هل يجوز عدم توزيع الأضحية ومتى يجب توزيع الأضحية

هل يجوز عدم توزيع الأضحية ومتى يجب توزيع الأضحية
هل يجوز عدم توزيع الأضحية

هل يجوز عدم توزيع الأضحية ومتى يجب توزيع الأضحية ، وهي من الأمور التي يجب توضيحها من أحكام الأضّحيّة للمسلمين، حيثُ إنّ الأضحية إحدى الشعائر الدينية التي يتقرب بها المسلمون إلى الله تعالى، ومن خلال هذا المقال سيتم بيان ما هي الأضحية، وهل يجوز عدم توزيع الأضحية، وحكم تقسيم الأضحية في الإسلام، وسوف نعرف هل تقسيم الأضحية ثلاث أثلاث له أصل في الشرع الإسلامي، وعرفنا هل يجوز توزيع الأضحية على الأقارب وهل يجوز تخزين لحم الأضحية وهل يجوز توزيع الأضحية كاملة وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل الأخرى.

مفهوم الأضحية وحكمها

تعتبر الأضحية اسمًا لما يُضحّى به، وهي ما يذبح من بهيمة الأنعام في أيام عيد الأضحى تقربًا لله -تعالى- وابتغاء رضاه، وهي مشروعة ونقل الإجماع على مشروعيتها المذاهب الفقهية الأربعة، وأمّا حكمها فهو سنّة مؤكّدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أمر بها وواظب عليها[1]، ودليل ذلك حديث أمِّ سَلَمةَ -رَضِيَ اللهُ عنها- قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “إذا دخلتِ العشرُ، فأراد أحدُكم أنْ يُضحِّيَ، فلا يمسَّ منْ شعرهِ، ولا منْ بشَرهِ شيئًا”[2]، وقال العلماء إنّ وجه الدلالة هنا هو أنَّه عَلَّقَ الأضْحِيَّةَ بالإرادةِ، والواجِبُ لا يُعلَّقُ بالإرادةِ لذا فهي سنّة مؤكّدة.

هل يجوز عدم توزيع الأضحية

لا يجوز عدم توزيع الأضحية، فقد دلَّ العديد من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة على وجوب التَّصدق بشيء من الهدي والأضحية ولو كانت الكمية قليلة وهو مذهب الشافعية والحنابلة [3]، فقد قال -تعالى- في كتابه العزيز: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}[4]، وعليه فإن القانع هو الفقير الذي لا يسأل تقنعاً وتعففاً، والمعتر هو الفقير الذي يتعرض ولا يسأل، فالمستحبّ للمضحي أن يجعل أضحيته على ثلاثة أجزاء جزءًا للفقراء وجزءًا للإهداء وجزءًا للأكل، لقوله سبحانه وتعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}[5]، كما حثّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على التصدق من الأضحية بدليل ما جاء عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فَكُلُوا ، وَادَّخِرُوا ، وَتَصَدَّقُوا”[6].

هل يجوز عمل وليمة على الأضحية

ذهب الفقهاء من أهل العلم إلى جواز أن يعمل المسلم وليمة بأضحيته ولا حرج عليه في ذلك، حيث يجوز للمسلم أن يأكل الأضحية كلها دون أن يوزع منها شيئًا، كما يجوز له أن يوزعها كلها دون أن يأكل منها شيء، وذلك حسب ما ذهب إليه الكثير من الفقهاء في الإسلام، كما أشار الفقهاء إلى أن يجوز للمسلم أن يعمل وليمة عرس من لحم أضحيته ولا حرج في ذلك، وقد ورد في موقع الإسلام سؤال وجواب ما مفاده حول ذلك: “فإنه لا حرج في تقديم لحم الأضاحي في حفل الزفاف، وليست في هذا نسبة محددة؛ فقد ذكر أهل العلم أن المضحي يشرع له أن يستعمل لحم الأضحية في وليمته، قال النفراوي في شرح الرسالة: لو فعل بأضحيته سنة عرسه أجزأته”.[6]

هل تقسيم الأضحية ثلاث أثلاث له أصل في الشرع

إنَّ تقسيم الأضحية على ثلاثة أثلاث في الشرع الإسلامي لم يرد في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه اجتهاد من الفقهاء المسلمين تيسيرًا عليهم، وذلك استجابة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : “دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِن أهْلِ البادِيَةِ حَضْرَةَ الأضْحَى زَمَنَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ادَّخِرُوا ثَلاثًا، ثُمَّ تَصَدَّقُوا بما بَقِيَ، فلَمَّا كانَ بَعْدَ ذلكَ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الأسْقِيَةَ مِن ضَحاياهُمْ، وَيَجْمُلُونَ منها الوَدَكَ، فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: وما ذَاكَ؟ قالوا: نَهَيْتَ أنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الضَّحايَا بَعْدَ ثَلاثٍ، فقالَ: إنَّما نَهَيْتُكُمْ مِن أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتي دَفَّتْ؛ فَكُلوا وادَّخِرُوا وتَصدَّقُوا”.[6]

