عناصر المقال
ما هو الفرق بين زكاة المال وزكاة التجارة، فرض الله الزكاة على جزء من المسلمين المقتدرين ماديًّا ليؤدوها للفقراء والمساكين وغيرهم من مستحقي الزكاة في المجتمعات الإسلامية، وللزكاة أنواع فمنها ما يخص المال ومنه ما يخص التجارة ومنه ما يخص الفطر في رمضان، وسيبين لكم موقع تصفح الفرق بين زكاة المال والتجارة في هذا المقال.
ما تعريف الزكاة وما حكمها في الإسلام
تعريف الزكاة لغة: من زكا يزكو أي يربو وينمو ويزيد وقد يكون معناها من التطهير والتزكية، فهي المال الذي يخرجه الغني لفقراء المسلمين فيسد حاجتهم ويزيد بالمقابل في رصيد المزكي أجرًا وبركة في ماله وعمره وتقيه الآفات، أما الزكاة اصطلاحًا: فهي حق الفقير من مال الغني تخرج من فئة مخصوصة لطائفة مخصوصة من مال مخصوص على أوصاف مخصوصة، وهذه الأصناف التي تجب لهم الزكاة جمعهم الله عز وجل في الآية الكريمة: {إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ}. []
حكم الزكاة في الإسلام
هي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة، وهي فرض عين على كل مسلم حقق شروط الزكاة كأن يبلغ ماله النصاب في زكاة المال والتجارة وأن يملك قوت يومه وليلته في يوم العيد في زكاة الفطر، فمن تحققت به شروط الزكاة وجب عليه إخراجها في وقتها دون مماطلة أو تسويف ، فالزكاة فرض في القرآن والسنة والإجماع فرضها الله على المسلمين في السنة الثانية للهجرة في نفس العام الذي فرضت فيه الصيام في مكة المكرمة ولكن تحديد قيمة النصاب ومستحقي الزكاة نزلت بالمدينة، والأدلة على فرضية الزكاة كثيرة منها وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل حينما أرسله إلى اليمن، حيث قال صلى الله عليه وسلم: “أعْلِمْهم أن اللهَ افترض عليهم صدقةً تؤخذُ من أغنيائِهم فتردُّ على فقرائِهم فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائمَ أموالِهم واتقِّ دعوةَ المظلومِ فإنه ليس بينها وبين اللهِ حجابٌ” [] ، وهي حق للفقير جعله الله واجبًا من مال الغني. [3]
شاهد أيضًا: هل يجوز اخراج الزكاة قبل وقتها وما هي شروط الزكاة في الإسلام
الفرق بين زكاة المال وزكاة التجارة
سنتحدث عن الفرق بين زكاة المال وزكاة التجارة من جوانب عدّة كالآتي:
من حيث التعريف
وهي كالآتي:
- تعريف زكاة المال: هي الزكاة المفروضة في الأموال الورقية والمعدنية والتي يتعامل بها الناس في زماننا هذا عوضًا عن الذهب والفضة وزكاتها واجبة مثل الذهب والفضة ويدخل ضمنها الذهب والفضة التي بلغت النصاب ولا يتم التجارة بها، ويتم الانتفاع بها. [4]
- تعريف زكاة عروض التجارة: هي الزكاة المفروضة في السلع والممتلكات المعدة للتجارة من أمتعة وعقارات وأطعمة وزروع وثمار وحبوب وثياب وكل شيء يتم المتاجرة فيه عدا الذهب والفضة والنقود، وإن كان الذهب والفضة يتم المتاجرة بهما فيعاملان حينها معاملة عروض التجارة من حيث الزكاة والنصاب، والزكاة عن ما يتم المتاجرة به واجبة على كل مسلم يبلغ النصاب. [4]
شاهد أيضًا: هل يجوز تقسيم زكاة المال على أكثر من شخص
من حيث الشيء الذي يُزَكَّى عنه
وهي كالآتي:
- ما يُزكى في زكاة المال: يزكى عن المال جميعه إذا بلغ النصاب ويقدر النصاب ب عشرين دينارًا من الذهب أو ما يساوي خمسة وثمانون غرامًا من الذهب وما يساويها بالقيمة من الأوراق الورقية أو المعدنية ولا يستثنى منه شيء عند الزكاة فيحسب جميع المال عندما يحول عليه الحول فإن بلغ النصاب وجبت الزكاة ومقدارها ربع العشر لمستحقيها من الأصناف التي وردت في الآية الكريمة السابقة، وسنورد مثالًا توضيحيًا عن زكاة المال: فإن بلغ المال النصاب في شهر معين فعليه أن يحسب جميع المال الذي يملكه في الشهر ذاته من العام التالي فإن بلغ النصاب أخرج ربع العشر من هذا المال للمستحقين من الفقراء والمساكين وغيرهم من الأصناف التي ذكرها الله في الآية الكريمة. [5]
