عناصر المقال
فوائد بر الوالدين في الدنيا من أعظم القربات، ومن أجل الطاعات، ومن أهم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالى، ويكفي بأنّ الله عز وجل قد قرن حقَّ الوالدين والإحسانَ إليهما بعبادته سبحانه وتعالى، وقرن شُكرَهما بشكره، والعبد البار بوالديه يحصد ثمار بره في الدنيا والآخرة، وهو موضوع مقالنا الآتي الذي سيعرض بالتفصيل فضل بر الوالدين في الآخرة و الدنيا وما هي كيفية الإحسان والبر بالوالدين في حياتهما وبعد مماتهما.
فوائد بر الوالدين في الدنيا
يجني المرء فوائد وثمار برّ الوالدين في الدنيا قبل الآخرة، وإن كان أجر الآخرة أعظم، ومن أهم فوائد التي نحصل عليها من بر الوالدين نذكر ما يلي: [1]
- الحرص على بر الوالدين سبب لعلوّ الشأن والقَدر وطِيْب السُّمعة والذكر بين النّاس، فالعمل الصالح دائماً يعود بالخير على صاحبه.
- بر الوالدين سبب للحصول على البركة في الرزق وزيادة في المال والسعادة في الدنيا.
- بر الوالدين سبب للحصول على راحة البال الطمأنينة، وطيب النفس والشعور بالثقة في الخطوات .
- بر الوالدين سبب من أسباب استجابة الدعاء.
- بر الوالدين أحد أسباب التوفيق والنجاح في الحياة الدنيا.
- بر الوالدين سبب أن يكون للإنسان أولاد باريّن به في المستقبل، فكما تدين تدان.
- بر الوالدين من كمال الإيمان، وهو من أحبّ الأعمال إلى الله -سبحانه-، وسببٌ في انشراح الصدر والنّور التامّ في الدنيا والآخرة، وسبب من أسباب تفريج الهموم والأحزان وإزالة الكُربات.
- البرّ سببٌ لمغفرة الذنوب، وقلة المعاصي والآثام، للحديث الذي رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: ” أنَّ رجلًا أتَى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ يا رسولَ اللَّهِ إنِّي أصَبتُ ذنبًا عظيمًا فَهَل لي مِن تَوبةٍ قالَ هل لَكَ مِن أمٍّ ؟ قالَ : لا ، قالَ : هل لَكَ من خالةٍ ؟ قالَ : نعَم ، قالَ : فبِرَّها”.[2]
شاهد أيضاً: حديث عن بر الوالدين ، أحاديث عن فضل الوالدين وبرهما بعد موتهما
أهمية بر الوالدين
بر الوالدين من أهم الواجبات ومن أعظم الفرائض، وقد أوصانا الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم ببر الوالدين والإحسان لهما، وقد قرن الله -عز وجل- حق الوالدين بحقه سبحانه بالتوحيد حيث قال جل وعلا في كتابه العظيم: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، [3]وذلك يدل على أن بر الوالدين من أهم الفرائض، وقد قال الله -سبحانه وتعالى- أيضاً: {أنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}، [4]فجعل شكر الوالدين مع شكره سبحانه وتعالى، فدل ذلك على عظم حقهما، وفي الحديث الصحيح عن أبو بكرة نفيع بن الحارث أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ” أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ ثَلَاثًا، قالوا: بَلَى يا رَسُولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْرَاكُ باللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ – وَجَلَسَ وَكانَ مُتَّكِئًا فَقالَ – أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، قالَ: فَما زَالَ يُكَرِّرُهَا حتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ”،[5] وفي هذا الحديث جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عقوق الوالدين قرين الشرك بالله -عز وجل- كما أن البر قرين التوحيد ثم جعل بعد ذلك شهادة الزور هي أكبر الكبائر بعد الشرك والعقوق، فالواجب على الأولاد ذكورًا كانوا أو إناثًا أن يتقوا الله سبحانه وتعالى، وأن يخلصوا لله -عز وجل- العبادة، وأن يستقيموا على طاعته سبحانه، وأن يبروا والديهم أحياءً أو أمواتًا بالكلام الطيب، بالدعاء، بالصدقة عنهم، وفي حياتهم بالسمع والطاعة في المعروف وأداء حقهم، والنفقة إن كانوا بحاجة إليها، وكف الأذى وعدم السب والشتم، والابتعاد عن أي أذى. [6]
