عناصر المقال
هل يجوز اخراج الزكاة قبل وقتها وما هي شروط الزكاة في الإسلام من المعلومات التي يجب على المسلمين الاطلاع عليها من أجل التعرف على كل ما يتعلق بالزكاة في الإسلام، إذ أنَّ الزكاة ركن عظيم ومن الضروري التعرف على الأحكام المتعلقة بالزكاة حتى لا يقع المسلم فيما لا يرضي الله تعالى، وسوف نتعرف في هذا المقال على حكم الزكاة في الإسلام، وعلى حكم إخراج الزكاة قبل موعدها، وعلى حكم تقديم أو تأخير الزكاة، بالإضافة إلى شروط الزكاة وحكم دفع الزكاة للأقارب وغيرها من الأحكام والمعلومات المتعلقة.
حكم الزكاة في الإسلام
تشير كلمة الزكاة في اللغة العربية إلى النماء والزيادة، ويقال عن الزرع أنه زكا إذا نما، وأمَّا في الشرع الإسلامي فيشير مصطلح الزكاة إلى حق من الأموال يجب إخراجها للفقراء والمساكين بشروط محددة، وتعطى أيضًا لفئات محددة من المسلمين، وقد ثبتت مشروعية الزكاة في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، فقد قال تعالى في كتابه العزيز: “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ”،[1] وقال أيضًا جلَّ من قائل: “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”،[2] والزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، فقد ورد في الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ”،[3] ولذلك فإنَّ الزكاة واجبة على المسلم إذا بلغ المال النصاب.[4]
شاهد أيضًا: خمسة لا يجوز دفع الزكاة إليهم من هم وما حكم إعطاء الزكاة لمن له راتب
هل يجوز اخراج الزكاة قبل وقتها
إنَّ إخراج الزكاة قبل موعدها جائز في الإسلام ولا حرج فيه، إذ يرغب بعض الناس من المسلمين بإخراج الزكاة في الأموال التي يشترط فيها أن يحول الحول عليها مثل النقود والعروض التجارية قبل الموعد المحدد لها، وقد أجاز جمهور الفقهاء من أهل العلم تعجيل الزكاة وإخراجها قبل وقتها، وخالف في ذلك الإمام مالك رحمه الله وأهل الظاهر، وقد استد الجمهور في هذا الحكم إلى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من العباس بن عبد المطلب زكاة سنتين سلفًا أي قبل الموعد المحدد للزكاة، فقد ورد في الحديث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: “أنَّ العبَّاسَ سألَ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في تَعجيلِ صدقتِهِ قبلَ أن تَحلَّ ، فرخَّصَ لَهُ في ذلِكَ ، قالَ مرَّةً : فأذنَ لَهُ في ذلِكَ”،[5] وفي حديث آخر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ تعجَّلَ منَ العبَّاسِ صدقةَ سنتين [ وفي روايةٍ ] زاد أنَّ عمَّ الرَّجلِ صنوُ أبيهِ”،[6] وهذه أدلة على جواز تعجيل الزكاة وإخراج قبل وقتها.[7]
شاهد أيضًا: من شروط وجوب الزكاة في الذهب والفضة
حكم تأخير او تقديم دفع الزكاة
عرفنا أنَّ تقديم الزكاة وإخراجها قبل وقتها جائز في الإسلام، بينما يختلف حكم تأخير الزكاة عن هذا الحكم، إذ أنَّ تأخير الزكاة عن موعدها المحدد غير جائز في الإسلام، فالزكاة ركن من أركان الإسلام مثل الصيام والصلاة، ولا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة عن وقتها ولا أن يؤخر صيام رمضان عن موعده المحدد، ومثل ذلك الزكاة، يجب إخراجها في موعدها، وقد ورد في كتاب الله تعالى ما يؤكد ذلك فقد قال جل من قائل: “كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”،[8] وقوله آتوا حقه يوم حصاده يشير إلى أنَّ إخراج الزكاة يجب أن يكون في موعده المحدد، ولأنَّ في تأخير الزكاة حرمان للفقراء والمساكين من حقهم في هذه الأموال، وحتى لا يتساهل المسلمون في الزكاة بسبب التراخي والله أعلم.[7]