حكم تقسيم الأضحية في الإسلام

بين الدين الإسلامي أنه يستحب للمضحي أن يقسم الأضحية، بحيث يتم تقسيمها إلى 3 أثلاث؛ ثلث يأكل منها هو وعائلته، والثلث الآخر يهديها، أما الثلث الأخير فيتصدق بها[7]، وبهذا التقسيم يكون المسلم قد حقَّق أمر الله تعالى، حيث أمر بالأكل من الأضحية وإطعام البائس الفقير، لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[4]، ويجدر بالذّكر أنه يجوز للمضحي أن يأكل أكثر من الثلث ولا بأس في ذلك؛ لأن التقسيم ليس للوجوب بل للاستحباب، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: “ويُطْعِمُ أهْلَ بَيتِه الثُّلثَ، ويُطْعِمُ فُقراءَ جِيرانِه الثُّلثَ، ويتصدَّقُ على السُّؤَّالِ بالثُّلثِ”[8]، كما أنّ ما يقسّم من الأضحية هو اللحم فقط؛ لأنه يعود بالنَّفع على المحتاجين والفقراء، أما باقي الأضحية من المستحب تقسيمها، وإذا لم يتم التقسيم فلا بأس في ذلك.

حديث عن تقسيم الأضحية

جاء في سنّة الحبيب المصطفى سيدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- أحاديث تدل على كيفية تقسيم الأضحية، وينص على ما جاء عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “ويُطْعِمُ أهْلَ بَيتِه الثُّلثَ، ويُطْعِمُ فُقراءَ جِيرانِه الثُّلثَ، ويتصدَّقُ على السُّؤَّالِ بالثُّلثِ”[8]، حيثُ بيّن رسول الله -عليه الصلاة والسَّلام- طريقة تقسيم الأضحية وفق ثلاثة أقسام متساوية، فيأكل المضحّي هو وأهله ثلث الأضحية، ويُعطي المحتاجين والفقراء من جيرانه الثلث الثاني منها، ويعطي الثّلث الأخير من الأضحية للسّائلين[7].

كما جاء عن عبدالله بن واقد -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “نَهَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، قالَ عبدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ: فَذَكَرْتُ ذلكَ لِعَمْرَةَ، فَقالَتْ: صَدَقَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ، تَقُولُ: دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِن أَهْلِ البَادِيَةِ حَضْرَةَ الأضْحَى زَمَنَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ادَّخِرُوا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَصَدَّقُوا بما بَقِيَ، فَلَمَّا كانَ بَعْدَ ذلكَ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الأسْقِيَةَ مِن ضَحَايَاهُمْ، وَيَجْمُلُونَ منها الوَدَكَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: وَما ذَاكَ؟ قالوا: نَهَيْتَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَقالَ: إنَّما نَهَيْتُكُمْ مِن أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتي دَفَّتْ، فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا”[8]، فقد بيّن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في الحديث كيفية تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أقسام، ويكون القسم الأول ليأكل منه المضحي، والقسم الثاني للادخار، أما القسم الثالث يتصدّق فيه المضحّي للفقراء والمساكين.

هل يجوز طبخ الأضحية وتوزيعها

بيّن أهل العلم بأنه يجوز طبخ القسم الخاص بالمضحي، أمَّا الثلث الذي يتصدق به لا يجوز طبخه[9]، ويجدر بالإشارة إلى أنّ طبخ الأضحية كاملة وعدم التصدق بجزء منها لا يجوز، لأن الله -تعالى- أمر المضحي أن يتصدق بشيء يسير من الأضحية للفقراء، فقد قال -تعالى- في محكم تنزيله: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ الله فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}[5]، وعلى هذا يلزمهم أن يضمنوا ما أكلوه عن كل شاة شيء من اللحم  يشترونه ويتصدقون به.

