هل يجوز رمي الجمرات الثلاث في يوم واحد وما هو وقت رمي الجمرات

هل يجوز رمي الجمرات الثلاث في يوم واحد وما هو وقت رمي الجمرات هي من المواضيع المهمة بالنسبة للراغبين بأداء مناسك الحج، لأنّ رمي الجمرات هو من الأعمال التي يقوم بها جميع حجاج بيت الله الحرام في كل عام، وفي هذا المقال سوف نعرف رمي الجمرات في الإسلام وسنتحدث عن وقت رمي الجمرات وعن حكم رمي الجمرات الثلاث في يوم واحد وحكم تأخير رمي الجمار إلى آخر يوم ورميها دفعة واحدة وغير ذلك من الأحكام الشرعية المهمة التي تتعلق برمي الجمرات في الإسلام.

رمي الجمرات في الإسلام

الجمار أو الجمرات في اللغة هو جمع لكلمة جمرة، وهي الحجر الصغير، أمّا رمي الجمرات في الاصطلاح الشرعي فهو قذف الحصى في مكان مخصوص في وقت مخصوص وبطريقة محددة بالشرع الإسلامي، فرمي الجمرات هو من الأعمال التي يقوم بها المسلم عند أداء مناسك الحج، وقد ورد عن أبي حامد الغزالي رحمه الله تعالى أنّه قال عن رمي الجمار أو الجمرات: “وأما رمي الجمار فليقصد به الانقياد للأمر إظهارًا للرق والعبودية، وانتهاضًا لمجرد الامتثال من غير حظ للنفس والعقل في ذلك”، والله أعلم. ^[1]

شاهد أيضًا: لماذا سميت ايام التشريق بهذا الاسم

حكم رمي الجمرات

أتفق علماء المسلمين أنّ رمي الجمرات في الحج واجب على كل مسلم، والأدلة كثيرة على صحة هذا الحكم، فمن السنة النبوية الشريفة ورد عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنّه قال في صفة حج النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم: “أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ دفعَ منَ المزدلفةِ قبلَ أن تطلعَ الشَّمسُ وأردفَ الفضلَ بنَ العبَّاسٍ حتَّى أتى مُحسِّرًا حرَّكَ قليلًا، ثمَّ سلَكَ الطَّريقَ الوسطى الَّتي تخرجُكَ على الجمرةِ الْكبرى حتَّى أتى الجمرةَ الَّتي عندَ الشَّجرةِ فرمى بسبعِ حصياتٍ يُكبِّرُ معَ كلِّ حصاةٍ منْها حصى الخذفِ رمى من بطنِ الوادي”. ^[2]

وفي دليل آخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنّه قال: “سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَأَتَاهُ رَجُلٌ يَومَ النَّحْرِ وَهو وَاقِفٌ عِنْدَ الجَمْرَةِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، فَقالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ وَأَتَاهُ آخَرُ فَقالَ: إنِّي ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ وَأَتَاهُ آخَرُ، فَقالَ: إنِّي أَفَضْتُ إلى البَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ. قالَ: فَما رَأَيْتُهُ سُئِلَ يَومَئذٍ عن شيءٍ، إلَّا قالَ افْعَلُوا وَلَا حَرَجَ” ^[3]والله تعالى أعلم. ^[4]

ما هو وقت رمي الجمرات

إنّ المعروف عن أهل العلم أنّ رمي الجمرات يكون في يوم النحر أو يوم عيد الأضحى أي في العاشر من ذي الحجة من كل عام، حيث يرمي الحاج سبع حصيات وهي جمرة العقبة، ثم في أيام التشريق يرمي بعد الزوال من كل يوم سبع حصيات وهي الجمرات الثلاث، وهذا ما شُرع عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وفيما يأتي نذكر قول الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- في مسألة رمي الجمرات في الإسلام: ^[5]

السنة أن الحاج يرمي يوم العيد، ضحىً سبع حصيات جمرة العقبة، وأما بقية الأيام فبعد الزوال في كل يوم، يرمي الجمرات الثلاث بإحدى وعشرين حصاة، يرمي كل واحدة بسبع بعد الزوال، هذا هو المشروع الذي فعله النبي صلّى الله عليه وسلّم.

