عناصر المقال
لمن تعطى زكاة الفطر من الأقارب وهل يجوز إعطاءها كهدية، فزكاة الفطر هي الزكاة التي تكون بسبب الإفطار من شهر رمضان المبارك، وتُسمّى بزكاة الرؤوس، والرِّقاب، والأبدان، ويُطلَق عليها أيضاً اسم صدقة الفطر؛ فلفظ الصدقة يُطلَق على الزكاة الواجبة على المسلم، كما وردت تسميتها بذلك في عدّة نصوصٍ من القرآن الكريم، والسنّة النبويّة، ولزكاة الفطر عدة شروط وأحكام مختلفة، وفي مقالنا الآتي سنوضح لمن تعطى زكاة الفطر من الأقارب وغيرهم.
لمن تعطى زكاة الفطر من الأقارب
القاعدة في إعطاء الشخص زكاة الفطر للأقارب يرجع إلى حكم نفقته عليهم، فمن كانت نفقته واجبة على المزكِّي فلا يجوز إعطاؤه زكاة ماله، أمَّا من كانت نفقته غير واجبة جاز للمزكِّي أن يعطيه من زكاة ماله، بل دفعها إليهم أولى من دفعها إلى غيرهم، وذلك لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “الصدقةُ على المسكينِ صدقةٌ وعلى ذي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صدقةٌ وصِلَةٌ”،[1][]ويشترط بهذا القريب ألا يكون من الأصول ولا من الفروع للمزكي، أي ليس من آبائه أو أجداده أو أمهاته، لأن عليه أن ينفق عليهم، وليس من ذريته فلا يعطيهم من الزكاة بل ينفق عليهم؛ لأن الولد أحق على أبيه أن ينفق عليه والأم كذلك إذا كان عاجزًا وهي قادرة، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- عن حكم دفع زكاة الفطر للأقارب الفقراء فأجاب “بأنه يجوز أن تدفع زكاة الفطر إلى الأقارب الفقراء، بل إن دفعها إلى الأقارب أولى من دفعها إلى الأباعد؛ لأن دفعها إلى الأقارب صدقة وصلة ، لكن بشرط ألا يكون في دفعها حماية ماله ، وذلك فيما إذا كان هذا الفقير تجب عليه نفقته، أي على الغني ؛ فإنه في هذه الحال لا يجوز له أن يدفع حاجته بشيء من زكاته ؛ لأنه إذا فعل ذلك فقد وفَّر ماله بما دفعه من الزكاة وهذا لا يجوز”، والله تعالى أعلم.[2]
شاهد أيضاً: هل يجوز إخرج زكاة الفطر عن الغير وهل تدفع المرأة زكاة الفطر عن نفسها
لمن تعطى زكاة الفطر
للفقهاء في لمن تعطى زكاة الفطر قولان مختلفان، وهما على النحو الآتي:[3]
- القول الأوّل: وهو أنّ زكاةِ الفِطرِ تصرف في الأصنافِ الثَّمانيةِ وهذا قول الحنفيّة، والشافعية، والحنابلة، وقد استدلّوا على ذلك بقول الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}،[4][]إذ إنّ الآية عامّةٌ في صرف الصدقات بعمومها لهذه الأصناف، وزكاة الفِطْر داخلةٌ تحت مسمَّى الصَّدقةِ في الآيةِ، وهي صَدَقةٌ واجبةٌ، فوجب ألَّا يختصَّ بها صِنفٌ مع وجودِ غَيرِه، كزكاة الأموالِ.
- القول الثاني: أنَّ زكاة الفطر تعطى للفُقَراءُ والمساكينُ فقط، وهذا مذهَبُ المالكيَّة، وهو قَولٌ للحَنابِلَة، واختاره ابنُ تيميَّة، وابنُ القيِّم، والشوكانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين، وقد استدلوا على ذلك بما جاء عن عبد الله بنِ عَبَّاسٍ -رضِيَ اللهُ عنهما- قال: “فرض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ طُهرةً للصَّائمِ من اللَّغوِ والرَّفَثِ وطُعمةً للمساكينِ ، من أدَّاها قبل الصَّلاةِ فهي زكاةٌ مقبولةٌ ، ومن أدَّاها بعد الصَّلاةِ فهي صدقةٌ من الصَّدقاتِ”،[5] وفي هذا النصٌّ تذكر صَدقةَ الفِطرِ على أنها طُعمةً للمَساكينِ، فوجب الاقتصارُ عليهم، وأيضاً لم يكُنْ مِن هَديِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ قِسمَةُ صَدَقةِ الفِطرِ على الأصنافِ الثَّمانيةِ، ولا أمَرَ بذلك، ولا فَعَلَه أحدٌ من أصحابِه، ولا مِن بَعدِهم.
خمسة لا يجوز دفع الزكاة إليهم
هناك خمسة أصناف لا يجوز دفع الزكاة إليهم وهم كالآتي:[6]
- الكفار باستثاء المؤلفة قلوبهم، أي الكافريعطى من الزكاة تأليفًا له للدخول في الإسلام.
- آل أهل البيت بنو هاشم رهط رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- الأغنياء المكتسبون لا تعطى لهم، وإنما تعطى للفقراء.
- المرأة الفقيرة تحت الغني المنفق.
- من تلزم نفقته من الأقارب ومن الأصول والفروع.
