من هو النبي الذي لم يؤمن به أحد

من هو النبي الذي لم يؤمن به أحد وهو ما سيتم بيانه في سطور هذا المقال، فهو من الأنبياء الذي ذكرة قصته في كتاب الله عزّ وجل، حيثُ يعدّ من الأنبياء الصالحين الذين أرسلهم الله لهداية الناس إلى دين الحق، حيثُ إنّ قصة هذا النبي من القصص الغنيَّة بالعبر والفوائد فلا بد للمسلم الحق أن يأخذ القيم والمعلومات المفيدة التي تساعد في بناء شخصية المسلم، ومن خلال هذا المقال سيتم بيان النبي الذي لم يؤمن به أحد، بالإضافة إلى معرفة قصة هذا النبي وقومه والعبر الدروس المستفادة من قصته، كما سيتم بيان عقاب قوم هذا النبي.

الأنبياء والرسل

إنّ الأنبياء والرسل هم أشخاص اختصهم الله -سبحانه وتعالى- لحمل رسالة الإسلام وتبليغها للناس؛ حيثُ إنّ آدم -عليه السلام- هو أبو الأنبياء، وقد سُئل الرسول -عليه الصلاة والسلام- عن عدد الأنبياء والرسل الذين أرسلهم الله تعالى للناس، فقال -عليه السلام- في إحدى الروايات أنهم 24 ومائة ألف والله أعلم، ولكن ذُكر منهم في القرآن الكريم 25 نبيًا ورسولاً، فقد قال تعالى: “وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ، وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ، وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ، وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ”^[1]، حيثُ إنّ هؤلاء ثمانية عشر نبيًا وذكر كل من النبي آدم وهود وصالح وشعيب وإدريس وذا الكفل في أماكن متفرقة من القرآن، ثم خاتمهم محمد صلى الله عليه سلم.^[2]

من هو النبي الذي لم يؤمن به أحد

إنّ النّبيّ الذي لم يؤمن به أحد هو نبي لله لوط عليه السلام ^[3]، فقد اصطفاه الله -تعالى- ليدعو قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وترك الفاحشة والتّطهّر من الدّنس، ولكن استكبر قومه على الحقّ، وجعلوا يهدّدونه بالطّرد من القرية، كما وتوّعدوا له وخطّطوا لقتله مع أهله والمؤمنين، فقد قال -تعالى- في محكم تنزيله عن جواب قوم لوط عندما دعاهم إلى توحيد الله: “فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ”^[4]، فقد كرهوا لوط -عليه السلام- لأنّه يريدهم منهم الابتعاد عن الفواحش واتباع الفطرة السّليمة الّتي فطره عليها الله تعالى، فقد أرسله الله  لإخراجهم من الظلمات والفواحش إلى النور والطهارة والعفة، حيثُ حذرهم -عليه السلام- من ارتكاب الفاحشة فقد قال -تعالى- :”وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ”^[5].

شاهد أيضا: كم عدد ابناء الرسول واسمائهم من الذكور والإناث.. تعرف عليهم

معلومات عن سيدنا لوط عليه السلام

إنّ سيدنا لوط -عليه السلام- هو أحد أنبياء الله الكرام، فهو لوط بن هاران بن تارخ بن أخي نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فد سمي بهذا الاسم لأنَّ حبَّه لاط في قلب إبراهيم عليه السلام أي علق والتصقَ به، ببعد أن أحدث قومه ما أحدثوا من فاحشة اشتقَّ النَّاس من اسم نبي الله لوط ما يدل على فعل قومه، فقد صدَّق لوط بدعوة عمه إبراهيم -عليهما الصلاة والسلام- واهتدى بهديه، فقد قال الله تعالى: “فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ”^[6]، حيثُ هاجر لوط -عليه السلام- مع عمه إبراهيم من العراق وتبعه في جميع ورحلاته، ثم بعثه الله -تبارك وتعالى- إلى أهل سدوم، فهم أكفر الناس وأفجرهم وأخبثهم طوية وأقبحهم سيرة، فقد بعث الله لهم لوطًا عليه الصلاة والسلام ودعاهم إلى عبادة الله وترك المحرمات والفواحش، ولكن لم يزدهم ذلك إلا تمادياً وتكبرًا وطغيانًا.^[7]