هل يجوز اعطاء الجزار من الأضحية

لا يجوز إعطاء الجزار شيء من الأضحية إذا كانت على سبيل الأجرة[10]، وقد استدل العلماء على عدم جوازها بحديث الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال:”أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أمَرَهُ أنْ يَقُومَ علَى بُدْنِهِ، وأَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا، لُحُومَهَا وجُلُودَهَا وجِلَالَهَا، ولَا يُعْطِيَ في جِزَارَتِهَا شيئًا”[11]، وفي هذا الحديث إشارة إلى عدم إعطاء الجزار أي عوض عن الأجرة، أما إذا تم إعطاء الجزار على سبيل الصدقة أو الهدية فلا بأس في ذلك، فقد قال الإمام النووي -رحمه الله- في هذه المسألة المهمة: “واتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أنه لا يجوز بيع شيء من الهدي ولا الأضحية نذرًا كان أو تطوعًا؛ سواء في ذلك اللحم والشحم والجلد والقرن والصوف وغيره، ولا يجوز جعل الجلد أجرة للجزار”.

هل يجوز توزيع الأضحية على الأقارب

يجوز توزيع الأضحية على الأقارب إن كانوا من الفقراء والمساكين، فقد قال الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}[5]، لذلك فالمشروع للمضحي في أضحيَّته أن يأكل ويُطعم غيره من الفقراء سواء كانوا من الأقارب أو الأصدقاء، كما أنّ في توزيعها عليهم ينال المضحّي أجرين، أجر الصّدقة وأجر الإحسان إلى ذوي القربى[12]، فقد قال الإمام ابن باز -رحمه الله تعالى- عن ذلك: “وإن أعطى الفقراء أيضًا من جيرانه وأقاربه؛ فلا بأس، فالأمر في هذا واسعٌ، والحمد لله”[13]، وفي ذلك بيان للمسلمين بإمكانية التوزيع على الفقراء، سواء كانوا من الجيران أو الأقارب، أو من لا يعرفهم المضحي، والله أعلم.

متى يجب توزيع الأضحية

يستحب توزيع الأضحية بعد ذبحها وتقسيمها مباشرة وهو أفضل عند أهل العلم، ولو أجلها قليلاً لا حرج في ذلك على الإطلاق، فقد ذكر العلماء على موقع إسلام ويب ذلك بقولهم: “ولا حرج عليك في تأخير التوزيع، وإن كان الأفضل المسارعة إلى تعجيله من غير عذر، نظراً للأمر بالمبادرة إلى فعل الخير، ولما قد يطرأ على الإنسان من معوقات تعوقه عن فعل الطاعة”، وعليه أن كلا الأمرين جائز، ولكن الأفضل هو التّعجيل؛ لما يدخل هذا الأمر الفرح والسرور على قلوب الفقراء، وهذا يعدّ جزء من أهداف التضحية في هذا العيد المبارك، والله أعلم.[14]

مقالات قد تهمك

وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذا المقال الذي وضح هل يجوز عدم توزيع الأضحية، وما هو تعريف الأضحية، وما حكمها في الإسلام، كما تمّ بيان الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح، وقد تطرّق المقال إلى بيان هل يجوز طبخ الأضحية وتوزيعها، وهل يجوز توزيع الأضحية على الأقارب، وقد تعرفنا على كيفية توزيع الأضحية حسب الشرع الإسلامي، كما عرفنا هل يجوز عدم توزيع لحم الأضحية وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل المتعلقة.

المراجع

  1. ^ wikiwand.com، أضحية، 08/06/2024
  2. ^ صحيح النسائي ، أم سلمة أم المؤمنين، الألباني، 4376، حديث صحيح.
  3. ^ islamqa.info، حكم أكل جميع الأضحية أو التصدق بجميعها، 08/06/2024
  4. ^ سورة الحج، الآية 36
  5. ^ سورة الحج ، الآية 28
  6. ^ صحيح أبي داود، عائشة أم المؤمنين، الألباني، 2812 ، صحيح.
  7. ^ islamweb.net، السنة في تقسيم الأضحية، 08/06/2024
  8. ^ صحيح مسلم، عبدالله بن واقد، مسلم، 1971، صحيح.
  9. ^ كشاف القناع ، عبد الله بن عباس، أبو موسى المديني، 22/3،حسن
  10. ^ al-eman.com، الأضــاحــي، 08/06/2024
  11. ^ islamweb.net، إعطاء الجزار الأجرة من الأضحية.. رؤية شرعية، 08/06/2024
  12. ^ صحيح البخاري ، علي بن أبي طالب ، البخاري ، 1717 ، صحيح
  13. ^ binbaz.org.sa، ما المشروع في توزيع الأضحية؟، 08/06/2024
  14. ^ islamweb.net، تعجيل توزيع الأضحية أفضل، 08/06/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *