اسباب عقوق الوالدين ومظاهره وعاقبته

اسباب عقوق الوالدين ومظاهره وعاقبته
اسباب عقوق الوالدين

اسباب عقوق الوالدين والذي نهى الله -سبحانه وتعالى- عنه، ولو كان بالكلام القليل الذي قد لا يلقي له الأبناء بالاً، فعقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وأقبح الجرائم، وأبشع المهلكات، وبر الوالدين هو من أهم المهمات ومن أعظم القربات، ومن أجلّ الطاعات، ومن أوجب الواجبات، ويكفي بأنّ الله سبحانه وتعالى قد قرن حقَّ الوالدين والإحسانَ إليهما بعبادته سبحانه وتعالى، وقرن شُكرَهما بشكره، ولكن لماذا يعقُ الأبناء آبائهم هذا ما سنتعرف عليه في مقالنا الآتي الذي سيعرض بالتفصيل أسباب عقوق الوالدين.

اسباب عقوق الوالدين

هناك العديد من الأسباب التي تؤدّي إلى عقوق الوالدين، و فيما يأتي ذكر لأكثر هذه الأسباب انتشاراً:[1]

  • الجهل: عندما يكون المرء جاهلاً بالعواقب الكبيرة التي تترتب على عقوق الوالدَين، أو يجهل الثمراث الطيّبة لبرّ الوالدين والإحسان إليهما؛ ذلك يقوده إلى العقوق، ويبعده عن بِر الوالدين.
  • أسلوب التربية الخاطئ: فإن الوالدين إذا لم يُربّيا أولادهم على حُسن التعامل مع الآخرين، والصّلة والبرّ، والمحبة والحنان فيما بينهم، وكذلك الشدة المتناهية على الأولاد أو الدلال المفرط، وممارسة بعض الآباء للدكتاتورية والتسلط في التعامل مع الأبناء ومصادرة آرائهم وإرادتهم والتشديد عليهم، وكذلك غياب الحوار الأسري بين الآباء والأبناء كل ذلك يؤدي إلى القسوة وعقوق الوالدين.
  • التمييز وعدم العدل بين الأبناء: وهذا ممّا يُورث الكره والبغضاء والشحناء بين الأخوة، ويقودهم إلى الحقد على والدَيهم والقطيعة لهم والعقوق.
  • تناقض الآباء بين أفعالهم وأقوالهم: فإذا لم يكن الوالدين قدوة حسنة لأولادهم ولا يعملان بما يُعلّمونهم، فذلك يؤدّي إلى نفور الأولاد، ويدعوهم إلى التناقض أيضاً.
  • رفاق السُّوء: يتأثر الأولاد تأثيراً كبيراً بالصحبة السيئة غير الصالحة، وتجرّهم إلى عقوق الوالدين، مما يؤدي إلى ضعِف التربية الجيّدة.
  • كثرة المشاكل بين الوالدين: كثرة الخلافات بين الوالدين والشجار والصراخ أمام الأبناء، مما يفرق بين الأبناء ويجعلهم يقفون مع أحد الأبوين ضد الآخر، ويؤدي ذلك إلى العقوق.
  • الانفصال والطّلاق: عدم تقوى الله عز وجل في حالات الطلاق والانفصال|، إذ يحرّض كل من الأبوين أولادهما على الآخر، كأن تذكر الأم مساؤى الأب أمام أولادها، أو يذكر الأبّ سيئات الأمّ أمام أبنائه، ممّا يؤدّي إلى عقوق الأبناء لوالدَيهما.
  • عدم إعانة الوالدين لأبنائهم على البرّ: فإذا كان الآباء ممن لا يُشجّعون أبناءهم إذا أحسنوا ونجحوا، أو الغضب منهم والتوبيخ لهم باستمرار، فإذا لم يجد الأبناء الدعم والتشجيع من الوالدين يملون منهم ويتخلون عن برهم.
  • حبّ الراحة والدّعّة:  في حال كبر الوالدَين في السّنّ، أومرضهما وعجزهما، قد يقوم الأبناء بإراحة أنفسهم من خدمتهم والتخلص منهم بوضعهم في مأوى العجزة، مع أن البركة كلها في خدمتهم.
  • سوء أخلاق الولد: قد يؤدي سوء خلق الابن في تعامله مع والديه، إلى عقوقهما وعدم الاستماع إلى أوامرهما.
  • سوء خلق الزوجة: ففي بعض الأحيان  قد تكون الزوجة غير صالحة وذات أخلاق سيئة فتؤثّر على زوجها لعدم حّبها لوالديه، فيقسو قلبه على والديه فيعقهما ويسيء إليهما بسببها.
  • عدم الشعور والإحساس بالوالدَين: فبعض الأبناء لم يجرّبوا الأبوّة أو الأمومة بعد، ولم يعرفوا مقدار ما ضحى الوالدين من أجلهم وما قدموا إليهم، فيتساهل الأولاد في الاستماع إلى نصائح الوالدين وفي السّهر والتأخّر في اللّيل، فيبتعدوا عن والديهم ولا يهتمون بهم، وهذا من عقوق الوالدين.
  • عقّ الوالدَين لوالدَيهما: فقد يؤدّي ذلك لعقوق الأبناء لهم، فالأولاد يتعلمون البر من آبائهم، فإذا رؤوا العقوق في تعامل آبائهم مع أجدادهم تعلموه وطبقوه.

