حكم قول في ذمتك او امانة وصحة حديث من حلف بالأمانة فليس منا

حكم قول في ذمتك او امانة وصحة حديث من حلف بالأمانة فليس منا هو موضوع مهم بالنسبة لجميع المسلمين، وتكمن أهميته في أن الكثير من المسلمين يحلفون بالذمة والأمانة والصلاة والكعبة وغير ذلك من المقدسات في نظرهم، ولذا كان لا بد من نظرة إسلامية واعية توضح رأي الشرع الإسلامي في مثل هذه الأيْمان، وفي هذا المقال سوف نقوم بالحديث عن هل يجوز قول في ذمتك أو أمانة بالإضافة إلى الحديث عن حكم الحلف بالأمانة وحكم قول أمانة الله وغير ذلك من الأحكام الشرعية المهمة لجميع المسلمين.

حكم قول في ذمتك او امانة

يرى علماء المسلمين أنّ حكم قول في ذمتك أو أمانة مسألة فقهية تنقسم إلى حالتين وهما: ^[1]

• الحالة الأولى: إذا قال المسلم بذمتك أو أمانة ولا يقصد فيها الحلف أو القسم فلا حرج عليه، ولكنّ الأفضل أن يبتعد المسلم عن مثل هذه الألفاظ وهذا الأسلوب في الكلام حتّى لا يقع في المحرمات أو لا يظن به السامعون سوءًا وهذا هو القسم الأول من الفتوى.
• الحالة الثانية: أن يقول المسلم في ذمتك أو أمانة وهو يقصد الخلف بغير الله، فهذا هو المحرم في الشريعة الإسلامية، وهو شرك أصغر، فالحلف بغير الله رب العالمين شرك أصغر وهو كبيرة من الكبائر، والدليل على هذا واضح في السنة النبوية الشريفة في الحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنه، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن حلَف بغيرِ اللهِ فقد كفرَ أو أشركَ” ^[2]والله تعالى أعلم.

شاهد أيضًا: ما هو حكم قول ونعم بالله عند الشعور بالضعف أو القهر

يرى الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- أنّ الحلف بالأمانة محرم في الشريعة الإسلامية، فهو شرك أصغر كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه حلف بغير الله رب العالمين، وفيما يأتي نذكر قول الشيخ محمد بن صالح العثيمين: ^[3]

الحلف بالأمانة محرم؛ لأن النبي صلّى الله وعلى آله وسلّم قال: “من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك” وهو شرك أصغر إلا أن يعتقد الحالف أن المحلوف به بمنزلة الله تبارك وتعالى في التعظيم والعبادة وما أشبه هذا فيكون شركاً أكبر.

شاهد أيضًا: ما حكم قول علي الحرام وهل يعد طلاقا في الإسلام

حكم قول أمانة الله

لا يجوز للمسلم أن يقول أمانة بقصد الحلف، فالحلف بغير الله شرك أصغر كما أخبرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والواجب على المسلم أن يحلف بالله تعالى وحده، وهذا ما أجمع عليه علماء المسلمين بسبب وضوح الأدلة في السنة النبوية الشريفة، وفيما يأتي نذكر قول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: ^[4]

الحلف بالأمانة، أو بالذمة لا يجوز، ولا بغيرهما من المخلوقات، يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: من كان حالفًا؛ فليحلف بالله، أو ليصمت وقال عليه الصلاة والسلام: من حلف بشيء دون الله؛ فقد أشرك رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح من حديث عمر -رضي الله عنهما- وفي الصحيحين عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: لا تحلفوا بآبائكم، من كان حالفًا؛ فليحلف بالله، أو ليصمت، وقال أيضًا -عليه الصلاة والسلام-: لا تحلفوا بآبائكم، ولا بأمهاتكم، ولا بالأنداد، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون وقال أيضاً -عليه الصلاة والسلام-: من حلف بالأمانة؛ فليس منا.

حكم قول بالله عليك

إن قول بالله عليك هو يمين منعقد على الحنث، وهو يمين جائز في الشريعة الإسلامية، وهنا يجب القول إنّه إذا حلف شخص على آخر فقال له بالله عليك، أصبح إبرار المحلوف عليه مسنونًا ومندوبًا إذا لم يكن في إبرار الحلف أو اليمين ضررًا أو إثمًا، قال البراء بن عازب -رضي الله عنه- في الحديث الوارد في صحيح الإمام البخاري: ” نَهانا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن سَبْعٍ: نَهانا عن خاتَمِ الذَّهَبِ -أوْ قالَ: حَلْقَةِ الذَّهَبِ- وعَنِ الحَرِيرِ، والإِسْتَبْرَقِ، والدِّيباجِ، والمِيثَرَةِ الحَمْراءِ، والقَسِّيِّ، وآنِيَةِ الفِضَّةِ، وأَمَرَنا بسَبْعٍ: بعِيادَةِ المَرِيضِ، واتِّباعِ الجَنائِزِ، وتَشْمِيتِ العاطِسِ، ورَدِّ السَّلامِ، وإجابَةِ الدَّاعِي، وإبْرارِ المُقْسِمِ، ونَصْرِ المَظْلُومِ” ^[5]وفيما يأتي نذكر بعض أقوال أهل العلم التي توضح ما يترتب على قول بالله عليك من وجوب إبرار المقسم: ^[6]

• قال ابن قدامة في كتابه المغني: “فإن قال: والله ليفعلن فلان كذا، أو لا يفعل أو حلف على حاضر، فقال: والله لتفعلن كذا فأحنثه، ولم يفعل فالكفارة على الحالف، كذا قال ابن عمر، وأهل المدينة وعطاء، وقتادة والأوزاعي وأهل العراق والشافعي لأن الحالف هو الحانث، فكانت الكفارة عليه”.
• قال ابن تيمية: “الإقسام بالله على الغير أن يحلف المقسم على غيره ليفعلن كذا، فإن حنثه ولم يبر قسمه فالكفارة على الحالف لا على المحلوف عليه عند عامة الفقهاء”.

صحة حديث من حلف بالأمانة فليس منا

عن بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “مَنْ حلفَ بالأمانةِ فليسَ منَّا” ^[7]وهو حديث صحيح أورده الألباني في صحيح أبي داود، وهو حديث أخذ به فقهاء المسلمين الكثير من الأحكام الشرعية، ومناسبة هذا الحديث كانت أن العرب في الجاهلية كان يكثرون الحلف بكل أمر عظيم لديهم، وهم يظنون أنّ هذا خير، ومن أكثر ما كانوا يحلفون به هو الأمانة، ولمّا علّم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه أنّ الحلف لا يكون إلّا بالله، جاء هذا الحديث ليبين أنّ المسلمين من أمة سيدنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم- لا يحلفون إلّا بالله ولا يحلفون بالأمانة أبدًا، قال القاضي في شرحه كلمة فليس منا الواردة في الحديث النبوي الشريف: “أي من ذوي أسوتنا، بل هو من المتشبهين بغيرنا، فإنه دين أهل الكتاب، ولعله أراد به الوعيد عليه، قاله القاري”، والله تعالى أعلم. ^[8]

إلى هنا نصل إلى نهاية وختام هذا المقال الذي ألقينا فيه الضوء على حكم قول في ذمتك او امانة وصحة حديث من حلف بالأمانة فليس منا ثم مررنا فيه على حكم الحلف بالأمانة وهل يجوز قول أمانة الله أو قول بالله عليك، موضحين أحد أهم الأحكام الشرعية في الإسلام.