عناصر المقال
ما حكم من دخل عليه رمضان وعليه قضاء، كثيرًا ما يراود المسلمون هذا السؤال وذلك حرصًا منهم على أداء ما عليهم من دَين لله عز وجل مما أفطروه من أيام رمضان لعذر أو مرض قد يشق عليهم تحمله مع مشقة الصيام وهذا التعب يحول بينهم وبين إتمام صومهم في بعض أيام رمضان أو حاجتهم لشرب الدواء خلال ساعات النهار، وسيتناول موقع تصفح إجابة لهذا الموضوع ليزيح الغشاوة عنه.
تعريف الصيام وشروطه
سنتحدّث في السطور القادمة عن تعريف الصيام في الشريعة الإسلامية مع شروطه:
تعريف الصيام
هو الركن الرابع من أركان الإسلام بعد الشهادتين وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وتم فرض الصيام في الإسلام في السنة الثانية من الهجرة، وللصيام أنواع فهناك صيام مفروض وهو صيام شهر رمضان المبارك وفصيامه فرض على كل مسلم ومسلمة وأما الصيام التطوع فهو من السنة فمن أتاه أثيب على ذلك ومن تركه فلا تثريب عليه غير أنه سيخسر خيرًا كثيرًا. وللصيام تعريفان لغة واصطلاحًا، الصيام لغة: هو من الفعل صام يصوم فهو صائم، ومصدرها صومًا أو صيامًا، ومعناها الإمساك عن شيء معين والإمتناع عن فعله طوال فترة الصيام قولًا كان أو فعلًأ كالصيام عن الكلام أو الطعام والشراب أو غير ذلك. [1] الصيام اصطلاحًا: هو التعبُّد والامتثال لأمر الله تعالى بترك الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.[]
شروط الصيام في رمضان
إن من شروط الصيام التي وضحها الشرع لكل مسلم ومسلمة لمعرفة الشروط من حيث الوجوب والصحة: [3]
- الإسلام: وهو أهم شرط ليقبل هذا العمل فبما أن الصيام هو ركن من أركان الإسلام فلا يلزم به غير المسلم ولا يثاب عليه وإن صام حتى يدخل في الإسلام فهو فرض على المسلم ليكمل إسلامه وليتقبل عمله، وإن أسلم الكافر في شهر رمضان فليس عليه قضاء ما فاته لقوله تعالى: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} [4] ولقوله صلى الله عليه وسلم: “الإسلامُ يهدمُ ما كان قبلَه، والتوبةُ تَجبُّ ما كان قبلَها”. [5]
- البلوغ: وهو سن التكليف والمقصود به الاحتلام للذكر والطمس للأنثى، لقوله صلى الله عليه وسلم: ” رُفِعَ القلَمُ عن ثلاثةٍ: عن المجنونِ المغلوبِ على عَقْلِهِ حتَّى يُفِيقَ، وعن النائمِ حتَّى يستيقِظَ، وعن الصَّبيِّ حتَّى يحتلِمَ ” [6]، وهو شرط للوجوب ولكن الصيام يصح بدونه فإن صام الذي لم يبلغ بعد نال الأجر وكان صيامه نافلة أو تطوع ولا يأثم إن أفطر في بعض أيام رمضان.
- العقل: فالعاقل هو القادر على فهم خطاب الشرع وهذا ما يجعله مكلفًا، فالصيام لا يجب على المجنون ولا يصح منه أيضًا فهي من مبطلات الصوم فالصيام أساسه النية والمجنون غير قادر على عزم النية.
- التمييز: فلا يصح الصوم من المعتوه أو الصغير الذي لم يبلغ سبع سنوات لعدم كمال عقله.
- القدرة الصحية: فلا يجب الصوم على المريض الذي يشق عليه الصيام فإن كان هذا المر يرجى الشفاء منه فبإمكانه أن يقضيه حال شفائه وإن كان مرضًا لا يرجى شفاؤه فعليه القضاء، لقوله تبارك وتعالى: {…فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ…}. [7]
- الإقامة: لا يجب الصيام على المسافر حتى لا يشق عليه فإن إفطاره مبارح وصيامه عائد له ولكنه غير ملزم به فهذا ترخيص من الله عز وجل للمسافر وإن أفطر فعليه قضاء ما أفطره من أيام رمضان.
