هل يجوز قراءة القرآن من الجوال وأنا منسدح

هل يجوز قراءة القرآن من الجوال وأنا منسدح هو الموضوع الّذي سيتناوله هذا المقال، وهو من الأحكام الفقهية المهمة والتي ينبغي على كل مسلم ومسلمة معرفتها، حيثُ يعتبر القرآن الكريم بأنه منهجاً شاملاً للأمة الإسلامية، فهو يوضح كافة الأحكام المرتبطة بالعبادات والفرائض، كما إنّ قراءة القرآن هو أحد أفضل الأعمال التي يمكن أن يقوم بها المسلم لينال الأجر والثواب من رب العالمين، ومن خلال هذا المقال سيتم بيان حكم قراءة القرآن من الجوال.

فضل قراءة القرآن الكريم

إنّ القرآن الكريم هو كلام الله المعجز والذي أنزله على سيدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، حيثُ إنّ الله أمر عباده المؤمنين بتعلُّم القرآن الكريم وقراءة آياته آناء الليل وأطراف النهار لينال المؤمن فضائل كثيرة، ويمكن الوقوف على بعض فضائل قراءة القرآن الكريم فيما يأتي:^[1]

• إنزال السكينة والهدوء على قارئه، قد ورد عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-: “كانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الكَهْفِ وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ بشَطَنَيْنِ، فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ فَجَعَلَتْ تَدُورُ وَتَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ منها، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرَ ذلكَ له، فَقالَ: تِلكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ”^[2].
• يكون يوم القيامة مع الملائكة، أي من السفرة الكرام البررة، حيثُ ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “الْماهِرُ بالقُرْآنِ مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، والذي يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وهو عليه شاقٌّ، له أجْرانِ”^[3].
• يعدّ القرآن شفيعاً لصاحبه يوم القيامة، فقد ورد عن أبي أمامة الباهليّ -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ”^[4].
• زيادة الحسنات والأجر والثواب عند الله سبحانه وتعالى، فقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “يقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرَأ وارقَ ورتِّل كما كُنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلتَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها”^[5].
• إنّ لقارئ القرآن قدر عظيم في الدنيا والآخرة،  فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ التَّمْرَةِ، لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها مُرٌّ، ومَثَلُ المُنافِقِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ، كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، ليسَ لها رِيحٌ وطَعْمُها مُرٌ”^[6].

هل يجوز قراءة القرآن من الجوال وأنا منسدح

يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن من الجوال وهو منسدح على السرير أو على الأرض ولا حرج في ذلك على الإطلاق،  وهو جواب لسؤال هل يجوز قراءة القران وانا منسدحه أيضًا، ولا فرق بين الذكر والأنثى في ذلك، فقد قال تعالى: “الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار”^[7]، حيث يعتبرقراءة القرآن هو أعظم الذّكر، كما تدل الآية بأنّ المسلم يستطيع أن يقرأ من كتاب الله سواء كان قائمًا، أو قاعدًا، أو مضطجعًا، فقد روى البخاري ومسلم أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتكئ في حجر عائشة ويقرأ القرآن، كما قال النووي -رحمه الله- في شرح صحيح مسلم: “فيه جواز قراءة القرآن مضطجعا ومتكئاً”، بالإضافة إلى أنّ أجر قراءة القرآن من الجوال لن ينقص عن أجر قراءته من المصحف، كما يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن من الهاتف دون وضوء لأنه لا يمسُّ المصحف وله الأجر والثواب بإذن الله تعالى.^[8]

هل يجوز قراءة القرآن وأنا مستلقي على ظهري إسلام ويب

ذكر موقع إسلام ويب بأنه يجُوز للمرء أن يقرأ من كتاب الله -تعالى- وهو مستقلي على ظهره، واستدلوا بقوله تعالى: “الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ”^[7]، وأيضًا قوله: “فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُم”^[9]، فقد ذكر الطبري عن ابن جريج في تفسير هذه الآية: “هو ذكر الله في الصلاة وفي غير الصلاة، وقراءة القرآن”، حيثُ إنّ قراءة القرآن هو من أعظم أنواع الذكر، وهو من الأمور المستحبة التي يؤجر من يقوم بها ولا يحاسب من يتركها، غير أن المسلم المؤمن والراغب في الأجر العظيم لا يترك قراء القرآن الكريم حتى ينال الدرجات العالية عند الله تعالى، ومن الجدير بالذّكر أنه لم يرد ما يمنع من القراءة في حال الاضطجاع على الجانب الأيسرأو الأيمن، أو الاستلقاء على الظهر.^[10]

