عناصر المقال
مخاطر عقوق الوالدين ، عقوبة عقوق الوالدين في الدنيا وهو ما سيتم توضيحه في سطور وفقرات هذا المقال، حيث يعد العقوق من أكبر المعاصي والذنوب التي حذرها منها الله ورسوله، فهو من الأمور المخالف للدين الإسلامي وجميع الأديان السماوية، حيث أمر الله -عز وجل- بإكرام الوالدين وطاعتهما، واحترامهما وتوقيرهما بقدر المستطاع، وذلك من أجل الابتعاد عن عواقب عقوق الوالدين وما يترتب عليها من عذاب وشقاء، ومن خلال هذا المقال سوف نبين مخاطر عقوق الوالدين.
عقوق الوالدين
يعتبر العقوق بأنّه عكس البر، وهو ذنب عظيم وإحدى الكبائر التي حذر منها الإسلام، فقد توعد الله -عز وجل- لمرتكبيها بالعذاب إن لم يتوبوا ويرجعوا إلى الله تعالى، كما أن الله -تعالى- حرّم العقوق وجعله بعد الشرك[1]، بدليل قوله تعالى: { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[2]، كما وردت الكثير من الأحاديث النبوية التي حذر فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- من عقوق الوالدين، فقد حذر فيها من عقوبة العقوق التي تلحق المسلم في الحياة الدنيا قبل الآخرة، فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ:” كلُّ ذنوبٍ يؤخِرُ اللهُ منها ما شاءَ إلى يومِ القيامةِ إلَّا البَغيَ وعقوقَ الوالدَينِ ، أو قطيعةَ الرَّحمِ ، يُعجِلُ لصاحبِها في الدُّنيا قبلَ المَوتِ”[3].
شاهد أيضًا: حديث عن عقوق الوالدين ، حديث عن بر الوالدين
مخاطر عقوق الوالدين
إنّ عقوق الوالدَين من أعظم الذنوب وأقبح القبائح وأكبر الكبائر، وقد حذر الله -تعالى- في كتابه العزيز من عقوق الوالدين، كما حذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيضاً في العديد من الأحاديث الشريفة، وتوعد فيها للعاق بأشد العقوبات، فمن العواقب والمخاطر المترتبة على العقوق ما يأتي:[4]
- غضب الله -عز وجل- على العبد وطرده من رحمته، ففي الحديث عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: ” لعن اللهُ من ذبح لغيرِ اللهِ لعن اللهُ من تولَّى غيرَ مَواليه لعن اللهُ من غيَّر منارَ الأرضِ لعن اللهُ من عقَّ والدَيهِ”[5].
- حرمان الفرد من دخول الجنة في الآخرة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ”[6].
- حرمان الفرد من التمتع برؤية وجه الله -عز وجل- في الآخرة، ففي حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “ثلاثةٌ لا ينظرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ ؛ العاقُّ لوالِدَيهِ، والمرأةُ المترجِّلةُ، والدَّيُّوثُ، وثلاثةٌ لا يدخُلونَ الجنَّةَ: العاقُّ لوالِدَيهِ، والمدمِنُ على الخمرِ، والمنَّانُ بما أعطى”[7].
- اللعن لمن لعن والداه، وذلك بسبب تسبب الابن في الإساءة للوالدين، كأن يَسبٌّ أحد الوالدين أو كليهما أو يجلب المسبة لهما، فعن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ملعونٌ مَنْ سبَّ أباهُ ، ملعونٌ مَنْ سَبَّ أُمَّهُ ، ملعونٌ مَنْ ذبَحَ لغيرِ اللهِ ، ملعونٌ مَنْ غَيَّرَ تُخومَ الأرضِ ، ملعونٌ مَنْ كَمَهَ أَعْمَى عَنْ طريقٍ ، ملعونٌ مَنْ وقعَ على بهيمَةٍ ، ملعونٌ مَنْ عمِلَ بعمَلِ قومِ لوطٍ”[8].
أسباب عقوق الوالدين
هناك العديد من الأسباب التي قد تودي بصاحبها إلى العقوق، ومن أبرزها ما يأتي:[9]
- التمييز بين الأبناء، مما يولِّد الحقدَ والأنانية والكراهية بينهم، مما يقودهم إلى الابتعاد عن والديهم وعقوقهما.
- الجزاء من جنس العمل، فإذا كان الوالدين عاقين لوالديهما فإن جزاء ذلك سيكون حتمًا بعقوق أبنائهما لهما.
- سوء خلق الزوجة، مما تؤثّر على زوجها لعدم حبّها لوالديه، فيقسو قلبه على والديه فيعقهما ويسيء إليهما بسببها.
- رفاق السُّوء، حيث يتأثر الأبناء بشكل كبير بالصحبة السيئة، ويجرّهم ذلك إلى مظاهر العقوق وينعكس بشكل سلبي على تربيتهم.