كيفية بر الوالدين
بر الوالدين يًعتبر من أحب الأعمال إلى الله -سبحانه وتعالى- ومن أهم القربات وأفضلها، ومما لا شك فيه أن مقام الوالدين عظيم، وأن العبد إذا وفقه الله -عز وجل- إلى بر والديه والإحسان إليهما وهما أحياء فقد أعانه على عبادة من أعظم العبادات، وطاعة من أهم الطاعات؛ وذلك لعظيم وأهمية هذا العمل في الإسلام؛ ولما يترتب عليه من سعادة الدنيا والآخرة، وفوق ذلك أنه يرى ذلك في أولاده معه، فكما تدين تدان، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ” بِرُّوا آباءَكم تبرَّكم أبناؤُكم وعَفُّوا تعَفَّ نساؤُكم”، [7] وفي هذه الحديث حقيقة من أعظم الجوائز التي يحرص عليها العقلاء من البشر؛ لأنه يرى بنفسه أثر ذلك في حياته، وعلى المسلم أن يبر والديه في حياتهما وبعد مماتهما، وهو ما سنتحدث عنه بالتفصيل فيما سيأتي: [8]
شاهد أيضاً: تعبير عن عقوق الوالدين بالعناصر كاملة
كيفية بر الوالدين في الحياة
لا يقف بر الوالدين عند حدود البر الحسي بالخدمة المالية أو الجسدية؛ فيمكن برهما من خلال محاولة رفع درجاتهما في الآخرة، ويكون بر الوالدين في حياتهما بأمور كثيرة نذكر منها ما يأتي: [9]
- احترام الوالدين وإظهار المحبة والود لهما.
- إدخال السرور على قلب الوالدين.
- الابتعاد عن أيّ قول أو فعل يدخل الحزن والهم على قلبهما.
- حسنُ الاستماع لحديثهما وعدم إظهار الملل والضجر.
- السمع والطاعة لهما بالمعروف والقيام بما يرضيهما.
- خفض جناح الرحمة لهما، وعدم رفع الصوت عليهما أو أمامها.
- القيام بمساعدتهما في الأعمال التي تستطيع القيام بها.
- عدم إغضابهما وإفشاء أسرار البيت أمام الآخرين.
- الأخذ بمشورتهما ورأيهما في أمورك وقرارتك.
- إظهار حسن تربيتهما لك بحسن تعاملك مع الآخرين.
- التسليم عليهما عند دخول البيت وعند الخروج منه وتقبيل يدهما ورأسهما.
- الإحسان إليهما والإنفاق عليهما في حال كانا محتاجين.
- الدفاع عنهما في كل شيء قد يضرهما.
شاهد أيضاً: بر الوالدين بعد الموت ، ثمرات بر الوالدين
كيفية بر الوالدين بعد الموت
٠ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثل هذا الأمر حيث سُئل عن كيفية بر الوالدين بعد الموت حيث “أن رجلًا قال يا رسولَ اللهِ هل بقِيَ من بِرِّ أبوَيَ شيءٌ أبرُّهما به بعدَ وفاتِهما؟ قال: نعم الصلاةُ عليهِما والاستغفارُ لهما وإنفاذُ عهدِهما من بعدِهما وإكرامُ صديقِهما وصلةُ الرحمِ التي لا تُوصلُ إلا بهما”، [10]وفيما يأتي نعرض بعض من صور بر الوالدين بعد الموت: [11]
- الإكثار من الدعاء للوالدين والترحم عليهما وذلك من أحق الحق ومن أفضل البر في الحياة والموت.
- التصدق عنهما بالقليل والكثير، على الفقراء والمحتاجين، ولاسيما فقراء الأقارب بالنية عن الوالدين.
- الاستغفار لهما وسؤال الله -عز وجل- أن يغفر لهما سيئاتهما.
- تنفيذ الوصية التي يوصيان بها، فالواجب على الولد ذكرًا كان أو أنثى إنفاذ وصية الوالدين في حال كانت موافقة للشرع المطهر.
- قضاء الدين المترتب عليهما في حال وجد.
- صلة الأرحام والأقارب من الأجداد، والأعمام والعمات وأبنائهم، والأخوال والخالات وأبنائهم، والإحسان إليهم بالهدية أوبالصدقة أو بالدعاء أو بالزيارة.
- الإحسان إلى أصدقاء وأحباب الوالدين وتقدير صحبتهم وصداقتهم للوالدين وعدم نسيان ذلك بالكلام الطيب والزيارة والاطمئنان على أحوالهم، والإحسان إليهم إذا كانوا في حاجة إلى الإحسان، وجميع أنواع الخير الذي يستطيعه الولد.