هل يجوز قراءة القرآن على السرير بملابس النوم

أجاز الشرع الإسلامي قراءة القرآن الكريم بملابس النوم أو الملابس الداخليّة حتى لو لم تستر كافة البدن ولا حرج في ذلك، ولكن من الأفضل أن يكون المسلم في أجمل وأبهى وأكمل حالاته عندما يقرأ القرآن، لأنه يناجي الله -تعالى- ويقرأ كلامه ويتقرب إليه بكلماته المباركة،  فقد قال الترمذي الحكيم أبو عبد الله في نوادر الأصول: “ومن حرمته -أي حرمة القرآن- أن يتلبس كما يتلبس للدخول على الأمير لأنه مناج… وكان أبو العالية إذا قرأ اعتم ولبس وارتدى واستقبل القبلة..”.^[11]

هل يجوز قراءة القرآن بدون وضوء

بعد بيان هل يجوز قراءة القرآن الكريم من الجوال وأنا منسدحه قد يتساءَل البعض عن حُكم قراءة القُرآن بدون وضوء،  تُعدّ مسألة الطهارة من الأمور الهامة في الشريعة الإسلامية وبالتحديد في مسائل العبادات، ولكن قراءة القرآن الكريم دون وضوء هو أمرًا جائزًا ولا حرج فيه لمن ليس محدثًا حدثًا أكبر، أما مسّ القرآن لمن لم يكن على وضوء فهو غير جائز شرعًا بإجماع الأئمة الأربعة، كما  ورد عن الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى-  أنّه قال في تعقيبه على هذه المسألة الفقهية:^[12]

“تجوز قراءة القرآن بدون وضوء إذا كان لا يمس المصحف، بل يقرأ عن ظهر قلب، أما مس المصحف فلا يجوز إلا على طهارة، والمطهرون المذكورون في قوله تعالى: لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79] هم: المتطهرون من الحدث الأكبر والأصغر في قول بعض العلماء، والصحيح أن المراد بهم الملائكة، وأما الجنب فلا يقرأ شيئًا من القرآن لا حفظًا ولا من المصحف؛ لما ثبت عن علي  أنه قال: كان النبي ﷺ لا يحجزه شيء عن القرآن سوى الجنابة”

هل يجوز مد الرجلين عند قراءة القرآن

إنّ الخوض في بيان هل يجوز قراءة القران من الجوال وأنا منسدح يدفع البعض إلى البحث عن الحكم الَّشرعيّ لمد الرِّجلين عند قراءة القرآن الكريم، حيث أوضح الشّرع الإسلامي الحنيف بأنَّه لا حرج على المسلم أن يقرأ من كتاب الله أثنا مد الرِّجلين، حيث لم يرد دليل في السّنة النبوية أو القرآن الكريم على تحريم أو نهي المسلم عن ذلك، كما ورد الأمر بذكر الله على جميع الهيئات، فقد قال تعالى:” فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ”^[9]، ولكن من آداب تلاوة القرآن الكريم أن يقرأ المسلم وهو على أكمل هيئة وأحسن حالة احترامًا وتوقيرًا لكلمات الله تعالى.^[13]

هل يجوز قراءة القرآن وأنا أمشي

يجوز قراءة القرآن الكريم أثناء المشي ولا حرج في ذلك ^[14]، ومن الجدير بالذّكر أنّ المسلم يستطيع قراءة القرآن الكريم أو حفظه أثناء ممارسة الرِّياضة، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ القرآن وهو راكب على دابته وماش، كما يدل على جوازه ما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت : “كان النبي صلى الله عليه وسلم يَتَّكِئُ فِي حَجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ”، ولكن الأفضل هو قراءة القرآن على أفضل حال، وهو الجلوس مستقبلاً القبلة، فقد قال النووي في المجموع: “يستحب أن يستقبل القبلة، ويجلس متخشعاً بسكينة ووقار، ولو قرأ قائماً أو مضطجعاً أو ماشياً أو على فراشه، جاز…”^[15]