شاهد أيضاً: كيف أخرج النبي زكاة الفطر وما أقوال العلماء في إخراجها
هل يجوز دفع الزكاة للاخت المتزوجة
يجب ألا ننسى أن الأخت يجب صلتها بما جرت به العادة، ولا يقف الأمر عند الزكاة، ولكن دفع الزكاة للاخت المتزوجة يعود ذلك إلى حالتها إذا كانت مكتفية بنفقة زوجها عليها أم غير مكتفية، وبيان ذلك كالآتي:[7]
- إذا كانت مكتفية بنفقة زوجها عليها: لا يجوز دفع الزكاة إليها باسم الفقر والمسكنة، ولكن يجوز دفع الزكاة إليها إذا كانت من الأصناف الأخرى، كأن تكون غارمة، والكفاية تشمل حاجتها من الطعام والشراب واللباس والسكن والعلاج، أما المصروف الشخصي فهو كمال وليس كفاية.
- إذا لم تكن مكتفية بنفقة زوجها عليها: أي إذا كانت النفقة تكفي حاجاتها الأساسية، إما لفقر زوجها أو لبخله: فيجوز دفع الزكاة إليها حينئذ، بل هي أولى من غيرها، والمزكي له أجران أجر صلة الرحم، وأجر الصدقة.
هل تجوز زكاة المال للأخ
يجوز دفع الزكاة إلى الأخ الذي لا يملك من المال ما يكفي لحاجاته الأساسية كالمطعم، والملبس، والمسكن، والدواء، ونحوها، ولا يستطيع التكسّب، أو دخله لا يكفي لنفقاته المعتادة، كأن يكون موظفًا في وظيفة راتبها ضعيف، ولا يكفيه، وليس له دخل آخر؛ فممكن أن يعطى ما يتمم كفايته، وممكن أن يعطى ما يتزوج به؛ لأن الزواج حاجة من حاجات الإنسان، فإعطاء الزكاة للإخوة والأخوات أشقاء أو غير أشقاء إذا كانوا محتاجين لا حرج فيه إن شاء اللهسبحانه وتعالى.[8]
شاهد أيضاً: هل يجوز اخراج زكاة الفطر للمطلقة ووقت وجوب الزكاة
هل يجوز تقسيم زكاة المال على أكثر من شخص
نعم يجوز تقسيم زكاة المال على أكثر من شخص ما دام من أهل الزكاة، وينظر لِما هو أصلح؛ وذلك لعموم قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}،[4]وذهب بعض الفقهاء، إلى أنه إن كان مال الزكاة كثيراً، قسّمه على الأصناف جميعها، ويجب التسوية بينهم، وإن كانت حاجة بعضهم أشد، وإن كان قليلاً أعطاه لصنف واحد، أو شخص واحد، وينبغي للإمام أو المالك أن يُعطي بالتساوي بين أفراد الصنف الواحد، لكن إذا اختلفت حاجاتهم فعليه أن يراعي ذلك.[9]
هل يجوز إعطاء الزكاة على أنها هدية
نعم يجوزإعطاء الزكاة على أنها هدية وذلك علىالمزكي أن ينوي أن الهدية هي زكاة وليست هدية، حيث أن الزكاة حق واجب في المال بشروطه المحددة شرعاً، وتُعطى للأصناف الثمانية المذكورة في الآية الكريمة، قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}،[4]فإذا كان الفقراء ممن يرفضون أخذ الزكاة نقداً خجلاً، أو تعففاً، وكان المزكي يعلم من حالهم أنهم مصرف للزكاة، فلا بأس أن يشتري لهم بها ما يحتاجون إليه من الأعيان من ملابس أو طعام وتسلم إليهم حتى ولو ظنوها هدية لأن العبرة بنية المزكي، وذلك لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى”،[10] والله تعالى أعلم.[11]
وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي بين لمن تعطى زكاة الفطر من الأقارب وهل يجوز إعطاءها كهدية، ومن غيرهم، ومن هم الخمسة الذين لا يجوز دفع الزكاة إليهم، وكما تطرّق المقال إلى بيان هل يجوز دفع الزكاة للاخت المتزوجة وهل يجوز دفعها للأخ، وهل يجوز تقسيم زكاة المال على أكثر من شخص، وأيضاً هل يجوز إعطاء الزكاة على أنها هدية.
المراجع
- ^ فتح القدير، سلمان بن عامر الضبي، الشوكاني،1/256، ثابت
- ^ islamqa.info، هل يدفع زكاة الفطر لخالته ؟، 21/04/2023
- ^ dorar.net، مَصرِفُ زكاةِ الفِطرِ، 21/04/2023
- ^ سورة التوبة، آية 60
- ^ صحيح أبي داود، عبدالله بن عباس، الألباني، 1609، حسن
- ^ binbaz.org.sa، بيان الذين لا يعطون من الزكاة، 21/04/2023
- ^ aliftaa.jo، حكم دفع الزكاة إلى الأخت المتزوجة، 21/04/2023
- ^ islamweb.net، دفع الزكاة للأخ المُنفَق عليه، 21/04/2023
- ^ alukah.net، حكم تقسيم الزكاة بين أكثر من شخص، 21/04/2023
- ^ مجموع الفتاوى، عمر بن الخطاب، ابن تيمية، 20/223، صحيح
- ^ islamweb.net، تقديم الزكاة كهدية في صورة عينية، 21/04/2023
التعليقات