هل الترجيع يفطر الصائم وما حكمه في المذاهب الأربعة

هل الترجيع يفطر الصائم وما حكمه في المذاهب الأربعة، سؤال سيتم الإجابة عليه في هذا المقال، فالصّيام الواجب من الأمور المفروضة على كلّ مسلم ومسلمة، والصيام المفروض يكون في شهر رمضان المبارك الذي أنزل فيه القرآن الكريم على الرسول -صلى الله عليه وسلّم- ويتضمّن العديد من الأحكام التي تختلف عن أيام الأشهر الأخرى، ولا سيّما بالأحكام المتعلّقة بصحّة الصيام وإفساده، كما يتضمن هذا الشهر المبارك الاستزادة بالعبادات المسنونة التي ترفع درجة المسلم في الدنيا والآخرة، وفيما يأتي سيتمّ بيان العديد من الأحكام المتعلقة بصحّة الصيام.

هل الترجيع يفطر الصائم

إنّ الترجيع بدون عمد لا يفسد الصيام، وذلك متفق عليه بين غالبية فقهاء الشريعة الإسلاميّة، وأمّا الترجيع عمدًا فهو يبطل الصّيام بالإجماع، ممّا يعني وجب قضاء هذا اليوم، وفي بعض المذاهب وُجبت الكفارة عن كل يوم تمّ فيه الترجيع عمدًا وهو الأولى والأحوط والترجيع بغير قصد لا يستوجب القضاء والكفارة، ويُقصد بالترجيع، الاستفراغ ومن ثمّ إرجاعه إلى المعدة؛ فإما أن يغلبه وإمّا أن يتعمّد ذلك؛ كأن يضع إصبعه في نهاية حلقه من أجل إخراج ما في معدته من طعام، وهذا من مبطلات الصيام بإجماع فقهاء الشريعة الإسلاميّة، ودليل ذلك من السنة النبوية الشريفة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “من ذرَعهُ القيءُ وهو صائمٌ فلا قضاءَ عليه ومنِ استقاءَ فليقضِ”،^[1] والله تعالى أعلم وأحكم.^[2]

آراء المذاهب الأربعة في حكم الترجيع للصائم

بيّن علماء الشريعة الإسلاميّة حكم الترجيع للصائم بصورة مفصّلة، حيث تعددت الآراء في هذه المسألة على النحو الآتي:^[3]

• الشافعية: إن الرجوع بالقيء يفسد الصيام بكافة الأحوال والأزمان، فقد أورد الشافعي -رحمه الله – في ذلك: أن الاستفراغ كأن تقيأ منكوسًا، فسد صيامه بناء على أنه يفطر بذاته لا لشيء آخر، والعلة في هذا الحكم على أن المفطر يكون برجوع شيء كدخوله الجوف، أي مما خرج وإن قل يكون كالذي دخل إلى المعدة حتى وإن كان قليلاً.
• الحنفية: فقد أوردوا في مذهبهم إلى أنّ التقيؤ لو حصل دون قصد من العبد المسلم الصائم حتى لو كان فمه مليئًا بالقيء فإنه لا يفسد صومه اتفاقًا عندهم وعند غيرهم، وذلك لعدم وجود الكلفة عندهم، فالإرجاع ليس على صورة الإفطار كما أنّه لا يتغذى به عادةً بل تأباه النفس البشرية.
• المالكية: إن الترجيع عندهم مفطر، سواءً كان ذلك عمدًا أم بغير عمد، وسواءً كان خارجًا من المعدة أم الريق، فالترجيع مفطر في كافة الأحوال، ويلزم قضاء هذا اليوم.
• الحنابلة: لو أرجع القيء دون قصد، فإنّه لا يفطر، وأما إذا كان ذلك عن قصد؛ فإنه يفطر، ووجب عليه قضاء هذا اليوم.

شاهد أيضًا: ما حكم الحجامة في رمضان ابن باز

هل الترجيع يبطل الوضوء

إنّ الترجيع أو التقيّؤ اختلف في حكم إنقاضه للوضوء، ولكن الراجح عند جمهور الفقهاء أنّ القيء أو ترجيعه لا ينقض الوضوء، حيث لا يوجد دليل قطعيّ في كافة المصادر التشريعيّة، من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والإجماع والقياس، على أنّ القيء يُبطل الوضوء، حيث احتجّ من قال أنّ القيء يُبطل الوضوء ومنهم أحمد بن حنبل وأبي حنيفة بأدلة ضعيفة، واشترط أحمد في إبطال الوضوء أن يكون القيء فاحشًا على أن يعمم الجسد وينجسه، ومع ذلك كان احتجاجهم على أدلة ضعيفة، ممّا يعني أن الأرجح هو عدم إنقاض الوضوء، لأنّ الجمهور عندهم ما خرج من السبيليْن هو فقط ما ينقض الوضوء، والله تعالى أعلم.^[4]

شاهد أيضًا: هل يجوز صيام القضاء قبل رمضان بيوم او يومين

هل الترجيع يبطل الصيام في غير رمضان

إن الترجيع أو التقيّؤ إذا كان في غير رمضان وكان نافلة أو سنّة؛ فإنّه يبطل الصّيام قولاً واحدًا، والعلّة في ذلك أن القيء أو الترجيع يكون على الغالب ناتج عن مرض، ممّا يعني حدوث مشقّة كبيرة بعد ذلك، وهذا الحكم في صيام النافلة يتضمّن التقيؤ المتعمد وغير المتعمّد، وأما إذا كان الصيام لقضاء واجب، كمن فاته يوم في رمضان، فإنّه يفطر إذا تقيأ أو أرجع عمدًا، ولا يُفطر إذا كان بغير عمد، وهذا ما ذهب إليه جمهور فقهاء الشريعة الإسلاميّة.^[5]

هل الترجيع يفطر الصائم وما حكمه في المذاهب الأربعة ، سؤال أجبنا عليه فيما سبق، وتبيّن أنّ العلماء فصّلوا في هذا الحكم الشرعيّ، على أنّ الصائم إذا أرجع القيء عمدًا في الصيام الواجب؛ فإنه لا يفطر وهذا متفق عليه جمهور الفقهاء، خالف في ذلك المالكيّة، فعندهم الصائم صيام الواجب أم النافلة يفطر إذا أرجع القيء سواء كان ذلك عمدًا أم سهوًا.