عناصر المقال
كيفية صلاة العصر جهرا أو سرا هو الموضوع الذي سيتمّ الحديث عنه في هذا المقال، حيث أنّ لصلاة العصر الأهمية العظيمة والمكانة الرفيعة في الدين الإسلاميّ الحنيف، فهي واحدةٌ من الصلوات الخمس التي فرضهنّ الله تعالى على المسلم في اليوم والليلة، وخصّ الله تعالى صلاة العصر بالذكر في آيةٍ وسورةٍ من القرآن الكريم دلالةً على أهمية هذه الصلاة، و يهتم هذا المقال بالحديث عمّا إذا كانت العصر تُصلى سرًا أم جهرًا في الإسلام.
كيفية صلاة العصر جهرا أو سرا
إنّ صلاة العصر من الصوات السرية، أيّ أنّ المسلم إذا صلّى العصر صلّاها دون أن يجهر بالقراءة فيها، سواءً صلّاها وحده أو صلاها مع جماعة المسلمين، فإنّه يسّر القراءة ولا يجهر بها، وذلك لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد صلّى صلاة العصر سريّة ولم يجهر بالقراءة فيها، لذا لا يجوز للمسلم أن يخالف ما كان يفعله النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ويصلّي العصر جهرية، ولقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ارجعوا إلى أهليكم فكونوا فيهم ، و علِّموهم و مروهم ، و صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي ، فإذا حضرتِ الصلاةُ فلْيُؤذِّنْ لكم أحدُكم ، و لْيؤمُّكم أكبرُكم”.[1] فصلاة العصر تُصلّى سريّة كما أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.[2]
شاهد أيضًا: لماذا سميت صلاة العصر بهذا الاسم
لماذا صلاة العصر سرية
تُصلى صلاة العصر سريّة لأنّ وقتها يكون في النهار، والنهار وقت العمل والسّعي، فالإنسان في هذا الوقت يكون منشغل القلب والبال بمتاعب الحياة والعمل والتجارة وأمور العائلة والدراسة وغيرها، فإنّ أدّى الصلاة جهرية وحده أو مع جماعة المسلمين فإنّ التفكير والانشغال سيغلب عليه فلن يركز في صلاته ولن يخشع ولن يتدبّر الآيات التي يستمع إليها من الإمام، وأمّا إن صلاها سريّة، فيخشع في صلاته ويكون مدركًا لما يقرأه وما يتلوه من الآيات والأذكار والأدعية خلال الصلاة، فيحصل الخشوع في الصلاة ويتحقق وينهي عقله التفكير بمشاغل الحياة ومتاعبها.[2]
حكم الجهر في صلاة العصر
إن الجهر في صلاة العصر مخالفةٌ للسنة النبوية الشريفة، ولكنه لا يبطل الصلاة، فإن المعروف والثابت في السنة أن الإسرار يكون في صلاة العصر والظهر سواءً كان المصلي إمامًا أو مأمومًا أو حتى يصليها منفردًا، ولا خلاف على استحباب الإسرار في صلاة العصر لأنه الأصل الذي فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- فالأولى عدم الجهر امتثالًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلّم، والخروج من الشبهات والله ورسوله أعلم.[3]
شاهد أيضًا: هل تجوز صلاة الاستخارة بعد صلاة العصر
طريقة صلاة العصر
إن الكيفية الصحيحة لأداء صلاة العصر هي طريقة الصلاة الرباعية بتشهدين وتسليمة وفق الخطوات الآتية:[4]
- يقوم المسلم بعد الوضوء باستقبال القبلة بجميع بدنه وينوي بقلبه نية صلاة العصر ويكبر تكبيرة الإحرام ويضع كف يده اليمنى على ظهر كف يده اليسرى فوق صدره ثم يستفتح ويتعوذ.
- ثم يقرأ الفاتحة ويقرأ ما تيسر له من القرآن ثم يركع ويقول في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثًا ثم يرفع من الركوع ويقول سمع الله لمن حمده.
- ثم يسجد على أعضائه السبع ويقول سبحان ربي الأعلى ثلاثًا ثم يرفع من السجود للجلوس بين السجدتين ثم يسجد مثل الأولى ثم يقوم للركعة الثانية.
- بانتهاء الركعة الثانية يجلس للتشهد الأول ثم ينهض مكبرًا ويصلي الركعة الثالثة بالفاتحة والرابعة مثلها.
- في الركعة الأخيرة يجلس للتشهد الأخير والصلاة على النبي، ثم يسلم تسليمتين واحدةً ليمينه وواحدةً لشماله.
وقت صلاة العصر
اتّفق أهل العلم على أنّ وقت صلاة العصر يبدأ من بعد الزوال حين يكون فيء الشّيء مثله، أي ظلّ الشيء بمثل حجمه الطبيعي، ويمتدّ إلى وقت اصفرار الشّمس، فإذا اصفّرت الشّمس انتهى وقت الاختيار، حيث يُستحبّ للمسلم ألّا يؤخر صلاته عن هذا الوقت، وأمّا وقت الضرورة فهو يمتد إلى غروب الشمس، ويصلي في هذا الوقت من منعه عذرٌ شرعيٌّ من الصلاة في وقت الاختيار، والله أعلم.[4]
شاهد أيضًا: هل يجوز جمع صلاة الجمعة مع العصر للمسافر
الأدلة على الجهر والإسرار في الصلوات الخمس
إن المسلم مأمور بأن يقتدي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو الذي أمر الناس أن يصلوا كما رأوه يصلي، وقد وردت الكثير من الروايات التي تدل على الإسرار والجهر، ومنها ما يأتي:
-
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: “في كلِّ صلاةٍ يقرأُ، فمَا أسمعَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أسمَعناكُم، وما أخفَى عنَّا أخفَيناهُ عنكُم”.[5]
-
عن الخباب بن الأرت -رضي الله عنه- أنه قال: “قُلْنَا لِخَبَّابٍ أَكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ في الظُّهْرِ والعَصْرِ؟ قالَ: نَعَمْ، قُلْنَا: بمَ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَاكَ؟ قالَ: باضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ”.[6]
-
عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنه قال: “سَمِعَ البَراءَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، قالَ: سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ: والتِّينِ والزَّيْتُونِ في العِشاءِ، وما سَمِعْتُ أحَدًا أحْسَنَ صَوْتًا منه أوْ قِراءَةً”.[7]
هنا نكون قد وصلنا للختام في مقال كيفية صلاة العصر جهرا أو سرا، والذي تدثنا فيه عن صلاة العصر ووقتها وسرّيّتها وطريقة صلاتها، كذلك عرضنا الأدلة التي تثبت أنّ صلاة العصر من الصلوات السريّة.
المراجع
- ^ صحيح الجامع، مالك بن الحويرث، الألباني، 893، صحيح
- ^ islamqa.info، لماذا نصلي الظهر والعصر سراً؟، 30/12/2022
- ^ islamweb.net، حكم تعمد الجهر في الظهر والعصر، 30/12/2022
- ^ dorar.net، الفرعُ الثَّالث: وقتُ صَلاةِ العَصرِ، 30/12/2022
- ^ صحيح ابن خزيمة، أبو هريرة، ابن خزيمة، 1/592، أخرجه في صحيحه
- ^ صحيح البخاري، خباب بن الأرت، البخاري، 746، صحيح
- ^ صحيح البخاري، البراء بن عازب، البخاري، 769، صحيح
التعليقات