- عدم تربية الأبناء على التقوى ومخافة الله -تعالى- في كل أمورهما، مما يجعلهم لا يعرفون المكانة العظيمة للوالدين وجزاء برهما.
- توليد مشاعر السلبية والكراهية تجاه الوالدين بسبب إجبار الأبناء على بعض الأمور، مما يؤدي إلى عقوق الوالدين بمختلف المظاهر.
- التناقض الكبير في أفعال وأقوال الوالدين، حيثُ ينبغي أن يكون كلاهما قدوة حسنة لأولادهم، وإن لم يكونوا كذلك يؤدّي إلى نفورهم، ويدعوهم إلى التناقض.
- عدم تقوى الله -عز وجل- في حالات الطلاق والانفصال، بحيث يقوم أحد الوالدين بتحريض أولادهما على الآخر، كأن تقوم الأم بذكر سلبيات الأب أمام أولادها، أو العكس، ممّا يؤدّي إلى عقوق الأبناء لوالدَيهما.
عقاب عقوق الْوَالِدَيْنِ في الدنيا
إن عقوق الوالدين من الذنوب العظيمة التي يعجّل الله -تعالى- فيها العذاب للإنسان في حياته الدنيا قبل الآخرة، وفيما يأتي سيتم بيان عقاب عقوق الوالدين في الحياة الدّنيا، ومنها ما يأتي:[10]
- عدم التوفيق، والشعور بالهم والغم.
- امتلاء القلب بالتَّعاسة والعناء، بسبب عدم تيسير الأمور، وعدم استجابة الدّعاء.
- عدم القدرة على العيش بشكل طبيعي ومُستقر، بحيث ينزل على الابن العاق صاعقة من المشاكل والسخط والغضب.
- كثرة ابتلاءات الشخص العاق في الدنيا، وتعرضه للعثرات والسقطات الدائمة والمستمرة، كما يؤدي لانتزاع البركة من العمر وقلّة الرزق.
- تعجيل العقوبة للعاق في الدنيا قبل الآخرة، فهي من كبائر الذنوب التي حذر منها الله تعالى، فقد ثبت عنْ أَبِي بَكْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ:” كلُّ ذنوبٍ يؤخِرُ اللهُ منها ما شاءَ إلى يومِ القيامةِ إلَّا البَغيَ وعقوقَ الوالدَينِ ، أو قطيعةَ الرَّحمِ ، يُعجِلُ لصاحبِها في الدُّنيا قبلَ المَوتِ”[11].
- حرمان الفرد من رضا الأب والأب ودعواتهما المباركة، واستجابة دعوة الوالدين على الولد العاق، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: “ثلاثُ دعواتٍ مستجاباتٌ لا شَكَّ فيهِنَّ ؛ دَعوةُ المظلومِ ، ودعوةُ المسافرِ ، ودعوةُ الوالدِ على ولدِهِ”[12].
شاهد أيضاً: فوائد بر الوالدين في الدنيا ، أهمية بر الوالدين
أضرار عقوق الوالدين على الفرد والمجتمع
إنّ عقوق الوالدين من الأمور التي لها تأثير كبير على الفرد والمجتمع، فهو يتسبب بقطع صلة الرحم بين الأبناء والآباء، وبالتالي دمار الأسرة والذي بدوره يؤدي لدمار المجتمع وانحطاط الأخلاق، وفيما يأتي سيتم بيان بعض من الأضرار الناتجة عن عقوق الوالدين وتؤثر بشكل مباشر على الفرد والمجتمع، ومنها ما يأتي:[13]
- التفكك الأسري.
- سوء العلاقات الأسرية.
- عدم احترام كبار السن.
- انعدام الأمن والأخلاق في المجتمع .
- زيادة أعداد كبار السن في دور الرعاية.