هل يجوز قراءة القرآن من الهاتف في الصلاة

أوضح الجمهور من المالكيَّة والشّافعيَّة والحنابلة بجواز قراءة المسلم القرآن من الهاتف المحمول أثناء الصَّلاة، فقد تمّ القياس بناءً على حكم القراءة من المصحف، واستدلوا بما ورد عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنّه كان يؤمها عبدٌ لها وهو يقرأ من مصحف بين يديه ^[16]، ولكن أوضحوا بأنّ القراءة من المصحف هي من الأمور المكروهة في الفرض دون النفل لأنّ في ذلك انشغالاً عن الصلاة بحمل المصحف، أما الحنفية فكان لهم رأيًا آخر حيث ذهبوا إلى كراهة ذلك، فقد رأو أنّ حمل المصحف ووضعه وتقليب صفحاته يُفسد الصلاة، كما أنّ القراءة من المصحف شبيه بالتلقي من المعلّم، وهذا لا يجوز داخل الصلاة، وبذلك ينطبق هذا الحكم على القراءة من الهاتف.^[17]

ما هي آداب قراءة القرآن الكريم

إنّ قراءة القرآن الكريم هي من أعظم  وأجلّ العبادات في الشَّريعة الإسلامية، فهو الكتاب الذي نزل هداية للناس، حيث قال تعالى: “كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ”^[18]، فقد أمر الله عباده المؤمنين الصالحين بتعلمه وتلاوته لما له فضل عظيم، ومن أجل أن ينال المسلم الأجر والثواب في الدنيا الآخرة ينبغي معرفة الآداب والذروط الصحيحة عند تلاوته، وفيما يأتي سيتم استعراض أهم الآداب المتعلقة بقراءة القرآن الكريم:^[19]

• استقبال المسلم للقبلة عند قراءة القرآن.
• الإستعاذة من الشيطان قبل القراءة.
• المحافظة على بدء القراءة  البسملة.
• حرص المسلم على أن يكون طاهرًا وعلى وضوء.
• إخلاص النية في قراءة القرآن الكريم لوجه الله -تعالى-.
• الاهتمام بترتيل القرآن الكريم.
• الاجتماع لتلاوة القرآن في بيت من بيوت الله عزّ وجل.
• عدم الانشغال بالناس عند قراءة القرآن الكريم.
• عدم هجر القرآن الكريم والحرص على تلاوته باستمرار.
• عدم التثاؤب عند القراءة وإذا حدث معه ذلك يتوقف عن القراءة.
• تعطير فم المسلم قبل القراءة  باستخدام السواك، فهو من السنن الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هل يجوز قراءة القرآن في فراش النوم

يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن الكريم في فراش النوم ولا حرج في ذلك، ولكن إذا كان الفراش متنجسًا فإن ذلك قد يكون مكروهًا، ولذلك يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن الكريم في الفراش ولا حرج في ذلك، لأن قراءة القرآن جائزة في جميع الأوقات والأحوال، وقد ورد في موقع إسلام ويب ما مفاده حول ذلك: “إن القراءة على الفراش المتنجس جائزة مع الكراهة، ولذلك ينبغي لمن تنجس فراشه الذي يقرأ عليه القرآن أن يطهره أو يغيره، فإن من آداب التلاوة أن يكون القارئ في مكان نظيف طاهر تعظيماً لكتاب الله، وقد نص بعض الفقهاء على كراهة قراءة القرآن في الأماكن القذرة، واستحبوا أن تكون القراءة في مكان نظيف وأن يكون القارئ متطهراً لأنه يناجي المولى تعالى”، ولذلك من دون شك يجوز القراءة في الفراش من دون كراهية إذا لم يكن نجسًا.^[20]

مقالات قد تهمك

بهذا نصل لنهاية مقالنا الّذي حمل عنوان هل يجوز قراءة القرآن من الجوال وأنا منسدح، حيث تعرفنا على الحكم الشرعي في هذه المسألة، بالإضافة إلى معرفة فضل قراءة القرآن الكريم، كما تم الوقوف على مجموعة من الأحكام الشرعية ذات العلاقة بقرآة كتاب الله، ونختم مع بيان أهم الآداب التي يشترط الالتزام بها لتحقيق الأجر والثواب من الله عزّ وجل.