- عدم وجود مانع مؤقت: ألا يوجد مانع مؤقت وهذا خاص بالنساء كالحيض أو النفاس فلا يجوز لها الصيام ولا الصلاة إن كانت حائضًا أو نفساء، وذلك لقول النبي عليه الصلاة والسلام: “أَليسَ إذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ ولَمْ تَصُمْ، فَذلكَ نُقْصَانُ دِينِهَا” [8] ، ويجب عليها قضاء ما أفطرته من رمضان بعد رمضان.
- النية: وهي أساس أي عمل في الإسلام لقوله عليه الصلاة والسلام: “إِنَّما الأعمالُ بالنياتِ وإِنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نَوَى”. [9]
شاهد أيضًا: هل يجوز الصيام قبل رمضان بيوم واحد
ما حكم من دخل عليه رمضان وعليه قضاء
من دخل عليه رمضان وعليه قضاء وجب عليه مع القضاء دفع كفارة وهذا عند جمهور أهل العلم من الحنابلة والمالكية والشافعية وهو آثم وذلك إن كان التأخير بغير عذر، وإن قضاء هذه الأيام يبقى دينًا على المسلم لا تسقط عنه بالتقادم إلا أن يقضيها بصيام أيام أخر ويدفع كفارتها إن دخل رمضان آخر، ويجب مع القضاء دفع كفارة عن كل يوم نظير التأخير، وتعطى الكفارة للمسكين أو إطعامه وإن لم صائمًا، وإن ما يجزئ فيها هو مقدار مُدٍّ وهو ما يساوي 750 غ من الأرز، ويجزئ عنه ما يعد طعامًا يقتات به، ويجب المبادرة إلى إخراج الكفارة لإبراء الذمة وحتى لا تُنسى أو يُستهان بها، وهذا أقرب للصواب ولكن يجب التنويه أنه بالإمكان إخراجها في أي وقت ولكن الأفضل التسريع في إخراجها من باب المسارعة في الخيرات، ويجوز أن يكون الإطعام مع قضاء أيام الصيام أو قبلها أو بعدها، وهذه الكفارة واجبة من مال المفطر فإن لم يستطع فإن تبرع له بها أحد من خواصه فلا ضير على أن يدفعها هو بنفسه، [10] فإن كان مريضًا ويرجى برؤه فعليه القضاء بدون كفارة لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [] ، فلا إطعام في هذه الحالة ولا كفارة، أما إن كان مريضًا بمرض مزمن لا يمكنه أن يبرأ منه أو الكبير في السن فيجب عليه الإطعام فقط مكان كل يوم مسكينًا من غير قضاء، لقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [7] ، والله ورسوله أعلم. [11]
شاهد أيضًا: هل يجوز الصيام مع نزول إفرازات بنية قبل الدورة
ما العمل فيمن تراكم عليه قضاء رمضان لعدة سنوات
من تراكم عليه قضاء رمضان لعدة سنوات عليه الإسراع بالتوبة إلى الله تعالى والإكثار من الاستغفار والعزم على عدم التأخير في قضاء ما فاته مما سيفطره في الأيام القادمة من رمضاناته، وأن يبادر في قضاء ما كان عليه من أيام وأن يحسب عدد الأيام التي فاتته بجدِّية فإن لم يذكر بدقة فما غلب عليه ظنه وتبرأ به ذمته وأن يطعم عن كل يوم أفطر فيه مسكينًا فيكون القضاء بالصيام والإطعام معًا كفارة تأخير، لما ورد عَن اِبْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: “مَنْ فَرَّطَ فِي صِيَام رَمَضَان حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ فَلْيَصُمْ هَذَا الَّذِي أَدْرَكَهُ ثُمَّ لِيَصُمْ مَا فَاتَهُ وَيُطْعِم مَعَ كُلّ يَوْم مِسْكِينًا” [12] ، وكذلك عليه الإسراع بالقضاء قبل أن يأتي رمضان التالي وينهي جميع ما فاته من التفريط في قضاء ما عليه من صيام، وقد يهون على نفسه قضاء هذه الأيام الكثيرة إن تحرى الأيام الشتوية التي يقصر نهارها، ومن المعلوم ايضًا أن متابعة الصيام تسهله، ولا بد من القضاء مع الكفارة للأيام التي يعلم بها المسلم بوجوب القضاء وأما الايام التي كان يجهل فيها حكم القضاء فعليه قضاؤها فقط من غير كفارة، وهذا كله إن كان تقصيره تهاونًا في حق الصيام وقضائه لا لسبب مرض طال به الزمان على الشفاء منه. [13]
شاهد أيضًا: هل يجوز الصيام عن الميت إذا كان عليه قضاء
كيفية قضاء شهر رمضان
يمكن قضاء ما فات صيامه من شهر رمضان بشكل متتابع يوميًأ أو يصوم يومًا ويفطر يومًا أو يصوم يومين ويفطر يومين وهكذا أو بشكل غير متتابع حسب ما يناسبه، ولا يشترط الصيام بشكل متتابع وأو غيره ولكن يشترط أن يصوم ما عليه من أيام قبل رمضان التالي لكي لا يأثم لأنه دين عليه لله والله أحق برد الدين له، وأما من كان عليه قضاء وكفارة فلا بد له من إعطائها لمسكين بشكل خاص لا أن يضعها في المسجد ولا أن يفعل بها اي عمل خير آخر فهذه الكفارة إطعام لمسكين أو إعطاءه مالًا بمقدارها وتقدر بحسب البلد، ويمكن إخراجها لمسكين في بلد آخر بنفس قيمتها في مكان تواجدك، ولا بد التنويه أنه يمكن لمن يقضي أن يفطر في اليوم الذي أراد به القضاء إن اضطر لذلك لأن هذه الأيام ليست قدسية كأيام رمضان ويمكنه أن يعوض صيامها في أيام أُخَر فإن أفطر في منتصف يومه أو جامع زوجته أو حدث ما أجبره على الإفطار لأي سبب كان فلا ضير في ذلك على أن يعيد صيام هذا اليوم في وقت لاحق. [14]
إلى هنا نكون قد وصلنا معكم أعزائي رواد موقع تصفح الكرام إلى نهاية مقالنا ما حكم من دخل عليه رمضان وعليه قضاء، تناولنا فيه تعريفًا شاملًا للصيام وشروطه والحكم الشرعي لمن تراخى عن قضاء ما فاته من صيام رمضان إلى رمضان آخر أو رمضانات عديدة وسنوات مديدة والكيفية الصحيحة لقضاء شهر رمضان المبارك، ونسأل الله العظيم أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وسائر الأعمال الصالحة.
أسئلة شائعة
المراجع
- ^ wikiwand.com، الصوم في الإسلام، 27/02/2023
- ^ dorar.net، تعريفُ الصَّوم، وأقسامُه، وفضائِلُه، والحِكمةُ مِن تَشريعِه، 27/02/2023
- ^ wikiwand.com، شروط الصوم، 27/02/2023
- ^ سورة الأنفال، الآية: 38
- ^ مجموع فتاوى ابن باز، عمرو بن العاص،ابن باز،162/1،صحيح
- ^ صحيح أبي داود، عبدالله بن عباس، الألباني،4401،صحيح
- ^ سورة البقرة، الآية: 184
- ^ صحيح البخاري، أبو سعيد الخدري،البخاري،1951،صحيح البخاري
- ^ غاية المرام، عمر بن الخطاب،الألباني،401،صحيح
- ^ islamweb.net، من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر، 27/02/2023
- ^ islamweb.net، حكم من كان عليه قضاء من رمضان ودخل عليه رمضان آخر، 27/02/2023
- ^ books.google.com، عمدة القاري شرح صحيح البخاري 1-25 ج11،ص77، 27/02/2023
- ^ islamweb.net، مسائل فيمن عليها قضاء أيام من سنوات عديدة بسبب الحيض، 27/02/2023
- ^ alukah.net، قضاء الصيام، 27/02/2023
التعليقات