عناصر المقال
من هو الصحابي الذي اقترح حفر الخندق وهو من الأسئلة التي يكثر البحث عنها، حيثُ كان حفر الخندَق من أهمَّ الأمور التي قام بها هذا الصَّحابيّ -رضي الله عنه- وساهم في عودة جيوش المشركين خائبة ونصر المسلمين عليهم، حيث تعدّ غزوة الخندق من الغزوات التي تحتوي على العديد من العبر والفوائد فلا بد للمسلم الحق أن يأخذ القيم والمعلومات المفيدة التي تساعد في بناء شخصية المسلم، ومن خلال هذا المقال سيتم بيان الصًحابي الذي اقترح حفر الخندق، بالإضافة إلى معرفة نبذة عن هذا الصحابي، وبعض من المواقف التي قام بها في حياته.
الصحابة الكرام
إنّ الصحابة الكرام هم خيرُ البشر بعد الأنبياء والرّسل عليهم السّلام، فهم أقرب المسلمين من رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لأنّهم من أعانوه على تبليغ رسالة الإسلام الّتي أنزلها الله تعالى عليه، وقد ذكر الله -تعالى- في القرآن الكريم فضلهم ومكانتهم الرّفيعة، وشأنهم الرّفيع في الدّنيا والآخر، فقد قال تعالى- في محكم تنزيله: “مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا” [1]ومن الجدير بالذّكر أن الصحابة هم أصحاب المكانة الرّفيعة، وأصحاب الهمم والعزم والإيمان الراسخ في الدّنيا والآخرة، حيثُ وعدهم الله -تعالى- بالمغفرة والعفو والرّضا في الدّنيا، وفي الآخرة لهم جنّات النّعيم بدرجاتها العالية، والله أعلم.[2]
من هو الصحابي الذي اقترح حفر الخندق
إنّ الصَّحابيّ الذي اقترح حفر الخَندق هو سلمان الفارسيّ رضي الله عنه، فعندما سمع المُسلمون بِقدومِ جيشٍ كبير من المُشركين إلى المدينة، بدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محمد – بمشاورة أصحابه، فأشار سلمان الفارسيّ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحفر الخندق في الأماكن المكشوفة من الجبال والصخور وحصل ذلك في غزوة الخندق، فقد كان له نظرة ثاقبة على المدينة المنورة في السنة الخامسة للهجرة؛ حيثُ كانت هذه الفكرة حمايةً للمدينة من غزو الأحزاب وسبباً من أسباب نصرة المسلمين عليهم[3] حيث ورد في صحيح البخاري عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال: “كُنَّا مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الخَنْدَقِ، وهو يَحْفِرُ ونَحْنُ نَنْقُلُ التُّرَابَ، ويَمُرُّ بنَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لا عَيْشَ إلَّا عَيْشُ الآخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ والمُهَاجِرَهْ تَابَعَهُ سَهْلُ بنُ سَعْدٍ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِثْلَهُ”[4]، فقد تعاون المسلمون على حفر الخندق في الجهة الشماليّة للمدينة وذلك لأنّ باقي الحُدود كانت مليئةً بالنخل والبيوت ولا يُمكن للمُشركين الدخول منها، وكان ذلك في وقت وظروف صعبة وشديدة، وصفها الله عز وجل بقوله: “إذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدا”[5]
التعريف بالصحابي سلمان الفارسي
إنّ سلمان الفارسي هو أحد صحابة رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم، فقد جعل له النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قَدرًا عظيمًا لمواقفه النبيلة في سبيل رسالة الإسلام، فهو سلمان الفارسيّ أبو عبدالله من بلاد فارس، ويُقال له: سلمان الفارسيّ، وكان مجوسيّاً ثمّ انتقل بعد ذلك إلى الإسلام بعد أن هداه الله -تعالى- إلى طريق النور والهداية والحقّ، حيثُ كان -رضي الله عنه- من الأشخاص الذين عذّبتهم قريش لإيمانه بالله -تعالى- وتركه لعبادة الأصنام، ومن الجدير بالذّكر أنه أُطلِق عليه بعد إسلامه سلمان الخير، فكان إذا سُئِل عن نسبه يقول: “أنا ابن الإسلام”؛ وهذا ما يدل على افتخاره بالدّين الإسلاميّ[6]، بالإضافة إلى أنه من أفضل الصّحابة وأكثرهم فهمًا، فكان لبيباً حاذِقاً حازماً نبيلاً عابداً، وكان من أعقل الرّجال في تلك الفترة، كما أنهّ أحد رواة الاحاديث النبوية، ومن الأحاديث التي رواها -رضي الله عنه-: “لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ، ويَتَطَهَّرُ ما اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ، ويَدَّهِنُ مِن دُهْنِهِ، أوْ يَمَسُّ مِن طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فلا يُفَرِّقُ بيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي ما كُتِبَ له، ثُمَّ يُنْصِتُ إذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إلَّا غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى”[7].
