هل يجوز للمرأة الاعتكاف في المسجد وما شروط ذلك

هل يجوز للمرأة الاعتكاف في المسجد وما شروط ذلك من المعلومات التي يجهلها كثير من المسلمين، ولا بدَّ من الاطلاع على مثل هذه المعلومات حتى يتمكن المسلم من عبادة الله تعالى كما يجب، وأن يلجأ إليه في كل وقت، وسوف نقدم للزوار الكرام في هذا المقال معلومات عن الاعتكاف في المساجد، وسوف نتعرف على حكم الاعتكاف للنساء في المساجد، وحكم الاعتكاف في البيت للنساء، وشروط الاعتكاف في المساجد للنساء، وما إلى هنالك من معلومات وتفاصيل متعلقة.

ما هو الاعتكاف في المسجد

لا يختلف مفهوم الاعتكاف في اللغة عن المصطلح المستخدم في الشرع الإسلامي كثيرًا، حيث إنَّ مفهوم الاعتكاف في اللغة العربية يشير إلى إلزام الشخص نفسه بشيء معين وحبسها عليه، وسواء كان من أجل العبادة أو أعمال البر وغيرها، وبالتالي تخصيص الإنسان جهده ووقته من أجل القيام بشيء محدد، كما ورد في كتاب الله تعالى ما يشير إلى هذا المعنى في قوله: “وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ”،^[1] وأمَّا في الشرع فإنه يشير إلى الانقطاع عن الانشغال بالحياة الدنيا، والاشتغال بعبادة الله وحده وإفراغ القلب من أمور الدنيا، وحصر التفكير في ما يرضي الله تعالى والعمل فقط على ما يقرب إليه، ويتم الاعتكاف من خلال الإقامة في المسجد لفترة من الزمن مع إظهار مظاهر الزهد، والأنس بالله والمواظبة على طاعته والتقرب إليه، وهو سنة  عن رسول الله وقد دلت عليه العديد من الأحاديث، ففي الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ، حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِن بَعْدِهِ”،^[2] ويوجد للاعتكاف نوعان أحدهما قد يكون واجبًا والآخر يكون تطوعًا، ولكل من هذين النوعين شروطًا معينة بينها الفقهاء.^[3]

هل يجوز للمرأة الاعتكاف في المسجد

إنَّ الاعتكاف في الأصل يكون في المسجد ولا يكون في غيره، وذلك واحد في حق الرجال والنساء، ولذلك يجوز للمرأة أن تعتكف في المسجد، وفي كل مسجد سواء كان صغيرًا أم كبيرًا وسواء كانت تصلى به الجمعة أم لا، وقد كانت نساء النبي صلى الله عليه وسلم تعتكف وهذا ما ثبت في العديد من الأحاديث، فقد ورد في الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: “كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعْتَكِفُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ، فَكُنْتُ أضْرِبُ له خِبَاءً فيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ، فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أنْ تَضْرِبَ خِبَاءً، فأذِنَتْ لَهَا، فَضَرَبَتْ خِبَاءً، فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ، فَلَمَّا أصْبَحَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَأَى الأخْبِيَةَ، فَقالَ: ما هذا؟ فَأُخْبِرَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ألْبِرَّ تُرَوْنَ بهِنَّ؟ فَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ ذلكَ الشَّهْرَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِن شَوَّالٍ”،^[4] وقد أشار الفقهاء إلى أنَّ ذلك جائز ولا حرج فيه، وهو سنة مستحبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.^[3]