- ما يُزكى في عروض التجارة: إن الممتلكات التي يخرج عنها الزكاة في عروض التجارة هي التي تعرض للتجارة فقط أي التي ينتج عنها الربح والمال، أما الممتلكات التي لا تيتم المتاجرة بها من رفوف ومعدات وثلاجات وغيرها من الأمور التي تستخدم لعرض المنتجات التجارية أو لحفظها فلا يتم حسابها من ضمن زكاة التجارة، وكذلك البضائع التي ورثها الأبناء عن أبيها ولم يتاجروا بها بل احتفظوا بها لأنفسهم للامتلاك الشخصي فهذه الأموال لا تحسب من زكاة التجارة وتستثنى من الزكاة، والأرض المعروضة للتجارة تخرج الزكاة من قيمتها مرة واحدة عند بيعها، وكذلك الزروع يخرج زكاته بعد حصاده. ومثال عن زكاة عروض التجارة: يمتلك رجل متجرًا للمواد الغذائية فيها من البضائع ما يساوي قيمته عشرون ألف دولار، وفيه من المعدات والثلاجات مما يحفظ فيه بضاعته بقيمة عشرة آلاف دولار، فالزكاة تكون عن ثمن البضائع والسلع التي سيتاجر بها أي عن العشرين ألف دولار التي ملأ بها محله ليبيعها ويتاجر بها، ويستثنى قيمة المعدات والثلاجات التي تبلغ قيمتها عشرة آلاف دولار. [6]
شاهد أيضًا: كيفية إخراج زكاة التجارة وشروط زكاة عروض التجارة
من حيث نوع المال الذي يخرجه المزكي
وهي كالآتي:
- ما يخرجه المُزكِّي في زكاة المال: تكون زكاة المال من جنس المال الذي يزكي منه، فإن كان ماله من الدنانير أو الريالات أو الدولارات أو الليرة أو غير ذلك من أنواع العملات فإنه يزكي بما يملك منها أي بالتي يتعامل بها في بلده وبؤديها لمسحتقيها فإن كان يمتلك الذهب فيؤدي زكاتها من المال وليس من الذهب لأن المال هو الذي يتم التعامل به في الأيام الحالية وليس الذهب كعملة نقدية. [6]
- ما يخرجه المُزكي في التجارة: يتم إخراج زكاة عروض التجارة من القيمة النقدية للسلع والبضائع التي يتم المتاجرة بها أو من السلع نفسها، ومثال على ذلك: إن كان يملك سلعًا بقيمة عشرة آلاف دينار يخرج زكاتها نقديًا مئتين وخمسين دينارًا، ويجوز أن يخرج من السلع أيضًا بما قيمته مئتين وخمسين دينارًا، وكذلك العقارات وكل ما يعرض للتجارة. [7]
شاهد أيضًا: شروط زكاة الفطر وهل يجوز دفع زكاة الفطر لشخص واحد
ما الحكمة من مشروعيّة الزكاة
للزكاة أثر عظيم في حياة المسلمين وينعكس أثرها على المجتمعات شتى من تآلف وتراحم وتكاتف، ولما ينتفع بها الفقراء فتحسن من معيشتهم وتغنيهم من الطلب لأيام، وقد شرعها الله عز وجل لعظيم نفعها في الدنيا والآخرة للمعطي والآخذ على حد سواء، ومن ههذه الحكم: []
- فأداؤها دليل على رسوخ إيمان من يؤديها وتصديقه لوعد الله ووعيده وتنفيذه لثالث ركن من أركان الإسلام وطمعه بالثواب وخوفه من العقاب. لقول النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم: “والصدقة برهان” [9]
- وأداؤها تطهير لصاحبها من الذنوب والآثام وتربية للنفس وتهذيبًا لها من أمراض الشح والبخل، فليس كالزكاة ماحية للذنوب ورافعة للدرجات، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [10]
- أداؤها بطيب نفس سبب للهداية والفلاح في الدنيا والآخرة يوسع الله في رزقه ويزيده هدى هي دليل على التقوى، قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [11]
