هل يجوز تمني الموت من كثر الضيق أو الفتن

هل يجوز تمني الموت من كثر الضيق أو الفتن من المعلومات التي يبحث عنها كثير من المسلمين، وذلك خوفًا من بعض الأمور التي قد توقع المسلم فيما لا يرضي الله تعالى، وسوف نقدم للزوار الكرام في هذا المقال معلومات عن حكم تمني الموت بسبب الهموم والمشاكل وكثرة الضيق، وسوف يتم إدراج حكم تمني الموت شوقًا لله تعالى، وحكم من يتمنى الموت ويدعو الله تعالى بذلك، إضافة إلى إدراج آية النهي عن طلب الموت في كتاب الله تعالى، وغيرها من التفاصيل الأخرى.

هل يجوز تمني الموت من كثر الضيق

لقد أشار الفقهاء من أهل العلم إلى عدم جواز تمني الموت بسبب كثرة الضيق، فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك في العديد من الأحاديث الصحيحة، فقد ورد في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا يَتَمَنَّيَنَّ أحَدُكُمُ المَوْتَ مِن ضُرٍّ أصابَهُ، فإنْ كانَ لا بُدَّ فاعِلًا، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أحْيِنِي ما كانَتِ الحَياةُ خَيْرًا لِي، وتَوَفَّنِي إذا كانَتِ الوَفاةُ خَيْرًا لِي”،^[1] وفي رواية أخرى في صحيح مسلم: “لا يَتَمَنَّيَنَّ أحدُكم الموتَ لِضُرٍّ نزل به ، فإن كان لا بُدَّ مُتَمَنِّيًا ، فلْيَقُلْ : اللهم أَحْيِنِي ما كانت الحياةُ خيرًا لي ، وتَوَفَّنِي إذا كانت الوفاةُ خيرًا لي”،^[2] ولذلك لا يشرع للمسلم تمني الموت، ولكن يستعيض المسلم عن تمني الموت بالدعاء المأثور والذي أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم.^[3]

حكم تمني الموت بسبب المشاكل والهموم

لا يجوز للمسلم أن يطلب الموت ويتمناه من أجل المشاكل والهموم، ولا حتى من أجل المرض، وقد دلت الأحاديث الصحيحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وقد ورد في الأثر أن الخباب بن الأرت رضي الله عنه أصيب بمرض عضال، واكتوى سبع مرات، وقال لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تمني الموت لتمنيت الموت، وقد أشار الفقهاء في موقع إسلام ويب إلى ذلك بقول: “فإنه لا يجوز للمسلم أن يتمنى الموت لضرٍ نزل به، فإن كان لا محالة فاعلاً فلا بأس من أن يقول اللهم: أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي، (وخيرُ الناس من طال عمره وحسن عمله)، ولعل الإنسان يعيش فيفعل خيراً أو يتوب وينيب إلى الله”.^[4]

حكم تمني الموت بسبب الفتن

يجوز للمسلم أن يتمنى الموت إذا كان خوفًا من الفتنة في الدين، وقد دلت على ذلك العديد من الآيات في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، فقد قال تعالى جل من قائل: “فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا * فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا”،^[5] وقد ذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية: “فيه دليل على جواز تمني الموت عند الفتنة، فإنها عرفت أنها ستبتلى وتمتحن بهذا المولود الذي لا يحمل الناس أمرها فيه على السداد، ولا يصدقونها في خبرها، وبعدما كانت عندهم عابدة ناسكة، تصبح عندهم فيما يظنون عاهرة زانية”، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بقول: “وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ”،^[6] ولذلك يجوز للمسلم أن يدعو بالموت ويطلبه خشية أن يفتن في دينه.^[7]

هل يجوز تمني الموت للقاء الله

ذهب الفقهاء إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يتمنى الموت في حال الصحة وإذا لم يخشَ على الفتنة في دينه، وذلك استجابة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت، ولكن يجوز تمني الموت طلبًا للقاء الله تعالى عند نزول الموت، أي عندما يكون المسلم في حالة الاحتضار أو ما شابه ذلك، فقد ورد في الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ وهو صَحِيحٌ: إنَّه لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَيَّرَ فَلَمَّا نَزَلَ به، ورَأْسُهُ علَى فَخِذِي غُشِيَ عليه، ثُمَّ أفَاقَ فأشْخَصَ بَصَرَهُ إلى سَقْفِ البَيْتِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأعْلَى. فَقُلتُ: إذًا لا يَخْتَارُنَا، وعَرَفْتُ أنَّه الحَديثُ الذي كانَ يُحَدِّثُنَا وهو صَحِيحٌ، قالَتْ: فَكَانَتْ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا: اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأعْلَى”،^[8] فقد اختار النبي صلى الله عليه وسلم الرفيق الأعلى والموت من أجل لقاء الله تعالى، ولكن قبل ذلك لا يجوز تمني الموت، لأنَّ المسلم قد يقوم بالأعمال الصالحة التي تنفعه في آخرته.^[9]

ما حكم من يتمنى الموت لنفسه ويدعو الله بذلك

إنَّ تمني الموت غير جائز في الإسلام، إلا لمن خاف الفتنة في الدين، ولكن في غير ذلك لا يجوز، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولكن من يدعو الله بذلك ويتمنى الموت فقد خالف وصية النبي عليه الصلاة والسلام ولكن يرجى أن لا يكون آثمًا، وإنما خالف ما أصى به عليه الصلاة والسلام، وقد أشار بعض الفقهاء إلى ذلك بقول: “أما تمني الموت على الصحة من غير خوف فتنة في الدين فإنه مكروه، وإن كان من تمناه ودعا به لا يأثم، لكن لا ينبغي له أن يفعل ذلك؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تمني الموت”، والله تعالى أعلم.^[9]

آية النهي عن تمني الموت في القرآن الكريم

لم يرد في كتاب الله تعالى النهي عن الموت، وإنما ذكر الله تعالى أنّ المسلمين كانوا يتمنون الموت حبًّا في الشهادة في سبيل الله تعالى، ورغبة في الموت وهم مجاهدين في ساحات الوغى دفاعًا عن كلمة التوحيد، وعاتب الله تعالى من كان يتمنى القتال والجهاد والموت في سبيل الله، ثم لما جاءه القتال تولى وتجنب ذلك، فقد قال تعالى في كتابه العزيز: ” أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ”،^[10] وعلى ذلك فإنَّ تمني القتال والموت في سبيل الله جائز، مثل تمني الموت خشية الفتنة في الدين، ولكن المنهي عنه هو المقيد بالضيق وما يتعلق به.^[11]

مقالات قد تهمك

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال هل يجوز تمني الموت من كثر الضيق أو الفتن وقد تعرفنا على حكم تنمي الموت في الإسلام من كثرة الهموم والمشاكل والضيق، وعلى حكم تمني الموت من أجل لقاء الله تعالى، وتعرفنا على آية النهي عن تمني الموت في القرآن الكريم، وغيرها من التفاصيل الأخرى.