هل يجوز الاعتكاف للنساء في البيت

إنَّ الاعتكاف يكون في المسجد فقط حسب ما ذهب إليه الفقهاء من أهل العلم، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنَّ المرأة يجوز لها أن تعتكف في مسجد بيتها، ولكن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى أنَّ الاعتكاف لا يجوز إلا في المسجد، ولأن المسجد المخصص للمرأة في بيتها كمصلى لا يعتبر مسجدًا، ولا تجري عليه أحكام المسجد، ويجوز للحائض أن تدخله، وقد اعتكفت نساء الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد ولو جاز الاعتكاف في البيت لأرشدهن إلى الاعتكاف في البيوت لأنه أستر لهنَّ، وقد أشار الإمام النووي رحمه الله تعالى إلى ذلك في كتاب المجموع بقوله: “لا يَصِحُّ الاعْتِكَافُ مِنْ الرَّجُلِ وَلا مِنْ الْمَرْأَةِ إلا فِي الْمَسْجِدِ , وَلا يَصِحُّ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَرْأَةِ وَلا مَسْجِدِ بَيْتِ الرَّجُلِ وَهُوَ الْمُعْتَزَلُ الْمُهَيَّأُ لِلصَّلاةِ”، ولذلك فإنَّ الراجح حسب جمهور الفقهاء أن الاعتكاف لا يصح في البيت، وإنما في المسجد فقط سواء كان للرجل أو للمرأة.^[5]

حكم الاعتكاف للنساء في الحرم

يجوز للنساء الاعتكاف في المسجد الحرام كما في غيره من المساجد، ولا حرج في ذلك عليهن، فكل مسجد سواء كان صغيرًا أو كبيرًا يجوز الاعتكاف به، وقد سئل الشيخ ابن باز عن اعتكاف المرأة في المسجد الحرام، فأشار إلى ذلك بقوله رحمه الله تعالى: “لا بأس الاعتكاف في المسجد الحرام أو غيره من المساجد للنساء، فقد اعتكف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده في حياته عليه الصلاة والسلام وبعد وفاته عليه الصلاة والسلام، فلا بأس أن يعتكف النساء في المسجد. نعم”.^[6]

كم مدة الاعتكاف للنساء في المسجد

إنَّ الاعتكاف كما عرفنا سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أشارت الكثير من النصوص إلى مشروعية الاعتكاف، وأنه سنة مستحبة، وقد اعتكف النبي عليه الصلاة والسلام في العشر الأواخر من رمضان وفي غيرها ولكن لم يتم تحديد وقت معين له، ولا يوجد مدة محددة للاعتكاف، حيث يمكن أن يكون الاعتكاف لمدة ساعة أو ساعتين أو أكثر من ذلك، حيث يمكن أن يكون الاعتكاف لمدة يوم أو يومين أو أكثر من ذلك، حيث يجوز أن يمتد عشرة أيام أو أكثر، إذ لم يرد أي نص يشير إلى تحديد مدة الاعتكاف وهذا واحد في حق الرجال والنساء.^[7]

ما هي شروط الاعتكاف في المسجد للمرأة

هنالك العديد من الشروط التي لا بدَّ من توفرها من أجل الاعتكاف في المسجد، والكثير منها مشتركة بين الرجال والنساء، وبعضها مخصصة للمرأة فقط، وفيما يأتي أهم شروط الاعتكاف للنساء في المسجد:^[8]

• الامتناع عن الخروج من المسجد إلا لحاجة ضرورية.
• الامتناع عن الجماع والمباشرة بشهوة لأنَّ ذلك يبطل الاعتكاف وينافي مقاصده.
• يشترط للمرأة أن يأذن لها وليها حتى يجوز لها الاعتكاف في المسجد لأنها سوف تترك البيت وتلزم المسجد للعبادة.
• أن لا يكون في اعتكافها فتنة سواء لها أو لغيرها من الرجال، فالمرأة مطالبة بالستر والابتعاد عن مواطن الفتنة.
• أن تحتشم وتستتر عن الرجال في خباء أو ما شابه ذلك، كأن يكون في المسجد مكان مخصص للنساء، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنَّ المسجد الذي ليس فيه مكان مخصص للنساء لا يجوز للمرأة أن تعتكف فيه، لأنه لن يحقق شرط الستر والاحتشام وعدم الاختلاط.

مقالات قد تهمك

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال هل يجوز للمرأة الاعتكاف في المسجد وما شروط ذلك وقد تعرفنا على بعض المعلومات عن الاعتكاف في المساجد في الإسلام، كما تعرفنا على حكم الاعتكاف في المسجد للمرأة، وحكم الاعتكاف في المسجد الحرام للنساء، وتم إدراج شروط الاعتكاف للنساء في المسجد، وغيرها من المعلومات والتفاصيل الأخرى.