- الصدقة سبب في تفريج الهم وقضاء الحوائج والشفاء من الأمراض والستر في الدنيا والآخرة لأن بالصدقة تيسير على المعسرين وفك لكرباتهم وبه يدخل في وعد النبي عليه الصلاة والسلام لكل من يعين أن يُعان، قال صلى الله عليه وسلم: “من نفَّسَ عن مسلمٍ كُربةً مِن كُربِ الدُّنيا نفَّسَ اللَّهُ عنهُ كربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ ، ومن يسَّرَ على مُعسرٍ في الدُّنيا يسَّرَ اللَّهُ عليهِ في الدُّنيا والآخرةِ ، ومن سَترَ على مُسلمٍ في الدُّنيا سترَ اللَّهُ علَيهِ في الدُّنيا والآخرةِ ، واللَّهُ في عونِ العَبدِ ، ما كانَ العَبدُ في عونِ أخيهِ” [12]
- من يؤديها ابتغاء مرضاة الله سرًا وعلانية ينالون عظيم المثوبة من الله ولا يخافون ولا يحزنون، قال تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [13]
- سبب لرحمة الله في الدنيا والآخرة لقوله تعالى: { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [14]
- جزاء المؤمنون المتصدقون جنة الفردوس منزلهم ينالون فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وينالون أعظم ما فيها رضوان الله عز وجل فلا يسخط عليهم بعدها أبدًا، قال تعالى: { وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [15]
- من أداها فقد أدى حق الخلق من مال الله الذي عنده وطهر ماله وزكّاه وأذهب عنه شر ما فيه قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: “من أدَّى زكاة ماله، فقد ذَهَب عنه شرُّه” ، وأنزل فيه البركة فيربو بالخير والعافية وينتفع منه حق الانتفاع فالله يخلف على المزكين والمتصدقين ولا يجازي إحسانهم إلا بإحسان يليق برب كريم مثله، قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [16]
- تحفظ ماء وجه الفقراء من ذل السؤال والحاجة إلى الطلب من الخلق فتسد حاجتهم وتحفظ كرامتهم وتغنيهم بحقهم من زكاة مال الأغنياء ووتقويهم على طاعة الله عز وجل. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} [17]
- سبيل لنشر المودة والرحمة والمحبة بين المسلمين ودليل عطف الغني على الفقير وعون القوي للضعيف فتتوطد العلاقات في مجتمع المسلمين وتزداد أواصل المحبة بين الناس، فقد جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، ومن يربي نفسه على تأدية الواجبات كما يُطالب بالحقوق يجعل من حوله يلتفون عليه، فمن لا يَرحم لا يُرحم.
إلى هنا نكون قد وصلنا معكم إلى ختام مقالنا ما هو الفرق بين زكاة المال وزكاة التجارة، تناولنا فيه تعريفًا للزكاة وما حكمها في الإسلام، والفرق بين زكاة المال وزكاة عروض التجارة من حيث التعريف وما الشيء الذي يُزَكَّى عنه وما الشيء الذي سيخرجه المزكي من مال أو سلع، وكذلك تناولنا الحكمة من مشروعية الزكاة.
المراجع
- ^ سورة التوبة، آية: 60
- ^ تخريج مشكلة الفقر، معاذ بن جبل،الألباني،69،صحيح
- ^ islamweb.net، الزكاة...تعريفها وخصائصها، 16/04/2023
- ^ shamela.ws، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي،وهبة الزحيلي،ج3 ص1833، 16/04/2023
- ^ shamela.ws، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة [عبد الرحمن الجزيري]،ج1 ص546، 16/04/2023
- ^ shamela.ws، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي [وهبة الزحيلي]،ج3 ص1869، 16/04/2023
- ^ shamela.ws، كتاب موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي [محمد نعيم ساعي]،ج1 ص281، 16/04/2023
- ^ alukah.net، الحكمة من مشروعية الزكاة، 16/04/2023
- ^ صحيح مسلم، أبو مالك الأشعري،مسلم،223،صحيح
- ^ سورة التوبة، الآية: 103
- ^ سورة محمد، الآية: 17
- ^ صحيح الترمذي، أبو هريرة،الألباني،1930،صحيح
- ^ سورة البقرة، الآية: 274
- ^ سورة الأعراف، الآية: 156
- ^ سورة المؤمنون، الآية: 4 - 11
- ^ سورة سبأ، الآية: 39
- ^ سورة يوسف، الآية: 88
التعليقات