هل يجوز رمي الجمرات الثلاث في يوم واحد

أفتى علماء المسلمين بأنّ رمي الجمرات واجب من واجبات الحج ويكون في يوم العيد وفي أيام التشريق الثلاثة للحاج غير المتعجل، أمّا إذا تعجل الحاج فيجوز رمي الجمرات في اليوم الأول والثاني من أيام التشريق، ويكون الرمي حصرًا بعد الزوال، أمّا في يوم العيد فيجوز الرمي في أي وقت من أوقات اليوم، وهنا تجب الإشارة إلى أنّه لا يجوز أن يقدّم الحاج رمي الجمرات فيرمي قبل وقت الرمي، ولكنّ يجوز تأخير رمي الجمرات عندما تقتضي الحاجة لذلك بسبب الزحام أو غير ذلك، ويجوز للمسلم أن يؤخر رمي الجمرات في اليوم الحادي عشر والثاني عشر ويرميها في اليوم الثالث عشر، فهذا يجزئ على الرغم من مخالفة السنة، وقد ورد عن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى أنّه قال: ^[6]

لا يجوز تقديم رمي الجمار قبل وقته، أما التأخير فيجوز عند الحاجة الشديدة كالزحام عند جمع من أهل العلم قياسًا على الرعاة؛ لأن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- رخّص لهم بأن يرموا رمي يومين في اليوم الثاني منهما، وهو الثاني عشر، ويرتب ذلك بالنية أولها يوم العيد، ثم رمي اليوم الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، إن لم يتعجل، ويكون طواف الوداع بعد ذلك أما الجمرة الثالثة وهي جمرة العقبة، فإنه يرميها ولا يقف عندها للدعاء، ثم إن شاء تعجل قبل الغروب وتوجه إلى مكة، وإن شاء بقي في منى، وبات بها في الليلة الثالثة عشرة، ورمى الجمرات الثلاث في اليوم الثالث عشر بعد الزوال، كما رماها في اليوم الحادي عشر وفي اليوم الثاني عشر، وهذا هو الأفضل إذا تيسر ذلك؛ تأسيًا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه لم يتعجل، ولو أخر الحاج رمي الحادي عشر والثاني عشر ورماها في اليوم الثالث عشر مرتبة بعد الزوال، أجزأه ذلك، ولكنه يعتبر مخالفًا للسنة.

حكم تأخير رمي الجمار إلى آخر يوم ورميها دفعة واحدة

يجوز تأخير رمي الجمار إلى آخر يوم ورميها دفعة واحدة، ولكنّ هذا يُعدّ من الأمور المخالفة للسنة النبوية،’ فلم يفعل النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- هذا الفعل في رمي الجمرات عندما حجّ حجة الوداع، لذا فإنّ الأفضل أن يقتدي المسلم بالحبيب المصطفى -عليه الصلاة والسلام- في أداء مناسك الحج، فهدي النبي هو أفضل الهدي والعمل به يوجب للمسلم أفضل الثواب وأعظم الأجر من الله رب العالمين، والله تعالى أعلم. ^[6]

شروط رمي الجمرات

هناك العديد من الشروط التي ينبغي على المسلم أن يراعيها عند القيام برمي الجمرات أثناء أداء مناسك الحج، وهذه الشروط هي: ^[7]

• الشرط الأول: يجب أن يرمي المسلم بحجر أو حصاة صغيرة، ولا يجوز أن يكون الرمي بقطعة معدنية أو طين أو غير ذلك، وهذا ما ذهب إليه المالكية والشافعية والحنابلة والدليل حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- الذي تحدث فيه عن صفةحج النبي يوم حجة الوداع، قال: “فَحَوَّلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ علَى وَجْهِ الفَضْلِ، يَصْرِفُ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ يَنْظُرُ، حتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ، فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الوُسْطَى الَّتي تَخْرُجُ علَى الجَمْرَةِ الكُبْرَى، حتَّى أَتَى الجَمْرَةَ الَّتي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مع كُلِّ حَصَاةٍ منها، مِثْلِ حَصَى الخَذْفِ، رَمَى مِن بَطْنِ الوَادِي..”. ^[8]
• الشرط الثاني: يجب أن يستوفي المسلم عدد الحصيات في كل جمرة، فيرمي سبع حصيات في كل جمرة، وهذا ما اتفق عليه علماء المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي.
• الشرط الثالث: يجب أن يرمي المسلم الحصيات متفرقة، واحدة تلو الأخرى، فلا يرمي أكثر من حصى في وقت واحد، فلو رمى حصاتين مرة واحدة أو خمس حصوات مرة واحدة فتعتبر حصاة واحدة فقط ويجب أن يرمي سواها، وهذا ما اتفق عليه علماء المذاهب الإسلامية الأربعة: الشافعي والحنبلي والمالكي والحنفي.
• الشرط الرابع: يجب على المسلم أن يحرص على قوع الحصى في المكان الذي يجتمع فيه الحصى، وهذا مذهب المالكية والشافعية والحنابلة وهو الثابت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
• الشرط الخامس: يجب على المسلم أثناء رمي الجمرات أن يقصد رمي الجمرات على المرمى، أي أن يقع الحصى على المكان المقصود بفعل الرامي، وهذا أيضًا شروط رئيس من شروط رمي الجمرات بحسب إجماع علماء المذاهب الإسلامية الأربعة: الشافعية والحنفية والحنابلة والمالكية.
• الشرط السادس: يجب على المسلم الرامي أن يرمي الحصيات رميًا وليس وضعًا، وهذا ما اتفق عليه أيضًا علماء المذاهب الإسلامية الأربعة: الشافعية والحنفية والحنابلة والمالكية.
• الشرط السابع: يجب أن يقوم المسلم بترتيب الجمرات في رمي أيام التشريق الثلاثة، وهنا لا بدّ من القول إنّ الضروري أن يرمي الجمرات الثلاث على الترتيب، فيرمي في البداية الجمرة الصغرى التي مسجِدَ الخِيفِ ثم يرمي الجمرة الوسطى ثمّ يرمي جمرة العقبة، وهذا مذهب الشافعية ومذهب المالكية ومذهب الحنابلة.
• الشرط الثامن: يجب أن يتحين المسلم وقت الرمي الصحيح، فيوم النحر كله وقت رمي والأفضل أن يرمي المسلم بعد طلوع الشمس، أمّا أيام التشريق الثلاثة فالرمي فيها يكون بعد وقت الزوال، والله أعلم.

