هل يجوز ختم القران للميت في رمضان وهل يصل ثواب قراءة القرآن إلى الميت

هل يجوز ختم القران للميت في رمضان وهل يصل ثواب قراءة القرآن إلى الميت من المعلومات التي يجهل حكمها كثير من المسلمين في العالم الإسلامي، إذ يحرص كثير من المسلمين خصوصًا في شهر رمضان من أجل اغتنام أيام هذا الشهر الفضيل على قراءة القرآن الكريم لهم ولأمواتهم، وسوف نتعرف في هذا المقال على فضل قراءة القرآن الكريم وعلى حكم ختم القرآن للميت في شهر رمضان، وعلى حكم ختم القرآن للميت جماعة، وحكم قراءة القرآن عند القبر للميت وأفضل ما يهدى الميت وغير ذلك من الأحكام المتعلقة.

فضل قراءة القرآن الكريم

إنَّ قراءة القرآن الكريم مستحبة في الإسلام وهي ليست واجبة ولا مفروضة، ولكن فيها أجر عظيم وثواب جزيل يحصل عليه المسلم، ويحرص المسلم على أن ينال هذا الأجر الكبير من خلال قراءة القرآن الكريم، وقد ورد في الحديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “منْ قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ آلم حرفٌ ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ”،^[1] كما أن قراءة القرآن من أفضل العبادات في الإسلام، فقد ورد في كتاب الله العزيز قوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ”،^[2] بالإضافة إلى أنَّها سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يحثُّ صحابته على قراءة القرآن، والمسلم الذي يقرأ القرآن بشكل متقن مع السفرة الكرام البررة في جنات النعيم بإذن الله تعالى.^[3]

شاهد أيضًا: هل يجوز للحائض قراءة القران من الجوال

هل يجوز ختم القران للميت في رمضان

إنَّ قراءة القرآن الكريم وإهداء ثوابها للميت جائز في شهر رمضان وفي غير رمضان، ويرَجى أن يصل ثواب هذه القراءة إلى الميت بإن الله تعالى، وهذا ما ذهب إلى الفقهاء من أهل العلم لورود العديد من الأدلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: “أنَّ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمْ أَخَا بَنِي سَاعِدَةَ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وهو غَائِبٌ عَنْهَا، فأتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، فَهلْ يَنْفَعُهَا شيءٌ إنْ تَصَدَّقْتُ به عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فإنِّي أُشْهِدُكَ أنَّ حَائِطِيَ المِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا”،^[4] وهذا يشير إلى أن التصدق عن الميت جائز، ودلَّ حديث آخر على أن الصيام أيضًا ينفع الميت، وبناء على هذه الأحاديث فإنَّ قراءة القرآن الكريم عن الميت جائزة ويرجى أن يكون الأجر مصاعفًا في شهر رمضان كونه شهر عظيم يضاعف الله تعالى فيه الطاعات والعبادات.^[5]

حكم ختم القرآن للميت جماعة

ذهب كثير من الفقهاء إلى أنَّ اجتماع الناس وقراءة القرآن بشكل جماعي للميت بدعة وليس له أصل في الدين، على أنَّ قراءة القرآن للميت اختلف العلماء والفقهاء فيها، فذهبب بعضهم إلى أنها لا تصل إلى الميت واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: “وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ”،^[6] وذهب بعضهم إلى أنَّها تصل لعموم الأدلة كما سبق في هذا المقال، ولكن اجتماع الناس وأن يقرأ كل واحد منهم جزءًا من القرآن ويهدونه للميت ويدعون له في النهاية هذا من البدع كما أشار العديد من الفقهاء، والأصل أن يدعوا الناس للميت فقط، فقد ورد في الحديث عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “انَ إذا فرغَ مِن دَفنِ الميِّتِ وقفَ عليهِ فقالَ استغفِروا اللَّهَ لأخيكُم وسلوا لَه التَّثبيتَ فإنَّهُ الآنَ يُسألُ”،^[7] ولكن يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن ويهدي الثواب لأمواته والله أعلم.^[8]