لعن الله العاق لوالديه
إنّ عقوق الوالدين مِن أَشدِّ ما نَهى عنه رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويترتّب عليه أشد العقوبات، ومنها يعدّ العقوق سببًا لغصب الله -تعالى- والطرد من رحمته، بدليل ما جاء عن أبي طالب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ” لعن اللهُ من ذبح لغيرِ اللهِ لعن اللهُ من تولَّى غيرَ مَواليه لعن اللهُ من غيَّر منارَ الأرضِ لعن اللهُ من عقَّ والدَيهِ”[5]، ويُجدر بالإشارة إلى أنّ التسبب بالإساءة اللفظية للوالدين يعد من كبائر الذنوب، فإذا فعل الابن فعلاً أو قال قولاً جعل الآخرين يسبون أحد والديه فقد وقع الابن في هذه الكبيرة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لعَنَ اللهُ مَنْ لعَنَ والِديْهِ”[14]، حيث يشير قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى التَّحذير من التسبب في لعن الرجل لوالديه، ويكون بأن يَشتمَ رجل أبا رجل آخَرَ، فيسُبُّ المشتوم أبا الشَّاتم ويسُبُّ أمَّه.[15]
شاهد أيضاً: حديث عن بر الوالدين ، أحاديث عن فضل الوالدين وبرهما بعد موتهما
عقوق الْوَالِدَيْنِ من الكبائر
إنّ الله -عزّ وجل- عدّ عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، حيثُ تلي في عظمة إثمها الشرك بالله سبحانه وتعالى، بدليل ما جاء عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: “ذكر رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الكبائرَ، أو سُئلَ عن الكبائرِ؟ فقال:الشركُ باللهِ، وقتلُ النفسِ، وعقوقُ الوالديْن، فقال: ألا أنبئُكم بأكبرِ الكبائرِ؟ قال: قولُ الزورِ، أو قال: شهادةُ الزورِ.قال شعبةُ: وأكثرُ ظنِّي أنه قال: شهادةُ الزورِ”[16]، حيثُ إنّ عقوق الوالدين من الذنوب التي تؤدي إلى وقوع العذاب الشديد ودخول النار، كما بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن الله -تعالى- يعجل عقوبة العاق في الدنيا قبل الآخرة، لذا من كان عالقًا في هذه المعصية يتعين عليه طلب السماح من والديه، وأن يبادر في الإحسان إليهما وطاعتهما والابتعاد عن عقوقهما.[17]
شاهد أيضًا: تعبير عن عقوق الوالدين بالعناصر كاملة
كفارة عقوق الْوَالِدَيْنِ
لم يجعل الله -تعالى- للعقوق كفارةٌ، بل إن كفارة عقوق الوالدين لا تُغفر إلّا بالتوبة الصادقة[18]، فقد قال -جل وعلا-: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[19]، كما يتوجب على المسلم الإكثار من الاستغفار والعمل الصالح، ويجدر بالذكر بأنّ هناك بعضًا من الشّروط التي ينبغي القيام بها لتكون مقبولةً عند الله عزَّ وجلَّ، وفيما يأتي سيتم بيان شروط التوبة الصحيحة:
- الإقلاع عن عقوق الوالدين مباشرة.
- الندم على كلِّ الأفعال والمعاصي التي قام بها المسلم وعقَّ فيها والديه.
- العزم على عدم العودة إلى المعصية، أي عدم العودة إلى عقوق الوالدين مرة أخرى.
- طلب المسامحة من الوالدين قبل فوات الأوان.
إلى هنا نصل وإياكم إلى نهاية هذا المقال الذي قدمناه لكم بعنوان مخاطر عقوق الوالدين ، عقوبة عقوق الوالدين في الدنيا ، فقد قمنا بإدراج مجموعة من المعلومات عن عقوق الوالدين، بالإضافة إلى بيان أسباب عقوق الوالدين، وأبرز المخاطر المترتبة على عقوق الوالدين، كما قمنا ببيان أضرار عقوق الوالدين على الفرد والمجتمع، وأخيرًا ختمنا مقالنا ببيان كفارة عقوق الوالدين، نرجو أن تكونوا قد استمتعتم بمطالعة هذا المقال ونلتم الفائدة التي تبحثون عنها.
أسئلة شائعة
المراجع
- ^ kalemtayeb.com، " العقـوق "، 07/02/2023
- ^ سورة الأنعام، الآية 151
- ^ صحيح الأدب المفرد، أبو بكرة نفيع بن الحارث، الألباني، 459، صحيح
- ^ ar.islamway.net، عاقبة عقوق الوالدين ، 07/02/2023
- ^ مسند علي، علي بن أبي طالب ، ابن جرير الطبري، 170 ، صحيح.
- ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 2551، صحيح
- ^ صحيح النسائي، عبدالله بن عمر ، الألباني ، 2561، حسن صحيح.
- ^ صحيح الجامع، عبدالله بن عباس، الألباني،5891، صحيح
- ^ kalemtayeb.com، " أسباب العقوق " (انظر: عقوق الوالدين ـ محمد الحمد)، 07/02/2023
- ^ alukah.net، عقوق الوالدين (خطبة)، 07/02/2023
- ^ صحيح الأدب المفرد، نفيع بن الحارث الثقفي، الألباني، 459، صحيح.
- ^ سنن الترمذي، أبو هريرة ، الترمذي، 3448 ، حسن.
- ^ shamela.ws، [عقوق الوالدين]، 07/02/2023
- ^ صحيح الجامع ، علي بن أبي طالب الألباني ، 5112 صحيح .
- ^ alukah.net، لعن الله من لعن والديه (مطوية)، 07/02/2023
- ^ صحيح البخاري، أنس بن مالك ،البخاري، 5977، صحيح.
- ^ islamweb.net، عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، 07/02/2023
- ^ سورة النور، الآية 31
- ^ islamweb.net، كفارة عقوق الوالدين، 07/02/2023
التعليقات