شاهد أيضاً: تعبير عن عقوق الوالدين بالعناصر كاملة

مفهوم عقوق الوالدين

هناك تعريفان مختلفان للعقوق أحدهما لغوي والآخر اصطلاحي، ونشرحمها بالتفصيل فيما يأتي: [2]

  • العقوق لغةً: يأتي العقوق لغةً من الفعل عقَّ؛ وهو ضدّ البِرّ، وأصله من القطع والشّق، فيُقال: عقّ أباه أو أمّه عقوقاً؛ أي عصاهما وترك الإحسان إليهما.
  • العقوق اصطلاحاً: عقوق الولدين في الاصطلاح الشرعيّ هو قيام الولد بإغضاب والدَيْه، من خلال ترك برّهما، وعدم الإحسان إليهما بالطاعة والمودّة، وهو كُلّ أمرٍ أو فعل أو قول قد يؤدّي إلى إيذاء الوالدَين، ما عدل طاعتهما في شركٍ أو معصيةٍ، وكُلّ ما يؤدّي إلى إيذائهما إيذاءً ليس بالهيّنٍ يُعدّ عقوقاً، ويعتبر العاقّ بوالدَيه جاحدٌ بنعمة الله -سبحانه وتعالى-، وبإحسان والدَيه إليه، كما أنّ العقوق كبيرةٌ من الكبائر التي تستوجب العقوبة يوم الحساب والجزاء، والعقوق مضرّةٌ بالمجتمع؛ فالذي لا يبرّ والدَيه لن يبرّ أبناءه أيضاً، ولن يُحسن إلى الناس وجيرانه ومجتمعه.

مظاهر عقوق الوالدين

هناك العديد من المظاهر والأعمال والتصرفات التي تعدّ شكلاً من أشكال عقوق الوالدين، وفيما يأتي نذكر بعضاً منها: [3]