شاهد أيضًا: شرح كيفية صلاة ختم القرآن في رمضان بالتفصيل

حكم قراءة القرآن للميت عند القبر

يعتقد بعض المسلمين أنَّ قراءة القرآن الكريم للميت عند القبر لها أفضلية خاصة، وأدعى أن تكون مقبولة عند الله تعالى، وهذا غير صحيح وفهم خاطئ في الدين، فقد ذهب كثير من العلماء إلى أنَّ قراءة القرآن الكريم حول القبور بدعة وليس لها أصل في الإسلام وليست من السنة، ولم يرخص بهذا الفعل أحد من الأئمة والعلماء سابقًا، وقد ورد عن شيخ الإسلام ابن تيمية قوله في ذلك: “نَقَلَ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ كَرَاهَةَ الْقُرْآنِ عَلَى الْقُبُورِ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ، وَعَلَيْهَا قُدَمَاءُ أَصْحَابِهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ: إنَّ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ الْقَبْرِ أَفْضَلُ، وَلَا رَخَّصَ فِي اتِّخَاذِهِ عِيدًا كَاعْتِيَادِ الْقِرَاءَةِ عِنْدَهُ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الصِّيَامِ، وَاِتِّخَاذُ الْمَصَاحِفِ عِنْدَ الْقَبْرِ بِدْعَةٌ وَلَوْ لِلْقِرَاءَةِ”، والأفضل أن يخرج الإنسان من هذا الخلاف وأن يقرأ القرآن للميت في المنزل أو في أي مكان بعيدًا عن القبر.^[9]

هل يصل ثواب قراءة القرآن إلى الميت

ذهب بعض الفقهاء من أهل العلم إلى أنَّ ثواب قراءة القرآن الكريم لا يصل إلى الميت، وذلك بناءً على العديد من الأدلة، كونه أيضًا لا يوجد دليل في السنة النبوية أنَّ قراءة القرآن تنفع الميت، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: “وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ”،^[6] وبناء عليه لا يصل ثواي قراءة القرآن الكريم للميت،^[10] بينما ذهب آخرون من الفقهاء إلى أنَّ ثواب قراءة القرآن يصل إلى الميت وذلك لأنَّ الأحاديث النبوية دلت على أنَّ الميت ينتفع بالصدقة والصيام، ولذلك يمكن أن ينتفع أيضًا بقراءة القرآن الكريم، ففي الحديث عن بريدة بن حصيب الأسلمي رضي الله عنه قال: “بينا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقالَتْ: إنِّي تَصَدَّقْتُ علَى أُمِّي بجَارِيَةٍ، وإنَّهَا مَاتَتْ، قالَ: فَقالَ: وَجَبَ أَجْرُكِ، وَرَدَّهَا عَلَيْكِ المِيرَاثُ، قالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه كانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قالَ: صُومِي عَنْهَا، قالَتْ: إنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قالَ: حُجِّي عَنْهَا. [وفي رِوايةٍ]:صَوْمُ شَهْرَيْنِ”،^[11] والله تعالى أعلم.^[5]

فضل قراءة سورة الفاتحة وسورة يس للميت

لم يرد في السنة النبوية أي شيء يدل على أنَّ قراءة الفاتحة أو قراءة سورة يس لها أفضلية خاصة في القراءة على الميت، ويمكن قراءة أي شيء من كتاب الله تعالى وإهداء ثوابه للميت، ويرجى أن يصل ثواب هذه القراءة كما سبق، ولكن أن يعتقد المسلم أنَّ لهذه السور فضل خاص في القراءة على الميت فهذا لا يجوز وقد يكون من البدع المحدثة، ويجب على المسلم أن يبتعد عن مثل هذه الاعتقادات، والأحاديث التي وردت في فضل قراءة سورة يس على الميت غير صحيحة وضعيفة لا يؤخذ به، منها حديث معقل بن يسار الذي روي عنه وهو: “البَقرةُ سَنامُ القُرآنِ وذُرْوتُه، نَزَلَ مع كلِّ آيةٍ منها ثَمانونَ مَلَكًا، واستُخرِجَتْ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]، مِن تحت العَرشِ، فوُصِلَتْ بها -أو: فوُصِلَتْ بسورةِ البَقرةِ-، و{يس} قَلبُ القُرآنِ؛ لا يَقرَؤها رَجُلٌ يُريدُ اللهَ والدَّارَ الآخِرةَ إلَّا غُفِرَ له، واقرَؤوها على مَوتاكم”،^[19] وهو حديث إسناده ضعيف أيضًا، ولذلك يمكن أن يقرأ المسلم من سور القرآن الكريم جميعها دون تفضيل سورة على أخرى والله تعالى أعلم.^[20]

