عناصر المقال
حكم من مات زوجها وهي في الحج وهو ما سيتم بيانه في هذا المقال، حيثُ يعتبر من الأحكام التي يبحث عنها المسلمون في ضوء ما ورد في تشريع الدّين الإسلاميّ، فقد يتعرّض بعض النسوة إلى فقدان أزواجهنّ وهنّ في الحج، والبحث في الأحكام الشرعيّة للمرأة من أجل عدّتها من الأمور الواجبة على الأمّة الإسلاميّة، ومن خلال هذا المقال سوف يتم بيان حكم من مات زوجها وفي الحج، وهل يجوز للمعتدة السفر للضرورة، وغيرها من الأحكام المتعلقة.
حكم من مات زوجها وهي في الحج
بيّن أهل العلم بأنه إذا كانت الزوجة في الحج ثمّ علمت بخبر وفاة زوجها تتم حجها ولا يلزم لها الرجوع؛ لأنه يترتب على رجوعها المشقة وتحتاج إلى السّفر، ولكن بمجرد رجوعها من الحج إنْ بقي عليها شيء من العدة لزمها إتمامها في بيت زوجها، أما إنّ علمت الزوجة بوفاة زوجها وهي قريبة ولم تقطع مسافة القصر ترجع وتعتد في بيت زوجها، فقد ورد عن ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: “وإن خرجت , فمات زوجها في الطريق , رجعت إن كانت قريبة ; لأنها في حكم الإقامة , وإن تباعدت , مضت في سفرها . وقال مالك : ترد ما لم تحرم . والصحيح أن البعيدة لا ترد”، ويجدر بالإشارة إلى أنه لو علمت الزوجة بوفاة زوجها قبل خروجها للحج لا يجوز لها الخروج، ويلزمها العدة في منزلها؛ لأن العدة في المنزل لا بدل لها، والحج يمكن الإتيان به في وقت آخر، والله أعلم.[1]
حكم حج المعتدة من وفاة زوجها
لا يجوز للمرأة المعتدة الخروج للحج، لأنها في هذه الحالة لا تعتبر مستطيعة، ويحب عليها أن تبقى في بيتها ولا تخرج إلا للضرورة، ولكن وإن خرجت للحج فحجها صحيح ولكنها تأثم، لأنّ الله -سبحانه وتعالى- نهى المعتدات عن الخروج من بيوتهن، فقد قال: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ}[2]، وقد ذكر العلماء بأن الحج لا يفوت ويمكن الإتيان به في وقت آخر، أما العدة فهي تفوت ولا بدل عنها، فمن الواجب على المرأة التي توفي زوجها أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام ويلزمها الحداد[3].
هل يجوز للمعتدة السفر للضرورة للحج أو غيره
لا يجوز للمعتدة الخروج من بيتها إلا لحاجة فقط، بحيث بيّن الشرع الحكيم بأنه لا يصح لها أن تبيت خارج بيتها إلا لضرورة، فإذا كان سفرها لأن عليها خطرًا أو لخوفها من عدو جاز لها ذلك، لأن الضرورات تبيح المحظورات[4]، فقد سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن حكم سفر المرأة أثناء فترة الحداد؟، فأجاب: “إذا كان عليها خطر؛ ما تستطيع البقاء، ما عندها من يؤنسها؛ فلا حرج، أمّا إن كان عندها من يؤنسها وما عليها خطر؛ عندها خادمة، عندها أخلّاء، عندها أم الزوج، عندها من يؤنسها ويزيل وحشتها؛ فليس لها حتى تنتهي العدة، أما إذا كان لا مضطرة فلا بأس”، أما إذا كان سفرها من أجل العمل، أو لأداء عبادة، فلا يجوز لها أن تسافر؛ لعدم وجود الضرورة.[5]
هل يجوز للمعتدة السفر للعمرة
لا يجوز للمرأة المعتدة أن تخرج من بيتها للعمرة، بحيث لا يجوز لها أن تخرج من بيتها مطلقًا إلا لحاجة ضرورية، لقول الله -تعالى- في الكتاب: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير}[6]، فالعمرة من العبادات التي لا يترتب عليها شيء لو تم تأجيلها حتى تنقضي عدة المرأة، فإذا انقضت لها أن تفعل ما تشاء وتخرج إلى العمرة والحج، والله أعلم.[7]
هل يجوز أن أحج عن زوجي المتوفى
ذكر أهل العلم بأنه يجوز للزوجة أن تحج عن زوجها المتوفى، فقد استدلوا على إباحة الحج عن الميت مما رواه بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله عنه- حين قال: “جاءتِ امرأةٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالت: إنَّ أُمِّي ماتت، ولم تحُجَّ؛ أفأحُجُّ عنها؟ قال: نعمْ، حُجِّي عنها”[8]، ولكن يشترط أن تكون الزوجة قد حجت عن نفسها، بدليل ما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه سمع رجلاً يقول: “لبيك عن شبرمة فقال: من شبرمة ؟، قال له النبي عليه الصلاة والسلام: من شبرمة قال: أخ لي أو قريب لي، قال: حججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة”[8]، فالواجب على الزوجة أن تحج عن نفسها، ثم تحج عن زوجها إذا شاءت بعد ذلك.[9]
مقالات قد تهمك
هل يجوز الحج عن الحي المريض وهل يجوز الحج عن أكثر من شخص |
ما هو حكم حج من ارتكب الكبائر بعد حجه في الإسلام |
هل يصح حج من أراد الحج والعمل معًا |
ما هو حكم الجمع والقصر في الحج |
وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال حكم من مات زوجها وهي في الحج، فقد قمنا من خلال هذا المقال ببيان الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح، وقد تطرقنا أيضًا لبيان هل يجوز للمعتدة السفر للضرورة، وهل يجوز للمعتدة السفر للعمرة، ونختم المقال ببيان هل يجوز أن أحج عن زوجي المتوفى.
المراجع
- ^ islamqa.info، خرجت للحج ثم توفي زوجها ، فهل يلزمها الرجوع للعدة، 20/05/2023
- ^ سورة الطلاق، الآية 1
- ^ islamqa.info، هل للمتوفى عنها زوجها أن تسافر للحج في فترة العدة، 20/05/2023
- ^ صحيح مسلم، أم حبيبة أم المؤمنين ، مسلم، 1486، صحيح.
- ^ islamweb.net، حكم سفر المعتدة عن وفاة للضرورة، 20/05/2023
- ^ binbaz.org.sa، حكم سفر المرأة أثناء فترة الحداد، 20/05/2023
- ^ سورة البقرة ، الآية 243
- ^ liftaa.jo، لا يجوز للمرأة المعتدة من وفاة السفر للحج أو العمرة، 20/05/2023
- ^ السنن الكبرى للبيهقي ، عبدالله بن عباس ، البيهقي ،4/336 ، صحيح.
التعليقات