  • إيذائهما بالكلام والتفوّه بكلمات بذيئةٍ وسيئة معهما، وإهانتهما والتعامل معهم بغضبٍ أو ازدراءٍ.
  • إبكاؤهما وتحزينهما سواء بالقول أو الفعل أو من خلال التسبب في ذلك.
  • التخلي عن الإنفاق عليهما عند كبرهما وعجزهما، ومنَّة الابن على والديه، وذكرُ إحسانه إليهما أمام الآخرين.
  • ذمهما أو ذكر عيوبهما وإحراجهما أمام الآخرين وخاصة عند كبرهما.
  • عدم مد يد العون لهما، وعدم الجلوس معهما وقت الحاجة، والتأخر في قضاء حوائجهما، وقلة زيارتهما، وعدم أخذ برأيهما أو استشارتهما في الأمور، مما يشعرهما باستغناء الولد عنهما مما يدخل الحزن إلى قلبهما.
  • التأفف والضجر من أوامرهما وكلامهما، وهذا مما نهى الله ـ عز وجل ـ الأبناء عنه بقوله في متابه العزيز: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}. [4]
  • ارتكاب الأعمال التي تتنافى مع الأخلاق الكريمة معهما، وهجرهما وإيداعهما في مأوى العجزة.
  • انتقاد الطعام الذي تعده الأم لأن في ذلك قلة أدب مع الأم، وتكديراً عليها، وتحزينها، وعدم مساعدتها في أعمال المنزل.
  • إكثار الطلبات عليهم وتوجيه الأوامر لهم، كأمر الوالدة بتنظيف المنزل، وغسل اللباس، وغيرها من الأمور وخاصة إذا كانت كبيرة أو مريضة وعدم مساعدتها في ذلك.
  • الإعراض عنهما، ومقاطعتهما بالكلام، والإكثار من مجادلتهما أو تكذيبهما، واصطناع المشاكل أمامهما.
  • أن يجعل الولد نفسه نداً ومساوياً لوالديه، فيتكبر عليهما ويرى أنه أفضل وأفهم منهما، ويعطي لنفسه الحق بأن يرفع صوته على والديه.
  •  تشويه سمعة الوالدين بين الناس وذلك باقتراف الأعمال السيئة، والأفعال الدنيئة التي تخلَّ بالشرف، وتخرم المروءة، وربما قادت إلى السجن والفضيحة فلا شك أن هذا من عقوق الوالدين، لأنه يجلب لهما الهم والغم، والخزي والعار .
  • إدخال المنكرات إلى المنزل كالدخان أو الأركيلة أو الخمر أو إدخال آلات اللهو والفساد للبيت، مما يؤدي إلى فساد الشخص وفساد إخوته معه، فيشقى الوالدان بذلك.
  • السماح لرفاق السوء بالدخول إلى المنزل دون إذن الوالدين، مما يؤثر على سمعة العائلة.
  •  تمني زوال الوالدين فبعض الأبناء يتمنى زوال والديه، ليرثهما إن كانا غنيين أو يتخلص منهما إن كانا مريضين أو فقيرين، أو لينجو من مراقبتهما ووقوفهما في وجهه كي يتمادى في غيه وجهله.
  • ترك الدعاء والاستغفار لهما بعد وفاتهما، وعدم تقديم الصدقة عنهما، وعدم إكرام أصدقائهما، وقطع صلة سائر أقاربهما.

شاهد أيضاً: هل يجوز قول حسبي الله ونعم الوكيل على الأم

عاقبة عقوق الوالدين

إنّ عقوق الوالدَين من أعظم الذنوب وأقبح القبائح وأكبر الكبائر، والعقوق مستنكر شرعًا، وعقلًا، وفطرة، والعقوق له عقوبات كثيرة نذكر منها ما يأتي: [5]

  • إنّ عقوق الوالدين من أكبر الكبائر والذنوب والمعاصي، لِما فيه من نُكران للفضل والجميل والإحسان، وذلك لما ورد عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “الكَبائِرُ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، واليَمِينُ الغَمُوسُ”. [6]
  • العقوق هو الخسارة الكبرى للمسلم وسبب في عدم دخول الجنة إذا أدرك المرء أحد أبويه عند الكبر وعقهما، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ”. [7]
  • لا يَسلَمُ العاقّ لوالديه من انتزاع البركة من عمره وحياته، وقلّة رزقه، وعدم استجابة دعائه، وحرمانه من رفع أعماله إلى السماء.
  • إنّ عقوق الوالدَين معصيةٌ يعجّل الله -عز وجل- عقوبتها للإنسان في الدنيا قبل الآخرة؛ فقد يكون ذلك بعقوق أولاده وبنيه، أو ضِيق عيشه وكَدره، وخسرانه وعدم توفيقه، وضياع ماله وتجارته.
  • عقوق الوالدين هو من الفساد في الأرض وقطيعة الرحم وذلك لأنّ الوالدين أولى وأقرب الرّحم للإنسان، وقاطع الرحم ملعون ولا تقبل أعماله، قال الله – سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَـئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}. [8]
  • عقوق الوالدين سببٌ من أسباب غضب الله عز وجل ، والطرد من رحمته، ففي الحديث عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: ” لعن اللهُ من ذبح لغيرِ اللهِ لعن اللهُ من تولَّى غيرَ مَواليه لعن اللهُ من غيَّر منارَ الأرضِ لعن اللهُ من عقَّ والدَيهِ”. [9]

شاهد أيضاً: حديث عن بر الوالدين ، أحاديث عن فضل الوالدين وبرهما بعد موتهما

حل مشكلة عقوق الوالدين

برّ الوالدَين طريقٌ لنَيْل رضا الله -عزّ وجلّ-، ودخول الجنّة، وعقوق الوالدين، وعدم برّهما، يترتّب عليه إثمٌ كبيرٌ، ومعصيةٌ لله سبحانه وتعالى، ولذلك على المسلم معرفة ما هي أضرار عقوق الوالدين وما هو الأجر العظيم الذي يناله لقاء البرّ بوالدَيه، ومن الأسباب التي تحل مشكلة عقوق الوالدين وتعين المرء على البرّ بوالديه نذكر ما يأتي: [10]