شاهد أيضًا: من هو الصحابي الجليل الذي حج سرا
قصة إسلام سلمان الفارسي
بعد أن أجبنا عن إجابة السّؤال من هو الصحابي الجليل الذي اقترح حفر الخندق، لا بدّ لنا من الحديث عن قصّة إسلامه العظيمة، فقد كان سلمان الفارسي -رضي الله عنه- يعيش مع والده الذي يعبد النّار، فقيل إنّه هرب من أبيه واستقر في أحد الكنائس في عموريّة إلى بلاد الشام، في بلاد الشّام، وفي أحد الأيام دلّه راهب متدين على الذهاب إلى أرض الحجاز؛ لأنّ فيها نبياً من بلاد العرب، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فذهب مع جمع من التجار إلى بلاد العرب ولكنهم غدروا به، وباعوه في الوادي؛ فاشتراه يهودي من بني قريظة، ثم أتى به إلى المدينة المنورة وبقي فيها مدّة.[8]
وعندما سمع بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم إليها؛ ذهب بصدقة وقدّمها إليه؛ فلم يأكل منها -صلى الله عليه وسلم-، ثم جاءه بهدية فلم يقبلها -عليه الصلاة والسلام-، ثم رأى خاتم النبوة؛ فتحقق في نفسه أنّه نبي الأمة التي أخبره عنه الراهب، وكان قد وصفه له بهذه الأوصاف الثلاثة؛ فجلس بين يدي النبي وأعلن إسلامه، ومن الجدير بالّكر أنّ الصّحابة الكرام جمعوا له أربعين أوقيةً من الفضّة ليحرّروه من الرّقّ والعبوديّة، واعتقوه بذلك، فرافق النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولزمه خلال العهد المدنيّ وكان ممّن حسن إسلامهم فكان زاهدًا ورعًا كثير التّعبّد لله سبحانه وتعالى.[8]
شاهد أيضًا: من هو النبي الذي كان يبرئ الاعمى
كم يوم استغرق حفر الخندق في غزوة الخندق
قد أجبنا سابقًا عن السّؤال من هو الصّحابيّ الذّي اقترَح على رسول الله -صلى الله عليه وسلم بحَفر الخَندَق، أمّا هُنا فسنتحدّّث عن عدد الأيام التي استغرقت في حفر الخندق، حيثُ إنّ حَفرِ الخَندق هو من أبرز الخُطط العسكريَّة التي استعان بِها المُسلمون في غَزوَة الخندق من أجل حماية المدينة من غزو الأحزاب ونُصرة المسلمين، حيثُ تمَّ حفر الخندق في سرعة كبيرة فلم تتجاوز ستة أيام [3]، وما يدلُ على اتساعه أنّ المُشركين كانوا يدورون حوله ويبحثوا عن نقطة ضعيفة فيه ولكنهم لم يجدوا، كما ورد في موقع إسلام ويب بعض من التفاصيل عن حفر الخندق وما يخص طوله وعرضه وعمقه وهو كما يأتي:[9]
فقد جاء في كتاب: أطلس السيرة النبوية ـ للدكتور: شوقي أبو خليل: أن طول الخندق كان خمسة آلاف وخمس مائة وأربعة وأربعين متراً ـ5544ـ ومتوسط عرضه أربعة أمتار فاصلة اثنين وستين ـ 4.62 ـ ومتوسط عمقه ثلاثة أمتار فاصلة ثلاثة وعشرين ـ3.23″.
خريطة غزوة الخندق
تُعتبَر غزوة الخندق بأنَّها من الغزوات التي حصلت في عهد رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-، بين المسلمين والمشركين، لإعلاء كلمة الله تعالى، ونصرةً للدين الإسلامي، فقد كان حفر الخندق اقتراح من الصحابيّ سلمان الفارسي -رَضِيَ الله عنه- للتحصن به من الأعداء، كما أعجب النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأصحابه بتلك الفكرة، بدؤوا بحفر الخندق حولهم من ثلاث جهات، وفيما يأتي سيتم بيان خريطة غزوة الخندق وهو كالآتي:[3]
شاهد أيضًا: من هو النبى الذى صام عن الكلام ثلاث ايام.. القصة الكاملة
مواقف من حياة الصحابي سلمان الفارسي
هناك بعض من المواقف العظيمة التي قام بها الصحابي الجليل سلمان الفارسي -رضي الله عنه- في حياته، سواء كانت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو مع الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، فهي من المواقف الّتي ينتج عنها دروس وعبر، ومن أشهر هذه المواقف ما يأتي:[10]
- سبّاقًا في قومه للإسلام: فقد ثبت عن أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- قال: “السباقُ أربعةٌ : أنا سابقُ العربِ ، وبلالٌ سابقُ الحبشةِ وصهيبٌ سابقُ الرومِ ، وسلمانُ سابقُ الفرسِ“[11].