شاهد أيضًا: ما هو فضل قراءة القران في شهر رمضان

حكم الدعاء للميت

إنَّ الدعاء للميت من أعظم الأمور التي تنفعه، وقد حثَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الدعاء للميت في أكثر من حديث، ويستحب الإكثار من الدعاء للميت في جميع الأوقات، حتى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول للمسلمين بعد كل جنازة أن يدعوا للميت، وفي الحديث أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا صلَّيتم على الميِّتِ فأخلِصوا له الدعاءَ”،^[12] وفي حديث آخر يؤكد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعمال الميت تنقطع إلا من ثلاثة أعمال فقط وأحدها ولد صالح يدعو له، ولذلك فإنًّ الدعاء مستحب الإكثار منه للميت، ومن الأدعية التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بها للأموات ما ورد في الحديث الذي رواه عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: “سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَصَلَّى علَى جِنَازَةٍ يقولُ: اللَّهُمَّ، اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ، وَاعْفُ عنْه وَعَافِهِ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِن أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ، وَقِهِ فِتْنَةَ القَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ”،^[13] كما يمكن للمسلم أن يدعو بما يشاء من الأدعية المشروعة.^[14]

شاهد أيضًا: لماذا العشر الاواخر من رمضان هي افضل اوقات الاعتكاف

أفضل ما يهدى إلى الميت

توجد كثير من الأعمال الصالحة التي يمكن للمسلم أن يهديها إلى والده المتوفى أو والدته المتوفاة، وقد ثبت العديد منه في الأحاديث التي أشارت إلى أفضلية أعمال على أخرى، وفيما يأتي سيتم إدراج أفضل الأعمال الصالحة التي تعدى إلى الميت:^[17]

• الصدقات عن الميت، حيث أنَّ أفضل الأعمال التي يمكن أن يهديها المسلم للميت هي الصدقة عنه، وقد ثبت هذا في الحديث الصحيح، فقد ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له”،^[15] وهذا الحديث يدل على أنَّ الصدقة هي أفضل شيء يبقى بعد موت المسلم.
• إنَّ أفضل الصدقات في الإسلام هي سقيا الماء، فقد ثبت أيضًا في الحديث أنَّه صلى الله عليه وسلم سُئَل عن أفضل الصدقات فأشار إلى أنها سقي الماء، فعن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: “يا رسولَ اللهِ ! إنَّ أمي ماتت ، أفأتصدقُ عنها ؟ قال : نعم . قلتُ : فأيُّ الصدقةِ أفضلُ ؟ قال : سقْيُ الماءِ”.^[16]
• الصدقات الجارية التي لا تنقطع ولا ينقطع أجرها عن الميت مثل المساجد وآبار المياه والجمعيات الخيرية والمدارس والمشافي وغيرها، والتي يبقى أجرها متصلًا طالما أنها تعمل وتنفع الناس والمسلمين إلى قيام الساعة.
• الدعاء والاستغفار من أعظم الأمور التي تهدي للميت والتي يرجى أن تفيد وتنفع الميت ويصل ثوابها إليه بإذن الله تعالى، وقد دلت على ذلك العديد من الأحاديث النبوية الصحيحة، ففي الحديث عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: “السنَّةُ في الصَّلاةِ على الجنازَةِ أن يُكبِّرَ ثمَّ يقرَأُ بأُمِّ القُرآنِ ثمَّ يصلِّي على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ثمَّ يُخلِصُ الدُّعاءَ للمَيِّتِ ولا يقرأُ إلا في الأولى”،^[18] والشاهد هو الإخلاص في الدعاء للميت كونه من أفضل الأعمال الصالحة التي تنفعه.

في نهاية مقال هل يجوز ختم القران للميت في رمضان وهل يصل ثواب قراءة القرآن إلى الميت تعرفنا على فضل قراءة القرآن الكريم في الإسلام، وتعرفنا على حكم قراءة القرآن للميت في رمضان، وعلى حكم قراءة القرآن جماعة للميت وعلى حكم قراءة القرآن عند القبر للميت، بالإضافة إلى التعرف على فضل الدعاء للميت وأفضل الأشياء التي تهدى إلى الميت وغير ذلك.