هل يجوز إخراج الزكاة للأقارب
إن إخراج الزكاة للأقارب في الإسلام جائز ولا حرج فيه، وهذا أيضًا سنة مستحبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنَّه أثنى على ذلك، وأشار بأنه صدقة وصلة رحم أيضًا، ويؤجر عليه المسلم أيضًا، ولكن لا يجوز للمسلم إخراج الزكاة للأشخاص الذين ينفق عليهم من الأصول والفروع، أي لا يجوز إخراج الزكاة على الأولاد ولا على الآباء والأجداد، لأنَّ هؤلاء تجب نفقتهم على المسلم ويجب عليه أن يعطيهم من غير مال الزكاة، أمَّا الأقارب الآخرين مثل الإخوة والأخوات والأعمام والعمات والخالات والأخوال وما إلى هنالك يجوز إخراج الصدقة لهم، فقد ورد في الحديث عن سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الصَّدَقةُ على المِسكينِ صَدَقةٌ، والصَّدَقةُ على ذي الرَّحِمِ اثنتانِ: صَدَقةٌ، وصِلةٌ”،[9] وهذا تأكيد على جواز ذلك.[10]
شاهد أيضًا: الاصناف التي تجب فيها الزكاة ، شروط استحقاق الزكاة
هل يجوز إخراج زكاة المال على مدار العام
قد يرغب بعض الأشخاص بإخراج زكاة المال على مدار العام على دفعات تخفيفًا عن نفسه من أن يدفع مبلغًا كبيرًا وقد يرى أنَّ ذلك من مصلحة الفقير أيضًا، وقد أشار الفقهاء إلى أنَّ إخراج الزكاة على دفعات بعد دخول موعدها أي بعد أن يحول الحول غير جائز، لأنَّ ذلك يعدُّ تأخيرًا للزكاة ومماطلة في دفعها، وهذا يضر بمصلحة الفقراء والمساكين، أمَّا إخراج الزكاة على دفعات قبل موعدها فهذا جائز حسب ما ذهب إليه جمهور الفقهاء الذين أجازوا إخراج الزكاة قبل موعدها، وبناء عليه يجوز إخراج الزكاة على مدار العام على دفعات قبل موعدها وهذا يصب في مصلحة الفقراء أيضًا وتعجيل حقهم في أموال الزكاة والله أعلم.[11]
ما هي شروط الزكاة في الإسلام
توجد عدة شروط بيَّنها الفقهاء لا بدَ من توافرها حتى تجب الزكاة في الأموال والزروع في الإسلام، وفيما يأتي سيتم إدراج شروط وجوب الزكاة بشكل مفصل:[12]
- الإسلام: تجب الزكاة على المسلم ولا تجب على الكافر.
- الحرية: يجب أن يكون المسلم حرًّا حتى تجب الزكاة في أمواله، أما العبد فإنه لا يملك من أمره شيئًا ولا تجب عليه الزكاة.
- امتلاك المال: يجب أن يكون المال مملوكًا بالكامل لصاحبه.
- النماء: من شروط وجوب الزكاة النماء والزيادة، فلا تجب الزكاة مثلًا على السيارة أو البيت، بينما تجب في الزروع والعروض التجارية والمواشي، فقد ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ليسَ علَى المُسْلِمِ في فَرَسِهِ وغُلَامِهِ صَدَقَةٌ”،[13] وهذا دليل على أن الشيء الذي يقتنيه المسلم لا زكاة عليه.
- أن يكون زائدًا عن الاحتياجات الشخصية: ما زاد من الأموال عن نفقة المأكل والمشرب ونفقة من يعولهم الإنسان تجب فيها الزكاة.
- بلوغ النصاب: أن يبلغ المال على اختلافه النصاب الذي حدده الشرع والذي تجب فيه الزكاة، فإذا لم يبلغ المال النصاب ليس فيه زكاة.
- الحول: يجب أن يحول الحول على الأموال والعروض التجارية حتى تجب فيها الزكاة، أما الزروع والثمار والمواشي زكاتها وقت إنتاجها ونضجها.
- السوم: وهو أن ترعى المواشي في السهول من دون تكلفة ولا مؤونة ولا أعلاف، في هذه الحالة تجب فيها الزكاة، أما المواشي التي يربيها صاحبها ويدفع عليها ويطعمها من ماله لا تجب فيها الزكاة حسب جمهور الفقهاء من أهل العلم.