  • اللجوء إلى الله -سُبحانه وتعالى- والاستعانة به، والتقرّب منه، وتحقيق الصِّلة به، بعبادته، ودعائه، والتزام أوامره، واجتناب نواهيه، وسؤاله العون على بر الوالدين.
  • التفكّر بما أعدّه الله -سُبحانه وتعالى- من الأجر والثواب العظيم على برّ الوالدَين، والثمرات المترتّبة على البرّ بهما في الدُّنيا والآخرة، والنظر فيما يترتّب على عقوق الوالدَين من السوء والشرّ والعقوبة.
  • عدم نسيان فَضْل الوالدَين على الأولاد؛ والتفكّر دائماً بهما وبما ضحوه من أجل أولادهم، إذ إنّهما السبب في وجودهم بعد فَضْل الله -عزّ وجلّ-، كما أنّهما قدّما في سبيل وجودهم كلّ ما يستطيعان من الرّحمة، والشفقة، والحنان، والحبّ، وتحمّلا الكثير من المشقّة والتعب، فكلّ ما يقدّمه الأولاد لا يقدّر بما قدّمه الوالدَين لهما.
  • تعويد النَّفس على برّ الوالدَين، وتوطينها عليه، ومُجاهدتها في سبيل ذلك، إلى أن يُصبح برّ الوالدَين عادة لا تكلف بها ومن الطبع والسجيّة.
  • الحرص على تقوى الله سبحانه وتعالى، وخاصةً في حال وقع الانفصال والطلاق بين الوالدَين، فعلى كلّ واحدٍ من الوالدين السَّعي في سبيل برّ الأولاد بالآخر، دون ذِكر الطرف الآخر بأي سوءٍ أمامهما.
  • صلاح حال الوالدَين وذلك لأنهما قدوة لأولادهم وصلاحهما من أسباب صلاح الأولاد، وبرّهم بهما.
  • تذكير الآخرين بالبرّ بوالدَيهم ونصيحتهم بذلك، وبيان أهميّته، وما يترتّب عليه من الفضائل والثمرات، والتحذير من العقوق بالوالدَين، والتذكير بالعواقب المترتّبة عليه.
  • مساعدة الأولاد وتشجيعهم على البرّ بالوالدَين، وحثّهم عليه، وذلك عن طريق العطف عليهم وشُكرهم، والدُّعاء لهم بالتوفيق والسداد، وغير ذلك.
  • الاطّلاع على سِيَر البارّين، وما ترتّب عليهم بسبب برّهم، فذلك ممّا يشحذ الهِمم والعزائم، ويرغّب في البرّ، والاطّلاع أيضاً على سِير العاقّين، ومصيرهم.
  • استشعار الفرح والسرور الذي يدخل على قلب الوالدَين نتيجة البر بهما، وحزنهما بالعقوق بهما.

شاهد أيضاً: فوائد بر الوالدين في الدنيا ، أهمية بر الوالدين

أهمية الإحسان للوالدين

جعل الله -سبحانه وتعالى- للوالدَيْن حقّاً عظيماً على الأولاد، ومقاماً جليلاً لا يُضاهيه أيّ حقٍّ أو مقامٍ؛ فالوالدين هما سر السّعادة والأُنس، ومنبع الحنان والدفْء في حياة المسلم، وما يُقدّمانه من إحسانٍ وجميلٍ لا يُكافئه أيّ إحسانٍ وبرٍّ، فحق الوالدين واجبٌ معلومٌ، وبرُّهما فرضٌ محتومٌ، ولا يوجد في الدنيا ما هو أعظمُ فضلاً وأكرم عطاءً من الوالدَين، فبرُّ الوالدَين خُلقٌ من أخلاق أنبياء الله -سبحانه وتعالى- وعباده الصالحين، وبه تُفرّيج الكربات وإزالة الأحزان، وتُنفّيس الهموم والخطوب، وهو سببٌ التوفيق والنجاح والسّداد في الدنيا والآخرة، وبه تحلو الحياة والعِيشة وتطيب؛ ومن ذلك ما وصف الله -سبحانه وتعالى- به سيدنا يحيى -عليه الصلاة والسلام-، حيث قال: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا}، [11] وكذلك وصف الله -سبحانه وتعالى- أيضاً سيدنا عيسى -عليه الصلاة والسلام- في قوله: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}، [12] فالعبد البار بوالديه يكون هانئ البال رضي تقي متواضع، فبرّ الوالدَين من شِيَم أهل الفضل الكرام، وهو بابٌ يقود إلى الجنة؛ وينجي من النار، وذلك ما ورد في الحديث الشريف عن أبي الدرداء أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ، فإنَّ شئتَ فأضِع ذلك البابَ أو احفَظْه”، [13] وقد قرن الله -عز وجل- عبادته ببر الوالدين في كتابه الكريم حيث قال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، [14] وبر الوالدين أحبّ الأعمال إلى الله -سبحانه وتعالى- وأعظمها قدراً ومنزلةً؛ وقد تجاوزت منزلة الجهاد في سبيل الله ، فعن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: “سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ قالَ: حدَّثَني بهِنَّ ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي.” [14]

وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي بين اسباب عقوق الوالدين، وعرّف مفهوم عقوق الوالدين، وما هي مظاهر عقوق الوالدين، وكما عرض المقال عاقبة عقوق الوالدين، وبعض الأمور التي تساعد على حل مشكلة عقوق الوالدين، حتى يتجنب المسلم الوقوع في عقوق الوالدين وبالتالي يفوز برضا الله عز وجل ويدخل جنته.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
ما هي الاسباب التي تجعل الابناء يعصون والديهم؟
التمييز بين الأبناء، وعدم حسن التربية، وعدم مراقبة الآباء للأصدقاء المحيطون بأولادهم، فإن الصحبة غير الصالحة هي أهم أسباب إفساد أخلاق الأبناء، والجهل بعاقبة عقوق الوالدين، كثرة المشاكل بين الوالدين، إذا كان الوالدَين عاقين لوالدَيهما فإن الدائرة ترتد عليهم ويشعروا بما سببوه لآبائهم من خلال عقوق أبنائهم لهم،
ما هي أسباب عقوق الوالدين؟
عدم العدل بين الأبناء، سوء التربية، سوء أخلاق أحد الوالدين، تناقض الآباء بين أفعالهم وأقوالهم، رفاق السوء، إذا كان الأب أو الأم نفسهم عاقين لوالديهم، الانفصال أو الطلاق.
كيف اعرف اني عاق الوالدين؟
عدم الاهتمام لأمرهما أو الشعور بالعطف والحنان نحوهما، وعدم الجلوس معهما ومؤانستهما، وعدم السؤال عن ما يحتاجانه وما يعانيانه، وعدم استشارة الوالدين في الأمور التي يعرفونها، والتقصير معهما وعدم مساعدتهما مادياً ومعنوياً.
ما هو سبب عقوق الابناء؟
أسلوب التربية الخاطئ منذ الطفولة، والشدة المتناهية على الأبناء أو الدلال الزائد، وممارسة بعض الآباء للدكتاتورية والتسلط في التعامل مع الأبناء ومصادرة آرائهم وإرادتهم والتشديد عليهم، وغياب الحوار الأسري بين الآباء والأبناء.

المراجع

  1. ^ shamela.ws، أسباب عقوق الوالدين، 01/02/2023
  2. ^ almaany.com، تعريف و معنى عقوق الوالدين في معجم المعاني الجامع، 01/02/2023
  3. ^ kalemtayeb.com، من مظاهر العقوق، 01/02/2023
  4. ^ سورة الإسراء، آية 23
  5. ^ binbaz.org.sa، بيان عقوبة عقوق الوالدين، 01/02/2023
  6. ^ صحيح البخاري، عبدالله بن عمرو ، البخاري، 6675، صحيح
  7. ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 2551، صحيح
  8. ^ سورة محمد، آية 23
  9. ^ مسند علي، علي بن أبي طالب، ابن جرير الطبري، 170، إسناده صحيح
  10. ^ islamweb.net، عقوق الوالدين، 01/02/2023
  11. ^ سورة مريم، آية 14
  12. ^ سورة مريم، آية 32
  13. ^ سنن الترمذي، أبو الدرداء، الترمذي، 1900، صحيح
  14. ^ سورة النساء، آية 36
  15. ^ صحيح مسلم، عبدالله بن مسعود، مسلم،85 ، صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *