عناصر المقال
هل يجوز مجامعة الزوجة من الخلف أثناء الدورة الشهرية، فبعض الرجال لا يعرفون كثيرًا من الأحكام المتعلقة بالمعاشرة الزوجية خلال الحيض وقبله كذلك، فتكثر أسئلتهم حول ما يجوز وما لا يجوز فعله أثناء حيض الزوجة، ومنها مسألة الجماع من الدّبُر، وفي هذا المقال يتوقف موقع تصفح لتسليط الضوء على هذه المسألة المهمة، إضافة للوقوف على بعض المسائل الأخرى المهمة التي تتعلق بجماع الزوجة والأحكام التي ينبغي مراعاتها أثناء الحيض.
هل يجوز مجامعة الزوجة من الخلف أثناء الدورة الشهرية
ذهب علماء الشريعة الإسلامية إلى أنّه لا يجوز مجامعة الزوجة من الخلف -أي في دبرها- لا أثناء الدورة الشهرية ولا في غيرها، فقد قال الله -تعالى- في القرآن الكريم: {وَيَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِى ٱلْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللهُ ۚ إِنَّ ٱللهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّٰبِينَ وَيُحِبُّ ٱلْمُتَطَهِّرِينَ}،[1] والمكان الذي أمر به الله -تعالى- هو الفرج، ولقوله تعالى كذلك: {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ}.[2]
وأمّا إتيان المرأة في قبلها من الخلف فهو جائز في غير وقت الحيض أو النفاس، وذلك لقوله تعالى: {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ}،[2] ففي الحديث: “جاء عمرُ بنُ الخطَّابِ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: هلَكْتُ قال: (وما أهلَكك؟) قال: حوَّلْتُ رَحْلي اللَّيلةَ قال: فلم يرُدَّ عليه شيئًا فأوحى اللهُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذه الآيةَ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] يقولُ: (أقبِلْ وأدبِرْ واتَّقِ الدُّبُرَ والحِيضةَ)”،[4] فقصد عمر -رضي الله عنه- أنّه أتى امرأته في قبلها من الخلف، والله أعلم.[3]
هل يجوز مفاخذة الزوجة وهي حائض
المقصود بالمفاخذة هو استمتاع الرجل من زوجته بوضع ذكره بين فخذيها، ومسألة مفاخذة الزوجة وهي حائض فيها خلاف بين المذاهب الأربعة؛ فذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والمالكية إلى منع ذلك إن كان بلا حائل، بينما أجازه الحنابلة، وأمّا إن كان بحائل فأباحه -إضافة للحنابلة- الحنفية والشافعية، ومنعه المالكيّة.[5]
ودليل الجمهور الذي يمنعون به هذا الأمر هو حديث عائشة -رضي الله عنها- الذي تقول فيه: “كَانَتْ إحْدَانَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا، فأرَادَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُبَاشِرَهَا أمَرَهَا أنْ تَتَّزِرَ في فَوْرِ حَيْضَتِهَا، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا، قالَتْ: وأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إرْبَهُ، كما كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَمْلِكُ إرْبَهُ”،[6] بينما أباحه الحنابلة مطلقًا بحائل وبدون حائل، وقالوا إنّ الأفضل هو ستر الفرج، ولكنّه ليس بواجب، والله أعلم.[5]
هل يجوز مجامعة الحائض في واقي ذكري
لا يجوز مجامعة الزوجة في حال الحيض لا بواقي ولا من غير واقي، وذلك لعموم النهي الوارد في الشريعة، وإذا جامع الرجل زوجته وهي حائض بحائل كالواقي ونحوه فإنّه آثم، وفي إيجاب الكفارة في حقه خلاف بين العلماء، فالجمهور لا يوجبون الكفارة حتى لو كان عالمًا بالحكم، ولكن يجب عليه التوبة والاستغفار، وإن كان جاهلًا فلا إثم عليه ولا كفارة، وأمّا الحنابلة فيوجبون الكفارة حتى مع الجهل بالحكم، ولكن الكفارة تسقط عندهم إذا عجز عن دفعها، وهي دينار أو نصف دينار على التخيير، وإن كانت الزوجة مطاوعة له فعليها الكفارة كذلك، والله أعلم.[7]
جامعت زوجتي وهي حائض دون علم
قال العلماء إنّ من جامع زوجته وهو جاهل بأنّها حائض فلا شيء عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: “وُضِعَ عن أمَّتي الخطأَ والنِّسيانَ وما استُكرِهوا عليهِ”،[8] وكذا لو كان الزوجان جاهلان بالأمر فلا إثم عليهما، وإذا كان الرجل يجامع زوجته وحاضت أثناء العلاقة فعليهما التوقف فورًا وأن ينزعا، وإن لم ينزعا بعد العلم فهما آثمان، وإن كانت الزوجة مجبرة على استكمال العلاقة فالزوج آثم وحده.[9]
ولكن لو كانت الزوجة تعلم فعليها إثم وعليها الكفارة عند الحنابلة كما مرّ آنفًا، وكذا لو كان الرجل يعلم بحيض زوجته وواقعها بما دون الفرج ثمّ جامعها لفرط شهوته فهو آثم ويستحق الكفارة عند من أوجبها من العلماء، وكذا الزوجة إن طاوعته فهي آثمة، والنهي الوارد في وطء النساء حال الحيض عامّ لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ۚ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}،[1] والله أعلم.[9]
هل يجوز مجامعة الزوجة يوميا
لم تحدد الشريعة الإسلامية عدد مرّات معيّن لوطء الزوجة، وذلك لأنّها تختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، فلا تحدد الشريعة عادة عددًا معيّنًا للمرات في أحوال مثل هذه، ولكن قالوا إنّ على الزوج أن يطأ زوجته بقدر كفايتها “ما لم ينهك بدنه أو يشغله عن معيشته” كما قال العلماء، فوطء الزوجة بقدر كفايتها هو تحصين لها ضد الوقوع في الفاحشة،[10] ولكن إن كان الجماع اليومي مما لا تطيقه الزوجة فليس للزوج إجبارها لأنّه ليس من المعاشرة بالمعروف، وأمّا إن كانت لا تشكو شيئًا ودعاها زوجها للفراش وأبَت فإنّها تأثم وتكون عاصية لربها، يقول عليه الصلاة والسلام: “إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ فأبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ”،[11] والله أعلم.[12]
هل يجوز مجامعة الزوجة بدون غطاء
قال العلماء إنّه لا يلزم الزوجين التستر أثناء الجماع أو المداعبة، وذلك لا يتنافى مع الآداب ولا مع العشرة الزوجية، وأمّا الحديث الذي يستند عليه من يقول بوجوب التستر فهو الحديث القائل: “إذا أتَى أحَدُكم أهلَهُ فليَسْتَتِرْ ولا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ العَيْرَيْنِ” فهو حديث قد ضعّفه أكثر أهل العلم لضعف بعض رواته، ولذلك فلا تقوم به حجة، والله أعلم.[13]
هل يجوز استخدام الواقي الذكري أثناء الدورة الشهرية
لا يجوز للمسلم أن يطأ زوجته وهي حائض خلال الدورة الشهرية سواء كان ذلك بالواقي الذكري أو غيره، ولا يجوز استخدام أي حائل خلال الحيض، لأن ذلك محرم ولا يجوز ويأثم فاعله، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن وضع الواقي الذكري لا يسقط الكفارة عند من يوجبها، وقد ذهب جمهور الفقهاء من أهل العلم إلى أن الجماع خلال الدورة الشهرية سواء باستخدام الواقي الذكري أو بدونه يأثم صاحبه ويجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى من هذا الذنب وألا يعود إليه، وليس عليه كفارة أصلًا، ولكنه ذهب الحنابة إلى وجوب الكفارة على من جامع زوجته خلال فترة الحيض، والكفارة هي دينار أي ما يساوي 4.24 غرام من الذهب، ولكنها تسقط على من يعجز عنها وقت وجوبها ولا شيء عليه إن شاء الله، ولكن قول الجمهور ليس هنالك كفارة، ولكن يأثم من يقوم بهذا الفعل وعليه أن يتوب إلى الله تعالى.[7]
مقالات قد تهمك
إلى هنا يكون قد انتهى مقال هل يجوز مجامعة الزوجة من الخلف أثناء الدورة الشهرية بعد معرفة الحكم الشرعي حول هذه المسألة، وبعد الوقوف على عدد من الأحكام التي تتصل بالموضوع الرئيس.
المراجع
- ^ سورة البقرة، الآية: 222
- ^ سورة البقرة، الآية: 223
- ^ islamway.net، إتيان المرأة في دبرها، 20/11/2024
- ^ صحيح ابن حبان، عبد الله بن عباس، ابن حبان، 4202، أخرج ابن حبان هذا الحديث في صحيحه.
- ^ islamweb.net، حدود إباحة الاستمتاع بالحائض، 20/11/2024
- ^ صحيح البخاري، عائشة أم المؤمنين، البخاري، 302، حديث صحيح.
- ^ islamweb.net، جامع زوجته الحائض بواق ذكري جاهلا بالتحريم.. الحكم.. والواجب، 20/11/2024
- ^ شرح البخاري، عبد الله بن عباس، ابن الملقن، 25/276، حديث ثابت على شرط الشيخين.
- ^ islamweb.net، حكم من واقع امرأته وهما لا يعلمان بالحيض، 20/11/2024
- ^ islamqa.info، هل يوجد في الشريعة عدد أو مدّة معيّنة في وطء الزّوجة، 20/11/2024
- ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 3237، حديث صحيح.
- ^ islamqa.info، زوجته لا ترغب في كثرة الجماع فيلجأ للاستمناء، 20/11/2024
- ^ islamweb.net، تعري الزوجين قبل وأثناء الجماع، 20/11/2024
التعليقات