- أداء فريضة الحج عنهما، وكذلك أداء العمرة عنهما بعد وفاتهما.
شاهد أيضاُ: دعاء للوالدين المتوفين يوم الجمعة 2022 أدعية للوالدين المتوفين ليلة الجمعة
من ثمار بر الوالدين في الدنيا والآخرة
بر الوالدين يعد من الأمور التي يترتب عليها آثار حسنة ويلتمس المرء ثمرته في الدنيا والآخرة، ومن ثمرات بر الوالدين نذكر ما يأتي:
- تحقيق الفلاح والسَّعادة والنجاح في كل من الدُّنيا والآخرة، والفوز بالأجر والثواب العظيم، ودخول الجنّة، والنجاة من النار، فرضا الله -سبحانه وتعالى- من رضا الوالدين، فقد أخرج الامام مُسلم في صحيحه عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- سُئل: ” يا نَبِيَّ اللهِ، أيُّ الأعْمالِ أقْرَبُ إلى الجَنَّةِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى مَواقِيتِها قُلتُ: وماذا يا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: برُّ الوالِدَيْنِ. قُلتُ: وماذا يا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ”. [12]
- بر الوالدين سببٌ في تحقيق البركة وسعة الرِّزق، وسبب في البركة في عمر الإنسان، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَن أَحَبَّ أنْ يُمَدَّ له في عُمُرِه، وأنْ يُزادَ له في رزقِه، فلْيَبَرَّ والِدَيهِ، ولْيَصِلْ رَحِمَه”. [13]
- بر الوالدين يؤدي إلى نيل القُرب والرضا من الله -سبحانه وتعالى- نتيجة رضا الوالدين، فقد ورد عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “رِضا اللهِ في رِضا الوالدِ ، وسَخطُ اللهِ في سَخَطِ الوالدِ”. [14]
- العبد البار بوالديه ينال رضا الله عز وجل، ويدخله الله سبحانه وتعالى الجنّة بإذنه، وينجيه من النار،
- أجر رضا الوالدين يعادل أجر الجهاد في سبيل الله عز وجل، فإذن الوالدين شرطٌ لصحّة الجهاد، والقيام بشؤونهما وطاعتهما نوعٌ من الجهاد في سبيل الله عز وجل، ففي الحديث الشريف عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: “أَقْبَلَ رَجُلٌ إلى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَ: أُبَايِعُكَ علَى الهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، أَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ، قالَ: فَهلْ مِن وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قالَ: فَتَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَارْجِعْ إلى وَالِدَيْكَ فأحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا”. [15]
- العبد البار بوالديه تكفّر عنه سيّئاته، وتضاعف له حسناته.
وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي تحدث عن فوائد بر الوالدين في الدنيا، وكما عرض المقال بعض من الصور التي يمكن القيام بها للبر بالوالدين في حياتهما وبعد موتهما، وكما تطرّق المقال أيضاً إلى ذكر أهمية بر الوالدين والثمار التي يجنيها الإنسان البار بوالديه وما يعود عليه من فضل وثواب.
أسئلة شائعة
المراجع
- ^ alukah.net، بر الولدين سعادة الدنيا والأخرة، 29/01/2023
- ^ صحيح الترمذي، عبدالله بن عمر، الألباني، 1904، صحيح
- ^ سورة الإسراء، آية 23
- ^ سورة لقمان، آية 14
- ^ صحيح البخاري، أبو بكرة نفيع بن الحارث، البخاري، 2654، صحيح
- ^ binbaz.org.sa، أهمية بر الوالدين
- ^ الترغيب والترهيب، عبدالله بن عمر، المنذري، 3/294، إسناده حسن
- ^ islamweb.net، طرق بر الوالدين كثيرة ومتنوعة
- ^ binbaz.org.sa، كيفية بر الوالدين في الحياة وبعد الممات
- ^ مجموع فتاوى ابن باز، مالك بن ربيعة أبو أسيد الساعدي، ابن باز، 295/9، ثابت
- ^ islamweb.net، كيفية بر الوالدين بعد موتهما
- ^ صحيح مسلم، عبدالله بن مسعود، مسلم، 85، صحيح
- ^ تخريج المسند لشعيب، أنس بن مالك، شعيب الأرناؤوط، 13401، صحيح
- ^ الكبائر للذهبي، عبدالله بن عمر، الذهبي، 131، صحيح
- ^ غاية المرام، عبدالله بن عمرو، الألباني، 281، صحيح
التعليقات