قوم لوط عليه السلام

إن الله -سبحانه وتعالى- اختار واصطفى أفضل الناس ليكون نبيًا، فقد جاء ليدعو قومه لعبادة الله وطاعته، حيثُ إنّ قومه كانوا قومًا فاسقين يأتون بالفاحشة والمنكر، كما يجاهرون بها بين الناس، أما صفاتهم وأفعالهم كانت تخالف الشّريعة الاسلامية والفطرة البشريّة السّليمة، فقد كانوا الرجال يأتون الرّجال فدعاهم لوط -عليه السّلام- للإيمان بالله -تعالى- والابتعاد عن سبيل الشيطان، وأمرهم بالتّطهر وترك الفاحشة والزنا، لكنهم أعرضوا عنه وهددوه بالرّجم، فلجأ لوط -عليه السلام إلى الله -تعالى- لكي ينصره على قومه الفاسقين فقال: “قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ”^[8]، فقد استجاب الله -سبحانه وتعالى- وعذّبهم بأفعالهم وأهلكهم، أما نبي الله لوط ومن معه من المؤمنين نجاهم الله من شرهم، ومن الجدير بالذّكر أن من بين القوم الفاسقين الهالكين كانت زوجة لوط -عليه السلا-م، حيثُ أنّها أبت الإيمان بالله وفضلت الكفر والشرك والمعصية.^[9]

شاهد أيضا: قصة سيدنا لوط مختصرة.. 5 دروس مستفادة

ضيوف إبراهيم وقوم لوط

بعد معرفة من هو النبي الذي لم يؤمن به أحد سيتمّ التعرف على ضيوف إبراهيم -عليه السلام- وقوم لوط، فقد جاء إلى نبي الله لوط -عليه السلام- ضيوف لا يعرفهم فخشي أن يراهم قومه ويقبضوا عليهم ويمارسون معهم الفاحشة، فحاول أن لا يعرفوا لكن محاولته فشلت فقد وصل لهم الخبر عن طريق زوجته، فأتَوا قومه إلى لوط -عليه السلام- وطلبوا منه أن يسلمهم ضيوفه لأنهم كانوا رجال في منتهى الجمال، فعرض عليهم أن يزوجهم بناته ويتركوا ضيوفه، كما يتركوا ما حرم الله -عز وجل- من إتيان الرجال ومخالفة الفطرة، ولكنهم لم يستجيبوا وتمادَوا في الطلب ^[10]، كما هجموا على دار لوط لما جاء في الآية الكريمة: “وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ”^[11]، فقد كان قومه يصرون على الفاحشة فتمنى لوط -عليه السلام- لو يجد طريقًا يخرجه من ذلك، فأخبروه الضيوف ألا يخاف وأخبروه بأنهم رسل من عند الله وسيمنعون عنه أذى قومه بدليل قوله تعالى: “ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر”^[12].

عذاب قوم لوط

إنّ الله -سبحانه وتعالى- أمر لوط -عليه السلام- أنْ يأخذ من آمن معه وأهله إلا إمراته لأنها كانت الكافرين وأن يخرجوا من هذه القرية، وعندما خرجوا أرسل الله على قومه العذاب الأليم وقد أصابهم الله بعذاب ما عذب به أحدا من العالمين، فقد قال الله تعالى: “فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ”^[13]، فقد نجى الله لوطًا وابنتيه، أما زوجته فقد هلكت، وأما تعذيب الله -تعالى- فقوم لوط فقد كان من خلال جبريل عليه الصلاة والسلام، حيثُ أنه قَلَبَ مدائنهم بطرف جناحه حتى صار عاليها سافلها وهو ماذكره بعض التابعين، فقد قال ابن كثير في تفسيره عن مجاهد: “أَخَذَ جبريلُ قَوْمَ لُوطٍ مِنْ سَرْحهم وَدُورِهِمْ، حَمَلَهُمْ بِمَوَاشِيهِمْ وَأَمْتِعَتِهِمْ، وَرَفَعَهُمْ حَتَّى سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ نُباح كِلَابِهِمْ ثُمَّ أَكْفَأَهُمْ، وَقَالَ وَكَانَ حَمَلَهُمْ عَلَى خَوَافِي جَنَاحِهِ الْأَيْمَنِ”، ومن الجدير بالذّكر أنّ قرية سدوم سميت بالمؤتفكة؛ لِما حصل لها من إنزال عقوبة الله بها، وانقلاب أعلاها إلى أسفلها، كما تزال قريتهم باقية إلى الآن للاتعاظ والاعتبار.^[14]