شاهد أيضًا: حكم إخراج الزكاة إذا دخل وقت وجوبها
فضل الزكاة
إنَّ الزكاة من الأعمال العظيمة والطاعات التي تقرب العبد إلى الله وتزيد حسناته وترفع درجاته وتطهره وتجبر أعماله من النقص والخلل، والزكاة من أدوات تزكية النفس حيث أنها تشعر المسلم بنعم الله تعالى الكبيرة عليه، وتوجد للزكاة كثير من الفضائل والثمرات العظيمة، وفيما يأتي سوف يتم إدراج النقاط التي تبين فضائل الزكاة في الإسلام:[14]
- تعدُّ الزكاة دليلًا على صحة إسلام المرء وإيمانه، لأنها من علامات الصلاح والتقوى كما ورد في كتاب الله تعالى، وهي أيضًا واحدة من الطرق والوسائل التي توصل إلى الجنة بإذن الله، إذ قال تعالى في كتابه العزيز جل من قائل: “إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ *وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ”.[15]
- يمكن من خلال الزكاة أن يشعر المسلم بحلاوة الإيمان ولذته، لأن دفع الزكاة من قبل المسلم أحد الطاعات والقربات العظيمة إلى الله تعالى والتي يحصل من خلالها على أجر كبير ويشعر بنفسه بالراحة العظيمة التي يبعثها دفع الزكاة في وقتها، وقد قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: “ثلاثٌ مَن فَعَلَهنَّ فقد طَعِمَ طعْمَ الإيمانِ: مَن عبَدَ الله وحْده، وعلِمَ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأعطى زكاةَ ماله طيِّبةً بها نفسُه، رافدةً عليه كلَّ عامٍ، ولم يُعطِ الهَرِمةَ ولا الدَّرِنةَ ولا المريضةَ ولا الشَّرَطَ اللَّئيمةَ، ولكنْ مِن وسَطِ أموالِكم؛ فإنَّ اللهَ لم يسألْكم خَيرَه ولم يأمُرْكم بشَرِّه”.[16]
- ينال المسلم بالزكاة منزلة عالية رفيعة مع الشهداء والصديقين، فقد ورد أن المحافظة على دفع الزكاة بانتظام دون تقصير وفي وقتها وطبعًا إلى جانب المحافظة على أركان الإسلام الأخرى وجميع الطاعات، يدخل بها المسلم في عليين، لأنها من الأعمال الصالحة التي يرفع الله تعالى بها المسلم ليكون في منزلة الصديقين والشهداء، وفي الحديث عن عمرِو بن مُرَّة الجُهنيِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: “جاء رجلٌ من قُضاعةَ إِلى رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: إِنِّي شهدْتُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّك رسولُ الله، وصليتُ الصلواتِ الخَمْسَ، وصُمتُ رمضانَ وقمتُه، وآتيتُ الزَّكاةَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: مَن مات على هذا كان من الصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ”.[17]
- الزكاة أيضًا أحد أسباب دخول الجنة حيث أنَّ المحافظة على دفعها مع الإخلاص لله وبالتأكيد مع المحافظة على أركان الإسلام جميعها تؤدي إلى دخول الجنة كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فقد جاء في الحديث عن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “خمسٌ مَن جاءَ بهنَّ مع إيمانٍ؛ دخل الجنَّةَ: من حافظَ على الصَّلواتِ الخمْسِ: على وضوئِهنَّ وركوعهنَّ وسجودِهنَّ ومواقيتِهنَّ، وصامَ رمضان، وحجَّ البيتَ إنِ استطاعَ إليه سبيلًا، وأعطى الزَّكاةَ طيِّبةً بها نفسُه”.[18]
في ختام مقال هل يجوز اخراج الزكاة قبل وقتها وما هي شروط الزكاة في الإسلام تعرفنا على حكم الزكاة وشروط الزكاة في الإسلام، وعرفنا حكم إخراج الزكاة قبل موعدها، وعرفنا حكم تقديم وتأخير الزكاة، بالإضافة إلى حكم دفع الزكاة للأقارب، وإخراج الزكاة على مدار العام دون تحديد وقت وغيرها من الأحكام المتعلقة.
المراجع
- ^ سورة البقرة، الآية 110
- ^ سورة التوبة، الآية 103
- ^ صحيح البخاري، عبد الله بن عمر، البخاري، 8، صحيح
- ^ wikiwand.com، زكاة ، 10/04/2023
- ^ صحيح أبي داود، علي بن أبي طالب، الألباني، 1624، حسن
- ^ مجمع الزوائد، عبد الله بن مسعود، الهيثمي، 82، فيه محمد بن ذكوان وفيه كلام وقد وثق
- ^ islamweb.net، حكم إخراج بعض الزكاة قبل حلول الحول، 10/04/2023
- ^ سورة الأنعام ، الآية 141
- ^ تخريج المسند، سلمان بن عامر الضبي، شعيب الأرناؤوط، 16233 ، صحيح لغيره
- ^ binbaz.org.sa، حكم دفع الزكاة للأقارب، 10/04/2023
- ^ islamweb.net، قول الفقهاء في إخراج الزكاة على دفعات، 10/04/2023
- ^ zakatfund.gov.ae، شروط وجوب الزكاة، 10/04/2023
- ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 1463، صحيح
- ^ dorar.net، فضائل الزكاة، 10/04/2023
- ^ سورة الذاريات، الآيات 15-19
- ^ صحيح أبي داود، عبدالله بن معاوية الغاضري، الألباني، 1580، صحيح
- ^ صحيح الترغيب، عمرو بن مرة الجهني، الألباني، 1003، صحيح
- ^ صحيح أبي داود، أبو الدرداء، الألباني، 429، حسن
التعليقات