن عبادة الأوثان وليبين لهم الحق ويزيل عنهم الضلالة ويدعوهم إلى عبادة الله الأحد، الفرد الصمد الذي خلقهم كما خلق كل شيء فهو وحده من يستحق العبادة، ويبشرهم بما عند الله من الجزاء والثواب لمن آمن به وأطاعه وبما عنده من الويل والعذاب لمن جحد به وعصاه، وكان نوح يدعو قومه بالليل والنهار وفي السرّ والعلن، لا يكلّ ولا يملّ، ولكن لم يتبعه إلى القليل من قومه، وعندما دعا نوح قومه وأنذرهم من عذاب الله استكبروا ولم يؤمنوا به وكذبوه وادعوا بأنه بشرٌ مثلهم وأن الذين اتبعوه هم أراذل القوم وصغاره، قال تعالى: ” وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * أَن لَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ۖ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ * فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ * قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ”.^[4]

ولكنه -عليه السلام- لم ييأس وحاجّهم وأخبرهم بأن الله قد منّ عليه وعليهم بأن أرسله إليهم بشيراً ونذيراً وأنه لا يريد منهم مالاً ولا جزاءً لقاء دعوته، ” قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ* وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۚ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ”^[5]، ولكنهم رغم ذلك لم يؤمنوا به بل زادوا نفوراً واستكباراً وطلبوا منه أن ينزل عليهم العذاب الذي يعدهم به إن لم يؤمنوا ولكن نبي الله أخبرهم بأن الثواب والعقاب إنما يكون بيد الله وحده وأنه لا يعجزه شيء، ” قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللَّهُ إِن شَاءَ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ* وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ ۚ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ”^[6].

شاهد أيضاً:  من هو النبي ابن النبي ابن النبي ابن النبي

يأس نوح من دعوة قومه

لقد دعا نبيّ الله نوح -عليه السلام- قومه كما أمره الله وحاول معهم أشد المحاولة بالترغيب والترهيب، دعاهم بالليل والنهار وبالسر وبالعلن ولكنهم رغم كلّ تلك المحاولات لم يؤمنوا بل أصروا على كفرهم واستكبروا وجحدوا، قال تعالى : ” قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا”^[7]، حتى إنهم طلبوا منه أن ينزل عليهم العذاب حتّى يصدقوه واتهموه بأنه يفتري ما يقول ليكون ذا شأن بينهم وأن الله لو أراد أن يهديهم لبعث إليهم ملكاً لا بشراً، ” فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ* إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ “^[8]، وعندما وجد نبي الله ذلك منهم يأس من دعوته لهم وسلّم أمره إلى الله تعالى وطلب منه العون والنصر عليهم وتبرأ منهم ومن إجرامهم ، ” وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ ۚ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ *أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ”^[9].

بناء السفينة

وعندما يأس نوح من قومه رفع أمره إلى الله تعالى وطلب منه أن ينصره على القوم الكافرين، فأوحى الله إليه أن يصنع السفينة وأنه سيحدث الطوفان ويغرق قومه إلا من آمن به وركب معه في سفينته، ” وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ”^[10]، وكان نوحٌ -عليه السلام- وقومه في الصحراء وكان من أشد الغرابة أن يصنع نوح -عليه السلام- السفينة في وسط الصحراء ولكنه فعل ذلك امتثالاً لأمر ربه ويقيناً بالوحي الذي أنزله عليه، وكان قومه يمرون عليه وهو يصنع السفينة ويستهزئون به ويضحكون عليه ولكنه -عليه السلام- كان متيقناً من النهاية، ” وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ”^[11].

شاهد أيضاً: من هو النبي الذي تمنى الموت

حدوث الطوفان

وبعد أن انتهى نوح -عليه السلام- من بناء السفينة أوحى الله إليه عندما يرى الماء على الأرض أن يركب فيها ويحمل معه في هذه السفينة من كلّ مخلوقٍ زوجين ذكراً وأنثى، فركب معه في السفينة ثمانين رجلاً وكان من بينهم أبناؤه الثلاثة سام وحام ويافث وأزواجهم وتخلف عن السفينة ابنه الرابع وهو كنعان، ” حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ* وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ”^[12]، ثمّ عظم خروج الماء من الأرض فلم يبق في الأرض حفرة إلا وأخرجت الماء منها، وأمطرت السماء وابلاً وبدأت المياه ترتفع وتعظم وصارت الأمواج كالجبال تحرك السفينة من شدّة علوّ الماء والرياح، وفي هذا الموقف لم يستطع نبيّ الله -عليه السلام- إلا أن يدعو ابنه الضالّ إلى الركوب في السفينة ليكون من الناجين معهم ولكنه أبى واستكبر فكان من الذين كتب الله عليهم الغرق في ذلك اليوم، ” وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ”^[13].

ذهاب المياه واستقرار سفينة نوح

ثمّ أمر الله بعد ذلك الأرض أن تبتلع الماء وتشربه وأمر السماء أن تمسك ماءها، فتوقف المطر وشربت الأرض كلّ الماء واستقرت بهم السفينة على جبل الجودي وهو جبل ناحية الموصل أو الجزيرة، وذلك بعد أن أهلك الله كلّ أهل الأرض ولم يبق إلا من كان مع نوحٍ في تلك السفينة، ” وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ”^[14]، وقد ذكر قتادة وغيره: “ركبوا في السفينة في اليوم العاشر من شهر رجب فساروا مائة وخمسين يومًا واستقرت بهم على الجودي شهرًا، وكان خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم”، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : مَرَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأُناسٍ مِنَ اليهودِ قد صاموا يومَ عاشوراءَ، فقالَ: ما هذا مِنَ الصومِ؟ قالوا: هذا اليومُ الذي نَجَّى اللهُ موسى وبَني إسرائيلَ مِنَ الغَرَقِ، وغَرَّقَ فيه فرعونَ، وهذا يومٌ اسْتَوتْ فيه السفينةُ على الجُودِيِّ، فصام نوحٌ وموسى شُكْرًا للهِ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنا أَحَقُّ بموسى، وأَحَقُّ بصومِ هذا اليومِ، فأَمَرَ أصحابَه بالصومِ”.^[15]

عتاب نوح لربه على هلاك ولده

وعندما استقرت السفينة حزن نبي الله -عليه السلام- على ولده الذي غرق،” وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ”^[16] ، ولكنّ الله نهاه عن ذلك العتاب وأخبره بأنه لم يكن من أهله، ” قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ”^[17]، وقد ذكر المفسرون أنه لم يكن ابن نوح بل كان ابن امرأته وذكر غيره أن في قول الله ” إنه ليس من أهلك” أي أنه ليس من أهل نوح الذين وعده الله أن ينجيهم معه، فأسلم نوحٌ أمره إلى الله واستغفره وتاب إليه” قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ۖ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ”^[18].

وصية نوح لولده

وقد جاء في مسند الإمام أحمد وفي كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-  قال: إنَّ نَبيَّ اللهِ نوحًا عليه السَّلامُ لمَّا حضَرتْه الوَفاةُ قال لابنِه: إنِّي قاصٌّ عليكَ الوَصيَّةَ، آمُرُكَ باثنتَينِ، وأنهاكَ عن اثنتَينِ، آمُرُكَ بـ: لا إلهَ إلَّا اللهُ؛ فإنَّ السَّمَواتِ السَّبعَ والأَرَضينَ السَّبعَ لو وُضِعتْ في كِفَّةٍ، ووُضِعتْ لا إلهَ إلَّا اللهُ في كِفَّةٍ، رجَحَتْ بهنَّ لا إلهَ إلَّا اللهُ، ولو أنَّ السَّمَواتِ السَّبعَ والأَرَضينَ السَّبعَ كُنَّ حَلقةً مُبهَمةً، قصَمَتْهنَّ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وسُبحانَ اللهِ وبحَمدِه، فإنَّ بها صلاةَ كلِّ شيءٍ، وبها يُرزَقُ الخَلقُ، وأنهاكَ عن الشِّركِ والكِبرِ”.^[19]

شاهد أيضاً: من هو الصحابي الجليل الذي حج سرا

كم عاش نوح عليه السلام

لم يرد تحديداً كم عاش نبيّ الله نوح -عليه السلام- ولكنّه عاش طويلاً ودعا أكثر من جيل من أجيال قومه ولم يكن يأتي من جيل إلا أخبث من الذي قبله، حتى إنهم كانوا يقولون لقد كان هذا مع آبائنا وأجدادنا، وقيل أنه عندما بعث كان عمره أربعمائة وثمانون سنة ثمّ إنه عاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة، وبذلك يكون قد عاش ألف سنة وسبعمائة وثمانين سنة والله أعلم، ويروى أنه سئل عندما حضرته الوفاة قيل له: كيف رأيت الدنيا؟ قال: “كبيت له بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر“، والمشهور أنه دفن في المسجد الحرام والله أعلم.^[1]

إلى هنا أعزّاءنا القرّاء نصل وإياكم إلى نهاية هذا المقال الذي قدمناه عن نبيّ الله نوح -عليه السلام- بعنوان لماذا سمي نوح ابو البشر الثاني ، وقد بينّا في هذا المقال سبب تسمية نوح بأبي البشر الثاني وسبب تسميته بنوح أيضاً ثمّ ذكرنا لكم شيئاً من قصته مما رود في كتاب الله المبين وقصص وروايات المفسرين، فهذا ما تيسّر إدراجه وأعان الله على تقديمه لكم في هذا المقال فنسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق ودمتم برعاية الله.