شاهد أيضًا: من هو النبى الذى صام عن الكلام ثلاث ايام.. القصة الكاملة

الحكمة من ذكر زوجة لوط في القرآن

إنّ زوجة لوط -عليه السلام- خانت الله ورسوله والدِّين الذي جاء به لوط عندما ناصرت أهل الفاحشة، فقد أفشت أسرار زوجها لوط -عليه السلام- لقومه، ولذلك ذكرت في عدة مواضع في كتاب الله عزّ وجل، حيثُ كان وراء ذلك حكمة عظيمة فهي دليل واضح على أنّ الكفار لا يُغني عنهم أحد من العالمين من عذاب الله تعالى، فقد كانت زوجة نبي من أنبياء الله تعالى وبالرغم  من ذلك لا يشفع لها ولا يُبرر ذلك فعلها وعِظم جرمها، ولن يساعدها ذلك في النجاة من العذاب الواقع بها وبقومها ^[15]، حيث جاء ذكر امرأة لوط في قوله تعالى: “ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ”^[16]،  فقد أعلنت الكفر دون خشية أو خجل، كما أنها وافقت قومها بالرذيلة وشجعتهم على عليها، أما عذاب زوجة لوط فقد ذكر في عدة مواضع، ومنها قوله تعالى: “فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ”^[17].

شاهد أيضًا: من هو النبي الذي كان يبرئ الاعمى

العبر المستفادة من قصة سيدنا لوط عليه السلام

تعتبر قصة سيدنا لوط -عليه السلام- من القصص التي وردت في القرآن الكريم، حيث أنها تحتوي على العديد من العبر والدروس التي يمكن تعلمها والاستفادة منها في الدّنيا، حيث تساهم في تقويم السّلوك عند الإنسان، ونبذ  الصّفات والتّصرّفات الغير أخلاقيّة، ومن أهم الدروس التي يمكن تعلمها من قصة  لوط -عليه السلام- ما يأتي:^[18]

• إنّ تقوى الله وخشيته من أسباب نجاة المؤمن في الدنيا والآخرة.
• ابتلاء الله -سبحانه وتعالى- لعباده المؤمنين، فقد ابتلى الله لوط -عليه السّلام- بزوجة كافرة.
• شكر الله -سبحانه وتعالى- على النّعم والخير الذي يعطيه للإنسان، فمن يجحد عن النِّعم له عاقبة ٌوخيمةٌ.
• انتشار الفواحش بين النّاس والمجاهرة بها إنذارٌواضحٌ بقرب العذاب الشديد من الله تعالى.
• بيان نهاية المفسدين في الأرض وعاقباهم الشديد، وأنّ عاقبة الصالحين النّصر القريب من عند الله عز وجل.
• الابتعاد عن خطوات الشّيطان فهو الطريق الذي يزيد المعاصي والذنوب، فبالرغم من أنّ الله فتح على قوم لوط العديد من طرق الحلال إلا أنَّهم أصروا على اتباع وساوس الشيطان والطّغيان.
• الحرص على تنوع الأساليب التي يستخدمها الداعي إلى دين الله عز وجل، فقد حرص لوط -عليه السلام- على الرفق بقومه وتنويع الأساليب التي كان يخاطبهم بها.

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، فقد عرض موقع تصفح الإجابة الصحيحة لسؤال من هو النبي الذي لم يؤمن به أحد، حيث أوضحنا من هو لوط عليه السلام، كما تمّ بيان قصة سيدنا لوط -عليه السلام- وعقاب قومه، وأوضحنا قصة امرأة لوط عليه السلام وعقوبتها والحكمة من ذكرها في القرآن الكريم، وبعدها طرحنا العبر والدروس المستفادة من قصة سيدنا لوط.