عناصر المقال
هل يجوز زواج الرجل من أخت زوجته وهي من الأحكام الفقهيّة الهامّة في الشّريعة الإسلاميّة، والّتي تحتاج إلى فتوى من أهل العلم المختصّين، حيثُ إنّ الله -سبحانه وتعالى- خلق الناس وجعلهم شعوبًا وقبائل، وشرّع لهم الزواج لحكمةٍ بالغة وتتمثل باستمرار الحياة على الأرض ولعمار الأرض وإنشائها ونشر دين الله فيها، ولكن جعل للزواج ضوابط وأحكام نظمته وارتقت به لمكانة عالية، ومن هذا المنطلق سيتم بيان من هن المحرمات من النساء، وهل يجوز زواج الرجل من أخت زوجته.
المحرمات من النساء
ذكر القرآن الكريم والسّنّة النّبويّة المباركة أنّه يحرم على الرّجل قسمين من النّساء، وهما المحرّمات من النّساء تحريمًا أبديًّا، والمحرّمات تحريمًا مؤقّتًا، ولقد ذكرهنّ القرآن في قوله تبارك تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}[1]، ويتم ذكر تفصيل ذلك على النحو الآتي:[2]
- المحرّمات على الرّجل تحريمًا أبديًّا: وهنَّ الأمّهات والجدّات وإن علون، والخالات والعمّات وإن علون، والبنات من الأصلاب وبنات الزوجة إن كان قد دخل بها، وبنات الابن وبنات الابنة وإن سفلن، وزوجات الأبناء من الأصلاب، والأمّهات والأخوات من الرّضاعة، وأمّهات الزّوجات.
- المحرّمات على الرجل تحريمًا مؤقّتًا: بحيث يتم التحريم لسبب وإن زال السبب أصبحن غير محرّماتٍ عليه وهنّ أخت الزوجة وعمّتها وخالتها، والمرأة المحرمة في حجٍّ أو عمرة، والمحصّنة أي المتزوّجة حتّى يموت عنها زوجها أو يطلّقها، وتنقضي عدّتها الواجبة عليها بموت زوجها أو طلاقها والله أعلم.
هل يجوز زواج الرجل من أخت زوجته
يُحرم على الرَّجل أنّ يتزوج من أخت زوجته إذا كانت على عصمته، أو إذا كانت مطلقة منه ولم تنتهِ عدَّتها إن كان طلاقها طلاقًا رجعيًا، أمَّا إذا انتهت العدّة فيجوز له الزواج بها باتفاق أهل العلم، أما لو طلقها طلاقًا بائنًا لا رجعة فيه، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يمكن للرجل أن يتزوج بأخت زوجته إلى أن تنتهي عدتها، أما البعض الآخر فقد قالوا بأنه يجوز له الزواج فورًا إن كان طلاق زوجته بائنًا، لكن الراجح هو القول الأول فلا يتزوج من أخت طليقته حتى تنتهي العدة في كلّ أحوالها، ومن الجدير بالذّكر أنّه يباح للرجل الزواج بأخت زوجته إذا توفيت زوجته، بحيث أجاز الشرع له الزواج بأختها من حين الوفاة، والله ورسوله أعلم.[2]
شاهد أيضًا: هل يجوز للرجل ان يتزوج اخت ارملته
حكم الزواج بأخت الزوجة المطلقة
يجوز للرجل أن يتزوج أخت زوجته المطلقة إذا انتهت العدة، والدليل على ذلك قول الله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْن}[1]، إما إن تزوجها قبل انتهاء العدة، فزواجه باطل، ويلزمه أن يفارقها، فقد سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن مسألة هل يجوز الزواج من أخت الزوجة بعد طلاقها، وأجاب كما يأتي:[4]
“إذا طلق الإنسان امرأة واعتدت جاز له أن يتزوج أختها وعمتها وخالتها، بعد خروجها من العدة، وهذه قد اعتدت وتزوجت فلا حرج عليه أن يتزوج أختها، إذا لم يكن بينهما رضاع، نعم”
هل يجوز زواج الرجل من أخت زوجته بعد وفاتها
بينت الشريعة الإسلامية أنه يجوز للرجل أن يتزوج من أخت زوجته بعد وفاتها، ولا حرج عليه على الإطلاق[5]، وأعظم مثال على ذلك الصّحابيّ الجليل ذي النّورين عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- فقد تزوّج من رقيّة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعندما توفيت تزوّج بأختها أمّ كلثوم -رضي الله عنها- بنت رسول الله، حيثُ إنّ الممنوع في الشّرع الجمع بين أختين على ذمة رجلٍ واحد، فلو حصلت فرقة بين الرجل وزوجته بالموت أو بالطلاق أو غير ذلك جاز له نكاح أختها، قد ورد في شرح الزاد عن الشيخ حمد بن عبد الله الحمد أنه قال: “إذا طلق المرأة وفرغت من عدتها فله أن ينكح أختها وله أن ينكح عمتها وله أن ينكح خالتها وذلك؛ لأن التحريم إلى أمدٍ وليس بتحريم على الأبد، فقد زال المانع وهو الجمع وهنا لا جمع…”.
شاهد أيضًا: هل يجوز رجوع الزوجين بعد الخلع
هل يجوز زواج الرجل من أختين
لا يجوز للرجل أن يتزوج أختين في ذات الوقت، لأنّ الجمع بين الأختين في الزَّواج محرم بكتاب الله -تعالى- فقد قال في محكم تنزيله: {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف}، كما أنّ الجمع بين الأختين تحت عصمة رجل واحد محرم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في صحيح البخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “لما قالت له أم حبيبة: يا رسول الله، انكح أختي بنت أبي سفيان فقال: أو تحبين ذلك؟” فقالت: نعم، لست لك بمخلية، وأحب من شاركني في خير أختي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن ذلك لا يحل لي” ثم قال صلى الله عليه وسلم: “فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن”[6]، أما لو حصلت فرقة بين الرجل وزوجته سواء كان ذلك بالموت أو بالطلاق جاز له نكاح أختها.[7]
وهكذا نصل وإيّاكم إلى نهاية هذا المقال الذي قدمناه لكم بعنوان هل يجوز زواج الرجل من أخت زوجته، فقد عرفنا في هذا المقال بعضًا من المعلومات حول المحرمات من النساء في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد أدرجنا لكم الإجابة الصحيحة حول السُّؤال المطروح، ثمّ بيّنا حكم الزواج بأخت الزوجة المطلقة، وأيضًا هل يجوز زواج الرجل من أخت زوجته بعد وفاتها، كما ختمنا مقالنا ببيان هل يجوز زواج الرجل من أختين، نرجو أن نكون قد وفقنا في الإجابة على هذا السؤال وأن نكون حملنا لكم الفائدة في هذا المقال.
المراجع
- ^ سورة النساء، الآية 23
- ^ islamweb.net، المحرمات من النساء في الكتاب والسنة، 22/01/2023
- ^ islamweb.net، متى يباح الزواج بأخت الزوجة، 22/01/2023
- ^ binbaz.org.sa، حكم الزواج بأخت الزوجة المطلقة، 22/01/2023
- ^ islamqa.info، الزواج من أخت الزوجة بعد وفاتها، 22/01/2023
- ^ صحيح أبي داوود، أم سلمة أم المؤمنين، الألباني، 2056 ، صحيح.
- ^ islamweb.net، المقصود بعدم الجمع بين الأختين، 22/01/2023
التعليقات