الحكمة من رمي الجمرات

لا شك في أنّ كل تشريع من التشريعات الإسلامية شرعها الله رب العالمين بحكمة إلهية بالغة وعظيمة، والحكمة المقصودة من رمي الجمرات هي طاعة الله رب العالمين والقيام بما أمر به سبحانه والامتثال لأوامر الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، وتحقيق ذكر الله تعالى في أيام معدودات وهي أيام الحج، قال تعالى في سورة البقرة: {وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ}. ^[9]

والرمي هو إقامة لذكر الله رب العالمين، ومن صور الحكمة البالغة في تشريع رمي الجمرات هو الاقتداء بأبي الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والسلام في عداوته للشيطان الرجيم ورميه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “لمَّا أَتَى إبراهيمُ خَلِيلُ اللهِ المَناسِكَ عرضَ لهُ الشَّيْطَانُ عندَ جَمْرَةِ العقبةَ، فَرَماهُ بِسبعِ حصياتٍ حتى ساخَ في الأرضِ ، ثُمَّ عرضَ لهُ عندَ الجمرةِ الثانيةِ، فَرَماهُ بِسبعِ حصياتٍ حتى ساخَ في الأرضِ، ثُمَّ عرضَ لهُ عِنْدِ الجمرةِ الثالثةِ، فَرَماهُ بِسبعِ حصياتٍ حتى ساخَ في الأرضِ، قال ابْنُ عباسٍ: الشيطانَ تَرْجُمُونِ، ومِلَّةَ أَبيكُمْ إبراهيمَ تَتَّبِعُونَ”، والله تعالى أعلم. ^[10]

دعاء رمي الجمرات في الحج

نقدم فيما يأتي نص الدعاء الذي يمكن أن يدعو به المسلم بعد رمي الجمرات في الحج:

• يُستحب أن يقول المسلم أثناء رمي كل حصاة: الله أكبر.
• اللهم يا رب العالمين اجعل هذا الحج حجًا مبرورًا واجعل ذنبي فيه مغفورًا يا أرحم الراحمين.
• اللهم يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الجود والإنعام تقبل مني رمي الجمرات وتقبل مني سائر مناسك الحج يا عزيز يا غفار يا رب العالمين، اللهم إنك ولي ذلك والقادر عليه، آمين.
• اللهم يا رحمن يا رحيم تقبل مني هذا النسك واجعلني من الصالحين، ربي وفقني للخير واسترني فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك يا كريم.
• الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، لا إله إلا الله وحده صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله والله أكبر وإن قال: اللهم اجعله حجًا مبرورًا، وذنبًا مغفورًا، وعملًا مشكورًا.

إلى هنا نصل إلى نهاية وختام هذا المقال الذي تحدثنا فيه عن تعريف رمي الجمرات وحكمه في الإسلام ثم مررنا على هل يجوز رمي الجمرات الثلاث في يوم واحد وما هو وقت رمي الجمرات وتحدثنا عن شروط رمي الجمرات وعن الحكمة الإلهية من تشريع رمي الجمرات للمسلمين.