- حفر الخندق: فهو السبب في عودة جيوش المشركين خائبة، حيثُ قرر زعماء قريش في السّنة الخامسة للهجرة ليحاربوا المسلمين في المدينة من أجل استئصال الدّولة الإسلامية، فظهرت عبقريّة سلمان حين نظر إلى المدينة وعرف تقسيماتها الجغرافيّة واقترح حفر الخندق.
- آخى النّبيّ -صلى الله عليه وسلّم- بينه وبين أبي الدّرداء: حيثُ ثبت في صحيح الترمذي عن وهب بن عبدالله السوائي أبو جحيفة قال: “آخَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بينَ سَلمانَ وأبي الدَّرداءِ، فزارَ سَلمانُ أبا الدَّرداءِ، فرأى أُمَّ الدَّرداءِ مُتَبَذِّلَةً، فقال: ما شأنُكِ مُتَبَذِّلَةً؟! قالتْ: إنَّ أخاكَ أبا الدَّرداءِ ليس له حاجةٌ في الدُّنيا، قال: فلمَّا جاءَ أبو الدَّرداءِ، قرَّبَ إليه طعامًا، فقال: كُلْ، فإنِّي صائمٌ، قال: ما أنا بآكِلٍ حتَّى تأكُلْ، قال: فأكَلَ، فلمَّا كان اللَّيلُ، ذهَبَ أبو الدَّرداءِ ليقومَ، فقال له سَلمانُ: نَمْ؛ فنامَ، ثمَّ ذهَبَ يقومُ، فقال له: نَمْ؛ فنامَ، فلمَّا كان عِندَ الصُّبحِ، قال له سَلمانُ: قُمِ الآنَ، فقامَا فصلَّيَا، فقال: إنَّ لنَفْسِكَ عليكَ حقًّا، ولِرَبِّكَ عليكَ حقًّا، ولِضَيْفِكَ عليكَ حقًّا، وإنَّ لِأهلِكَ عليكَ حقًّا؛ فأَعْطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ، فأَتَيَا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فذكَرَا ذلكَ، فقال له: صَدَقَ سَلمانُ”[12].
وفاة الصحابي سلمان الفارسي
إنّ الصّحابي الجليل سلمان الفارسي -رضي الله عنه- توفي بالمدائن في خلافة عثمان بن عفّان -رضي الله عنه-، فقد قيل بأنّ سنة وفاته كانت ثنتين وثلاثين للهجرة، كما تُرجّح الروايات أنّ عُمر سلمان الفارسيّ حين وفاته قد بلغ حدود الثمانين من العُمُر، وقيل عمره بضع وسبعون سنةً، وقد ذكر الإمام الذهبيّ ما يُفنِّد تلك الروايات ويُرجِّح أنّه مات في الثمانين أو ما حولها، ويُقال أنّه كان يأتمن زوجته على شيءٍ هام، وفي اليوم الذي قُبضت روحه فيه، نادى سلمان لزوجته لتعطيه الأمانة، وإذا بها صرّة مسك، ثم أمر بماءٍ نُثر فيه المسك، وقال لزوجته أن تنضح الماء حوله وأخبرها بأنّه يرى خلقًا من خلق الله، وأمرها أن تخرج وتُغلق الباب ولمّا عادت وجدته قد فارق الحياة، ويُقال أنّه دُفن في العراق.[10]
وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، فقد عرض موقع تصفح الإجابة الصحيحة لسؤال من هو الصحابي الذي اقترح حفر الخندق، حيث أوضحنا من هو سلمان الفارسي رضي الله عنه، كما تمّ بيان قصةحفر الخندق وأهم المعلومات الخاصة به، وأوضحنا أبرز مواقف الصحابي سلمان الفارسي في حياته، كما ذكرنا الإجابة الصحيحة عن سؤال من الصحابي الذي عدلت شهادته شهادة الرجلين.
المراجع
- ^ سورة الفتح ، الآية 29
- ^ alukah.net، فضل الصحابة، 15/10/2022
- ^ islamweb.net، مشاركة النبي في حفر الخندق، 15/10/2022
- ^ صحيح البخاري، البخاري، سهل بن سعد الساعدي، 6414، صحيح.
- ^ سورة الاحزاب ، الآية 10
- ^ shamela.ws، سلمان الفارسي، 15/10/2022
- ^ صحيح البخاري، البخاري، سلمان الفارسي، 883، صحيح.
- ^ al-maktaba.org، إسلام سلمان الفارسي -رضي الله عنه-، 15/10/2022
- ^ islamweb.net، طول الخندق المحفور في غزوة الأحزاب وعرضه وعمقه
- ^ islamstory.com، سلمان الفارسي، 15/10/2022
- ^ سير أعلام النبلاء، الذهبي، أبو أمامة الباهلي، 8/530، منكر فرد
- ^ صحيح الترمذي، الألباني، وهب بن عبدالله السوائي أبو جحيفة، 2413 ، صحيح.
التعليقات